الوضع القانوني الشركسي والحق في تقرير المصير – اذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟ (2) — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


03 مايو/أيار 2022

الوضع القانوني الشركسي والحق في تقرير المصير 

الفصل التّاسع

اذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟ (2)

PHOTO-2022-05-03-01-32-42

تكملة…

ج. ت.: هنا في ألمانيا سمعنا كثيرا عبارات مثل:

إذا أردت ممارسة السياسة، يجدر بك الذهاب إلى الوطن وممارستها هناك، ولكن ليس هنا، حيث تجلس في مكانك الدافئ والآمن”!

إذا بدأنا العمل بالسياسة هنا، فإن أخواتنا وإخواننا في الوطن سوف يعانون نتيجة لذلك، لذا يجب أن تهدأوا!”

يجب ألا نفعل شيئا يغضب روسيا؛ وإلا فأنها سوف توقف قدرتنا على الاتصال بالوطن”!

لا يمكن لجمعيّاتنا ممارسة السياسة، لأنّنا أسّسْناها لمجرد الحفاظ على ثقافتنا، وأنه ضد قوانين ألمانيا القيام بعمل سياسي مع هكذا منظمات”! (وهو غير صحيح)!

او انهم يتلاعبون بالتصويت في الجمعيات، من أجل عرقلة مناقشات سياسية مفتوحة. (وهو ضد القانون الديمقراطي في ألمانيا)!

من وجهة نظري، المعنى الأعمق لهذه الاقوال والافعال هو فقط، لإبقائنا صامتين وغير فاعلين وللإبقاء على أجيالنا الناشئة بلهاء فيما يتعلق بالسياسة. ما هو رأيك في ذلك؟ هل لديكم تجارب مماثلة في جمعيّاتكم هناك؟

عادل: كونهم بعيدين عن الوطن الأم لأكثر من 147 عاما لم يجعل الشركس ينسون وطنهم الغالي. إذا نظرنا إلى حضارات وأمم بائدة، وقارنّاها بأمتنا، فإننا نجد أن جذور تاريخ أمتنا ضاربة في التاريخ البشري لأكثر من 6000 عام، وبتعرض الأمة الشركسية لظروف كارثية وخطيرة من الاضطهاد، والإبادة الجماعية، والطرد والترحيل، والقمع والتّنكّر بالإضافة إلى تدمير تراثها الثقافي لم يبيد الأمة الشركسية، ولكن على العكس من ذلك، لا يزال الشراكسة اكثر تصميما على الحفاظ على هويتهم المتميّزة والتمسك بثقافتهم الفريد من نوعها، وكذلك القيم، والعادات، والتقاليد والأخلاق، والتي تميزهم عن الآخرين، ويعطيهم الأمل لأن الله سبحانه وتعالى يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم.

في بعض الاحيانالكلام من فضّة، لكن السكوت من ذهب”. وقد ذكرني سؤالك لي بتعبير للسيد بول غوبل (Paul Goble) حيث قال خلال حدث عن الشركس جرى في جامعة هارفارد في شهر ابريل/نيسان من عام 2008، إنه استنادا إلى وقائع تذكر من الحقبة السوفياتية والتي ترتبط في البولنديين ومواطني جمهوريات البلطيق في ذلك الحين، فإن قوة الشركس تكمن في عدد الشركس الذين يعيشون في المنفى (90 ٪ يعيشون خارج الوطن) والذي يتيح لهم ذلك حرية الحركة من حيث حجم الضغط الممارس من أولئك الذين يعيشون في الوطن.

ينبغي على أولئك الذين يصدرون الشائعات والذين يحاولون تهبيط المعنويات أن يعلموا بأن المكاسب غير المشروعة لا تثمر أبداً وأن سياسة الإستقواء التي يعتمدونها لن تنجح. المواطن الصالح يخدم بلده أينما يحيا وأينما يعيش، طالما أن الوطن الأم لم يُنسى، والمحافظة على الهوية الوطنية هي البوصلة الحقيقية لاستكشاف وارتياد الطريق الذي يؤدي إلى الأهداف.

بغض النظر عما يحدث في الشتات، فكيف يمكن أن يجعل ذلك إخواننا وأخواتنا يعانون في الوطن، في حين أن الاحتلال قد ارتكب بالفعل الإبادة الجماعية وأبعد 90 ٪ من الشراكسة في ظروف صعبة ومأساوية وقام بتوطين مستوطنين من أصول مختلفة بدلا من الشركس الذين تم اقتلاعهم من وطنهم الأم، وتم حذف شركيسيا تماما من الخارطة، والعشرة بالمئة المتبقّين في شمال القوقاز تمت بعثرتهم في جمهوريات مختلفة ذات حكم ذاتي وفي بعض الجيوب الأخرى.

إن روسيا تنظر إلى مصالحها الخاصة، وإذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المصادرة، فمن إذن سيقوم بذلك؟ روسيا تريد أن تُبقي الشركس أينما كانوا من خلال وعود وتأكيدات غامضة وفارغة من المحتوى. كيف يمكننا أن نجلد أنفسنا ونتجاهل حقوقنا من أجل سراب منحسن النية المفترضلأحفاد أولئك الذين ارتكبوا الأعمال العدائية ضد الأمة الشركسية من خلال إيذاء الأمة بعقوبات مشددة أثّرت على وجودها وحاضرها ومستقبلها.

ليس عليك أن تشارك في السياسية للمطالبة بحقك في مجرّد وجودك! لا يطلب من الجمعيّات بإعلان دولة أو وجود سياسي أو إعلان حرب ضد أي كان. يجب أن يُبْدوا بعض الاحترام لأجدادهم الذين لقوا حتفهم بأسلحة الغدر. فكوننا شراكسة لا يعني أننا أعضاء في نادي للرقص الدولي، أو الرياضة أو نادي إجتماعي. إنّه أعمق من ذلك بكثير. الثقافة هي جزء من العناصر المتكاملة التي من شأنها أن تشكل أمة أو شعب.

والتلاعب في التصويت سينتهي يوماً عندما تستعيد المؤسسات المختطفة وضعها ويوقف الإنتهازيّون ألعابهم القبيحة في التزوير، ومثال جيد على ذلك هو ما يسمى الآن بِالربيع العربيعندما نرى أنه تم تجاهل الشعوب والأمم لعقود وكان تزوير الانتخابات هو العامل المشترك، وكان المعمول به إساءة استعمال السلطة ولم تحترم حقوق الشعوب؛ ولكن عندما استيقظت الشعوب، وفي وقت قياسي قصير تغيّرت الأحوال تماما.

الناس لا تسمع من شخص صامت، وفي الوقت نفسهالمتسولون لا يملكون حق الإختيار”. عندما يطالب الشراكسة باستعادة حقوقهم المشروعة، يجب أن يفعلوا ذلك بشكل مناسب، وأن تُوجّه مُطالباتهم إلى الجهة المناسبة، والذي يمكن القيام به بطريقة سلمية وغير عنيفة، الذي بحد ذاته يعكس المستوى الحضاري الذي وصل إليه الشركس حتى خلال الحروب الدفاعية الّتي كان عليهم أن يخوضوها للدفاع عن وجودهم، حيث كانوا روادا في إثراء ثقافات الآخرين. فيجب أن يتحد الناس لأنفي الإتحاد قوة”.

ج. ت.: ما هو موقفك تجاه الجمعيّة الشركسية العالميّة (ICA)؟ هناك بعض المنظمات التي لا ترتجي أملاً من الجمعيّة الشركسية العالميّة وهي ليست طرفاً فيها؟ فماذا يجب عليهم فعله، من أجل تعزيز سياساتهم؟

عادل: لسوء الحظ فإن للشركس تجربة سيئة مع الجمعيّة الشركسية العالميّة في الشكل الذي تم فيه نقل الجمعية والإبقاء عليها في نالتشيك، بعدما كانت قد اعتُبِرَتْ ملاذا وعقد عليها الناس آمالاً كباراً، وكانت موضع الأمل الرجاء من قبل كافّة الشراكسة في جميع أنحاء العالم. أمّا المنظّمات التي لا تأمل خيراً من الجمعيّة الشركسية العالميّة والّتي هي ليست طرفاً فيها كما ذكرت في سؤالك، فهي في معظمها في تعارض واضح مع سياساتها الحالية وأهدافها. حيث يتوجب عليها الإلتقاء بصورة فردية وجماعية ومراجعة العواقب الوخيمة التي حلّت بالشركس التي أعقبت عملية الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي لغالبية الأمة، والإتصال بالجمهور الشركسي لنشر وتعميم المعلومات وشرح المهمة والوسيلة الضرورية لاعتمادها، حتى تكون قادرة على بناء برنامج وخطة وطنية شركسية من أجل مخاطبة العالم، بدءا من جمهوريات القوقاز، إلى الاتحاد الأوروبّي وحتّى الفيدراليّة الرّوسيّة نفسها بطريقة حضارية، لطلب الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية ولإنهاء كافّة الأعمال العدائية ضد الأمة الشركسية. وبالإضافة إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، فإن روسيا ملزمة بتقديم الإعتذار والتعويض وحق العودة.

جت.: وماذا عن أولئك الذين يعيشون في أوروبا؟

عادل: من الواضح أن الشركس الذين يعيشون في أوروبا يختبرون سقفاً عالياً من الحرية وحرية التحرك؛ ولكن ليس هناك نتيجة ملموسة وايجابية لفعالياتهم فيما يتعلق بالأمور الشركسية، وعلى الأرجح نظرا لكثرة عدد الجمعيات و المنظمات، إلى جانب اتصالاتهم وولاءاتهم لتلك القائمة في بلدان أخرى نشأت بها لا سيّما في تركيا. فالتماسك بين الجمعيات يساهم قي تقوية المجتمعات الشركسية ومن شأنه أن يعزز الوعي للاتّصال بكافّة فروع الإتحاد الاوروبي وخصوصا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والبرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية العليا، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية. من شأن ذلك أن يؤدي إلى ارتياد آفاق جديدة من أجل شرح القضية الشركسية وجميع المسائل المتعلقة بها إلى أغلبية لم تسمع بها من قبل. وينبغي للشركس واصدقائهم في أوروبا أن يحشدوا جهودهم لمعارضة دورة الألعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي لعام 2014 والتي تهدف إلى محو الذاكرة عما كانت تعنيه سوتشي عندما كانت آخر عاصمة لشركيسيا.

وأحلك الساعات تلك التي تسبق بزوغ الفجر.

ج. ت.: شكرا جزيلا لك، لتبادل وجهات نظرك معنا.

عادل: على الرحب والسّعة.

أجرى هذه المقابلة جينال تامزوق لموقع وطنيو شركيسيا (Cherkessia.net) وأرسلها المؤلف عادل بشقوي آنذاك لنشرها على موقع راديو أديغه.990

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً