قوة عظمى منزعجة من العلم الشركسي
عادل بشقوي
15 يوليو/تموز 2024
إن الشعوب والأمم المحتلة في شمال القوقاز، والأمة الشركسية على وجه الخصوص، تتعرض بشكل متكرر للمعلومات المضللة والدعاية. لقد اعتادوا على تعرض رموزهم الوطنية للإساءة والإهمال. ناهيك عن احتكار قوة ومقدرات الوطن الشركسي الذي يمارسه المستعمرون بقصد الاستمرار في الإساءة إلى أمة محتلة ومضطهدة ومشتتة.
إلا أن هذه الأمة المؤمنة، تؤمن وتلتزم بـ”الأديغه خابزة”، وهي القواعد الشركسية المميزة للشرف الأخلاقي والسلوك الاجتماعي (الإتيكيت) والعادات والتقاليد والقيم العائلية. وفي الوقت نفسه، فهي مثابرة وصبورة ومتجذرة بعمق في موطنها الأصلي وكذلك في الحضارة الإنسانية في شمال غرب القفقاس.
إنه لأمر مقيت ومثير للاشمئزاز أن نواجه غضباً استعمارياً معتادًا تجاه شعب تم احتلاله وضمه قسراً إلى الكيان الروسي. وفي هذا المجال، أحدث العلم الشركسي، الذي يمثل رمزًا وطنيًا، مؤخرًا ارتباكًا وأزمة في دوائر الهيمنة الاستعمارية وصناع القرار على جزء من أراضي شركيسيا.
وبدا الاحتلال الروسي مستاءً ومنزعجاً من وجود علم ذو معنى على جزء من أراضي الوطن الشركسي المحتل نتيجة رفع العلم الشركسي من قبل الشراكسة وهو ما اعتبر تحدياً لكيانه الاستعماري الهزيل. وبالتالي، كشف مشهد درامي مخزي عن حلقة أخرى من رواية القصة الحقيقية. هذه المرة، ظهرت مجموعة من ممثلي الأمن الروس، دون أدنى تردد، وهم يقومون بتفكيك سارية العلم التي ترفع العلم الشركسي. ويبدو أن السلطات الاستعمارية اعتبرت ذلك تحدياً للاحتلال الروسي وأعلام الإدارات الاستعمارية المتطفلة على الأراضي الشركسية ومواطنيها. وبالتالي، صدرت تعليمات من الإدارة المركزية الروسية الرسمية، بتنفيذ التعليمات الشريرة.
لم يكن ذلك إنتصارًا على قدم المساواة، مع تقدم ملموس نحو المصالحة التي تعيد الحقوق إلى أصحابها الشرعيين؛ بل هو أحد مشاهد الخزي والعار الاستعماري، الذي ما زال مرتكبوه هم المستعمرون الذين انتهكوا وتحدوا حرمة الوطن وشعبه منذ الاحتلال الروسي الذي حدث في 21 مايو/أيار 1864. ومن الواضح أن الغزو والاحتلال والضم كان قد حدث بموافقة ومباركة القوى الاستعمارية الأخرى في ذلك الوقت، ضمن لعبة التقسيم وتقاسم الكعكة الثمينة، على الرغم من مُقاساة الضحايا الأبرياء ومعاناتهم.
ووقع هذا الحدث اللافت للنّظر في قرية حجيقوه الشركسية التابعة لمنطقة الشابسوغ. وتشتهر بنقاء مياهها، ويوجد بها مركز لتعبئة عبوات مياه الشرب. وذكرت مصادر مطلعة أنها قرية اشتهرت في التاريخ الشركسي،وخاصّة إبان الحرب الروسية – الشركسية. فقد شهدت أحداثاً ومعارك ضارية بين الشركس المدافعين عن وطنهم والقوات الروسية المعتدية. مع العلم أنها تحتوي على بعض الدولمانات. [1]
“ليس هناك من أصم مثل أولئك الذين لن يسمعوا. وليس أحد أعمى مثل أولئك الذين لا يريدون أن يبصروا.” — ماثيو هنري [2]
المراجع: