النشاط السياسي الشركسي – جهود الشباب الشركسي المباركة — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


07 يونيو/حزيران 2022

النشاط السياسي الشركسي

الفصل العاشر

جهود الشباب الشركسي المباركة

بفضل التحفيز الذاتي وبعض من جوهر القيم الذاتية للشباب الشركسي، يشهد هذا الموضوع وعياً وأداءً حقيقيًا عالياً فيما يتعلق بمهمتهم الحاسمة والمهمة، على عكس ما يحاول البعض فرضه. إنه موضع تقدير أن نلاحظ طريقة المشاركة في التعامل مع الأمور ذات الصلة بالقضيّة الشركسية. فقد أظهر الجيل الشركسي الشاب في السنوات الأخيرة تفاعلاً مخلصاً ورائعاً تم تحفيزه مع المصالح ليكون الشباب على دراية بكل الأمور المتعلقة بقضيته العادلة، وبالتالي العمل على إبراز العناصر الشركسية المهمة للمجتمع الدولي، بالإضافة إلى التمسك بطموحات وضمانات المستقبل، لتأكيد واستعادة الحقوق الشركسية المصادرة. لقد ساعد استخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا والاتصالات الحديثة والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في تعليم لغة الأديغه وثقافتها ومزايا التاريخ الشركسي الموثق ومسائل أخرى.

لا ينبغي أن يقتصر الثناء على جماعة شركسية معينة دون غيرها، سواء في الوطن أو في الشتات الواسع، لكن للشركس في كل مكان. والشكر مستحق لأولئك الذين يمارسون عملاً غير عادي من أجل منافع شركسية عظيمة في ظروف صعبة، خاصة لمن يعيشون في وطنهم الأم، ويتحملون قوانين استثنائية تمليها قوانين الغرباء الذين وضعوا الشروط والأحكام التي جردتهم من حقوقهم الإنسانية كشعب أصلي، يعيش أفراده في ست مناطق إدارية مختلفة غير متجاورة في شركيسيا التاريخية.

أظهر الشباب الشركسي، بدعم من الشعب الشركسي، جنبًا إلى جنب مع النشطاء، بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، اهتمامًا هائلاً وغير مسبوق أثبت العزم والتصميم والتفاني والإيثار في عدة مجالات وأنشطة مختلفة في العديد من البلدان بما في ذلك الوطن. لقد أظهروا لفت الانتباه إلى القضية الشركسية، التي تجمع بين العواقب الكارثية والتطورات المعاصرة والتحديثات ذات الصلة. فقد تم تناول مواضيع مهمة مثل الإبادة الجماعية الشركسية، والتطهير العرقي، والترحيل القسري، والألعاب الأولمبية في سوتشي، والسياسات الروسية العنيدة لتجاهل الأمة الشركسية. وتضمنت الأنشطة مظاهرات واحتفالات واجتماعات ومؤتمرات ومعارض ومقابلات إعلامية وأنشطة متعددة في عدة دول مثل تركيا والأردن والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية إلى جانب شمال القوقاز.

فيما يلي أبرز النقاط المذكورة، كأمثلة لا تقتصر على المشهد العام، والتي تشمل مقتطفات من بعض الأحداث والأنشطة التي جرت والمتعلقة بشمال القوقاز في السنوات الأخيرة، والتي ترتبط بما حدث في الماضي وما زال يحدث في الوطن الشركسي لغاية الآن:

في نالتشيك في 7 فبراير/شباط 2014، ألقت الشرطة الروسية القبض على أكثر من 50 من المعتصمين الشركس السلميين ضد أولمبياد سوتشي. وكان النشطاء الشركس قد اعتقلوا في عاصمة قباردينوبلكاريابعد أن شكلوا قافلة من عشرات السيارات وتوجهوا إلى وسط المدينة. قاموا برفع الأعلام الشركسية من نوافذ السيارات، ولوّحوا أيضًا بلافتة كتب عليها {سوتشيأرض الإبادة الجماعية} وذلك باللغة الإنجليزية“. وكالعادة تعرض المعتصمون المفرج عنهم للضرب والتعذيب. فعلى وجه الخصوص،أفاد شهود العيان بأن الشرطة أُجْبِرت على نقل أنزور أخوخوف إلى قاعة المحكمة لقراءة الحكم الصادر بحقه، لأنه لم يكن في وضع يسمح له بالتحرك بشكل مستقل نتيجة الضرب المبرِّح في مركز الشرطة“. قال شقيقه أصلان بك أخوخوف: ”كل جسده مغطى بالكدمات – وجهه ويديه وساقيه، وتوجد علامات الضرب المبرح في كل مكان“.1117 

