إنهاء الاستعمار في روسيا: نظرة فاحصة (الجزء الأول)
عادل بشقوي
03 يوليو/تمّوز 2024
أرسل لي أحد الأصدقاء المميزين ”بودكاست وثائقي“ لوسائل الإعلام في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“، يتناول ”الاستعمار الأوروبي“ وعلى وجه التحديد ”إنهاء الاستعمار في روسيا“. وفي عرض تمهيدي يتم طرح أسئلة متنوعة ساخرة ومستنكرة ومجازية، تؤدي إلى الشوق إلى حرية الشعوب والأمم. والحقيقة السائدة تشير إلى أنهم ينتظرون اللحظة المناسبة والحاسمة لذلك.
ونظرا لطول المقال فقد تقرر نشره في جزأين.
1. الجزء الأول: السياق التاريخي وتوسع الإمبراطورية الروسية
• مقدمة
• الإمبراطورية الروسية حتى عام 1917
• الإبادة الجماعية الشركسية والترحيل
• تجارب مع الكُتّاب والروائيين الروس
مقدمة
من المؤكد أن الإمبراطورية الروسية، والاتحاد السوفييتي، وروسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، اتسمت جميعها بتنفيذ سياسة استعمارية ذات طموحات توسعية. الصورة السائدة تشير إلى أن الوضع لن يبقى على ما هو عليه. لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالاً للشك أن جميع الشعوب والأمم سوف تستعيد حريتها وحقها في تقرير المصير، مهما طال الزمن أو قصر. وسيتم تسليط الضوء على نقاط محددة.
يوضح البودكاست حقيقة شهية روسيا لغزو واحتلال واستعمار أوكرانيا وغيرها من الدول المجاورة، مما يتحدى رغبة الشعوب والأمم المحتلة في ضرورة إنهاء الاستعمار. ويتساءل البودكاست الوثائقي عما إذا كانت روسيا هي:
• الإمبراطورية الأخيرة في أوروبا؟
• غزوها لأوكرانيا ”حرب استعمارية“؟
• إنهاء الاستعمار في البلاد هو السبيل الوحيد لضمان توقفها عن كونها تهديدا لجيرانها والسلام العالمي؟ 1
وتحدث البث بالتفصيل عن حالة من الوضوح التام فرضت نفسها منذ عهدي بطرس الأكبر وإيفان الرهيب، وكشفت إمبريالية روسيا واستعمارها الذي يطمح إلى التوسع بشكل غير شرعي على حساب جميع الدول المجاورة وما وراءها. ”هناك الكثير من الأماكن والأشخاص فيها“، لكن الأمر لا يتعلق برحلة، بل يتعلق بفكرة، ويتعلق بطبيعة روسيا وهويتها، وكيف يمكن أن يتغير ذلك. 2
أبرز الأحداث والشخصيات التاريخية
الإمبراطورية الروسية حتى عام 1917
حروب روسيا التوسعية والاستعمارية شملت عشرات الشعوب والأمم:
• ”لقد تم تجميد غالبية الخط الساحلي الروسي في جزء كبير من العام، مما حد من وصولها إلى موانئ المياه الدافئة اللازمة للتجارة البحرية. وقد أدى ذلك إلى تأجيج طموح روسيا في السيطرة على المناطق المطلة على البحر الأسود وبحر البلطيق والمحيط الهادئ“. 3
• ”فقد غزت الإمبراطورية القيصرية كازاخستان وغيرها من مناطق آسيا الوسطى، أوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان المعاصرة، في القرن التاسع عشر باسم التقدم“. 4
• لم تكن العلاقات الروسية مع جيرانها الأوروبيين على ما يرام. مع العلم أن المجتمع الروسي لم يكن متطوراً أو متحضراً بالمعنى المقصود من النمو والتطور والمشاركة والتعاون والتحضر للمواطنين الذين كان من المفترض أن يشاركوا في الإدارة والإصلاح والسياسة والاقتصاد. وبدلاً من ذلك، ظلت العبودية وعبادة الشخصية قائمة، مع سيطرة رأس السلطة على الإدارة والسياسة.
يجب الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية والترحيل القسري:
• تقدمت قوات الإمبراطورية الروسية المعتدية من منطقة موسكوفي واحتلت مناطق في بيلاروسيا وبولندا وجمهوريات البلطيق وسيبيريا والأورال وأوكرانيا والقوقاز وآسيا الوسطى وجزء من فنلندا. وفي نهاية المطاف، امتدت الإمبراطورية الروسية من أوروبا في الغرب إلى شمال شرق آسيا في فلاديفوستوك، وبحر بيرينغ، وبحر أوخوتسك.
أثبتت التجارب مع الكتاب والروائيين الروس مرونتهم في تغيير المفاهيم والتشبث بالقسوة والكراهية والعنصرية:
• ”قرأ أوليغ تاباكوف، أحد أشهر الممثلين في روسيا، قصة محبوبة للغاية، “حكاية الأميرة الميتة والفرسان السبعة“، للشاعر العظيم في البلاد، ألكسندر بوشكين. كما هو الحال في سنو وايت، هناك زوجة أب شريرة، ومرآة سحرية، وكوخ مريح تلجأ إليه الأميرة. “لكنه لا ينتمي إلى الأقزام السبعة، بل إلى الفرسان السبعة“. 5
وحشية الإمبراطورية الروسية:
• ”يكتب ألكسندر بوشكين مازحًا أن هؤلاء الفرسان الروس، وبقصد إجراء تمرين الصباح، خرجوا لإطلاق النار على ممثلي الأمم الأخرى. وقد كُتِبت هذه السطور في وقت حدوث الإبادة الجماعية للشركس في القرن التاسع عشر. وعندما وصف الجنرالات الروس الشراكسة بأنهم قذارة بشرية“. 6
• “كان الشراكسة منتشرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع وجود بقايا منهم في روسيا، ويعيشون في العديد من جمهورياتها القومية. وخلافاً لجمهوريات الاتحاد السوفياتي غير الروسية الأربع عشرة، مثل أوكرانيا وكازاخستان وجورجيا، فإن الجمهوريات المتمتعة بالحكم الذاتي داخل روسيا، للشعوب التي تم احتلالها في الأصل، لم تتحرر في عام 1991“. 7
إرث ميخائيل ليرمونتوف:
• ”نشر ميخائيل ليرمونتوف وجهات نظره حول الشؤون الروسية الداخلية والخارجية من خلال الرسومات واللوحات والقصائد. ويعتبر ثاني أهم شاعر روسي في القرن التاسع عشر بعد ألكسندر بوشكين“. [8] (المعجزة الشركسية، تجربة ليرمونتوف، بشقوي)
• ”الكابتن الروسي الصغير لديه تعريف عام واحد فقط لجميع شعوب القوقاز الكبرى والصغرى: ‘هؤلاء الآسيويون هم الأوغاد الرهيبون‘ … فعلى الرغم من اعتراف ماكسيم ماكسيميتش، بالبراعة العسكرية للقباردي (الشركس)، يصدر حكمًا الذي بموجبه بشكل عام، يشمل كافّة شعوب الجبال (القفقاسيّين): ‘حسنًا، كما ترون، إنها حقيقة معروفة أن هؤلاء الشراكسة هم مجموعة من اللصوص‘“. [9] (المعجزة الشّركسيّة، تجربة ليرمنتوف، بشقوي)
المراجع
8.Bashqawi, A. The Circassian Miracle: LERMONTOV’S EXPERIENCE
9.Bashqawi, A. The Circassian Miracle: LERMONTOV’S EXPERIENCE