كَيْ لا نَنْسى: تكريم ذكرى الأوفياء
عادل بشقوي
15 مايو/أيار 2025
الجهود الطيبة لا تذهب سدَى، رغم الصعوبات والتحديات الكثيرة. لا بد لنا من إحياء ذكرى الوطنيين الأوفياء، الأطهار، الشرفاء، الذين لم تنحرف بوصلتهم الهادفة، وظلت شخصياتهم ثابتة. فقد تمسّكوا بمبادئهم النبيلة — أهدافهم التي تُعبّر عن المعنى الحقيقي للحياة — مهما واجه المدافعون عن حقوق وطنهم من عقبات.
وعرفانًا بجميلهم وتقديرًا لتفاني المخلصين لأمتهم ووطنهم، من المهم تسليط الضوء على حدثٍ هام وقع في شهر مايو/أيّار 2014. كان هذا الحدث واحدًا من جهودٍ عديدة بذلها النشطاء الشركس عقب اعتراف جورجيا بالإبادة الجماعية الشركسية في مايو/أيار من عام 2011. وقد مثّل هذا الحدث امتدادًا للجهود — من الجنوب الشرقي إلى جارٍ شركسي آخر في الشمال الغربي، ألا وهو أوكرانيا — للحث على الاعتراف بالإبادة الجماعية الشّركسية.
طلبات إلى أوكرانيا
في أعقاب ثورة ميدان، المعروفة أيضًا بثورة الكرامة، وما تلاها في فبراير/شباط من عام 2014 — بعد فترة وجيزة من دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في عام 2014 — قدّم المرحوم أصلان شازو (Aslan Shazzo) ورفاقه النشطاء مساهمة بارزة. فقد أظهروا حسًا عميقًا بالواجب في تحدّي سلطات الاحتلال.
كما ورد:
”في 20 مايو/أيار، خاطب قادة شعبيون من شمال القوقاز وإسرائيل ألكسندر تورتشينوف (Alexander Turchinov)، القائم بأعمال رئيس أوكرانيا ورئيس المجلس الأعلى الأوكراني، ملتمسين إياه بالاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس“. [1] (Source)
وقد نُشِر أيضا ما يلي:
”استُدعي النشطاء الشركس أصلان شازو، وعدنان خواده، وإيفجيني تاشو، وإلياس سوبسوكوف، المقيمون في جمهورية أديغيا، إلى مركز مكافحة التطرف (المعروف باسم المركز ”E“) التابع لوزارة الداخلية في الجمهورية. وكان أصلان شازو، رئيس تحرير وكالة ”نات برس“ لتحليل المعلومات، أحد واضعي النداء، الذي بادر بجمع التوقيعات. وكان السؤال الرئيسي الذي طرحه المسؤولون: ”ألا تعتقدون أن النداء يضر بأمن روسيا؟“ — في محاولة واضحة للضغط على النشطاء الشركس المعنيين“. [2] (Source)
ومن بين من تم تخليد ذكراهم الراحل أصلان شازو — أحد أبرز الصحفيين والكتاب والشعراء والباحثين والناشطين الشركس. فقد نشر بلا كلل ولا ملل معلومات عن الشركس والقضية الشركسية الأوسع. عمل سابقًا باحثًا في معهد البحوث الإنسانية بجمهورية أديغيا. عرفه الناشطون في الوطن الشركسي والشتات من خلال كتاباته وموقع ناتبرس (NatPress) الإلكتروني، الذي سلك نهجًا مبدئيًا ومنصفًا. ورغم الظلم والقمع والاضطهاد، تركت إرادته الصلبة أثرًا إيجابيًا وثابتًا.
انخرط الراحل شازو، بقلمه الذي لا يساير فيه أحد، في جهود استعادة الحقوق الشركسية المشروعة. شارك بنشاط في الاحتجاجات والفعاليات التي دافعت عن حق الشركس — وخاصةً بشأن عودة الشركس من سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011 — وذلك للعودة إلى وطنهم الأم. ويبقى الناشطون الشركس متّحدين في إيمانهم بأن النجاح يكمن في هدف مشترك: مقاومة قوة استعمارية غاشمة، عازمة على محو حقهم في الحرية وتقرير المصير والاستقلال.
الجار الأوكراني الطيب
على الرغم من أن موقع نات برس كان بمثابة شجرة راسخة الجذور، إلا أنه استُهدف مرات عديدة من قِبل القراصنة في محاولات لعرقلة تدفق المعلومات. ومع ذلك، آمن أصلان شازو إيمانًا راسخًا بأنه على الرغم من تطور الأساليب، إلا أن المبادئ والأهداف يجب أن تبقى ثابتة.
في أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، تكثفت الأساليب الاستبدادية — تم تشديد السيطرة والرقابة والقمع. بعد ذلك بوقت قصير، حجبت السلطات الروسية آلاف المواقع الإلكترونية التي تنتقد الحرب في أوكرانيا.
وفقًا لمنظمة فريدوم هاوس (Freedom House):
”استمرت حرية الإنترنت في روسيا في التدهور… حيث طبقت الحكومة قوانين أكثر تقييدًا للسيطرة على الفضاء المعلوماتي والقضاء على انتقادات الغزو العسكري الشامل لأوكرانيا. كما طبقت السلطات إجراءات في شهر مارس/آذار 2022 حظرت ”تشويه سمعة“ الجيش أو ”نشر معلومات كاذبة عنه عن عمد“، مما أدى إلى سجن الأفراد الذين انتقدوا الغزو على الإنترنت“. [3] (Source)
ثم، في خطوة تاريخية بالغة الأهمية، في 9 يناير/كانون الثاني 2025، رحّب العالم الشركسي باعتراف البرلمان الأوكراني بالإبادة الجماعية الشركسية بتقدير واحترام عميقين:
”اعترف البرلمان الأوكراني بالإبادة الجماعية للشعب الشركسي التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية بين عامي 1763 و 1864. ونتيجةً للتطهير العرقي والقتل الجماعي والتهجير القسري، قُتل أو طُرد أكثر من 90% من الشركس“. [4] (Source)
الخاتمة
يجب علينا دائمًا أن نُخلّد ذكرى الوطنيين الأوفياء والأطهار والشرفاء الذين لم يفقدوا بوصلتهم الأخلاقية ولم يتخلوا عن أهدافهم. ”فالنمر لا يُغيّر رقطه“. [5] (Source)
الأهداف النبيلة والهادفة حقًا تُعبّر عن جوهر الحياة ولا تتزعزع مهما كانت الشدائد. إن ما يفعله الصالحون ويقولونه هو:
”شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء“. [6] (Quran 14:24)
*******************
المراجع:
[1] https://eng.kavkaz-uzel.eu/articles/28279/
[2] https://eng.kavkaz-uzel.eu/articles/28279/
[3] https://freedomhouse.org/country/russia/freedom-net/2023
[5] https://www.phrases.org.uk/meanings/a-leopard-cannot-change-its-spots.html
[6] https://tafsirq.com/en/14-ibrahim/verse-24