ولأول مرة على الإطلاق، يذكر الرئيس الروسي الشركس بالاسم، وذلك بزعمه أن الغرب يستغل القضيّة الشركسية لصالحه، وبذلك اعترف تلقائيًا بوجود قضية شركسية، لكن أثبتت روسيا أنها تحجم عن تقديم تسوية عادلة لها! قال المحلل السياسي الأمريكي بول غوبل، وهو مؤلف مدونة نافذة على أوراسيا (Windows on Eurasia)، لموقع صوت أميركا (VOA): ”بهذا البيان، جعل فلاديمير بوتين الشركس موضوعًا للعلاقات بين روسيا والغرب“. فهو ”بدلاً من إطفاء النار، قام فقط بصب الزيت على اللهب“.1118

عارض الشركس المخلصون لأمتهم، والذين يتوقون إلى معالجة القضيّة الشّركسية بكل الوسائل الممكنة، الأكاذيب التي حاولت روسيا أن تنفذ من خلال دعايتها لها، ادعاءً مضللاً لما يسمى بإحياء ذكرى 1119 لم تحدث مطلقًا، مع بعض الشركس والبيروقراطيين القوقازيين الموالين والمتعاونين مع السلطات الروسية، التي لا تزال تحكم شمال القوقاز، للاحتفال بذكرى ما يسمى“ زورًا وبهتانًا  450 عامًا من الارتباط الطوعي مع روسيا، والتي تم الاحتفال بها رسميًا بين 7 – 9 سبتمبر/أيلول 2007.

كان ذلك بمشاركة أفراد من الشتات الشركسي، الذين كانت لهم علاقات خاصة مع الجمعية الشركسية العالمية المدعومة من روسيا، والذين قبلوا الدعوات للمشاركة في المهرجانات الروسية. إن مثل هذه الادعاءات الكاذبة لم تحدث إلا في خيال من حاول فرض مثل هذه الأفكار غير الواقعية، مع افتراض جهل كل المتورطين في مثل هذه الكذبة الكبيرة التي تهدف إلى خداع الرأي العام. كل ذلك يتعارض مع واقع الاحتلال الإمبريالي الروسي للوطن الشركسي وتجاهل جميع الاعتبارات والالتزامات الأخلاقية والمعنوية تجاه الأمة الشركسية التي فقدت نصف تعداد سكانها خلال 101 سنةً منالحرب الروسيةالشركسيةعندما تعرض الشركس للاغتيال والإبادة الجماعية والإفناء والترحيل والتعذيب والإذلال من قبل جحافل القوات الغازية.

— ”يشير ذلك إلى أن أولئك الذين لديهم مناسبات خاصة بهم للاحتفال والاحتفاء بغض النظر عن عنوان احتفالاتهم التي تم دفعهم لاتخاذ قرار بالاندفاع إليها بجنون وتقديمها بغض النظر عن النتائج والعواقب التي قد تنتج عنها، وحتى السبب الرئيسي لتوطيد وتقديس السيطرة، والاحتلال، والاستعمار، والحقائق الإمبريالية المنجزة، والأمر الواقع“.1120

رئيس {الكونغرس الشركسي}، مراد برزيغوف (Murat Berzegov) أبلغ مراسل موقع {العقدة القوقازية}: موقفنا من هذا السؤال الذي لا لبس فيه – أن من المستحيل الاحتفال بتاريخ لم يكن موجودا في التاريخ. لقد طرحنا هذه الفكرة بالفعل قبل التّغريد بمرسوم رئيس الفيدرالية الروسيةبشأن الاحتفال بالذكرى 450 لإرتباط الأديغه الطوعي بالدولة الروسيةفي الاجتماع المشتركللمنظمات العامة في جمهورية أديغيا“1121. 

وأضاف رئيس الكونجرس الشركسي: ”على أي أساس يمكن الحديث عن {انضمام طوعي} إذا لم تكن هناك وثيقة تؤكد ذلك؟ حتى لو وجه وفد من أمراء متفرقين إلى القيصر الروسي عام 1557 لدعم حليف، فإن ذلك لا يمكن من خلاله التحدث عن اندماج طوعي في الدولة الروسية. ولكن إذا كنا نرغب بكل الوسائل في الحصول على مثل هذه المناسبة والذكرى السنوية الـ 450 فلتكن ذكرى تأسيس علاقات الحلفاء مع روسيا. حيث يمكننا أن نتفق مع هذه الصيغة“.1122

التناقض الروسي لم يطل طويلاً بعد الاحتفالات الروسية الكاذبة والمزيّفة، ولإثبات أنهم احتلوا شركيسيا من خلال التدخل العسكري، وأن الشراكسة لم يرتبطوا طوعاً بالإمبراطورية الروسية الطاغية! رد ألكسندر جورافسكي (Aleksandr Zhuravsky)، رئيس الإدارة الدولية بوزارة التنمية الإقليمية الروسية في ديسمبر/كانون الأول 2012 في رسالة أرسلها لآدم بوغوص (Adam Bogus)، رئيس منظمة أديغه خاسه الشركسية في جمهورية أديغيا ردا على الرسالة التي كان قد أرسلها بوغوص إلى سيرغي ناريشكين (Sergey Naryshkin)، رئيس مجلس الدوما الروسي، لمطالبة موسكو تقديم المساعدة لشركس سوريا للعودة إلى وطنهم، والتي تم تحويلها إلى وزارة التنمية الإقليمية الروسية للنظر فيها.

