((السلطان الشركسي الظاهر برقوق))

 

((السلطان الشركسي الظاهر برقوق))

لا ينكر باحث منصف تلك الفترات البطولية الرائعة الحافلة بالانتصارات العسكرية الباهرة التي حققها السلاطين العظام في عصور أُطلق عليها ظلماً اسم عصور المماليك ، ولا يستطيع كذلك أحد أن ينكر أن عصر الفتوحات الإسلامية العظيم الذي انتهى منذ أمد بعيد ، قد استعاد بعضاً من ومضاته العسكرية التليدة على أيدي هؤلاء السلاطين الكبار بكل المقاييس ، ولا يستطيع أيضاً أن ينكر أن العالم العربي قد استعاد في أيامهم بعضاً من ومضاته الحضارية الذهبية ، وبعضاً من هيبته التي افتقدها إبّان الغزو الصليبي الاستيطاني الإحلالي ، الذي قذفت أوربا خلاله بأكثر من مليون محارب ، في أكثر من مائة حملة عسكرية كبيرة وصغيرة طيلة أكثر من قرنين من الزمان بغية تحقيق أهداف دينية وسياسية واقتصادية واستراتيجية ، كادت تؤتي ثمارها كأينع ما تكون لولا قضاء هؤلاء السلاطين العظام على هذا الواقع الأليم ، بجهادهم وجهودهم المتواصلة التي لم تعرف الكلل ولا الملل .

ولم نعرف حتى الآن أن تاريخاً ما هوجم بمثل العنف الذي هوجم به التاريخ الإسلامي بشكل عام وتاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام بشكل خاص فقد اتخذ هذا الهجوم المركّز شكل التزوير والكذب ودس الروايات المزورة إلى المصادر والمراجع التي يؤخذ منها تاريخنا .والسبب في تحامل المؤرخين والمستشرقين الأجانب ولاسيَّما الأوربيين منهم على تاريخ المماليك واضح جداً . إن المماليك هم الذين كنسوا الصليبيين من الشرق العربي ، وهم الذين حافظوا على استقلال الشرق وعلى تراثه وحضارته العربية الإسلامية وذلك بصدهم كل الحملات الصليبية ومعاقبتهم كل من تعاون من أهل البلاد مع الصليبيين ، بالإضافة لصدهم هجمات المغول والتتار المتتالية .

والخلاصة أن المماليك قاموا بتطهير البلاد العربية من الصليبيين ومن أعوانهم وعملائهم في المنطقة .

إذاً : أليس من الطبيعي أن يقوم المؤرخون الأوربيون الذين هم أحفاد هؤلاء الصليبيين الذين منعوا من تحقيق أحلامهم وطردوا من الشرق الإسلامي على يد المماليك بالتحامل عليهم والتجني على آثارهم التاريخية و منجزاتهم الحضارية ؟ والجواب طبعاً نعم ، والعكس هو أمر غير طبيعي ولاسيما أن الأوربيين عندما قاموا بكتابة التاريخ الإسلامي ، فإنهم فعلوا ذلك لتسخير التاريخ لغاياتهم السياسية وليس من أجل الوصول إلى الحقائق التاريخية وما زالت المنظمات التبشيرية المتطرفة والتي تعود في جذورها إلى الحروب الصليبية تستمر حتى الآن في مهاجمة الشراكسة في مواقعها المختلفة على صفحات الإنترنيت وتُظهر مدى خطر الشراكسة عليهم بالرغم من تشتت الشراكسة في أكثر من أربعين بلداً بعد الإحتلال الصليبي الروسي لبلادهم في عام 1864م .

ومن المعلوم أن العالم العربي تخلص من بعض الصليبيات بفضل السلطان صلاح الدين الأيوبي وبعض قادته من الشراكسة الذين أحرزوا الانتصارات التي بهرت العالم آنذاك ، فإذا علمنا أن رئيس الفرقة الأسدية في الدولة الأيوبية هو أياز كوج القفقاسي ، كما أن رئيس الفرقة الصلاحية فخر الدين أياز الجركسي القفقاسي أيضاً ، علمنا مقدار إسهام الشراكسة في المشرق العربي في تلك المرحلة التاريخية وخاصة بعد علمنا بأن عدد الشراكسة والأتراك هو اثني عشر ألفاً في جيش صلاح الدين الأيوبي (1) وكانوا من المماليك السلطانية : وهم أعظم الأجناد شأناً ومنزلةً عند السلطان صلاح الدين وأوفرهم إقطاعاً واغلب هؤلاء من الترك والكرد والشركس(2) .

وما كاد العالم العربي يلتقط أنفاسه ،حتى دُهم من الشرق بالمغوليات أسوأ الموجات العسكرية البربرية الملحدة التي شهدها تاريخ العصور الوسطى التي اجتاحت العالم العربي الممزق ، وكان الدمار كل الدمار يمشي في ركاب هذه المغوليات التي كانت تطمح إلى تدمير أوربا ذاتها لولا قُطز وبيبرس (الشركسي)في عين جالوت ، إحدى أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الوسيط التي وقف عندها هذا الطوفان المغولي المدمر لأول مرة ، فحفظت على الإسلام أرضه ومعتقده وتراثه وحضارته ، واستعادت بلاد الشام ، وحمت مصر من الدمار المحقق الذي لحق ببغداد والشام وقضت على آمال المغول في أوربا ، واستعادت للعالم العربي شيئاً من مكانته العالمية ، وتحققت في إثرها عظمة دولة (المماليك)، وخاصة بعد معركة حمص ومعركة شقحب حيث غير المماليك البرجية (الشركسية) مجرى المعركة التي بدأت بخسارة كبيرة  لأحد مجنبات الجيش الإسلامي وكادت أن تنتهي بالهزيمة الكاملة لولا أن صَدَم القائد الشركسي بيبرس الجاشنكيري (الذي أصبح فيما بعد سلطاناُ) بالمجاهدين الشراكسة إلى أن هُزم عسكر المغول والصليبيين الأرمن والكرج وفُلَّت عزيمتهم  (3)،إلا أنَّ الحملات القادمة من أواسط آسيا بدأت من جديد في عهد تيمورلنك الذي حارب على جبهات مختلفة في خوارزم وبلاد الجتا ، وإيران ،والعراقَين ، وجورجيا وبلاد القبجاق والشركس وبلاد الشام ، وبلاد السلطنة العثمانية ، والهند ….إلخ . وعندما نكتب عن أعمال تيمورلنك لا بد من ذكر السلطان الشركسي برقوق الذي اقترن اسمه بقيام الدولة البرجية الشركسية .

_______________________________________________

(1) : من كتاب المماليك في مصر : أنور زقلمة _القاهرة .

(2) : من كتاب فلسطين أرض الحضارات للدكتور شوقي شعث _ص47 .

(3) : معارك المغول الكبرى في بلاد الشام لأكرم العلبي ص138 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

السلطان الشركسي الملك الظاهر برقوق ( 784 _ 801 هـ الموافق 1382 _ 1398م ) .

واسمه الكامل هو : برقوق بن أنس بن عبد الله الشركسي ، وقد سمي برقوق لنتوء في عينيه .

يصفه صاحب (شذرات الذهب) بأنه : ((كان أعظم ملوك الشراكسة بلا مدافع ، بل المتعصب يقول أنه أعظم ملوك الترك قاطبة )) . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المؤرخين القدماء كانوا في كثير من الأحيان لا يميزون بين الشركس والترك ، قال المقريزي مترجماً الظاهر برقوق مُنشئ الدولة البرجية الشركسية : (( يُجل أهل الخير ومن ينسب إلى الصلاح ، وكان يقوم للفقهاء والصلحاء إذا دخل أحد منهم عليه _ ولم يكن يُعهد ذلك من ملوك مصر (1) قبله _ وتنكر للفقهاء في سلطنته الثانية من أجل أنهم أفتوا بقتله ، فلم يترك إكرامهم قط _ مع شدة حنقه عليهم ، وكان كثير الصدقات (2))) .

يمكن القول أن السلطان برقوق قد تمكن من تثبيت دعائم دولة البرجيين الشراكسة بعد قضائه على العصبية التركية ، وحدَّ من نفوذ العربان وواجه كل هذه الحروب والفتن بشجاعة وقوة . على أن هذه الفتن والحروب لم تشغل السلطان برقوق في إصلاحاته الداخلية الكثيرة التي صار لها أكبر الأثر في تدعيم كيان دولته الشركسية في مصر وبلاد الشام والحجاز وغيرها إلى عام 1517م وما بعدها ، ومن هذه الإصلاحات إبطاله الكثير من المكوس التي كانت عبئاً كبيراً  على الناس (3) وأقام جسراً على النيل بين جزيرة أروى ( الزمالك ) وجزيرة الروضة من طرفها البحري ، هذا الجسر الذي عجز عن إقامته كثير من السلاطين السابقين وعهد السلطان برقوق لإقامة هذا الجسر إلى الأمير (جاركس) الخليل أحد قواده المخلصين ، وأنشأ أيضاً جسراً على ضفة نهر الأردن بالغور بطول مائة وعشرون ذراعاً بعرض عشرين ذراعاً ، وأصلح خزائن السلاح بثغر الإسكندرية وسور مدينة دمنهور ليقيها من هجمات البدو ، وعمر الجبال الشرقية بالفيوم بالناس ليقيها من هجمات البدو ، عمّر زاوية البرزخ بدمياط (4) ، أنشأ قناة العروب بالقدس ، بنى بركة بطريق الحجاز إلى الحج ، جدد القناة التي تحمل ماء النيل إلى قلعة الجبل وأصلح الميدان تحت القلعة وزرعها . بنى صهريجاً للماء . وأنشأ مكتباً يقرأ فيه أيتام المسلمين القرآن الكريم بقلعة الجبل وجعل عليها وقفاً . أقام طاحونة بالقلعة سبيلاً تجاه باب بيت الضيافة وأمام القلعة (5) ، واهتم السلطان بالعلم إذ افتتح مدرسته التي بناها بين القصرين أثناء سلطنته الأولى ، واستقدم لها عدداً من العلماء من كثير من أنحاء العالم العربي (6)ورتب لها صوفية بعد العصر كل يوم وجعل بها سبعة دروس قام بتدريسها علماء المذاهب الأربعة ،ودرساً للتفسير ودرساً للحديث ، وآخر للقراءات وأجرى على جميع مدرسيها وطلابها في كل يوم الخبز واللحم ، ورتب لهم مخصصات شهرية من الحلوى والزيت والصابون والدراهم ،

___________________________________________________________

(1) : لاحظ أن المؤرخين معاصري السلاطين كانوا يطلقون عليهم اسم الملوك وليس مماليك ؟!

(2) : المقريزي : السلوك _ج 3 ص 944 .

(3) : ابن تغري بردي :النجوم الزاهرة_ ج12 ص 113_114 . (4): نفس المصدر السابق ص115 .

(5) : Ziaden : urbon life  _ p.8   0

(6) : راجع السيوطي : حسن المحاضرة _ ج2 ص235_236

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ووقف على ذلك الأوقاف الجليلة من الأراضي والدور ونحوها (1) .

وصفه ( العيني ) بأنه (( كان حسن القامة ، عريض الكتفين ، فصيح اللسان ، ذكي الفهم ، عالماً بألوان الفروسية ، ذا أدب وحشمة ووقار ومعرفة وتدبيرٍ حسن ، وكان على درجة كبيرة من العقل والرزانة والصبر والتحمل …))  . لم يشتهر بشرب الخمر وامتدحه الخطيب بأنه ((كان كثير الإحسان للمحتاجين محباً لأهل العلم ، والخلاصة أن السلطان برقوق لم يشتغل باللهو والطرب كما فعل السلاطين الأواخر في دولة المماليك الأولى )) .

حاول السلطان برقوق ترسيخ مبدأ وراثة العرش الذي عرف في بيت قلاوون ولكن هذا المبدأ لم يعترف به الأمراء الشراكسة فيما بعد وفاته . ورغم ذلك خلفه ابنه في 20 يونيه سنة1399 م ولقب بالناصر واستمر في حكمه حتى يناير سنة 1412م (2) نُصب خلالها لمدة تسعة وستين يوماً أخوه عبد العزيز .كان الشراكسة شديدي الغيرة على طبقتهم يبتغون أن يحتفظوا بها نقية صافية ، فعهدوا في تعزيز طبقتهم هذه بالعناصر الجديدة إلى عمال مخصوصين لإحضار الشراكسة من بلادهم الأصلية (3) ومعنى هذا أن دولة (المماليك) الثانية اصطبغت بصبغة جديدة هي الصبغة الشركسية ، وهي التي أصبحت أهم الصفات التي ميزت دولتهم البرجية الشركسية عن دولة المماليك الأولى التي سُميت بالبحرية ، والتي كان فيها عدة سلاطين شراكسة أيضاً وقد كان في الدولة البحرية للشراكسة باع كبير حيث ظهر فيهم قادة عسكريين كبار أمثال (قراسنقر وأقوش الأفرم وزردكاش والأمير غرلو وجركس الخليلي ومنجك اليوسفي وأيتمش البجّاسي وقرا دمرداش والأمير إينال اليوسفي الجركسي وقردم الحسني والأمير سيف الدين كرجى والأمير طقجي وغيرهم كثير )  سوى السلاطين الشراكسة المعروفين ، وبلغ عدد الشراكسة في زمن قلاوون خمسة آلاف وسبع مئة .وفي الدولة الثانية كان السلطان برقوق هو البادئ بهذا الاتجاه ، ذلك أنه منذ أن جلب والده وأقاربه سنة 782هجري الموافق 1380م ، وهو يوالي جلب الشراكسة من بلادهم وتشجيع الناس على جلبهم . وعلى حين بلغ عدد الشراكسة في بداية سلطنة برقوق نحو ألفين ، ارتفع هذا العدد في نهاية حكمه إلى خمسة آلاف شركسي (4) من بين عدد مماليكه الذين قدرهم العيني بنحو عشرة آلاف مملوك(5) وأصبح الشراكسة الطبقة الأرستقراطية بين باقي العناصر ورأس النظام الإقطاعي ، وشغلوا الوظائف الكبرى حتى صار أكثر الأمراء والجند من الشراكسة وهؤلاء بدورهم شجعوا الهجرة من بلادهم الأصلية إلى السلطنة الشركسية .

على أن تعصب السلطان برقوق لكل ما هو شركسي وما نتج عن هذا التعصب من آثار بعيدة وقريبة ، تعرَّض لنقد شديد من بعض المؤرخين المعاصرين الذين تشدَّقوا ظلماً بمدح أيام دولة المماليك الأولى (رغم أن الأمراء الشراكسة في هذه الفترة أيضاً كانوا المبرزين في حروبهم ضد أعداء الإسلام ) .

____________________________________________________________

(1) : ابن تغري بردى :النجوم الزاهرة_ ج12.ص113 .

(2) : العسقلاني : الجزء (1) ص690 ( من أنباء الغمر ) .

(3) : Brockeimann,c : Hist of Islamic peoples : p-236

(4) : ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة _ ج12 . ص 107 . (5) : العيني : عقد الجمان ج25 ورقة 63 .0

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر موقعة شقحب التي تآلف فيها المغول والصليبيين ستين ألفاً من المغول وثلاثين ألف من الصليبيين حيث غزوا بلاد الشام سنة 702 هجري الواقع 20 نيسان إبريل سنة 1303م واشتبكوا مع الجيش المملوكي في شقحب قُرب الكسوة جنوب دمشق حيث هاجموا ميمنة الجيش الإسلامي وثبتت لهم ، وقاتلت قتالاً شديداً ، وقُتل قائدها الحسام  (لاجين ) ، وقتل معه نحو ألف فارس ، فأدركهم الأمراء من القلب والميسرة وصاح القائد سلار وكان من حزب الشراكسة (( هلك والله أهل الإسلام  )) وصرخ في الأمير بيبرس الجاشنكيري والمماليك البرجية وكانوا من جماعته (الشراكسة) فأتوه وصدم بهم المغول ( وسلَّموا أنفسهم إلى الموت ، فلّما رأى باقي الأمراء منهم ذلك ألقوا بأنفسهم إلى الموت واقتحموا القتال ) (1) وأبلوا في ذلك اليوم بلاءً حسناً ، إلى أن كُشف عسكر المغول وفُلّت عزيمتهم …إلخ . وانتصر المسلمون انتصاراً ساحقاً وكان الأرمن والكرج قد قاتلوا بضراوة في صفوف المغول إلا أن معظمهم لقي مصرعه ولم ينجُ من ال30 ألف منهم إلا خمسمائة أما المغول والبالغ عددهم 60 ألف فإن كل عشرة منهم عادوا ( واحداً ) ، ويقول الكاتب أكرم العلبي ((ولو قُدِّر لغازان أن ينتصر في شقحب لتغيرت خارطة الشرق العربي الإسلامي ، ولعاد الصليبيون إلى دويلاتهم تمهيداً للخطوة التالية لهم وهي طرد العرب نهائياً من الشام ومصر ، إلى الجزيرة العربية ، كما كان يجري آنذاك في الأندلس ، لهذه الأسباب تُعدّ معركة شقحب فتح الفتوح بالنسبة للشام ومصر ، لأن الظروف كلها كانت تنذر بالهزيمة ، ولكن الله سلَّم ، كما كانت آخر معركة رسمية بين المسلمين والتحالف المغولي الصليبي حتى نهاية عهد المماليك الشراكسة )) (2) .وإذا عدنا إلى عهد السلطان برقوق نرى أن الأخطار التي هددت البلاد من النوبة والحبشة مما اضطره إلى استحداث ولاية أسوان ، ونظراً للأخطار الخارجية التي أحدقت بالسلطنة المملوكية الشركسية في بدايتها جعل السلطان برقوق نواب الثغور والبلاد الواقعة على الحدود من مقدمي الأُلوف بعد أن كانوا في الدولة الأولى في رتبة أقل .ومن هذه النيابات :

1_ نيابة عينتاب ( في تركيا حالياً ).2_ درنده . 3_ شيزر . 4_ الابلستين . 5_ إياس . 6_ طرسوس والبيره(3) . نلاحظ اقتران قيام دولة البرجية على يد السلطان برقوق مع ظهور نفوذ هذه الدولة بين الدول التي تاخمت حدودها الشرقية ، فأخذت هذه الدول تخطب ود السلطان برقوق رغبة في التمتع بحمايته وطلب معونته لاسيما حين بدأ التتار يكتسحون وسط آسيا وغربيها . ولم يتأخر السلطان برقوق في أن يجعل من دولته الشركسية حصناً وملاذاً لجيرانه ، حتى أن أصحاب سنجار وقيصرية وتكريت حين كتبوا سنة 885 هجري _ 1383م إلى السلطان برقوق برغبتهم في إعلان تبعيتهم له وخطبوا خطبة الجمعة باسم السلطان برقوق ، سارع إلى إعلان موافقته على مطالبهم وكتب لكل منهم تقليداً بنيابة السلطنة في بلده (4) أي أن برقوق وسّع في ملكه منذ البداية ، ووحد الأرض العربية كذلك ، والواقع أن خطر التتار في الشرق الأوسط وضَحَ في هذه السنة حيث ظهر تيمورلنك التتاري الذي استولى على بلاد ما وراء النهر وجعل سمرقند عاصمة له ،

___________________________________________________________

(1) ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ج8 _ص160_161 .

(2) : من كتاب معارك المغول الكبرى في بلاد الشام لأكرم العلبي ص 131 _140

(3) : القلقشندي : صبح الأعشى ج4 . ص 226 _ 238 . (4) : راجع العسقلاني : أنباء الغمر ج1 . ص 43 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وما لبث أن احتل خراسان وهرات وطبرستان وجرجان ثم زحف إلى مدينة تبريز واستولى عليها سنة 788هجري _1386م وطرد حاكمها قرا محمد التركماني . ومن هناك أرسل تيمورلنك إلى مجد الدين عيسى حاكم ماردين يستدعيه ، غير أن حاكم ماردين الذي احتمى بالسلطنة الشركسية وأرسل إلى تيمورلنك يعتذر عن الحضور قبل أخذ رأي السلطان برقوق(1) ولم يكن أمام هذه الدول سوى أن تستجير بالسلطان برقوق بدليل أن تيمورلنك حين ترك تبريز أواخر سنة 790 هجري _1388م أسرع قرا محمد التركماني واستعاد بلاده ، ثم أرسل إلى السلطان برقوق يخبره بعودته إلى عرشه ، وأنه ضرب في تبريز السكة (العملة) باسم السلطان برقوق ، ودعا له فيها على منابره ،وسأله أن يكون نائباً بها عنه(2) ، وعندما استعدَّ مجد الدين عيسى صاحب ماردين ليبعث برسله إلى برقوق ينبئه بما جرى بينه وبين تيمورلنك ، عاد تيمورلنك سنة 795هجري _1393م فجأة وهاجم بغداد ، فازداد خوف مجد الدين عيسى ، وأسرع في إرسال الرسل إلى السلطان برقوق طلباً لعونه السريع(3) وبيّن مجد الدين عيسى في رسالة إلى السلطان برقوق كيف أن تيمورلنك خدع السلطان أحمد بن أويس الجلايري حاكم بغداد(4) بعد أن اكتسح بلاد فارس وقتل حاكمها شاه منصور في مايو سنة 1393م ، ثم بعث برأسه إلى بغداد ، كما بعث بالخلع والسكة إلى أحمد بن أويس وطمأنه بأنه لن يغير على بلاده ، وأنه لا يطلب سوى ضرب السكة (العملة) في بغداد باسمه . فلبس أحمد بن أويس الخلعة وطاف بها شوارع بغداد ونفَّذ مطالب تيمورلنك ، ولم يشعر أحمد بن أويس إلا وتيمورلنك يقترب من بغداد ومن غربيِّها وهي الناحية التي لم يكن يُنتظر أن يقوم تيمورلنك بهجومه منها ، فأسرع السلطان أحمد بن أويس بقطع الجسر عن هذه الناحية ورحل من بغداد بأمواله وأولاده وقت السَحَر فتقدم تيمورلنك بجحافله لحصار بغداد سنة 1393م ودام الحصار شهرين ، قُتل في أثنائها أكثر سكانها وخُرب أسوارها وجوامعها وأسواقها (5) ومن بغداد أرسل تيمورلنك ابنه ميران شاه في إثر ابن أويس فأدركه بالحلّة ونهب ماله وسبى بعض حريمه وأسر وقتل كثيراً من أصحابه .وتمكن أحمد بن أويس من النجاة بنفسه في نحو ثلاثمائة فارس وهم شبه عراة ، واتجه غرباً لائذاً بالسلطان الشركسي برقوق(6) وسقطت بغداد بيد تيمورلنك(7) .

___________________________________________________________

(1) : ابن التغري بردي : النجوم الزاهرة ج12- ص 43 .

(2) : المقريزي : السلوك ج3-ص 495 .

(3) : الخطيب : نزهة النفوس والأبدان _ورقة 41 .

(4) : السيف المهند للعيني ص18_19 .

(5) : البغدادي : عيون أخبار الأعيان _ ورقة 487_488 .

(6) : ابن تغري بردي : المنهل الصافي ج1_ص223 .

( كان إيواء الأمير أحمد من الأسرة الجلائرية الذي يعد من ألد خصوم تيمورلنك في بلاط السلطان برقوق كان قد عُدَّ جسارة كبيرة آنذاك )

(7) : ابن خلدون :العِبر _ج5 _ ص1173_1174 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ويبدو أن السلطان برقوق عمل على تأمين الحدود الشرقية لبلاده بإرساله العسكر إليها منذ سنة 789هجري _1387م حين سمع بتحركات التتار على هذه الأطراف الشرقية(1) كما أن السلطان برقوق عرف أن تيمورلنك يعمل ألف حساب له ، فضلاً عن أن تيمورلنك لم يكن قد نظم أحوال بلاده الداخلية .

على أن السلطان برقوق سرعان ما تقدم لحماية أحمد بن أويس ومعاونته حين أرسل إليه ابن أويس من حلب يطلب عونه على إعادة ملكه والانتقام من عدوه ، فكتب السلطان برقوق إلى نعير أمير آل فضل بإكرامه والقيام له بما يليق به . ثم جمع برقوق مجلساً من كبار الأمراء لبحث أمر ابن أويس فقرروا استقباله في القاهرة وأنفق السلطان برقوق على سفر ابن أويس نحو ثلاثمائة ألف درهم فضة وألف دينار واستقبله استقبالاً رائعاً ليتردد صدى هذا الاستقبال في بغداد إذ خرج الأمراء للقائه في 21 من ربيع الأول سنة 1394م ، فأسرع ابن أويس نحوه حتى التقيا ولم يقبل السلطان برقوق أن يُقبِّل ابن أويس يده بل عانقه ، وأغدق عليه النعم وتزوج برقوق من ابنة أخيه(2)أما تيمورلنك فقد أرسل من بغداد سنة 1393م إلى القاضي أبي العباس أحمد صاحب قيصرية وتوقات وسيواس ، رسالة سبَّه فيها وهدده ((بقوته التي لا تقاوم )) وبشَّره (( بالمستقبل المظلم )) إن لم يعلن طاعته له ، غير أن أبا العباس أحمد الذي تحالف مع السلطان برقوق منذ 785هجري قطع رؤوس كبار رسل تيمورلنك وعلقها في أعناق باقي الرسل ، ثم أرسل نصف الرسل إلى السلطان برقوق والباقيين إلى السلطان العثماني بايزيد مع كتابين تعجل فيهما مساعدة كل منهما ، وردّ كل منهما على رسالته باستعداده لتقديم كل عون لصاحب قيصرية لمقاومة تيمورلنك(3) .

قتل برقوق رسل تيمورلنك إليه(4) وأعلن عداءه الصريح له ، وكان على حق في سلكه مع هذا الداهية الذي لم يكن يؤمن جانبه مطلقاً . ووضح أن ثمة تعاوناً فعلياً بدأ في سنة 795هجري بين السلطنة الشركسية وجيرانها من الدول الإسلامية في الشرق الأوسط من أجل صد خطر التتار الذي هددهم جميعاً .

استولى تيمورلنك في مارس آذار 1393م على ماردين بعد حصار قاس ، ثم اكتسح أرمينيا الكبرى ، ثم عرَّج على بلاد قرايوسف التركماني واكتسح بعدها بلاد الشركس في شمال شرق البحر الأسود ولم تقف السلطنة البرجية (الشركسية ) مكتوفة الأيدي إزاء تحركات تيمورلنك ، بل اصطدمت جيوش نائب حلب وملاطية بطلائع جيوش تيمورلنك عند الرها . وتمكن جيشا النائبين من هزيمتها وأسر عدد كبير من اللنكية على حين هرب باقي التتار(5) .

 

___________________________________________________________

(1) : ابن قاضي شهبة : ذيل تاريخ الإسلام مجلد 2 _ ورقة 24 .

(2) : أنور زقلمه : ص62 من كتاب المماليك في مصر .

(3) : Ibn Arab Shah : Tamerlane  pp 89_91_

(4) : ميرخواند : كتاب روضة الصفا :ج6 _ص 209 .

(5) : ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ج12_ص 48_49 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( كان تيمورلنك يقول : إن جيوش المماليك خير جنود ذلك العصر )(1) . وحين وصلت هذه الأخبار إلى القاهرة أسرع السلطان برقوق بإعداد جيش ضخم لمحاربة تيمورلنك ، كما قرر التوجه بنفسه على رأس هذا الجيش ، وعلى حين كانت الإستعدادات للتعبئة على قدم وساق وَرَدَ على السلطان برقوق كتاب آخر من تيمورلنك هذا نصه :    (( قل اللهم مالك الملك ))_ فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون(2) .

اعلموا أنَّا جند الله مخلوقون من سخطه ، ومسلطون على من حلَّ عليه غضبه ، لا نرق لشاكي ، ولا نرحم لباكي ، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا فالويل لمن لم يكن من حزبنا ومن جهتنا . قد خربنا البلاد وأيتمنا الأولاد ، وأظهرنا في الأرض الفساد ، وذلت لنا أعزتها ، وملكنا بالشوكة أزمتها ، فإن خُيُّل ذلك على السامع وأشكل وقال إن فيه عليه مشكل فقل له : (( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ))(3) وذلك بكثرة وشدة بأسنا ، فخيلونا سوابق ورماحنا خوارق وأسنتنا بوارق وسيوفنا صواعق ، وقلوبنا كالجبال _ وجيوشنا كعدد الرمال ، ونحن أبطال وأقيال ،وملكنا لايرام ، وجارنا لا يضام _ وعزنا أبداً لسؤددٍ منقام ، فمن سالمنا سلم ، ومن رام حربنا ندم ، ومن تكلم فينا بما لا يعلم جُهل ، وأنتم فإن أطعتم أمرنا وقبلتم شرطنا فلكم مالنا وعليكم ما علينا ، وإن خالفتم وعلى بغيكم تماديتم ، فلا تلوموا(4) إلا أنفسكم ، فالحصون منا مع تشديدها لا تمنع ، والمدائن بشدتها لقتالنا لا ترد ولا تنفع ، ودعائكم علينا لا يستجاب فينا ولا يسمع ، فكيف يسمع الله دعائكم ، وقد أكلتم الحرام ، وظلمتم جميع الأنام ، وأخذتم أموال الأيتام ، وقبلتم الرشوة من الحكام وأُعدَّت لكم النار وبئس المصير :

((إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً )) (5) ، فلما فعلتم ذلك أوردتم أنفسكم موارد المهالك ، وقد قتلتم العلماء وعصيتم رب الأرض والسماء ، وأرقتم دم الأشراف ، وهذا والله هو البغي والإسراف ، فأنتم بذلك في النار خالدون ، وفي غدٍ ينادى عليكم : ((فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون )) (6) ، فأبشروا بالمذلة والهوان ، يا أهل البغي والعدوان ، وقد غلب عندكم أننا كفرة ، وثبت عندنا أنكم والله الكفرة الفجرة ، وقد سلَّطنا عليكم الإله ، له أمور مقدرة وأحكام محررة، فعزيزكم عندنا ذليل وكثيركم لدينا قليل ، لأننا ملكنا الأرض شرقاً وغرباً ، وأخذنا منكم كل سفينة غصباً ،

 

____________________________________________________________

(1) : أنور زقلمة : المماليك في مصر _ ص61 .

(2) : قرآن كريم سورة الزمر : 46 .

(3) : قرآن كريم سورة النمل : 34 .

(4) : كذا في الأصل .

(5) : قرآن كريم سورة النساء : 10 .

(6) : قرآن كريم سورة الأحقاف : 20 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقد أوضحنا لكم الخطاب ، فأسرعوا برد الجواب ، قبل أن ينكشف الغطاء ، وتضرم الحرب نارها ، وتضع أوزارها  وتصير كل عين عليكم باكية ، وينادي منادي الفراق : (( فهل ترى لهم من باقية )) (1)، ويسمعكم صارخ الفناء بعد أن يهزكم هزاً ، ((هل تحسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً )) (2) وقد أنصفناكم إذ راسلناكم فلا تقتلوا المرسلين كما فعلتم بالأولين ، فتخالفوا كعادتكم سنن الماضين وتعصوا رب العالمين ، ((وما على الرسول إلا البلاغ المبين ))(3) وقد أوضحنا لكم الكلام فأرسلوا برد الجواب والسلام )) .

_جواب السلطان برقوق على هذا الكتاب وتاريخه سنة 796هجري :

(( بسم الله الرحمن الرحيم ))

قُل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتُعز من تشاء وتُذل من تشاء(4) ، حصل الوقوف على ألفاظكم الكفرية ونزعاتكم الشيطانية، وكتابكم يخبرنا عن الحضرة الجنابية وسيرة الكفرة الملائكية وأنكم مخلوقون من سخط الله ، ومسلطون على من حل عليه غضب الله وأنكم لا ترقون لشاكٍ ولا ترحمون عبرة باكٍ ، وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم فذلك أكبر عيوبكم ، وهذه من صفات الشياطين لا من صفات السلاطين ، وتكفيكم هذه الشهادة الكافية ، وبما أوقفتم به أنفسكم ناهية ، ((قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، ولا أنا عابد ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، لكم دينكم ولي دين ))(5)

ففي كل كتاب لُعنتم ، على لسان كل مرسل نعتم ، وبكل قبيحٍ وصفتم ، وعندنا خبركم من حين خرجتم ، أنكم كفرة ، ألا لعنة الله على الكافرين ، من تمسَّك بالأصول فلا يبالي بالفروع . نحن المؤمنون حقاً ، لا يدخل علينا عيب، ولا يضرنا ريب ، القرآن علينا نزل ، وهو سبحانه بنا رحيم لم يزل ، فتحققنا نزوله ، وعلمنا ببركة تأويله ، فالنار لكم خلقت ، ولجلودكم أضرمت ، (( إذا السماء انفطرت )) (6) ومن أعجب العجب تهديد الرتوت (7) بالتوت ، والسباع بالضباع ، والكماة بالكراع نحن خيولنا برقية وسهامنا عربية ، وسيوفنا يمانية ، وليوثنا مضرية ، وأكفنا شديدة المضارب ، وصفتنا مذكورة في المشارق والمغارب ، إن قتلناكم فنعم البضاعة وإن قتل منا أحد فبينه وبين الجنة ساعة

 

____________________________________________________________

(1) : قرآن كريم سورة الحاقة : 8 .

(2) : قرآن كريم سورة مريم : 98 .

(3) : قرآن كريم سورة النور : 54 .

(4) : قرآن كريم سورة آل عمران : 25 .

(5) : قرآن كريم سورة الكافرون .

(6) : قرآن كريم سورة الإنفطار : 1

(7)          : الرتوت : جمع رت وهو الرئيس والسيد (المعجم الوسيط ) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألَّا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ، يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين )) (1) . وأما قولكم : قلوبنا كالجبال ، وعددنا كالرمال ، فالقصَّاب لا يبالي بكثرة الغنم وكثير الحطب يفنيه القليل من الضرم ، (( كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين )) (2) الفرار الفرار من الرزايا ، وطول البلايا ، واعلموا أن هجوم المنية عندنا غاية الأمنية ، إن عشنا عشنا سعداء ، وإن قُتلنا قُتلنا شهداء ، (( فإن حزب الله هم الغالبون )) (3) .

أَبَعد أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين تطلبون منا طاعة ، لا سمع لكم ولا طاعة وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا قبل أن ينكشف الغطاء ، ففي نظمه تركيك ، وفي سلكه تلبيك ، لو كشف الغطاء لبان القصد بعد بيان ، أكفرٌ بعد إيمان ، أم اتخذتم إلهاً ثان ، وطلبتم من معلوم رأيكم أن نتَّبع ربكم ، (( لقد جئتم شيئاً إدّاً . تكاد السماوات يتفطَّرن منه وتنشقُّ الأرض وتخرُّ الجبال هدّاً )) (4) ، قل لكاتبك الذي وضع رسالته ووصف مقالته ، وصل كتابك كضرب رباب أو كطنين ذباب ، (( كلّا سنكتب ما يقول ونمدُّ له من العذاب مدّاً ، ونرثه ما يقول )) (5) إن شاء الله تعالى لقد خلطتم في الأمر في الذي أرسلتم ، (( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )) (6)    والسلام .

نلاحظ في هذا الرد أن السلطان برقوق يستخف أيّما استخفاف بهذا الطاغي الذي حارب وانتصر على دول كبيرة عظيمة القوى ؟! .

وتعطينا المصادر المعاصرة صورة واضحة عن مدى استعدادات السلطان برقوق لمواجهة تيمورلنك إذ تذكر أنه جنَّد كل القوى للسفر معه إلى الشام (7) ، ونظراً لأن منطاش ترك خزائن الدولة خاوية فإن السلطان اضطر لإقتراض مبالغ طائلة من تجار القاهرة لتغطية النفقات (8) . ثم قبض على ثلاثمائة من الأجناد البطالين وسجنهم بخزانة شمائل ، وأشرف لسلطان برقوق بنفسه على ترتيب الجيش الذي سار (( في أبهج زي وأفخر هيئة وأحسن ملبس ، كما كانت آلات الحرب مذهبة ومفضضة ومزركشة )) (9) .

___________________________________________________________

(1) : قرآن كريم سورة آل عمران : 169 _171 .

(2) : قرآن كريم سورة البقرة : 249 .

(3) : قرآن كريم سورة المائدة : 56 .

(4) : قرآن كريم سورة مريم : 89 _ 90 .

(5) : قرآن كريم سورة مريم : 79 _ 80 .

(6) : قرآن كريم سورة الشعراء : 227 .

(7) : المقريزي : السلوك ج3_ص724 .

(8) : العيني : عقد الجمان ج24 _ ورقة 362 _363 (لاحظ كلمة اضطر لاقتراض مبالغ طائلة من تجار القاهرة)

(9) : ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ج12_ ص54_55 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وسار السلطان في ربيع الثاني سنة 796 هجري _ ابريل سنة 1394م على رأس هذا الجيش الضخم ، وصحب معه أحمد بن أويس وأتباعه . ويبدو أن تيمورلنك وجد أن الظروف غير ملائمة للدخول في معركة مكشوفة مع السلطان برقوق لذلك ترك بغداد تحت حكم ابنه ميران شاه (1) . أما السلطان برقوق فإنه برغم علمه برحيل تيمورلنك فإنه استمر يتقدم بالجيش حتى وصل إلى دمشق في 20 جمادى الأولى سنة 796هجري _ مايو 1394م ، ومن هناك أرسل عسكره إلى الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لمواجهة أي هجوم مفاجئ قد يقوم به تيمورلنك (2) وفي دمشق لمس السلطان برقوق موقف الدول المجاورة مرة أخرى ، إذ أنًّ رسل طقتمش ، الذي تقهقر أمام تيمورلنك إلى حدود بلاده ، قدموا يعرضون معاونة طقتمش للسلطان ورغبتهم في عقد معاهدة دفاعية مع السلطان ضد تيمورلنك (3) كما أرسل السلطان العثماني بايزيد رسله يعرض رغبته في محالفة السلطان برقوق في حربه مع تيمورلنك (4) ورد السلطان برقوق على كل منهما رده بالشكر فقط على هذا العون ضد الخطر التتاري ، غير أنه لم يرتبط مع واحد منهما بارتباط معين ، بل جعل همّه أن يكون شرف استعادة بغداد من نصيب الدولة البرجية الشركسية فقط .

وكتب السلطان برقوق لأحمد بن أويس تقليداً بنيابة السلطنة (5) ببغداد وزوده ((بالأمراء والمماليك والخيل والجمال والسلاح والنقد بما أدهشه )) (6) ثم بعث أحمد بن أويس على رأس هذا الجيش إلى بغداد في أواخر جمادى الثاني سنة 796هجري _1394م فتمكن أحمد بن أويس بهذا الجيش البرجي (الشركسي ) وبمعاونة قرا يوسف التركماني من هزيمة ميران شاه ابن تيمورلنك واستعادة بغداد ، وأخذ في بناء سورها وتعميرها (7) والواقع أن دولة البرجيين الشراكسة أثبتت وجودها ، وبرهنت على قوتها بين دول الشرق كله إذ أصبحت بغداد تابعة لها ، وبهذا امتدت المساحة التي يحكمها السلاطين الشراكسة ، وازدادوا في توحيد البلاد العربية ، وقد ضربت سكتها (عملتها) باسم السلطان برقوق .

وحين شاعت أخبار هذا النصر أرسل السلطان العثماني بايزيد إلى السلطان برقوق يخبره بأنه وضع تحت طلبه مائتي ألف مقاتل لعونه على حرب تيمورلنك كما قدم حكام الإمارات التركمانية المحيطة بدولة المماليك البرجية يعلنون طاعتهم للسلطان برقوق (8) .

__________________________________________________________

(1) : العزاوي : تاريخ العراق ج2 _ص219_ 220 .

(2) : ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ج12 _ ص 56 .

(3) : ابن الفرات : تاريخ الدول والملوك ج9_ص381 .

(4) : ابن إياس : بدائع الزهور ج2 _ ص302 .

(5) : المقريزي : السلوك ج3_ص731 . _ (6) : العسقلاني : أنباء الغمر ج1 _ ص371 .

(7) : البغدادي : عيون أخبار الأعيان _ ورقة 48 .

(8) : المقريزي : السلوك ج3 (خطية) _ ص733، ص 747

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومهما يكن من شيء فقد بلغت قوة السلطان برقوق درجة أفزعت تيمورلنك حتى أنه لم يجرؤ على التقدم غرباً نحو بلاد الدولة البرجية الشركسية إلا بعد أن وصلته أنباء بوفاة السلطان برقوق والقاضي أبي العباس أحمد صاحب قيصرية  وما تبع وفاتهما من اضطراب بلادهما ، وأظهر تيمورلنك سروره لهذه الأنباء .

لقد بلغ من ثقة السلطان برقوق في نفسه وبُعد نظره أنه لم يرتبط بتحالف مع السلطان العثماني وإنما أظهر استعداده لقبول كل معاونة يعرضها السلطان العثماني ( بايزيد ) ، وسبب هذا أن السلطان برقوق أدرك خطورة الدولة العثمانية على بلاده وعلى سياسته في الوقت الذي لم يكترث فيه بخطر تيمورلنك بدليل قوله : (( إني لا أخاف من اللنك فإن كل أحد يساعدني عليه وإنما أخاف من ابن عثمان )) (1) ويبدو أن برقوق كان على حق في اعتقاده هذا لأن بايزيد أغار سنة 793هجري _ 1391م على قيصرية وقبض على صاحبها وهي وقتذاك في حماية السلطان برقوق ، غير أن اقتراب خطر تيمورلنك سنة 796هجري_1394م جعل بايزيد يبعث باعتذاره إلى برقوق وهو في سوريا كما أرسل مفاتيح المدينة وهدية قيّمة وأخبره فيما بعد بأنه وضع تحت تصرفه مائتي ألف فارس كما سأل السلطان برقوق في تجهيز طبيب من أطباء القاهرة ليداويه (2) ، غير أن السلطان برقوق ظل عند موقفه واكتفى بشكر السلطان العثماني وإكرام رسله ثم أرسل له الطبيب محمد بن محمد الصغير ، ومعه من الأدوية والعقاقير ما يحتاج  إليه ابن عثمان (3) ، بيد أن العلاقات بدأ يشوبها السوء عقب وفاة السلطان برقوق ، إذ انتهز السلطان بايزيد فرصة انقسام الأمراء في مصر وأغار في أواخر شوال سنة 801هجري ، على الحدود السورية واستولى على ملاطية ودارندة(4) وارتكب بايزيد بهذا الإجراء خطأً شنيعاً دلّ على ما في نفوس السلاطين العثمانيين من رغبة في تزعم العالم الإسلامي ، والإتجاه إلى حرمان سلاطين الدولة البرجية الشركسية من هذه الزعامة .

وفي عام (798هجري/ 1396م ) أرسل بايزيد كتابين إلى القاهرة الأول إلى الخليفة يطلب منه منحه تفويضاً شرعياً بالسلطنة ، بعد انتصاره على تحالف أوربي بيزنطي في معركة نيقوبوليس ، فمنحه الخليفة هذا اللقب مكافئة له على تلك الجهود الكبرى من أجل الإسلام والمسلمين (5) ، والثاني إلى السلطان الشركسي برقوق يبشره بانتصاره ، بالإضافة إلى هدية ، منها مائة أسير من الفرنج الفرنسيين والإيطاليين .

كما واجهت دولة المماليك البرجية في بدء قيامها مشكلات من جانب الشرق فإنها واجهت مشكلات أخرى من جانب الغرب ، مرجعها أن التجارة في البحر المتوسط أصبحت احتكاراً للبندقية التي تخلصت من منافستها جنوا (6) .

____________________________________________________________

(1) : العسقلاني : أنباء الغمر خ1_ص385 .

(2) : المقريزي : السلوك ج3_ص708 .

(3) : الخطيب : نزهة النفوس والأبدان _ ورقة 45 أ .

(4) : العيني : عقد الجمان ج25 _ ورقة 78 .

(5) : حليم ، إبراهيم بك : ص48 .

(6) : دحلان : الفتوحات الإسلامية ج2 _ ص61 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

واستطاع السلطان برقوق والسلطان فرج أن يحققا مع البنادقة أرباحاً طائلة من احتكار التجارة ، ونتج عن هذا الاحتكار تعرض شواطئ دولة المماليك البرجية لهجمات القراصنة الجنوية والكاتالونيين ومن انضم إليهم من الروادسة (رودس ) والقبارصة (قبرص) وشغلت أعمال القرصنة التي قام بها هؤلاء الفرنج جهداً كبيراً من السلطان برقوق ومن ابنه فرج ففي جمادى الآخرة سنة 785هجري _يولية 1383م ، هاجم الجنوية صيدا وبيروت ، ونزلوا إلى البر(1) ، فاتجه إينال اليوسفي أتابك دمشق إلى الساحل ، وحاول أن يقذف بهؤلاء الفرنج في البحر حين احتموا بمراكبهم ، لولا أن أسرع لنجدتهم الفرنج المقيمون في بيروت ومكنوهم من النجاة بأنفسهم (2) .

وفي الوقت نفسه قضى السلطان برقوق على محاولات بعض تجار الفرنج الجنوية لتهريب بضائع في مراكبهم من الإسكندرية (3) ويبدو أن فشل هؤلاء الجنوية جعلهم يتجهون إلى مهاجمة ثغري دمياط والرشيد ، غير أن السلطان برقوق رصد لهم فرقة في ثغر رشيد بقيادة الأمير أحمد بن يلبغا الخاصكي ، وفرقة أخرى في ثغر دمياط بقيادة الأمير ايدكار(4) فتعذر على هؤلاء الجنوية غزو رشيد ودمياط ، ولذا أعادوا الكرة على ثغر بيروت وقتلوا عدداً من سكانه حتى اضطر نائب بيروت إلى الاستعانة بقوات نائب حلب في طردهم(5) وحين تكرر هجوم الجنوية على بلاد السلطنة المملوكية البرجية في عهد السلطان برقوق سنة786 هجري_1384م إلى الأمير الطنبغا الجوباني ببناء أغربة وشواني لغزو الجنوية في بحر الروم غير أن هذا الأسطول قبل أن يبحر إلى مياه جنوا اشتبك مع عدة مراكب على مقربة من ساحل دمياط سنة 787هجري _1385م ، وبعد قتال شديد تمكن الأسطول المملوكي من قتل عدد كبير من الجنوية وأسر نحو خمسة وثلاثين منهم ، وقيل إن ثلاثة بذلوا ما قيمته خمسة عشر ألف دينار حتى فك أسرهم .

وبعد هذا الانتصار وصلت الأغربة إلى بولاق في جمادى الآخر سنة 787هجري -1385م بالأسرى والغنائم حيث عرضوا على السلطان في اليوم التالي من وصولهم (6) . على أن أعمال القرصنة من جانب الجنوية لم تؤثر في حصول بعض تجارهم على ارتباطات تجارية وقنصلية (7) ،ولذا فإن الجنوية لجئوا في سنة 788هجري_1386م إلى مصالحة السلطان برقوق (8) ، ولم يتأخر السلطان في قبول الهدايا منهم حرصاً على مصالحه التجارية في البحر المتوسط .

 

___________________________________________________________

(1) : ابن يحيى : تاريخ بيروت ص229.

(2) : العيني : عقد الجمان ج24_ قسم2 _ ورقة 288 .

(3) : الخطيب : نزهة النفوس والأبدان ورقة 5 أ .

(4) : الخطيب : نزهة النفوس والأبدان ورقة 7 أ .

(5) : المقريزي : السلوك ج3(خطية) ص416 .

(6) : العسقلاني : إنباء الغمر ج1_ص224 .

(7) : Lemmens : La Syrie _ p711 _ 36

(8) : المقريزي : السلوك ج3_ص463 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

غير أن الجنوية عادوا سنة 790هجري_1388م منتهزين فرصة انشغال برقوق بالنزاع الداخلي مع الترك إلى أعمال القرصنة ، وذلك حين كانت جماعة من تجار السلطان برقوق قادمة في المياه السورية في مراكب مشحونة بالشراكسة الذين جُلبوا من بلادهم ، ومن بين هؤلاء الشراكسة أخت السلطان برقوق وجماعة من أقربائه ، فهاجم الجنوية مراكب السلطان ، وأخذوا ما فيها وأسروا أقاربه ومن فيها من الشراكسة ، فثار السلطان برقوق ، وأمر نواب البلاد الساحلية بالقبض على كل من عندهم من الفرنج سواء كانوا تجاراً أو قناصل أو رعايا ، ونهض نائب الإسكندرية في القبض على عدد كبير منهم ، وصادر أموالهم وممتلكاتهم وأمتعتهم (1) .

ونظراً لكثرة حروب السلطان الشركسي برقوق وحاجته إلى الخيول استمر ودّه لبلاد المغرب العربي ، ولم يغير قيام دولة المماليك البرجية (الشركسية ) من تبعية الحجاز لها ، ولقب السلطان برقوق بسلطان مصر والحجاز(2) وجرت العادة أن يولي السلطان على مكة أميراً من أهلها وله حق عزله إذا ثبتت مخالفته لأوامره . وفي بداية سلطنة برقوق كانت إمرة مكة مثار نزاع بين الشريف أحمد بن عجلان وابني عمه حسن بن ثقبة وعنان.

وحرص برقوق على علاقات الود مع اليمن ما دام ملك اليمن يعمل على ضبط التجارة في ميناء عدن التي أصبحت مركزاً هاماً من مراكز التجارة بين الشرق والغرب .

وحرص السلطان برقوق أيضاً على العلاقات الحسنة مع الحبشة ، غير أن ملك الحبشة داوود بن سيف أرعد (سنة 1381_1411م) انتهز فرصة الاضطرابات التي قامت في مصر من أجل السلطة وهاجم أسوان في أواخر 1381م وضرب بعض نواحيها فأرسل أهلها يستصرخون السلطان برقوق الذي أسرع بعلاج المشكلة بالطرق الودية ، ونشطت التجارة في نفائس البلدين بسبب تأمين برقوق لطرق التجارة في البحر الأحمر (3) غير أن داوود عاد في سنة 1402م وهاجم السلطنات الإسلامية في عدل وزيلع وقتل من أهلها المسلمين عدداً كبيراً ، .

لكن تحسن الوضع فيما بعد وساعد الشراكسة الحبشة التي ظلت حتى ذلك الوقت تحارب بالحراب ، إذ أن الشراكسة علّموا الجيش الحبشي فنون الفروسية من رمي النشاب والرمح والضرب بالسيف ولعل أهم حدث في تاريخ الحبشة الحربي هو ما أسهم به المماليك الشراكسة في تعليم الأحباش استخدام النفط في الحروب (4)ويبدو أن هذا العمل الذي قام به فخر الدولة لملك الحبشة شجع على استمرار الاتصال بالحضارة المملوكية الشركسية فاستقدم عدداً من الشراكسة ممن عملوا في وظائف ((زردكاش )) بمصر .

 

__________________________________________________________

(1) : ابن الفرات : تاريخ الدول والملوك ج9 _قسم 1 _ ص23 .

(2) : Pioloti : op.Cit.p.41

(3) : العسقلاني : إنباء الغمر ج2 _ ورقة 253 أ ،ب .

(4) : المقريزي : الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة ص4-5 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وخاتمة المطاف أن سياسة السلطان برقوق أنقذت مصر وبلاد الشام والعراق وغيرها ، من عوامل الضعف التي تعرضت لها من الداخل والخارج أواخر دولة المماليك الأولى ، وجعلت هذه السياسة لدولة المماليك الثانية (الشركسية) شخصيتها ونفوذها في الداخل والخارج .

ونرى بذلك أن السلطان برقوق قد مهّد الحكم للشراكسة حتى عام 1517م حيث احتلت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر  .

 

المصادر والمراجع :

1_ المكتبة العربية تصدرها وزارة الثقافة في الجمهورية العربية المتحدة _القاهرة.

2_ المماليك : للدكتور السيد الباز العريني .

3_ عالم الفكر الكويتية : العدد 3 ديسمبر 1982م .

4_ مصر والشراكسة : لراسم رشدي .

5_ معارك المغول الكبرى في بلاد الشام : لأكرم العلبي .

6_ الحركة العلمية في مصر في دولة المماليك الجراكسة : د. محمد كمال الدين عز الدين.

7_ العالم الإسلامي في العصر المغولي: برتولد شبولر .

8_ حروب المغول :  أحمد حطيط .

9_ المماليك في مصر : لأنور زقلمة .

10_ المزارات الإسلامية والآثار العربية :لحسن قاسم . وتعليق الشيخ : زاهد الكوثري على بعض فصولها .

11_ جهود المماليك الحربية ضد الصليبيين : د.محمد وفاء العلي .

12_ مسيرة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين في عهد المماليك : عزمي عبد أبو عليّان.

13_ فلسطين أرض الحضارات : د. شوقي شعث .

 

( عدنان محمد مصطفى قبرطاي )

 

http://www.geocities.com/adiga2001syr/barkok.htm



تعليقات – تـتـمـّة

[ Posted by adygea lieva, February 06, 2010 11:44 AM ]
This is amazing , thanks for the precious article

 

Share Button

اترك تعليقاً