الإستعمار المُتَطفّل: رفات عفا عليه الزمن
عادل بشقوي
5 يونيو/حزيران 2024
الإستعمار: علاقة طُفَيْليّة
من المهم والمنطقي استخدام تشبيه بليغ لوصف الوضع الاستعماري الاستيطاني في شركيسيا بشكل خاص، وشمال القوقاز بشكل عام، بمصطلحات علمية يفهمها الجميع. وعلى الرغم من وجود أنواع متعددة من التطفل، إلا أن القصد هنا هو التعامل مع النوع الأكثر شيوعًا بالإضافة إلى المعنى اللفظي للكلمة. ولنقل المعلومات والحقائق بدقة، يتم تعريف التطفل على أنه ”نوع من العلاقة التكافلية، أو العلاقة طويلة الأمد بين نوعين، حيث يحصل عضو (صنف) واحد، وهو المتطفّل، على فوائد تأتي على حساب العضو المضيف. وكلمة طُفيْلي تأتي من التعبير اللاتيني للكلمة اليونانية παράσιτος (طفيليات)، وتعني ‘الشخص الذي يأكل على مائدة شخص آخر‘”. [1]
يمكن أن تشمل العلاقات التكافلية أيضًا تبادل المنافع، حيث يستفيد كلا الطرفين، والتعايش، وهو ”علاقة بين الكائنات الحية حيث يستفيد أحدهما لكن الآخر لا يستفيد ولا يتضرر“. [2]
في السياق العام للتطفل، يكون أحد الطرفين هو الخاسر بينما يكون الطرف الآخر هو الفائز أو المستفيد. وغالبًا ما تتميز ديناميكية الفوز والخسارة هذه باستخدام الطرف القوي للقوة والأساليب الوحشية لاغتصاب حقوق الآخرين. إلا أن نجاح البعض لا يعني فشل البعض الآخر. ومن ناحية أخرى، من المهم التمييز بين الافتراس والتطفل، لأنّ ذلك ينطوي على تفاعلات مختلفة بين الأنواع.
تعميم المعلومات الدقيقة
لقد كشفت المعلومات المتعلقة بالحرب وتداعياتها الكثير من الأكاذيب والمعلومات المغلوطة. لقد تم ملء المعلومات غير الجديرة بالثقة، بما في ذلك الدعاية ذات الدوافع العرقية والعنصرية، بمحتوى مضلل وغير صحيح. إن نشر الحقائق وتعزيز الوصول السريع إلى المعلومات الدقيقة أمر بالغ الأهمية. وتؤدي المعلومات المضللة أو الكاذبة إلى تقويض الثقة وتهديد الوصول إلى معلومات موثوقة.
الدفاع عن الوطن بالوسائل المتاحة
وفي مواجهة الإرهاب المنظم، سطّر الأبطال العظماء صفحات مجيدة من الجهد والتضحية والعطاء. لقد قدم جيل أجدادنا الصابر والصامد، والمدافع المخلص عن الحق والعدل والخير، تضحيات كبيرة في النضال البطولي للدفاع عن الوطن، والحفاظ على مقدراته وثرواته وموارده.
حتى بعد غياب طويل، فإن رباط حب الوطن الذي لا ينفصم يبقى في قلوبنا. فالصمود الأسطوري للمدافعين عن الوطن على مدى 101 عام قدم صورة إيجابية لأولئك الذين قدموا أقصى التضحيات للدفاع عن وطنهم العزيز بجهودهم الذاتية، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع الصورة السلبية للمعتدين. فقد افتدوا الوطن بالروح والدم، والعزة والكرامة، وبالتالي شوهوا السمعة الوحشية والعنصرية لجيش الإمبراطورية القيصرية الروسية. لقد انتهك هذا الجيش الحقوق والحريات الأساسية بشكل صارخ، مخلفا وراءه سلسلة من الدمار والقتل والاحتلال الأجنبي والإبادة، وسفك دماء الأبرياء.
استغل العدو كل فرصة ومناسبة للقضاء على السكان الأصليين والمالكين الأصليين لشركيسيا، لاستبدالهم بالمستوطنين والمستعمرين.
ومن أجل تبديد البيانات المضللة وغير الصحيحة، حرص الشراكسة المخلصون والمهتمون على ضمان الوصول إلى المعلومات الأرشيفية، وكشفوا عن وثائق وأدلّة قاطعة تكشف أن الأعداء الحاقدين والمتعصبين ملطخة أيديهم بالدماء.
استعادة الحقوق المشروعة وفق القوانين والأعراف الدولية
لقد أوجدت الفظائع الروسية والإجراءات غير الودية صدعًا عميقًا مع الشعوب والأمم المقهورة والتي تم ضمها، وهو صدع لن يكون من السهل رأبه. لقد شُوِّهت سمعة الدولة الروسية وتلوّثت بوحل ودماء الدمار والقتل والإبادة.
تعتمد الركائز الأساسية للوجود القومي الشركسي على التضامن القوي، والشعور العميق بالهوية القومية، والارتباط العميق بإرث وثقافة متجذرة في حضارة راسخة ازدهرت في الوطن الشركسي في شمال غرب القوقاز منذ آلاف السنين. ويقوم هذا الأساس على الولاء والإخلاص والانتماء المتراكم للوطن، مع نبذ التمييز والصراعات والخلافات بين الأشخاص من نفس الأصل والوطن. ولذلك، فمن الأهمية بمكان الاتفاق على خارطة طريق تحدد المسار نحو الهدف النهائي المتمثل في ممارسة الحق في تقرير المصير على أرض أجدادهم.
إن الأمم التواقة إلى الحرية والاستقلال تطالب بها دون أدنى تراجع، بشكل واضح وحاسم وثابت، والأهم من ذلك، وفقا لتأكيد الأمم المتحدة على أن “الحق في تقرير المصير هو جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية والحريات الجوهرية“. [3]
والأهم من ذلك، في هذا الجانب، أن حقوق الشعوب الأصلية يجب أن تتماشى مع الحق في تقرير المصير. ويقر إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية بأن ”ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن إعلان فينا وبرنامج العمل، يؤكد على الأهمية الأساسية لحق جميع الشعوب في تقرير مصيرها، والذي بموجبه تحدد بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية“. [4]
فمن الضروري الاعتراف بتطلعات كل أمّة تتعرض لقوى وحشية تتجاهل القيم الإنسانية وحقوق الأراضي المحتلة. لقد كان قد تم الاستيلاء على الوطن الشركسي بالقوة، مما أدى إلى تهجير 90٪ من الأمة الشركسية إلى ما وراء أرض أجدادهم. ويواصل الشراكسة الإقامة في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، ويدعون إلى الحرية والاستقلال.
وتؤكد مادتان من إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة على:
”1 – إن إخضاع الشعوب للسيطرة والاستغلال الأجنبيين ينتهك حقوق الإنسان الأساسية، ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، ويعرقل السلام والتعاون العالميين.
2 – تمتلك جميع الشعوب الحق في تقرير المصير، مما يمكنها من تحديد وضعها السياسي بحرية والسعي لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية“. [5]
الخاتمة
إن إعطاء الأولوية لاستعادة الحقوق المشروعة والقانونية أمر ضروري، مسترشدين بمواثيق الأمم المتحدة وإعلاناتها وقراراتها ومبادئها وإعلاناتها ذات الصلة. توفر هذه الأطر الدولية الأساس اللازم للمطالبة واستعادة الحقوق الشركسية المغتصبة، مع الاعتراف بأن هذه الحقوق لا تخضع لقانون التقادم. [6]
***************************
المراجع:
[1] https://biologydictionary.net/parasitism/
[2] https://www.thoughtco.com/commensalism-definition-and-examples-4114713
[3] https://press.un.org/en/2013/gashc4085.doc.htm
[6] https://research.un.org/en/docs/decolonization/keydocs