— فقد أثارت رسالة الوزارة الغضب بعد أن انتشرت على نطاق واسع، لأنها نصت على أنالشركس السوريين هم أحفاد لاجئين من بين شعوب الأديغة في شمال وغرب القوقاز الذين لم يقبلوا الجنسية الروسية وقاموا باختيار طوعي لمغادرة المنطقة بعد الانتهاء من العمليات العسكرية في سياق حرب القوقاز!“1123

مثال واضح على الولاء الحقيقي والتعلق بالوطن الأم عبر عنه أولئك الذين شاركوا ووصلوا إلى نتائج باهرة بعد منتدى استمر ليوم واحد خلال حدث مهم أقيم في 12 سبتمبر/أيلول 2009، في مدينة شركيسك، عاصمة جمهورية كراشايشركيسيا، بعنوان منتدى الشباب الشركسي، والذي حضره شباب شراكسة ناشطون هم أعضاء في فروع الجمعية الشركسية (أديغه خاسه)، والكونغرس الشركسي، ومنظمات نشطة أخرى من الجمهوريات والجيوب الشركسية الأخرى، إلى جانب جمهورية أبخازيا في منطقة شمال القوقاز، لمناقشة القضايا الهامة التي تهم الأمة الشركسية في كل من الوطن والشتات.

تضمن الإعلان المكون من ثماني نقاط، قرارات منتدى الشباب الشركسي (الأديغي). بعد الاجتماع، حيث بدا الأمر وكأنهمارد يخرج من قمقمهبعد 145 عامًا منالسبات العميق، والذي يعتبر بكل المقاييس، محاولة ناجحة جدًا للجهود التي يبذلها كل هؤلاء الشباب الشركس الشجعان. وهم الذين بدا أنهم لم ينسوا واجباتهم تجاه أمتهم.

فيما يلي ملخص للنقاط الثماني:

1. تأسيسمجلس تنسيقي للشباب الشركسي“.

2. دعم قرار توحيد اسماء المجموعات الفرعية الأديغية المقسمة عن قصد: القباردي والأديغه والشركس والشابسوغ والتعريف بهم جميعا تحت اسمالشركسعلى اعتبار أنّهم من أمة واحدة.

3. دعوة الجمعيّة الشركسية العالمية لإعلانيوم عالمي للعلم الشركسي“.

4. مخاطبة أكاديمية أديغيا الدولية للعلوم (Adygeyan International Academy) ووزارات التعليم في جمهوريات قباردينوبلكاريا، وكراشيفوشركيسيا وأديغييا لإصلاح مناهج تدريس اللغة الأم.

5. الطلب من الأكاديمية الروسية للعلوم (Russian Academy of Sciences) تنظيم مؤتمر علمي إجرائي لإحياء ذكرى هامة ألا وهي: “الذكرى 180 للبعثات العسكرية العلمية الأولى إلى جبل إلبروس للجنرال إيمانويل (Emmanuel)، والعمل الفذ للقباردي كيلار خاشروف (Kilar Khashirov)“.

6. تفويض مندوبي المنتدى في المؤتمر القادم للجمعية الشركسية العالمية (ICA) للتصرف نيابة عن الشباب الشركسي وأن يكون هناك ممثلين عن الشباب في اللجنة التنفيذية للجمعية.

7. مطالبة الجمعية الشركسية العالمية بتشكيل لجنة لمواجهة التزوير التاريخي.

8. مخاطبة رئيس الفيدرالية الروسية فيما يتعلق بتزوير التاريخ وعرض اعتماد قانون عودة الشركس إلى وطنهم.

سيثبت الشركس المخلصون أنه لا أحد سيتمكن بأي شكل من الأشكال من الاستيلاء على القدرات والاستنتاجات التي توصل إليها النشطاء الشركس لتحقيق مكاسب شخصية أو انتهازية، وفي الوقت نفسه، من الواضح الآن أن الرؤية والآلية والتنسيق، التي ربطت كل الشركس المخلصين معًا، سيجعل خلالها من الممكن تمهيد الطريق ليؤدّي ذلك لتحقيق نتائج مثمرة، وسيكون النجاح حتميًا.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً