نواب أوكرانيون يضغطون على كييف للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية والإبادة في الشيشان / إشكيريا
الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor) المجلد: 19 العدد: 115
بقلم: بول غوبل
28 يوليو/تموز 2022
ترجمة: عادل بشقوي
29 يوليو/تموز 2022
ترغب مجموعة من نواب البرلمان الأوكراني (Verkhovna Rada) بشكل واضح إلى جعل موسكو تذوق طعم الدواء الذي صنعته هي نفسها وذلك من قبيل {العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم}، معتقدين أن ”عدو عدوي هو صديقي“، في التحرك من أجل تمرير مشاريع القوانين التي تتطلب من كييف الاعتراف بجمهورية الشيشان/ إشكيريا كدولة مستقلة وإدانة الأعمال الروسية ضد الشركس التي حدثت في عام 1864 واعتبارها عملًا من أعمال الإبادة الجماعية. يعكس هذا الجهد سياسة أوكرانيا طويلة الأمد لدعم غير الروس داخل حدود الفيدرالية الروسية وتوفير الملاذ لغير الروس الفارين من قمع موسكو. فقد تم تسجيل مشاريع القوانين وإرسالها إلى لجنة مختصّة؛ ولا يزال موعد إصدار القرارات مجهولاً (Itd.rada.gov, July 11; Kavkaz Realii, July 12). تبدو فرصهم في الحصول على موافقتهم جيدة بشكل ملحوظ بالنظر إلى أنهم على ما يبدو يحظون بالدعم من البعض على الأقل في الحكومة، وهم الذين يعتبرون الإجراءات بمثابة استجابة مناسبة لما تحاول روسيا القيام به الآن في أوكرانيا.
كلا الإجرائين من عمل المجموعة البرلمانية الأوكرانية، من أجل قفقاس حر، التي شكلها عشرة نواب في وقت سابق من هذا الصيف بعد زيارة قام بها أحمد زكاييف، رئيس حكومة الشيشان / إشكيريا في المنفى إلى كييف. ويقود المجموعة البرلمانية أوليكسي هونشارينكو (Oleksiy Honcharenko)، وهو أيضًا عضو في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (PACE). وحث هونشارينكو الهيئة على الاعتراف بإجراءات روسيا ضد الشركس التي حدثت في منتصف القرن التاسع عشر باعتبارها أعمال إبادة جماعية، وحاول أن يفعل الشيء نفسه في اجتماع للشركس في اسطنبول في وقت سابق من هذا العام. لم تتخذ PACE أي إجراء، وانقسم الاجتماع الشركسي، حيث أن أولئك الموالين لموسكو أصرّوا على أن أي إجراء من هذا القبيل سيجعل التعاون المستقبلي مع الكرملين مستحيلًا (Circassian Press, June 27; Newcaucasus.com, June 29; Euromaidan Press, July 16). من المحتمل أن تظهر مرافعات مماثلة في كييف، على الرغم من أن معظم النواب هناك خلصوا بلا شك إلى أن أي تعاون مع روسيا يكاد يكون مستحيلاً.
قدم هونشارينكو ومجموعته قرارًا ثانيًا يطالب بالاعتراف بجمهورية الشيشان إشكيريا، وهذا اسم الدولة الشيشانية التي أعلنت استقلالها عن الإتحاد السوفياتي، والتي قاتلت وانتصرت في أول حرب في عهد ما بعد الاتحاد السوفياتي لكنها هُزمت ثم تم تصفيتها في نهاية الحرب الثانية. يقول البرلماني الأوكراني إنه من الأهمية بمكان دعم الشيشان والجمهوريات الأخرى داخل الفيدرالية الروسية، لأن بعض ممثلي هذه الأمم غير الروسية يقاتلون من أجل أوكرانيا، بينما تستخدم روسيا آخرين كوقود للمدافع ضد الأوكرانيين (Idel.Realities, July 5).
كما كان متوقعا، رفض رئيس الشيشان رمزان قاديروف (Ramzan Kadyrov) دعوة المجموعة للاعتراف بالشيشان / إشكيريا واعتبرها سخيفة (T.me/RKadyrov, July 12; Kavkaz.Realii, July 13). لكن قد يكون لدى هونشارينكو الوضع الأقوى على الأقل فيما يتعلق بالأوكرانيين. ويقول إن على زملائه النواب أن يتذكروا أن ”الحروب في إشكيريا قد ساعدت أوكرانيا بالفعل في نضالنا من أجل الاستقلال في الحرب مع روسيا“ (Kavkazcenter.com, July 13).
يميل بعض المراقبين بلا شك إلى عدم التغاضي عن هذين الإجرائين لأن هذا النوع من البرلمانيين البارزين غالبًا ما ينخرطون فيهما أحيانًا، وهم الذين يريدون التنفيس عن غضبهم؛ لكن في الواقع، لا تعكس هذه الإجراءات المواقف الأوكرانية طويلة الأمد تجاه غير الروس داخل الفيدرالية الروسية فحسب، بل تعكس أيضًا استعداد كييف لتوفير الملاذ الآمن للقادة غير الروس الفارين من الاضطهاد الروسي. تسلط هذه التحركات الضوء أيضًا على التحولات في المواقف الأوكرانية وحتى الدولية بشأن مستقبل روسيا كدولة. كانت أوكرانيا مهتمة بمصير المجتمعات الأوكرانية في جميع أنحاء الفيدرالية الروسية منذ حصولها على الاستقلال في عام 1991. وقد قبلت كييف هذه المناطق، المسماة ”أوتاد“، منذ فترة طويلة باعتبارها مناطق تستحق اهتمامًا خاصًا (Afterempire.info, September 8, 2017; Topwar.ru, June 11, 2014). ومن هذا المنطلق، نما الاهتمام الأوكراني بغير الروس بشكل عام، وذلك قبل أن يطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ”حملته العسكرية الخاصة“ في فبراير/شباط 2022، بل وأكثر من ذلك الآن، جاء بعض غير الروس للقتال جنبًا إلى جنب مع الأوكرانيين والمهاجرين من غير الروس في كييف جهارا نهارا بشأن الدفاع عن أوكرانيا.
بدءًا من وقت مبكر من عام 2018، حث هانا هوبكو (Hanna Hopko)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، أوكرانيا ودول أخرى في الغرب على اتخاذ إجراءات لدعم الجماعات غير الروسية من خلال فرض عقوبات على موسكو لانتهاكها حقوق ليس فقط تتار القرم في شبه الجزيرة الأوكرانية التي تحتلها روسيا ولكن أيضًا داخل روسيا نفسها. وبكلمات تكرر أصداء كتاب يوجين ليونز (Eugene Lyons) الكلاسيكي، حلفاؤنا السريون (Our Secret Allies): شعوب روسيا، أشار هوبكو بأن الأمم غير الروسية داخل حدودالفيدرالية الروسية تعتبر حلفاء أكثر أهمية بكثير من أعضاء المعارضة الليبرالية الروسية، وبالتالي فهي تستحق مثل هذا الدعم المباشر. بعد عام من الضغط بشأن قضيتها، تبنّى البرلمان الأوكراني قرار هوبكو بالإجماع تقريبًا وتم اتخاذ إجراءات بذلك من قبل الحكومة الأوكرانية (Afterempire.info, December 9, 2018; Facebook.com/Free.IdelUral, April 16, 2019; Facebook.com/hanna.hopko, May 30, 2019).
الآن، بعد أن أطلق بوتين غزوه الموسع لأوكرانيا، وكان نظامه يتحدث باستمرار عن تقطيع أوصال البلاد، استجاب عدد متزايد من الناس في مختلف البلدان بالإيحاء بأن روسيا على وشك الانهيار وأن على الغرب المساعدة في هذه العملية. فعلى سبيل المثال، لاحظ الرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا (Lech Walesa) مؤخرًا أن العالم سيكون أفضل حالًا إذا تم تقطيع أوصال روسيا وصغر حجمها (Kasparov.ru, July 12).
ويردد المسؤولون الأوكرانيون وجهة نظره. فقد صرح أليكسي ريزنيكوف (Aleksey Reznikov)، وزير الدفاع الأوكراني مؤخرًا لصحيفة التايمز التي تتخذ من لندن مقراً لها أنه مقتنع بأن روسيا ستنهي وجودها الحالي قريبًا بسبب الاستقلال الوشيك للعديد من الجمهوريات، بما في ذلك ليس فقط تلك المتواجدة في شمال القوقاز، لكن أيضًا في منطقة الفولغا الوسطى وفي أماكن أخرى (The Times, July 10; Idel.Realities, July 12). بالنظر إلى تصريحات ريزنيكوف، يبدو من المحتمل أنه وأعضاء آخرين في الحكومة الأوكرانية يدعمون جهود هونشارينكو.
يأمل بعض النشطاء غير الروس على الأقل أن تدعم كييف هذه القوانين. وكما صرحت الوسيلة الإعلامية آيدل أورال (Idel-Ural) — التي تسعى إلى استقلال جمهوريات الفولغا الوسطى — فإن هذه ”فرصة تاريخية سانحة“ ليس فقط للشيشان ولكن أيضًا لجميع الجمهوريات الأخرى الموجودة الآن داخل حدود روسيا (Idel-ural.org, July 12). في هذه البيئة، من المرجح أن يتم قبول ملاحظة هونشارينكو بأن ”عدو عدوي صديقي“ من قبل الكثير من الناس في أوكرانيا وأماكن أخرى مما قد يتوقعه معظم الناس في الوقت الحاضر. كما أظهرت أيسلندا في عام 1991، عندما أصبحت أول دولة تعترف باستقلال جمهوريات إستونيا ولاتفيا وليتوانيا عن الاتحاد السوفياتي، فإن أصعب خطوة كانت هي الخطوة الأولى؛ لكن بغض النظر عمن يتخذها، يمكن أن تقود هذه الخطوة الآخرين إلى اتّباعها.
المصدر: