الإمبريالية الرّوسيّة الشّريرة تطارد شراكسة المهجر
إيجل
6 مارس/آذار 2010
تم التحديث وإعادة النشر بواسطة: عادل بشقوي، 29 يوليو/تموز 2024
- [تحديث] الاشارة الى ما يرمز اليه كتاب كليلة ودمنة:
في سياق تحديث وإعادة نشر هذا المقال، من المناسب الإشارة إلى كتاب كليلة ودمنة، إنّهُ يحتوي على سلسلة من القصص المثيرة. فهو من أكثر الكتب الهندية انتشارًا وتأثيرًا في تاريخ البشرية. ويحتوي على مجموعة من القصص التي تعلم الحكمة السياسية. إنه مجموعة من القصص المعبرة والمؤثرة، التي انتشرت على نطاق واسع. إنّها ذات طابع هادف وذو معنى عن الفضيلة والرذيلة.فهو مرتبط بالحكمة والدهاء والموعظة الحسنة. ويمكن ربط أشكال أخرى من التعبير عن كليلة ودمنة بالمعاملة الصامتة والمماطلة. لكن من خلال التعبيرات الأخلاقية، فهو يميز بين البطش والخبث من جهة ومكارم الأخلاق وحسن الطباع من جهة أخرى. ولجودته، فقد تجاوز الكتاب اللغات والثقافات والأديان.
مقدمة
لسوء الطّالع، فإنّ هناك ظاهرةً تسوّي بين المجتمعات الشّركسيّة، في وضع يقوم بعض الأفراد الذين يستخدمون الآثار السلبية على مجتمعاتهم فيبذلون قصارى جهودهم لتوفير الخدمات المشبوهة التي من المفترض أن تكون وجدت هناك لتحويل وتشتيت الثوابت الشركسية، والى ”المحاولة“ لجذب الشراكسة لأن يكونوا منشغلين بأمور تختلف عن المهمة الرئيسية من حيث الأهمّيّة والقلق للجميع على حد سواء.
تطورت الإمبريالية الروسية في شركيسيا منذ أن انطلقت خطط روسيا الطموحة لغزو واحتلال شركيسيا، والّتي كانت قد وضعت للتنفيذ من أجل الوصول إلى المياه الدافئة في البحر الأسود، بغض النّظر عما ستكون عليها النتائج، والتي جاءت لتكون التدمير الكامل لشركيسيا والإبادة الجماعية والتي أدت إلى القضاء على نصف عدد السكان، والإبعاد القسري الّذي ارسل جزءا كبيرا من السكان إلى المنفى الإجباري، الّذي كان له أيضا عواقب مأساوية مثل فقدان عشرات الآلاف خلال المحنة المأساوية إما بسبب السفن الغارقة التي لم تكن حاصلة على صلاحيّة الإبحار أو لانتشار الأمراض المعدية والتعرض للبرد القارس ولظروف الطقس الحار والجوع والعطش الّتي تأثّر منها جميع المهجّرين الذين فقدوا كل ما يملكون في هذه الحياة، زيادة على فقدان الوطن الغالي.
الآثار المترتّبة على الحرب الروسية / الشركسية
الأمة الشركسية هي واحدة من تلك الّلاتي لم يحالفها الحظ حيث ترتّب عليها التعامل مع حرب طويلة ومدمّرة، والتي بالتّالي أسفرت عن تدمير الوطن الأم وإلى الإبادة الجماعية (والتهجير) ضد الغالبية العظمى من السكان والّتي كانت قد مسّت الجميع وترحيل قسري لغالبية أولئك الذين تمكّنوا من البقاء على قيد الحياة والظّلم لمن تبقّى (10 ٪) من السكان، والذين بدورهم قد فروا إلى الجبال و / أو تمكّنوا من البقاء.
والتهجير الذي وقع قبل أكثر من 145 سنة مضت، قد ساهم في تأجيج وضع المأساة عندما كان على مئات الآلاف من المُرحّلين الّذين كان لا بد من تهجيرهم من قبل القوى الطاغية المعنية، وذلك باستخدام سفن متهالكة حيث غرق منها المئات مع جميع ركابها، وكانت تجد صعوبة كبيرة في الإبحار عبر الأمواج المتلاطمة وكذلك الظروف الجوّيّة القاسية للبحر الأسود، حيث جلبت أولئك الذين طردوا من أرضهم المقدسة ليصلوا إلى مناطق جديدة، بعيدا عن مهد أفئدتهم، أرض آبائهم وأجدادهم الأوّلين، وحتى يحين الوقت للعودة إلى ديارهم بكرامة وكبرياء.
المهجرين الشركس كانوا قد عانوا من ويلات التشرد بعيدا عن الوطن وتعرضوا لتأثير الظروف المناخية القاسية ومن درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة جدّا، إضافة إلى الامطار والثلوج والعواصف، وضربات الشمس الّتي أصابت أجسادهم.
إنّ انتشار الأمراض المعدية والإسهال الشّديد والتهاب القصبات الهوائية، كانت أيضا أسبابا أخرى مباشرة للتمييز الذي عانى منه المهجّرون، وذلك في موانئ الوصول المأساوي، الأمر الذي جعل السكان المحليين يرفضون بقاء اللاجئين الواصلين في مدنهم ومجتمعاتهم، و / أو أن يتم إعادة إسكانهم قريبا منهم وذلك من أجل تفادي إصابتهم بعدوى أمراض متعددة غير مرغوب فيها.
وكان على الشركس عند وصولهم إلى تلك الموانئ أن يتم توزيعهم في وقت لاحق، على الأراضي العثمانية وفقا لخطة تركية من أجل الاستخدام الأمثل لأولئك الناس المحبطين الذين وُضِعوا في وضع بحيث أنه كان من المخطط لهم أن يُستخدَموا للدّفاع عن مصالح الامبراطورية العثمانيّة في الدول المحتلة في السابق في البلقان والمناطق العربية.
ونتيجة لذلك، فإنّ رصد المغتربين في بلاد المهجر من قبل أولئك الذين جُنّدوا من أجل الحفاظ على تفوق روسي (سلافي) على عشرات من الأمم والشّعوب المحتلّة الأخرى الّتي إمّا تم ترحيلها قسريّا عن مواطنها الأصلية، أو بقيت تحت الإحتلال الإستعماري بحيث ضُمّت أوطانها قسريّا لتكون جزءا إجباريّا لما سُمّيَ تلفيقاً، إتّحاداً روسيّاً.
افتعال الضعف ليصبح قوة ونفوذا
أهم قضية تهم المحتلين الروس هي الحفاظ على سيطرة مباشرة، والإبقاء على حكم إستبدادي مركزي على رقاب الشعب المستَعمر المضطّهد. حيث أنّ 10 ٪ فقط من الشركس لا يزالوا يقيمون في وطنهم. وتسلسل الأحداث التي وقعت في السنوات الأخيرة، منذ إعلان الحكومة الرّوسيّة عن نيتها إستضافة دورة الالعاب الاولمبية الشتوية لعام 2014 على الأراضي الشركسية المحتلة، قد شهدت أيضا إحتفالات المستعمِرين الرّوس برفقة جميع عملائهم وموظفيهم ودُماهُمْ، لما سمّيَ إنضمامًا طوعيّا إلى روسيا (عندما اتّخذ الشركس قرارا طوعيّا بالدخول في معدة الوحش على حد زعم المحتلّين!) الذي هو أمرٌ ينافي الحقيقة تماما. ثم الحصول على موافقة اللجنة الاولمبيّة الدّوليّة لاجراء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، أرض ”الإبادة الجماعية الشركسية“. والكذبة الروسية المفضوحة تكمن في خطاب للرئيس الّروسي في حينها، فلاديمير بوتن، حيث أعلن في حفل قبول سوتشي بوصفها المكان المضيف لدورة الألعاب الأولمبيّة، عندما ذكر بأن أقوامًا قديمة أخرى سكنت المنطقة منها اليونان، لكنه تجاهل عن سبق عمد وإصرار ذِكْر الأمّة الشركسية، التي تحظى بتاريخ عريق وحضارة عمرها أكثر من 6000 سنة، حيث قام الجيش الرّوسي الغازي بالإحتفال في عام 1864 بما يسمّى انتصارا ضد الأمّة الشّركسيّة من خلال عرض عسكري في سوتشي. حيث امتلأت المقابر بالوطنيّين والأبطال الشّراكسة الذين دافعوا عن ترابهم المقدس حتى آخر قطرةٍ من دمائهم الزّكيّة وآخر رمق من الحياة.
ومن الجدير بالذكر على أيّ حال، بأن روسيا قد اكتسبت المزيد من الاراضي والمزيد من السيطرة الاستعماريّة على أرض الواقع في منطقة القوقاز، وذلك في صيف عام 2008، عندما ادّعت قوّاتها بأنّها كانت تدافع عن أوسيتيا الجنوبيّة وأبخازيا. وفي نفس الوقت حصلت روسيا على مزيد من السلطة في الجمهوريّتين القوقازيّتين ويرجع ذلك إلى حقيقة أن جورجيا لم تفلح في ذلك الحين الى حل هذين الموضوعين الحيَويّيْن سلميا ومنطقيا، بطريقة تُحَلْ من خلالِها المشكلتين وفقا للشرعية ولحق تقرير المصير لكلٍ من الأمّتين الأبخازيّةِ والأوسيتيّةِ الجنوبية وتكون متلائمة مع القانون الدولي.
* [تحديث] بشأن مغامرات استعمارية حديثة:
لا مفر عن التطرق لما فرضته التطورات العالمية التي نتجت عن حرب امبريالية روسية حديثة نسبيًا بدأت منذ فبراير/شباط 2014، ومباشرةً بعد انتهاء دورة ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية. فرضت الدولة الروسية الاستعمارية حربًا محدودة في حينه، تبيّن أن الهدف منها كان ذو بعدين.
الأوّل: إحتلال وضم شبه جزيرة القرم، للاستحواذ على القواعد العسكرية المستأجرة من اوكرانيا، حسب القوانين والأعراف الدولية، وذلك للتّخلّص من كابوس مزعج كان يراود روسيا بشأن إمكانية الرحيل عنها وإخلائها، ناهيك عن احتلال بعض المناطق الجنوبية الشرقية من اوكرانيا دعما الى ميليشيات مؤيدة لروسيا ومعارضة للدولة الأوكرانيّة.
الثّاني: النية المبيّتة لشن حرب واسعة النطاق في شهر شباط/فبراير 2022، لا تزال مستمرة إلى الآن، وذلك لاحتلال وربما لمحاولة ضم الدولة الأوكرانية المستقلة الى الكيان الامبريالي الروسي، متجاهلين بذلك كافة القوانين والاعراف الدولية ذات الصلة.
فقد رفضت اوكرانيا بشكل خاص والعالم المتحضّر بشكل عام هذه الحرب المفروضة والاحلام الاستعمارية الروسية بشانها، وتم التصدي لها بكافة الوسائل والسُّبل.
وشهدت الحرب تجنيد العديد من الشباب المنتمين لعشرات الشعوب والامم المستعمرة والمستعبدة من قبل روسيا، ودفعهم الى اتون الحرب التي لا تُبقي ولا تَذر.
مد سواعد الشر خارج الحدود المسموح بها
القابليّة الواضحة كالكريستال كنتيجة للسيطرة الروسية على شركيسيا وما ورائها. فقد بلورت سياسة للتصدي لعناصر الحاضر والمستقبل، الأمر الذي أدّى إلى العواقب المترتبة على امتداد سواعد الشر إلى مهاجر الشّتات الشّركسي في منفاهم الإجباري الذي أصبح في السنوات القليلة الماضية، باعتباره واحدا من أهم الأولويات والأهداف التي تم اتخاذها كمهمة رئيسية من قبل فروع خدمات الأمن (الإستخبارات) الرّوسيّة، مثل جهاز الامن الفيدرالى (FSB) و (إس في آر) و(جي آر يو) و غيرها من التي لها اسماء مختلفة. وهي الّتي يطلق عليها أسماء وعناوين ومهمّات وأهمّيّة وفعاليّة، مدعومين خفية بعملاء وجواسيس واقعين ضمن مؤسّسات الأمم المحتلّة ومنها الأمّة الشركسية وغيرها في جميع أنحاء العالم. وهؤلاء المجندين يملى عليهم ما ستكون عليه مهمّاتهم، فيما يتعلق بجمع المعلومات والبيانات، إلى جانب متابعة أنشطة الشتات في جميع عناصرها وعواملها التفصيليّة، لتشمل فرض الكثير من السّياسات والأوامر الرّوسية التي من شأنها أن تجعل من روسيا أمرا واقعا. وهي التي تمكن هؤلاء الأفراد الذين تم تعيينهم وهم الّذين استخدموا كأفراد مع المراقبة والرّصد الكامل من قبل السفارات وأطقم المخابرات في السّفارات الرّوسيّة، من أجل السيطرة على الشراكسة في الشتات في جميع مناحي الحياة بدءا من مؤسّساتهم ومنظّماتهم لتحديد الاتجاهات والأنشطة التي يجب التقيد بها في الشكل والمضمون.
التجسس الروسي في جميع أنحاء العالم
مبادئ التّوجّه الرّوسي من خلال النشاط المحموم هي مشاريع ذات أبعاد قصيرة وطويلة الأجل، ويتم التعامل معها رسميا من قبل جميع فروع الحكومة، كون وزارة الخارجية هي الأهم في ذلك كله، وكذلك “المؤسسة الامنية” من جانب، ومن جانب آخر كافّة الوكالات والوحدات الفرعية والعملاء والجواسيس والمتعاونين من الاجهزة الامنية داخل حدود ما يسمى جمهورية روسيا الاتحادية، وما وراء البحار و ما وراء الحدود السياسية على حد سواء، وذلك للوصول إلى أي هدف يرون بأنّة قد يشكل خطرا لسياساتهم من أجل زيادة نفوذهم في أي قضية قد تكون ذات فائدة لاستراتيجياتهم النافرة والخبيثة، والمهمة الرئيسية هي التجسس على الدول الأخرى من أجل الإبقاء على بعض التنافس الإستراتيجي فيما يتعلق بالقوات والمعدات العسكرية، لمواكبة التكنولوجيا والمعلومات والأسلحة وتوازن التسلح الى الدرجة التي تقرّر روسيا بأنها كافية للحفاظ على إنطباع معين لها في العالم.
* [تحديث] قوائم وزارة العدل الروسية:
تنشر روسيا بانتظام قوائم بالمنظمات وكذلك الأفراد غير المرغوب فيهم، تحت ذرائع واهية، قد تكون معارضة النظام القائم، أو ادعاءات التطرف أو ذرائع أخرى. علما بأنّ المنظمات والأفراد المعنيّين هم بالأصل منبثقين من الشعوب والأمم التابعة قسرا للدولة الروسية. وهي لا تطالب سوى بالحرية وحق تقرير المصير لشعوبها. وأحدث هذه الاتهامات الرسمية هو قيام وزارة العدل الروسية بإدراج أسماء 55 فئةً هيكلية ”للحركة الإنفصالية“ على حد ادّعاء موقع وزارة العدل الروسية على الإنترنت، واضاف أيضًا بأنّهُ ”يمكن محاسبة المنظّمين والمشاركين في هذه المنظّمات جنائياً“.
تأثير التّدخّل الرّوسي في الشّتات الشّركسي
بعد أن استقر الشراكسة وتوطّنوا وأعادوا توطّنهم بضع مرات أخرى في بعض الحالات، قبل أن وصلوا إلى حالة إستقرار دائم، وحيث أنّ الظّروف الجديدة في الأوطان الجديدة قد حسنت من ظروف حياتهم ومعيشتهم، بدأوا في إعادة التفكير في استرداد عافية الأمّة الشّركسيّة وترتيب الأولويات بالنسبة للمستقبل وعرض استعادة الحقوق عندما يكون الوقت مناسبا.
فالسلطات الروسية تابعت دائما خطى الشركس في بلدان الشتات من خلال سياسات الحكومات والانظمة الروسية المتعاقبة، من أجل إبقائهم بعيدا تحت السّيطرة، وتحويل ميلهم المتعلّق بالعودة إلى ديارهم بأعداد كبيرة.
فقد بدأ ذلك خلال عهد النظام الامبراطوري القيصري عن طريق استخدام الدبلوماسيين الروس، والعاملين في أي مؤسسة تجارية روسيّة، يتوفّر لديها إمكانيّات (للمراقبة) وجمع المعلومات.
والنظام السوفياتي عندما خمدت نيران العنف وبدأ الحزب الشيوعي بمراعاة الوسائل والطرق السلمية في الحكم الحديث، والتي أدّت إلى تأسيس أجهزة (Cheka) و (OGPU) و (NKVD) و (KGB)، التي دأبت جميعها بأن تكون الجزء المهم لتنسيق الجهود المختلفة، من دون التّقليل من أهمّيّة السفارات والمراكز الثقافية السوفياتيّة في جميع أنحاء العالم، وكذلك الطلاب الأجانب الّذين كانوا يحصلون على المنح الدراسية في جامعات ومعاهد سوفياتيّة مختلفة.
والنظام الذي تلى النظام السوفياتي جاء بتسمية إف إس بي بدلا من كي جي بي الذي جاء أيضا بالرؤساء الروس بوريس يلتسين وفلاديمير بوتين ودميتري ميدفيديف، وقد طور طريقتة للتعامل مع الشركس وغيرهم. فعلى الرغم من أنّ التكنولوجيا كانت مهمة جدا لتطوير الأساليب الروسية القياسيّة التي كانت أكثر من شبه بدائية، إلّا أنّه تبيّن بأن أهم العوامل هي العنصر البشري من خلال:
— موظفو وزارة الخارجية حيث تم تعزيزهم بأفراد جهاز الأمن الفيدرالى كموظفين مدنيين ودبلوماسيين.
— تنظيم السفارات والقنصليات الروسية من أجل أداء أفضل والحصول على المعلومات من خلال الموظفين والمبعوثين.
— إدارة المشرفين ومديري المراكز الثقافية الروسية، وإحداها قد بدأت لتوها للعمل في العاصمة الأردنيّة عمّان.
— الوكلاء والمتعاونون (العملاء) الذين يعملون لضباط المخابرات الروسية في سفارات روسية مختلفة في عواصم العالم، حيث أنّهم يعتبرون مصدرا هاما للمعلومات وفي نفس الوقت وسيلة لنقل الرّسائل ونشر الدّعاية والشائعات وحتى لتوزيع سياسات روسية مفروضة وأوامر لمؤسّسات تنفيذ وتمرير السّياسات الرّوسيّة أساسا إلى شركس الشتات عندما تقتضي الضرورة لأن تكون هناك شبكات تجسس كهذه في بلدان معيّنة لأسباب محدّدة.
— ادخال مفاهيم وتفسيرات دخيلة مثلما سمّيَ بذكرى مرور “450 عاما للإنضمام الطّوعي مع روسيا”، والمشاريع المشبوهة مثلما يسمى بشركسياد “CIRCASSIAD”، والتي سوف تؤدي إلى نتيجة تنطوي على أنّ الشراكسة في الوطن وفي الشتات على حد سواء سيواجهون عواقب وخيمة.
— الأفراد وشبكات العملاء والمتعاونين الذين هم أساسا يعتبرون من القطاع الأكاديمي في المجتمع، والذين كانوا إما يساريين وشيوعيين، أو الذين يتألفون من نسبة كبيرة من هؤلاء الذين ذهبوا للدّراسة في المعاهد السوفياتية والروسية، والذين تخرّجوا من هناك بطرق رخيصة ومبتذلة والتي عكست مدى الفساد هناك. هذا النوع من النفوذ الروسي هو الأكثر فاعلية في الإستراتيجيّة اليومية وقصيرة الأمد، والتي تشمل التجسس وتنفيذ خطط معيّنة.
* [تحديث] واحدة من أكثر أدوات الدعاية فعالية:
— في جمهور منتشر في جميع أنحاء العالم، تعمل قنوات فضائية إخبارية ووثائقية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع باللغات الروسية والإنجليزية والعربية والإسبانية ولغات أخرى. وتنقل هذه الوسيلة الإعلامية الأخبار إلى المتابعين المستهدفين في روسيا الحالية ومنطقة القوقاز وحول العالم. ”ومع إطلاق أول قناة إخبارية دولية لها في عام 2005، أصبحت روسيا اليوم (RT) شبكة إخبارية عالمية تعمل على مدار الساعة وتضم ثماني قنوات تلفزيونية تبث الأخبار والشؤون الجارية والأفلام الوثائقية، مع منصات رقمية بست لغات ووكالة أنباء شقيقة هي رُبتلي (RUPTLY)”.
يتفق جميع المطلعين والمتابعين للشؤون المتعلقة بروسيا ومستعمراتها تقريبًا على أن دور شبكة تلفزيون ”روسيا اليوم“ هو بمثابة لسان حال دعائي يبث كل ما يتعلق بالآراء السياسية الروسية والسياسات على مدار الساعة. ولا ينبغي تجاهل استخدامها للغات متعددة أو الاستخفاف بها أو التقليل من شأنها، وذلك في غياب البوصلة الأخلاقية والإعلام المحايد المهني.
— لا يطلع على المعلومات إلا من كان قصير الذاكرة، مغيّباً أو غير مهتم بتذكر الواقع، أو وقع في فخ اضطراب فقدان الشخصية والواقعية. ربما تهدف ”روسيا اليوم“ إلى عدم تسليط الضوء على مشاكل ووجهات نظر أولئك الذين وجدوا أوطانهم بمثابة أعضاء اسميين في اتحاد لم يتم التشاور معهم بشأنه أو موافقتهم عليه.
— يحدث كل هذا المهرجان الإعلامي حول العالم، بينما تتجاهل الدولة الروسية وجهات نظر أولئك الذين وجدوا أنفسهم أعضاءً في كيان يتجاهل منح الحرية وحق تقرير المصير للشعوب والأمم التي استعمرتها روسيا منذ إيفان الرهيب وحتى الآن.
— يبدو أن السلطات أسست قناة روسيا اليوم لتتجنب أن تجد نفسها بلا رأي أو فعل فيما يحدث في أركان الدولة الروسية. ويكاد يتفق أغلب المطلعين والمتابعين للشؤون المتعلقة بروسيا ومستعمراتها على أن دور “روسيا اليوم” لا يعدو أن يكون وسيلة إعلامية موجهة إلى الانتهازيين أو الغافلين أو أولئك الذين لا يهتمون بتذكر الواقع، وبالتالي يمكن أن يجتاحهم سيل المعلومات غير المقنعة.
إفساد المؤسّسات الشركسية
بعض من أولئك الذين من المفترض أن يكونوا شراكسة أو من أصول في شمال القوقاز، قد تمّ حشدهم من قبل ضبّاط المخابرات الروسية في جميع أنحاء العالم ولا سيما في السّفارات والقنصليّات والمراكز الثقافية الروسية، وهم منظمون للأطّلاع بالمهام وتوزيع وتعميم وتنفيذ السياسات الرّوسيّة وكذلك الخطوط الإرشاديّة ضمن الجمعيّات الشركسية (Khasas)، والمعاهد والمنظمات والنوادي والمدارس والمؤسّسات الاجتماعية.
إنهم متواجدون دائما وينسّقون لتنفيذ مهامّهم في أيّة مناسبة، والتي قد تحدث في مؤسسات المجتمع المدني الشركسي.
ومهمّتهمْ الرئيسية هي اقناع الشراكسة قدر الإمكان بالتفكير والتصرف، بالطريقة الّتي تريد لها أن تكون السلطات الاستعمارية الروسية، ولتحويل أفكارهم من أجل تجنب تذكر أو ذكر أي شيء قد يعتبر حسّاسا بالنسبة للمجرمين والجناة من الغزاة الروس.
وليتم توجيه الرّأي العام الشركسي (كلما كان ذلك ممكنا) بعيدا عن قضيّتهم الجوهرية فيما يتعلق بالقضيّة الشركسية كالقضايا الّتي هي غاية في الحيوية، وهي التهجير والإبادة الجماعية وإزالة شركيسيا من على خارطة شمال القوقاز.
ولإجبار جميع المؤسسات لتجاهل أية أحداث تجري في الوطن الأم أو في أي مكان آخر من شأنها أن تعتبر أمرا إمبرياليّا روسيّا خاصّا، أو شأنا داخليّا حيث أنّه في النتيجة، لن يكون الرّوس مسؤولون عن كل ما يقولونه أو يفعلونه.
* [تحديث] إبعاد ومنع دخول الشركس القادمين من تركيا عبر مطارات شمال القوقاز:
— يبدو أن الدروس تُعلّم بالطريقة الصعبة. وبالتالي، فإن “الحياة هي ما تصنعها. كانت دائمًا وستظل دائمًا“. ومع ذلك، يبدو أنه في بعض الأحيان لا يتم تعلم الدروس أو الاهتمام بها، عندما يبدو أن الأطراف المعنية غير مدركة أو غير واعية للواقع المعاش. تستمر المفاجآت واحدة تلو الأخرى، بغض النظر عن التداعيات والنتائج. لسوء الحظ، نجد أن KAFFED تلقت مؤخرًا صدمة أخرى من السلطات الروسية. يتم التعامل مع هذه القضية، ليس للتشفّي، ولكن فقط للاستفادة من الدروس.
— ”تم ترحيل توران أكين، المعروف بعمله الاجتماعي والاقتصادي، والذي كان عضوًا في مجلس إدارة KAFFED، اليوم (23 يوليو 2024)، في مطار ستافروبول“. لقد سارع المحامون وسلطات جمهورية أديجي والجمعية الشركسية الدولية وسفارة جمهورية تركيا في موسكو وسفارة الاتحاد الروسي في
— هذه ليست المرة الأولى، بل هي جزء من سلسلة من الأحداث المماثلة التي وقعت في الماضي ولا تزال آثارها حاضرة أمامنا وتتكرر على مر السنين.
— ياشار أصلانكايا (خاغوندوكو) – نائب رئيس فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا (KAFFED) في ذلك الوقت، تم ترحيله في عام 2017. و”قال ياشار إنه مُنع من دخول روسيا حتى عام 2020. جاء ذلك بعد اجتماع استثنائي للجمعية الشركسية العالمية الذي عقد في سبتمبر/أيلول، حيث أعلن يوري كوكوف – رئيس جمهورية قباردينو – بلكاريا عن الحاجة إلى إدخال أبجدية واحدة (موحدة) لجميع الشركس الذين يعيشون في بلدان مختلفة“.
— تم ترحيل أحد العائدين الشركس، حاجي بيرم بولات، مرتين إلى إسطنبول في عام 2011، على الرغم من أنه تمكن من الحصول على أمر من المحكمة العليا لسماع تداعيات قضيته. ”تم ترحيل حاجي بيرم بولات في 25 أغسطس/آب، الذي كان قد وصل إلى قباردينو بلكاريا من تركيا في 23 أغسطس/آب. وكان قد حصل حاجي بيرم على تصريح إقامة في قباردينو بلكاريا للفترة حتى عام 2008 بقرار من محكمة مدينة نالتشيك“.
— جيهان جانديمير، رئيس اتحاد الجمعيات القوقازية في تركيا (KAFFED)، الذي يضم 56 جمعية و يمثل تركيا في الجمعية الشركسية العالمية، مُنع من الدخول عند وصوله إلى مطار في شمال القوقاز قبل عام 2008، و ”بعد يومين تم ترحيله. وبالمثل، مُنع نائب رئيس الجمعية الشركسية الدولية، أورهان أوزمن، من الدخول عند الحدود. ومع ذلك، تم احتجاز جنكيز جول، مندوب الجمعية الشركسية الدولية ورجل الأعمال، في مطار روستوف أون دون“.
أمثلة على التّغلغل
يعتبر تقييم اختراق المجتمعات الشركسية سواء في الوطن أو في الشتات ضروريّا ليكون هناك إشارة للخطر الحقيقي والمباشر لوجود واستمراريّة الأمّة الشركسية.
في الوطن، فإنّ المجتمع الشركسي (10 ٪ من مجموع الشراكسة في العالم) مسيطر عليه من قبل سلطات الاحتلال ممثّلا في جهاز الأمن الفيدرالى الرّوسى وجميع الفروع التي تدعمها منظمات شبيهة بالمافيا وقدامى المحاربين، وتتألف من القوزاق وغيرها من جماعات الجريمة المنظّمة. بعض من الشركس سواء الانتهازيين المعروفين، أو أولئك الذين يشاركون طوعا أو قسرا في سلطات الإدارة، يقنعون أنفسهم بأنهم يفعلون شيئا إستثنائيّا لخدمة المجتمعات المحلية أو ما يسمّى عندهم بالجمهوريات، في حين أنّهم يدعمون بطريقة عمياء أية خطوة روسية لطمس شرعية الوجود الشركسي.
هناك الكثير من الجماعات الشّركسيّة الوطنيّة، ومنتديات شبابيّة ومن الأفراد الذين يتعرضون في مناسبات عديدة لسوء المعاملة على يد سلطات الاحتلال الّتي أعلنت أكثر من مرّة بأنّها لن تتخلى مطلقا عن بحثها الطويل عن الطّريقة لاستعادة الحرّياّت المدنيّة لأمتّهم وفقا لمبادئ حقوق الإنسان.
لا نقلل من حقيقة أن الصورة العامة تخفي الكثير من الفظائع الخفية والاضطرابات والفساد.
أمّا فيما يتعلّق بالشّتات الشركسي، والّذي يتوزع في أكثر من 30 بلدا في العالم، فإنّ أغلبيّة المنشآت المؤسسية في معظم تلك المواقع قد تمّ غزوها واختراقها والتحكم بها وتوجيهها بواسطة تقنيّات متعدّدة للنفوذ الروسي، ومنها التلاعب بهؤلاء ذوي الأفق الضّيّق والسّذّج ومحدودي التّفكير والنرجسيّين والإنتهازيّين.
الشّتات الشركسي في تركيا، باعتباره أكبر تجمّع سكّاني شركسي يعيش في بلد واحد من دول العالم (عدد السكان الشّركس أكثر من مجموع عدد الشركس الذين يعيشون في الوطن وباقي دول الشتات). هناك عشرات الجمعيات الشركسية والقوقازية، التي تقع في جميع أنحاء البلاد، ولكنها تنقسم إلى اتجاهين رئيسيّين، الأول منها هو ذلك الجزء الّذي له علاقات مع السلطات الروسية ووكالات المخابرات الروسية مثل ”KAFFED“ لتي ترتبط مع الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة الّتي مقرّها في نالشيك وهي المسيطر عليها من قبل روسيا، وهي الّتي كانت قد أسّست لتكون أهم الجمعيات التي من شأنها أن توحد جميع الشراكسة وأن تكون إحدى المكوّنات أو العنصر الّذي سيكون مسؤولا عن التعامل مع النتائج المترتبة عن القضيّة الشركسيّة.
التيار الثاني هو الّذي يضم الجمعيات والمؤسسات الأخرى والتي لها جدول أعمال شركسي و/أو شركسي/قوقازي وطني مستقل.
شراكسة سوريا يعانون من بلاء الطلاب الّذين كانوا يذهبون بأعداد كبيرة للدراسة في المعاهد والجامعات السوفياتية، التي كانت غالبيتهم وبتأثير من النظام الشيوعي وفرض جميع أنواع النفوذ لإقناعهم باعتناق الفكر اليساري أو المذهب الماركسي من دون النظر إلى أصلهم، مما جعلهم بعد عودتهم إلى سوريا للبقاء متعلّقين بمبادئهم التي اعتنقوها موّخرا وهي الّتي عفى عليها الزمن. لكن لسوء الحظ ومع الأسف، استمروا في تعاطفهم مع الدولة الروسية بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وأسوأ من ذلك، إنّهم سلبوا المؤسسات والجمعيات الشركسية، وحاولوا أن يقودوا جميع مناحي الحياة من أجل تحقيق أهداف سخيفة وغير مهمّة وتافهه، والتي ليس لها علاقة بالمسائل الشركسية الحقيقية، لا سيما أن نظام الحكم برمته، ونظرا للعلاقات الوثيقة والودية مع السوفيات ومع الروس فيما بعد، أعطى السفارة الروسية والهيئات التابعة لها مجالا واسعا من المناورة. وقد كرّستْ أوضاعا وظروفا للمساعدة في الحفاظ على الوضع كما هو. ونتيجة لذلك، فإنّ كافّة السّياسات الرّسميّة الرّوسية تمرّر من دون أدنى نقاش.*
- [تحديث] حال شراكسة سوريا نتيجة للحرب الاهلية في سوريا:
— منذ مارس/آذار 2011 طرأ على الساحة السورية ما لا يحمد عقباه. فقد انطلقت مظاهرات واعتصامات واحتجاجات ضد النظام السّوري، واتخذت فيما بعد منحى يتسم بالعنف والمجابهات المسلحة في أرجاء البلاد، وازداد سقف المطالب بشكل تدريجي. وقد تطوّر الوضع الى ثورة مسلحة اثرت على السّكان، وعلى كافة مناحي الحياة في المدن والأرياف. فوجد أكثر من 200 ألف من شراكسة سوريا الّذين كانوا قد أُبعدوا عن وطنهم الأصلي في شمال القوقاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في وضع لا يحسدون عليه. تعرّضوا لتداعيات خطيرة في اماكن إقامتهم، وتعرض بعضهم لمخاطر القتل والتشريد واستنزاف المقدرات في خضم عدم وضوح آفاق المستقبل المنظور. وبدى ان لا خيارات مناسبة امامهم، خاصّة فيما يتعلق بالعودة الى وطنهم الأصلي. فقد عمدت السلطات الروسية إلى وضع كافة العراقيل امام إمكانيّة العودة الى وطن الأجداد.
— استطاع بعض الذين كان بحوزتهم تاشيرات سارية المفعول في بداية الأحداث الوصول الى وطن الأجداد باعداد محدودة. كذلك بدأت عمليات نزوح العائلات الشركسية بعيدا عن الأماكن المحفوفة بالخطر بداية الى مناطق في سوريا، ثم إلى الدول المجاورة مثل الاردن ولبنان وتركيا، ومنها انتقلوا الى العالم الأرحب. فوصلت أعداد منهم الى دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها من الدول.
الشراكسة في إسرائيل، هم أكثر استقلالا من أي نفوذ أجنبي، مع سقفٍ عالٍ من حرية التعبير عن الرأي، وتأثير ضئيل من التلاعب السياسي الروسي، وعملاء روس أقل، ومع ذلك فإنهم في وضع لا يحسدون عليه، ذلك بسبب الوضع غير المستقر في ما يتعلق بقضايا الشّرق الأوسط الّتي لم تحل بعد وكذلك السّلام المتصدّع في المنطقة.
شراكسة الأردن، حيث أنّه معروف عنهم بأنّهم يتمتّعون باستقرار أوضاعهم من خلال الاحترام والتقدير لدورهم في بناء الأردن الحديث. والعلاقات بين الشراكسة في الأردن والوطن الأم قد تغيرت بصورة دراماتيكية من الحقبة السوفياتية وإلى روسيا الحاليّة. حيث أنّ الأردن كان قد اتّخذ موقفا صلبا ضد الشيوعية، إلى جانب العالم الحر، الأمر الذي جعل بدء الاتصالات من خلال القنوات الرسمية التي امتدّت في وقت لاحق لمنح الدّراسة للطلاب والّتي قُدمت من خلال الجمعية الخيرية الشركسية. ثم بدأت الاتصالات على أسس فردية للأشخاص الذين يسافرون إلى ما كان يعرف في ذلك الحين بالاتّحاد السوفياتي، وفقط إلى المناطق السّياحيّة المسموح بها. ثم تطورت إلى زيارات جماعيّة لزيارة الوطن الام من خلال المناطق السّياحيّة المسموح بها وهي المنتجعات السّياحيّة في شمال القوقاز مثل منتجع سوتشي على البحر الأسود، وحتى الوقت الّذي تشكّل فيه نظاما جديدا، لكنّه أبقى ممسكا على حرية شعوب شمال القوقاز الى جانب عدد من الشعوب الأخرى، والّذين أُبقوا تحت الحكم المباشر للحكومة المقيمة في موسكو.
الشّراكسة في الإتحاد الاوروبي، جاء معظمهم من تركيا ودول البلقان، والّذين قاموا بإنشاء جاليات شركسية لا تختلف عن غيرها من الجاليات التي انحدروا منها، لكن من المفترض مع نوع مختلف من الديمقراطية وحرّية التعبير عن الرّأي.
الشراكسة في الولايات المتحدة الأمريكية قدِموا من أصول عديدة للجاليات المختلفة مثل سوريا والأردن وتركيا، وحتى من شمال القوقاز، عندما فضّل بعض الأفراد العسكريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، أن يبقوا في الغرب. والغالبية منهم في نهاية المطاف بعد عدّة سنوات قليلة هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع مرور الوقت، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عمد العديد من الشركس للاتصال مع أقاربهم في شمال القوقاز، والبعض منهم أقام علاقات جيدة مع الوطن، لكن مع اختلاف النّوايا!
* [تحديث] على حال الشراكسة في دول الشتات الأخرى:
— طرأ تغييرات غير جوهرية على تواجد أعداد من جاليات الشتات الشركسي في دول أخرى متعددة. ظهر ذلك من خلال انتشار استعمال الانترنت وتطور وبروز دور رائد للتواصل والاتصالات وخاصة فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي. فقد برزت مجموعات جديدة على الإنترنت في اماكن متعددة مثل أستراليا وكندا ودول أخرى.
— وينبغي الذّكر بأن أحد الجوانب الهامة فيما يتعلق بجلب الشركس معا، هو أن العلاقات بين الشركس قد تميّزت بأنّها مشتركة وتربط الجاليات والعائلات والأفراد الشّركس بعضهم ببعض. وهي جعلت من الممكن في نهاية المطاف إمكانية الرّصد الدّولي من قبل أجهزة الأمن الفيدراليّة وتوجيه مصير الشركس!
تطوّر التحركات المشبوهة
إنّ محصّلة وتداعيات تفكك الاتحاد السوفياتي، وإنشاء 15 جمهوريّة مستقلة لم يكن أحد منها من شمال القوقاز، رغم أنّ أمم شمال القوقاز كانت محتلّة ومستعمرة أيضا. لكن تم الاحتفاظ بها ضمن إحدى جمهوريّات الاتحاد السوفياتي السابقة التي انبثقت في أوائل أعوام التّسعينيّات، والتي كان لها عاملان رئيسيان مباشران:
النتائج الإيجابية كانت من النّوع الّذي يهز المشاعر، وساعدت في زيادة وتعزيز التّيّار القوميّ والوطني الشّركسي الّذي لم يسبق له أن اندثر منذ وصول الشراكسة إلى أرض بعيدة عن الوطن، وعندما لم يتوقف الأجداد أبدا عن رواية قصصهم عن الحرب الوحشيّة الرّوسية ضد الشراكسة التي أسفرت عن قتل وتدمير كلّي والترحيل من الوطن.
النتائج السلبية وتتلخّص في إنشاء كيان سياسي لما سُمّي بجمهورية روسيا الاتحادية والتي هي برزت بالتالي مع اندلاع الحرب الروسية / الشّيشانيّة الأولى (في العصر الحديث). فقد أعادت تنظيم ما تبقّى من الكي جي بي الشّرّير، لتسمية المؤسسة الاستخباراتية الجديدة، إف إس بي (خدمات الأمن الفيدرالي)؛ لكن هذه ليست هي المسألة هنا! إنّ المسألة هي السياسات الجديدة التي اعتمدها جهاز الأمن الفيدرالى بحيث تختلف قليلا عن مهام الكي جي بي التي كانت ترتكز أساسا على مستويات أبعد نطاقا، خلافا لجهاز الأمن الفيدرالى والّذي بدأ في اختراق مجتمعات الشتات الشّركسي الى جانب مجتمعات أخرى في شمال القوقاز! عندما بدأت أجهزة الأمن الفيدرالي الرّوسيّة في اختراق الجمعيّة الشركسية العالميّة، أدّى ذلك الى تعيين عملاء كي جي بي سابقين لأن يعملوا على إدارة السّاحة الشركسية وهؤلاء العملاء في النهاية نفّذوا ماطلبت منهم موسكو وهو أن يتخذوا قرارا بنقل الجمعية الشركسيّة العالميّة الوليدة لمدينة نالتشيك، عاصمة جمهورية قباردينو – بلكاريا، حيث يقبع هناك عش للمخابرات الروسية. إنّ الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لكن الإختراق الروسي والمشاركة في الهيمنة وإملاء مصير الشتات الشركسي هو بنفس القدر للشراكسة في الوطن أيضا، حيث اتخذت هذه الظاهرة صورة أكثر وضوحا وأصبحت أكثر واقعية.
عملاء وجواسيس يعملون من أجل المصالح الروسية
شبكات من الأفراد والجماعات الذين يستفيدون من كونهم عبيدا لنفس الطّغاة الذين لا يزالوا يعملون ضمن نفس الإستراتيجية للقضاء على الشراكسة، ولكن الآن مع اختلاف السبل والوسائل وهي من الغرابة بمكان بأن تكون من الدولة الّتي تلاحق الأحفاد من الشعب الذي تعرض الى الإبادة الجماعية والترحيل القسري. لكن ليس للاعتذار أو لتصحيح الأخطاء الّتي اقترفت، ولكن لتقديم أساليب جديدة لتشجيعهم على الاندماج والذّوبان في المجتمعات التي يعيشون بها! كانوا دائما يدّعون بأنهم يساعدون تلك المجتمعات، ولكن ليجعلوهم ينسون الوطن الام، عبر نسيان حقهم في العودة إلى الوطن، ولإشغال الناس بأن يبقوا مشغولين بأمور سخيفة تحتوي على وعود واحتمالات فارغة من المضمون. إنّ هؤلاء العملاء الذين يعملون ضد أمّتهم الشركسية معروفون تمام المعرفة وفي كل الأماكن المذكورة آنفا وهي تركيا وسوريا والأردن والولايات المتّحدة الأميركيّة بالإضافة إلى الوطن. وإن أوغل هؤلاء العملاء والمتآمرين في تجاهل حقوق الأمّة الشّركسيّة والتّمادي في التّعامل الإجرامي مع أعداء الأمة والوطن فإنّ كشف اسمائهم سيكون ملائما، لا بل ضروريّا تقتضيها أهمّيّة تكنيس هؤلاء العملاء من السّاحة الشّركسيّة.
* [تحديث] الخاتمة:
تواجه الأمة الشركسية تحديات مستمرة من جانب الإمبريالية الروسية والتجسس. فعلى الرغم من الجهود المبذولة للتلاعب بالمجتمعات الشركسية والسيطرة عليها، فإن الحركة القومية تظل صامدة. ومن الضروري مواصلة رصد هذه التهديدات ومعالجتها للحفاظ على الهوية والحقوق الشركسية المشروعة.