إخفاق القضية: الدور المثير للجدل للجمعية الشركسية العالمية
عادل بشقوي
15 يناير/كانون الثاني 2025
دون تردد وبكل اقتناع، تتقدم الأمّة الشّركسيّة بخالص الشكر والامتنان للبرلمان الأوكراني لاتخاذه الخطوة الإنسانية الرائعة المتمثلة في الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. حيث لا تزال آثار وتداعيات هذه الفظائع قائمة حتى يومنا هذا.
في 9 يناير/كانون الثاني 2025، أقر البرلمان الأوكراني مشروع القرار رقم 11347، الذي يعترف بالإبادة الجماعية للشعب الشركسي (Cherkese) التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية. وأعرب القرار عن التضامن مع الشعب الشركسي وتكريم ذكرى ضحايا هذه الجريمة. كما اعترف بالدمار الشامل والنفي القسري والخسائر الكبيرة التي تكبدها المجتمع الشركسي ودعا إلى حق العودة وحق تقرير المصير. كما دعا القرار الدول والمنظمات الأخرى إلى الاعتراف بهذه الجرائم باعتبارها “إبادة جماعية“، وإدانة جهود الدعاية الروسية لتشويه الحقائق التاريخية. واختتم القرار بتعبير قوي: ”تدمير الإمبراطوريات هو الطريق إلى حرية الأمم“. [1]
على النقيض من ذلك، أحرجت الجمعية الشركسية العالمية (ICA) وكذلك مسؤوليها التنفيذيين أنفسهم بفشلهم في مواجهة الوعي المتزايد بقضية يبدو أنهم عازمون على سحقها — وهي قضية حاسمة للأمة التي يدّعون أنهم ينحدرون منها. بدلاً من ذلك، تولوا دور إدارة الدعاية المضادّة في أعقاب اعتراف البرلمان الأوكراني بالإبادة الجماعية الشركسية. ويبدو أن تصرفاتهم تعطي الأولوية لمصالح روسيا، وهي الدولة التي تواصل الحفاظ على عقليتها الاستعمارية وتتجاهل المطالبات المشروعة للشعب الشركسي.
إن هذا الموقف العنيد والمتغطرس، الذي يتجاهل حقوق العشرات من الشعوب والأمم، مهّد الطريق بشكل مثير للسخرية للآخرين للتدخل. لقد اعترفت دول مثل أوكرانيا، التي شهدت نضالاتها الخاصة تحت هيمنة الإمبريالية الروسية، بجرائم الإمبراطورية الروسية، والتي لا تزال عواقبها واضحة إلى الآن. إن الأمة الشركسية، النازحة والمهجّرة بين الوطن والشتات، تقف كرمز مؤثر لهذه المظالم التي لم تُحَل بعد.
وتذكير أولئك الذين يخدمون المحتلين بفشلهم الأخلاقي ليس خيارًا بل ضرورة حتمية، بدلاً من الدفاع عن المالكين الشرعيين للأرض. إن اعتراف أوكرانيا بالمآسي المستمرة التي تؤثر على الأمة الشركسية يشكل خطوة مهمة إلى الأمام. وتظل الإبادة الجماعية وتداعياتها تشكل محورًا أساسيًا للمطالبة بحقوق الشركس والعدالة.
فمن المؤسف أن قيادة الجمعية الشركسية العالمية، بما في ذلك رئيسها وثمانية من الموقعين، ترفض محاسبة الدولة الاستعمارية التي تخدمها. لقد رفضت روسيا، الدولة التي يدافعون عنها، باستمرار الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد شركيسيا. وبدلاً من ذلك، محت شركيسيا من الخريطة الإقليمية. [2]
ومن الجدير بالذكر أن الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز اعترفت بالإبادة الجماعية وعواقبها. وطالبت هذه الجمهوريات موسكو بالاعتراف بهذه الجرائم، لكن تم تجاهل توسلاتها. [3]
في هذا السياق، يجب تسليط الضوء على سياسة الدولة الروسية المتمثلة في التقليل من أهمية شعوبها الخاضعة. لقد كرست تعديلات عام 2020 على الدستور الروسي مكانة اللغة الروسية باعتبارها ”أمة مكوّنة للدولة“. وقد أدى هذا التغيير إلى إضعاف مكانة اللغات القومية، وهي الخطوة التي أيّدها رئيس الجمعية الشركسية العالميّة. [4]
إن ادعاء الجمعية الشركسية العالمية كونها جمعية شركسية تأسست في أوروبا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي هو ادعاء أجوف. في حين تم تأسيسها على ما يبدو للحفاظ على التماسك القومي عبر الشتات والوطن والمطالبة باستعادة الحقوق الشركسية، فإن الواقع يروي قصة مختلفة. وبمرور الوقت، تسللت مجموعة من المسؤولين التنفيذيين إلى قيادتها واستغلوها، مما أدى إلى تجريد المنظمة من غرضها التأسيسي. فأصبحت الجمعية الشركسية العالمية مجرد هيكل، وتقلصت إلى التعامل مع المسائل الاجتماعية والثقافية، في حين أهملت واجبها الأساسي في معالجة تداعيات الاحتلال والإبادة الجماعية والتهجير. وعزز انتقالها إلى نالتشيك دورها ككيان تحت السيطرة الروسية.
فالحقوق المشروعة للأمة الشركسية المنكوبة يتجاهلها أولئك الذين يتبنون مواقف علنية رغم أنهم مصابون بالعمى الأخلاقي والافتقار إلى الإقناع الحقيقي. لقد فشلت قيادة الجمعية الشركسية العالمية في التحالف مع الأمم الصادقة والشجاعة التي تدافع عن الحقيقة والعدالة. إن هذه الأمم تحدد بجرأة مرتكبي الفظائع التاريخية — في هذه الحالة، روسيا، خليفة جرائم أسلافها الإمبرياليّين.
”هل يغير النمر رقطه؟“. هذا المثل الخالد يخدم كتذكير مناسب بسياسات روسيا الثابتة في الإنكار والقمع.
*****************
المراجع:
[2] https://t.me/duneipsoadyge/1693
[3] https://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251673262
[4] https://cris.mruni.eu/server/api/core/bitstreams/98b383ec-6b47-4916-a416-db818cca1330/content