حضرات القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
26 يوليو/تموز 2022
مأسسة الغزو الأيديولوجي
الفصل الثاني عشر
عناوين اعتباطية (1)
في نفس السياق، نشر بول غوبل ”نافذة“ بعنوان ”موسكو وليس الغرب من يبقي القضية الشركسية حاضرة كثيرًا“. ألقى المفهوم الضوء على تطورات الأنشطة الشركسية. بينما قدم الاندفاع الاستبدادي وسائل وأساليب خرقاء نفّذتها دعاية مرتبطة ببعض الأطراف الروسية والمتصلة اتّصالًا وثيقًا بمراكز صنع القرار في موسكو والكرملين. ولأهميّته سيتم ذكره في الآتي:
استهل غوبل حديثه: ”افترض الكثيرون في كل من روسيا والغرب أن القضية الشركسية، التي تتضمن الاعتراف بالإبادة الجماعية التي اقترفت في عام 1864 واستعادة حقوق الشعب الشركسي في وطنه الكائن في شمال القوقاز، سوف تتلاشى بعد نهاية أولمبياد سوتشي، وهو حدث استخدمه الشركس حول العالم لتسليط الضوء على محنتهم“.1265
وتابع حديثه بالتفصيل عن واقع مجرى الأحداث: ”لكن في حين أن التغطية الإخبارية للشركس قد تراجعت بالتأكيد في العديد من الأماكن، فإن قضاياهم لم تختفِ — وليس بسبب بعض المؤامرات الغربية ضد روسيا مثلما يعتقد بعض الكتاب المؤيدين للكرملين، لكن بدلاً من ذلك بسبب اضطهاد موسكو المستمر للشركس في وطنهم الواقع في شمال القوقاز“.1266
وقد تم ذكر منطق توزيع السكان الشركس: ”هذه القضايا لن تختفي، ليس فقط لأنّ أكثر من نصف مليون شخص في شمال القوقاز وأكثر من خمسة ملايين في الشتات، لكن أيضًا لجميع أولئك الذين يهتمون بالعدالة. ونتيجة لسياسات موسكو الخرقاء والقمعية، فمن المرجح أن تصبح أكثر بروزًا في الأشهر المقبلة“.1267
إنّهُ على عكس ”ما يراه معظم المعلقين الروس. فبدلًا من ذلك، يستخدمون الأساليب السوفييتية النموذجية لإلقاء اللوم على ضحايا سياسات موسكو، أو تقديم أي شيء لا يحبونه على أنه نتيجة لمؤامرة غربية ضد روسيا يتم فيها تشجيع هذه المجموعة أو تلك على الاعتراف بأنها ليست سوى بيدق في أيدي الآخرين“.1268
ذكر غوبل سياسات الدعاية الروسية النموذجية الأخيرة: ”المثال الكلاسيكي الجديد لهذا النهج هو مقال بقلم يانا أميلينا من نادي القوقاز الجيوسياسي (Russkaya planeta) بعنوان <الجثة المجلفنة لـ {القضيّة الشركسية}> (rusplt.ru/views/views_158.html)“.1269
وذكرت ”النافذة“، بأنّ ”هذا بالطبع ليس هو ما يراه معظم المعلقين الروس. بدلاً من ذلك، يستخدمون الأساليب السوفييتية القياسية لإلقاء اللوم على ضحايا سياسات موسكو أو تقديم أي شيء لا يحبونه على أنه نتيجة مؤامرة غربية ضد روسيا بحيث يتم من خلال ذلك تشجيع هذه المجموعة أو تلك على الاعتراف بأنها ليست سوى بيدق في أيدي الآخرين“.1270
وتابع المقال: ”إنها تشير إلى أنّ {الأحداث في الأشهر القليلة الماضية تظهر أن شخصًا ما يحاول إعطاء حياة جديدة لما يسمى بـ <القضيّة الشّركسيّة>، الذي بدا أنه قد دُفنت القضية أخيرًا في فترة التحضير لدورة ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية لعام 2014} ومن يقف وراء الشركس الذين يطالبون بها مرة أخرى، هي {قوى أجنبية} في بريطانيا وتركيا“.1271
أضاف غوبل أنهم يحسدون الشركس على احتفالهم ”للسنة السادسة على التوالي بيوم العلم الشركسي في جمهوريات أديغيا، وقباردينو – بلكاريا وكراشيفو – شركيسيا، مع اقامة مواكب السيارات والاجتماعات والحفلات الموسيقية؛ وكما تقول أميلينا، هي ببساطة أحدث مثال على جهود الخدمات الخاصة لبريطانيا وتركيا وأصدقائهم في جورجيا لإحداث مشاكل لروسيا“.1272
ونقلت المقالة عن أميلينا تعليقها على أحداث تهدف إلى جذب انتباه الشباب من ناحية. ومن ناحية أخرى، ”صُممت لجذب الانتباه الدولي وتسييس قضية لا ينبغي أن تكون كذلك، كما تتابع المعلقة الروسية. لم يكن لديهم أي علاقة بالترويج للتعريف بهويتهم القومية الذاتية“.1273
يشير التحليل مرة أخرى إلى ما يزعمه الروس، وهو ما يدّعونه في كل الأوقات. عندما تظهر شرور أفعالهم واضحة وضوح الشمس، فإنهم يتحايلون على الحقيقة لإلقاء اللوم على الآخرين: ”وفقًا لأميلينا، فإن كل من ‘بريطانيا وتركيا جلبتا فقط المصائب للشركس — بريطانيا من خلال دفع الزُّعماء الشركس إلى صراع ميؤوس منه مع الإمبراطورية الروسية، وتركيا عبر استخدامهم حصريًا لمصالحها، وفي حقيقة الأمر، محو هويتهم القومية‘. ولسوء الحظ، تشبر إلى أن ليس كل الشركس يعترفون بذلك“.1274
ويتابع غوبل بأن أميلينا ذكرت أن هناك ”منظمة شركسية جديدة“ تم تأسيسها في الولايات المتحدة. وهي تدّعي أن المنظمة و ”بتشجيع من الأموال الغربية والخدمات الخاصة، أصبحت عدوانية بشكل متزايد تجاه روسيا“. وتواصل حديثها مع افتراض جهل الآخرين، للسّعي ”لتعزيز تدفق اللاجئين الشركس وإعادة توطين الشركس في الغرب الآن بعد أن منعت موسكو إلى حد كبير عودة هذا المجتمع إلى وطنه التاريخي“.1275
إن التشدق بقول ”الحقيقة“ في غيابها، في خضم القيام بحملة تشويه معادية للشركس، يجب إدانته تمامًا، حيث يستمر التحليل: ”(بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى ما تعتبره الكاتبة أنّها الحقيقة في هذا الشأن، تشير أميلينا إلى أن يقرؤا التقرير شديد التحيز الذي أعده المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية (RISI) قبل إنعقاد أولمبياد سوتشي بعنوان ’{القضية الشركسية} والعامل الأجنبي‘ (riss.ru/events/2031/) وتم استخدامه على نطاق واسع من قبل المعلقين المؤيدين للكرملين في ذلك الوقت)“.1276
وجاء في المقال: ”باختصار، تلقي أميلينا باللوم على المشتبه بهم المعتادين — أجهزة المخابرات الغربية — لإعادة تنشيط القضيّة الشّركسيّة. لكن في الواقع، تلعب تصرفات موسكو ضد الشركس دورًا أكبر بكثير. من بينها في الأشهر الأخيرة ما يلي:
- مخاوف في جمهورية أديغيا من أن موسكو إذا استأنفت حملتها للاندماج الإقليمي سوف تتخلص من جمهورية ”ماتريوشكا“ (Matryoshka) الشركسية والوحيدة التي تحمل الاسم الشائع لجميع الشركس، الذين وصفوا أنفسهم ”أديغه“.
- الغضب من أن موسكو ستسمح الآن لمزيد من الشركس من سوريا التي مزقتها الحرب بالعودة إلى أراضي أجدادهم في شمال القوقاز وأن الحكومة الروسية قد راقبت تدهور الأوضاع الاقتصادية في الأراضي الشركسية.
- موجة من الاعتقالات للنشطاء الشركس الذين قدموا من بلدان أخرى، بما في ذلك عدنان خواد (Adnan Khuade)، الذي قامت السلطات الروسية بتلفيق التهم ضدهم والذين يتحدث الشركس في شمال القوقاز والشتات عنهم الآن.1277
- ومؤخراً رفض السلطات في نالتشيك فتح قضية جنائية ضد مجهولين قاموا بتدنيس تمثال هناك مكرس لتخليد ذكرى ضحايا حرب القوقاز، والذين كان الشركس من أبرزهم“.1278
واختتم غوبل حديثه قائلاً: ”إذا استمر المسؤولون الروس في التصرف بهذه الطريقة، فإنهم {هُمْ}، وليس أي يد أسطورية لـِ {الخدمات الخاصة الغربية} سيضمنون أن {القضية الشركسية} ستبقى قائمة ومُهمّة لفترة طويلة قادمة“.1279
يتبع…