النشاط السياسي الشركسي – التآزر الأرمني الشركسي — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


24 مايو/أيار 2022

النشاط السياسي الشركسي

الفصل العاشر

التآزر الأرمني الشركسي

PHOTO-2022-05-24-00-24-26

مقال بعنوانالتآزر الأرمني الشركسي، نُشِر بتاريخ 3 فبراير/شباط 2016، بقلم غاريغين نالبانديان (Garegin Nalbandian) من التلفزيون الجيوسياسي (Geopolitical TV)، أسهب فيه عن أُمّتان أصليّتان: ”التآزر بين الأرمن والشركس كان دائمًا حاضرًا منذ العصور القديمة. وقد كتب عنه العديد من المؤرخين من أصول أرمنية وغير أرمنية في أعمالهم“.

أشار تقرير موجز عن روسيا منذ عام 1721 فصاعدًا إلى أن النصائح التي حصل عليها الحكام الروس من مستشارين وجنرالات معينين دفعتهم إلى مواصلة مغامرات أسلافهم. في النهايةقاموا بغزو شبه جزيرة القرم، وشركيسيا وبقية أجزاء القوقاز، وقاموا بتجزئة الكومنولث البولنديالليتواني، وبدأوا في استعمار ألاسكا“.1057

قدم المؤلف الوضع بشكل واقعي.

عظمة روسيا. لسوء الحظ، بُنيت على معاناة الأمم التي غزاها الروس. فعلى وجه التحديد، كان ما أسماه الروس حربًا ما هو في الحقيقة إلا تطهير عرقي، وإبادة جماعية. تم تطوير مصطلح الإبادة الجماعية في وقت لاحق لوصف الهولوكوست. لكن حدثت الإبادة الجماعية الشركسية خلال حرب 1763 – 1864. ولمدة 101 عام، واصل الروس التطهير العرقي ضد الشركس بقتل وتشريد الملايين منهم.1058

وذكر المقال أن المخطط الروسي استلزم تغييرًا قاطعًا في الخريطة الديموغرافية للأمم التي اصبحت ضحية للأطماع. نقل جماعي للسكان من شعوب مختلفة للعيش في أماكن لشعوب أخرى من أجل تطبيق أهدافهم الإمبريالية.

وهكذا، أخذت الإمبراطورية الروسية الأرمن (Armenians) والأودين (Udins) من باكو غوبرنيا (Baku Gubernia) وأعادت توطينهم في الأراضي الشركسية. وبعد عقود، ملأت روسيا باكو غوبرنيا بالتتار. في عام 1905، كانت هناك اشتباكات بين الغزاة الناطقين بالتركية والمسيحيين الأصليين (الأرمن والأودين) في باكو غوبرنيا. سجلت العلاقة بين الأرمن والشركس تحوُّلاً عكسيًا عندما استخدم العثمانيون في البلقان والمرتفعات الأرمنية الشركس، الذين لجأوا إلى الإمبراطورية العثمانية، لقتل المسيحيين، الذين صورهم العثمانيون على أنهم حلفاء لروسيا.

أظهر نالبانديان (Nalbandian) مقاربات بين الشركس والأرمن، وروابط بين مجتمعاتهم، حتى في الشتات.

فعلى الرغم من حقيقة أن كلا من الروس والأتراك استخدموا الأرمن والشركس ضد بعضهم البعض، فإن كلا الأمّتين عاشتا كجيران في العديد من المجتمعات في العراق وسوريا والأردن ولبنان. يعيش حاليًا 1.5 مليون أرمني في الأراضي الشركسية، ويعيش ملايين الشركس في أرمينيا الغربية، وتحافظ كلا الأمتين على علاقة رائعة حيث يعيشون في نفس المجتمعات. بطبيعة الحال، يتطور التآزر بين الأرمن والشركس من الماضي إلى الحاضر من أجل إعداد كلا الشعبين لجميع التحديات والفرص الحالية والمستقبلية.

وذكر الكاتب:

في 28 يناير/كانون الثاني 2016، كان ممثل المكتب الشركسي للنادي الجيوسياسي، عادل بشقوي، ضيفنا على التلفزيون الجيوسياسي. أجرى مقابلة مع ممثل المكتب الأرمني، إدوارد إنفياجيان (Eduard Enfiajyan). كان الموضوع الرئيسي للمقابلة هو أسباب الإبادة الجماعية الشركسية وكيف أثرت هذه الإبادة على الشركس كأمة. كما تمت مناقشة الأحداث الجارية في روسيا، والحرب في أوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط وآسيا الصغرى (تركيا) لأن كلا الأرمن والشركس لديهم مجتمعات شتات في جميع مناطق الحرب تلك. ولمن يرغب في مشاهدة المقابلة، يمكنه متابعتها على هذا رابط اليوتيوب (https://youtu.be/9gu2jCC0jdc).1059

بعدها كانت هناك نصيحة للأعداء القدامى.

المسرحية التي تحاول روسيا وتركيا تمريرها هي أن هناك حربًا دينية في المنطقة (في القوقاز والشرق الأوسط) بينما يعيش الأرمن والمسيحيون الآخرون في الواقع بشكل مُرْضي مع جيرانهم المسلمين في جميع المجتمعات في نفس المنطقة. إذا كان بإمكان الروس والأتراك العمل معًا، فإن السكان الأصليين في المنطقة، الذين لديهم تاريخ في التجارة، وفي أوقات الحرب، كانت لهم التحالفات العسكرية معًا، يمكنهم بالتأكيد العمل معًا بمجرد كسر الحواجز العازلة واغتنام الفرص الجديدة التي تسمح بمثل هذا التآزر.1060


تحليل سوتشي ويريفان

eng145547412774 (1)

في 14 فبراير/شباط 2016، نُشِرَ مقالًا تحليليًا بعنوان تحليل سوتشي (Sochi) ويريفان (Yerevan) لعادل بشقوي وغاريغين نالبانديان، ورد فيه ما يلي:

ربما يتذكر الكثير من الناس دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014، وقد شاهدوا المجمّع الأولمبي في سوتشي، حيث أقيمت الألعاب الأولمبية الشتوية. ومع ذلك، لا يعرف الكثير من الناس حقيقة أن روسيا اختارت على وجه التحديد ذلك الجزء من سوتشي، الذي يعتبره الشركس مكانًا ذو حرمة ومكانة خاصّة لأن العديد من الشركس، الذين فرّوا من التطهير العرقي، قُتلوا هناك على يد الجيش الروسي.

لم تعارض تركيا دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، حيث شارك العديد من المستثمرين الأتراك وشركات المقاولات في بناء الهياكل الأولمبية، واعتبرتها فرصة لكسب المال. حضر الرئيس التركي أردوغان شخصيًا حفل الافتتاح وجزءًا من الألعاب، فقط للحفاظ على العلاقات الدافئة بين روسيا وتركيا. لسوء الحظ، شارك بعض رجال الأعمال الشركس المؤيدين لروسيا من تركيا أيضًا في بناء المنتجعات والفنادق والمرافق الأخرى لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي. أحد هذه الفنادق كان فندق ماريوت (Marriott) في سوتشي.

في ذلك الوقت لم تكن هناك آي إشكالات بين أردوغان وبوتين أو مع روسيا، حيث أنالمال له بريقه، وقد أعلنوا أن لديهم صفقات أعمال متبادلة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

زيارة بوتين إلى أنقرة في عام 2014، وزيارته لقبر أتاتورك خلال زيارته تلك، كانت للإعداد وللتستر على زيارته لأرمينيا، بدلا من أن يزور تركيا في 24 أبريل/نيسان 2015، لكن بطبيعة الحال، ربما كان ذلك بداية سياسة أردوغان مع  بوتين وبداية علاقات تركيا الحذرة مع روسيا.

أراد بوتين أن يُظهر تبجحه للأرمن بالدعم والحماية، من أجل الحفاظ على هذا البلد رهينة لمخططاته وصفقاته الإقليمية، من أجل الإبقاء على أرمينيا تحت سيطرة روسيا ولاستيعاب الأرمن وفقا لرغباته، وفي الوقت نفسه، منع أي اتصالات شركسيةأرمنية مباشرة، على غرار الطريقة التي حدثت بين الشركس والجورجيين.

وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، عندما كان العالم يستذكر مرور 100 عام على الإبادة الجماعية للأرمن، شعر العديد من الشركس مع الأرمن، وأعرب العديد منهم عن مشاعرهم الإيجابية إزاء ذلك؛ غير أن، فلاديمير بوتين سمّم الأجواء، عندما سافر الى يريفان، ولعب دورا ماكراً. الكثير من الشركس عبّروا عن انزعاجهم لرؤية بوتين يدفع بأجندته لاستخدام الإبادة الجماعية للأرمن.

ذهب بوتين إلى أرمينيا في أبريل/نيسان 2015؛ لكن، كانت زيارته للقاء الرؤساء والنُّخب من البلدان الأخرى الذين ذهبوا أيضا إلى أرمينيا. كان حدثا للتواصل السياسي له. وفي كلمته ذكر بوتين تعبير الإبادة الجماعية، وليس الإبادة الجماعية للأرمن، لكن ذكر مشاركة روسيا فيمنع الإبادة الجماعية“.

كان هناك ولا يزال إبادة جماعية في كل مكان تورطت روسيا فيه. “الروس مروا من هنا”، حيث يستخدم التعبير في أي مكان كان يضم قرية، هو تعبير شائع في منطقة القوقاز. وللأرمن نفس القول عن الأتراك.

أعلنت روسيا عن احتفالها بيوم المرج الأحمر في 21 مايو/أيار من هذا العام. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون شيئا عن 21 مايو/أيار، فهو يوم مهم للشعب الشركسي. 21 مايو/أيار هو يوم يقيم فيه الشركس الحداد على وفاة ضحايا الإبادة الجماعية الشركسية. وتعبيرات كراسنايا بوليانا، كراسنودار، وكل ما يرتبط باللون الأحمر، فهو يرتبط بالدم. وفي هذه الحالة، الدم الشركسي.

يوم 21 مايو/أيار بالنسبة للشركس هو بمثابة يوم 24 أبريل/نيسان بالنسبة للأرمن.

ومن المفارقات، فإن الأتراك قاموا بتغيير احتفال ذكرى معركة جاليبولي إلى يوم 24 أبريل/نيسان من عام 2015.

نفس الطريقة التي نجد التشابه عند المقارنة بين الأرمن والشركس، فإننا نجد أيضا أوجه تشابه عند المقارنة بين الروس والأتراك.

كل من الروس والأتراك هم مزيج من التتار. الروس هم موسكوفيون مختلطون مع التتار، الذين هاجموا في الماضي ودمروا الممالك الروسية نوفغورود (Novgorod)، وسوزدال (Suzdal)، وياروسلافل (Yaroslavl)، وكييف (Kiev)، وتفير (Tver) وغيرها. والتعبيرروسيلم يكن موجوداً حتى عام 1547. لقد اختاروا اسم روسيا والروس ليطرحوا أنفسهم كسُكّان أصليين للمنطقة. وكانت أول سلالة ملكية حاكمة من الموسكوفيين هي أسرة روريك (Rurik). فكان روريك هو زعيم حرس الفارانجيين  (Varyag) البيزنطيين. والسكان في تركيا هم أيضا مزيجاً من البيزنطيين والتتار. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون روسيا، وبيزنطة، والقبيلة الذهبية، جميعها تستخدم النسر ذو الرأسين باعتباره رمزاً لهم.

في الختام، فإنالتنافسفي الآونة الأخيرة بين روسيا وتركيا يدل على مسرحية مكتوبة من قبل نفسكاتب السيناريوللتستر  على جدول الأعمال الرئيسي، الذي هو نقل السلطة والسيطرة من قبل روسيا القرن الذهبي الموسكوفي ( Muscovite Golden Horde) إلى تركيا بيزنطة (Byzantium). دعونا لا نستسلم للعواطف، ودعونا نحلل الحقائق. إذا سمحنا للشر بأن يفوز، فإن القوقاز بأكمله والشرق الأوسط، وربما العالم بأسره، سيكونوا في حالة حرب، هي الحرب العالمية الثالثة، التي ربما تكون قد بدأت بالفعل، لكن ليس من الضروري أن تنتشر. بالعمل معا سيمكننا إخماد الحريق. انها ليست حول الدين. لكنها بين الخير والشر. من فضلكم جانبوا الخير عبر منع الحروب وتعزيز السلام. أوقفوا عمليات الإبادة الجماعيّة مستقبلاً لأن ذلك هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.1061

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً