)تغطية مأساة الشعب الشركسي في الفكر الجورجي المعاصر والشائع (النصف الثاني من القرن التاسع عشر

تغطية مأساة الشعب الشركسي في الفكر الجورجي المعاصر والشائع (النصف الثاني من القرن التاسع عشر)

للبروفيسور نيكو جافاخيشفيلي

جامعة “إيفان جافاخيشفيلي” تبليسي الحكوميّة

ترجمة: عادل بشقوي

كان التهجير (“الإقتلاع” بالعربيّة) أحد الصفحات المأساوية في تاريخ شعوب القفقاس الجبليّة المحبّة للحرّيّة. بعد سجن الإمام شامل (في عام 1859)، زعيم حرب التحريرالوطنية للجبليّين المسلمين، ونهاية الحرب في الشيشان وداغستان، كانت مواقع روسيا في شمال – شرق القوقاز قد تعزّزت أخيراً. في الواقع، فإن الدوائر الحاكمة في روسيا بذلت قصارى جهودها للإستيلاء على الجزء الشمالي – الغربي من القوقاز؛ إلا أنها اعتبرت السكان المسلمين المحليين هم العقبة الرئيسية لتحقيق أهدافها. ولذلك، قرّرت طرد الجبليّين العصاة من وطنهم وتهجيرهم إلى الإمبراطوريّة العثمانيّة، وأن تسكن العرقيّين السلاف في أراضيهم. 1

اعتقدت السلطات الروسية أنه كان لا بد من تخفيض عدد الجبليّين المسلمين للدرجة التي لن يستطيعوا بعدها أن يهدّدوا مصالح روسيا الإستراتيجية. 2

مع ذلك كانت الإمبراطورية العثمانية مهتمة باستقبال المرحّلين. افترض قادتها، أن في حال حدوث حرب مع روسيا، سيكون القوقازيّون مفيدين لهم كقوة عسكرية يمكن الاعتماد عليها. وبالتالي، فإن تهجير الجبيليّين القوقازيّين مشروط  بعوامل اجتماعية – اقتصادية وسياسية ودينية عميقة. وبدى أن العامل الديني هو المهيمن في إطار النهج مدار البحث؛ غير أن ذلك كان سائدا من قبل العامل السياسي – الأهداف الإستعمارية للإمبراطورية.

في فترات مختلفة من الزمن، تعرض للطرد كل من شعوب شمال القوقاز وهي أديغه (الشراكسة والقباردي) ووبيخ وأباظة وفايناخ (الشيشان والأنغوش) وداغستان وأوسيتيّين مسلمين وكذلك من جنوب القوقاز وهي فيز وأبخاز ومسلمون جورجيون (الّذين يقطنون في الجزء الجنوبي – الغربي من جورجيا). وكان المحور الأساسي من المهجّرين ممثلي شعوب الأديغة. ويقدر إجمالي عدد المهجّرين من القوقاز بمليون نسمة. 3

واستقر المُهجّرون القوقازيّون في بلدان وأقاليم مختلفة، بما في ذلك الإمبراطورية العثمانية. وهكذا، تطورت مستوطناتهم في الأناضول، وبلاد ما بين النهرين وسوريا والأردن، وحتى بلغاريا. تم استقدام الشركس إلى بلغاريا في عام 1864، بعد أن تمت عملية توطينهم في مناطق أخرى. 4

عانى الأبخاز أيضا من منعطف مصيرٍ مرير.  بدأت عملية ترحيلهم المنظمة بعدما كان قد تم طرد الشمال قفقاسيّين، واستمرت لأكثر من عشر سنوات (1867-1877). قدر إجمالي عدد المهجّرين الأبخاز بخمسين ألفاً. 5

ونتيجة للعملية بالتّحديد، بدا الشعب الأبخازي على حافة الإنقراض. 6 وقد تمّت دراسة مسألة تهجير الأبخاز إلى حدٍ كبير، 7 وبالتالي، لن أقدّم اي تفاصيل هنا فيما يتعلّق بهذه المسألة.

لاقت مأساة الشعب الشركسي تعاطفاً عميقاً من جانب ممثّلي عامّة الجورجيّين في ذلك الوقت. وتجدر الإشارة إلى أن الجورجيين أبدوا دائما احتراماً عميقاً للشعب الشركسي. لذلك فإن التاريخ البطولي والمعاصرة للشعب الشركسي وبالأحرى تم على وجه التحديد، التطرق للتّهجير ونتائجه الخطيرة على نطاق واسع سواءاً في وسائل الإعلام الجورجيّة المطبوعة أو في الأدب الرّوائي. 8 كانت وسائل الإعلام الجورجية المطبوعة للسنوات 1860-1890 فاعلة بشكل خاص.

مقالي يتكون من جزأين. الأوّل يحلل المعطيات، التي تتحدث عن وسائل الإعلام الجورجيّة المطبوعة، والآخر يتعامل مع أفضل نماذج الأدب الرّوائي.

  1. 1.       تغطية المأساة الشركسية في وسائل الإعلام الجورجيّة المطبوعة

كان موقف المجتمع الجورجي معلن بوضوح في وسائل الإعلام الجورجيّة المطبوعة. الصحف الجورجية بالواقع نشرت بشكل مكثف مقالات عن الشّركس المحبين للحرية، وعن الفنون القتاليّة لنضالهم البطولي، والتهجير، ​​وجوهر السياسة الإستعماريّة الرّوسيّة.

عند قراءة هذه المقالات، يمكن للمرء أن يرى كيف لاحظ الجورجيون بألم مصائب الجبليّين، وبعد أن طردوا من وطنهم الأصلي. كانت الصحف درويبا (Droeba)، 9 التي كان يحرّرها سيرغي ميسخي (Sergei Meskhi)، وإيفيريا (Iveria)، 10 الّتي حرّرها إيليا تشافتشافادزي (Ilia Chavchavadze)، أيضا كفالي (Kvali)، 11  وغيرهم كانوا مهتمّين بشكل خاص بمشكلة تهجير الجبيليّين.

فالأراضي، الّتي هُجِرَتْ بعد أن طرد السكان الأصليين منها، تم استيطانها من قبل الفلاحين، الذين نزحوا من المحافظات الوسطى من روسيا. لكن، بالكاد استطاع المستوطنون الروس التعود على الظروف الطبيعية الغريبة تماما بالنسبة لهم.

في مقالة “نزوح السلافيّين”، تروي صحيفة درويبا (Droeba) الصعوبات البارزة، المرتبطة بالإستيطان الروسي: “السلطات تولي اهتماماً لهذا البلد، المحروم أصحابه منه، وتريد تزويده بالسّكان من جديد. قرروا إعادة توطينه بالسلافيّين، الّذين استقدموا من وسط روسيا. و السلافيّون، الذين أعربوا عن رغبتهم في الرّحيل، دُفِعت لهم الأموال، وأدوات زراعية، وما إلى ذلك. لكن ماذا حدث معهم؟ لم يستطع المستوطنون من أن يؤقلموا أنفسهم مع المناخ المحلي، ونتيجة لذلك، توفّي بعضهم، وعاد آخرين أدراجهم من حيثُ أتوا”. 12

وأشادت المقالات التي نشرت في الصحف الجورجية بالشراكسة البواسل كمحاربين شجعان، المشهد الّذي زرع الخوف في روسيا. من الجدير بالذكر أنه في الإمبراطورية الروسية في ذلك الوقت، كان الشركسي يرمز بصورة عامّة لجميع شعوب شمال القوقاز.

في 10 سبتمبر/أيلول 1871، كتبت  صحيفة درويبا (Droeba): “الناس في سانت بطرسبرغ وموسكو يخشون من الخناجر الّتي يفرّون منها وهم يتملّكهم الخوف”. 13

الصحيفة المذكورة نشرت الكثير بشأن الشّراكسة المحبّين للحرّيّة، وفنون القتال في نضالهم، وجوهر السياسة الاستعمارية الروسية.

في 16 أبريل/نيسان 1876، كتبت الصحيفة: “رفض العثمانيّون أن يكون الجبيليّون تحت نفوذهم. سوف يستغرق الرّوس 35 عاما لإخضاعهم. تخيل أنه لا يوجد عدد كبير من الناس، لا يتجاوزون المليون نسمة، تمكّنوا من التّصدّي لعشرات الملايين من الروس لمثل هذا الوقت الطويل. وكانت هذه المناطق بمثابة الهاوية للرّوس. أداروا الحروب في جميع أنحاء القوقاز: في الشرق – ضد الشيشان، وفي الغرب – ضد – الأديغة – الشركس. والشركس استثنائيّون بقدر ما أنهم لم يتّحدوا أبداً في جيش موحّد. كل قرية كانت تشارك في الحرب ضد الجيش الروسي. وهكذا، فإن ساحة الحرب تشمل جميع المستوطنات.

بعد تلقيهم الهزيمة، اتهم الروس كلاً من الأتراك والإنجليز، حيث زعموا أنهم ​​كانوا يدعمون القوقازيين من خلال تزويدهم بالأسلحة والذخيرة. ومع ذلك، أقدمت روسيا على خطأ. أخذت المثال من الجبليّين وأرسلت قوات أصغر. في نهاية المطاف، أدركت خطئها وأرسلت قوات كبيرة ضد هذه الشعوب. بمجرد أن تبيّنوا أنه كان من المستحيل استيعاب الشركس، قررت روسيا تهجيرهم إلى تركيا، وبلغاريا، وصربيا، ووتوطين أراضيهم بالّذين هم من أصل روسي”. 14

في 10 سبتمبر/أيلول 1876،  كتبت درويبا (Droeba) أن التهجير الجماعي للشركس إلى الإمبراطوريّة العثمانية حدث في عام 1863: “في ديسمبر/كانون الاوّل، 1863، هرع الشركس الى ساحل البحر الأسود. رجال ونساء وأطفال – الجميع ذهبون إلى وطن جديد.

وهكذا، في 10 يوليو/تمّوز، 1864، ظهر الشركس، ما قدره 236718، ظهروا على ساحل البحر الأسود، فقط في آسيا الصغرى. في الإمبراطورية العثمانية، قدر عددهم بِ 200000 … ضيفهم كان الجوع وشقيقهم الموت وكانت أغانيهم جنائزيّة (coronach)!”. 15

وكما هو معروف، فإن جزء معين من الجبليّين، شاركوا في الحرب الّتي حدثت بين روسيا وتركيا الّتي جرت في المدّة 1877-1878.

في يوم 4 مايو/أيّار، 1877، كتبت صحيفة إيفيريا (Iveria): أطلقت النّيران على غوداوتا (Gudauta) من المدافع فاحترقت وقام العدو بالإنزال. تألفت المفرزة التي تمّ إنزالها من 200 رجل. وكانوا من المرحّلين من هذه الأماكن (الشركس). كانت مشاركتهم في القتال دعما كبيرا للعثمانيين وحكومتهم”. 16

ذكرت الصحافة الجورجية عودة جزء من المهجّرين من تركيا الى شمال القوقاز، بأنّها تهدف إلى إثارة انتفاضة للسّكّان الأصليّين.

في 3 أغسطس/آب، 1877، كتبت صحيفة  درويبا (Droeba): “في الآونة الأخيرة، أرسلت سريّة من الجنود قوامها (135 رجلاً) لقطع غابة بالقرب من غروزني، وبقدر ما انّهم من الزوار، إلى جانب المتمردين الشيشان، فإنهم يخفون أنفسهم معهم. وقال لهم الناس أيضا انّه تم إرسال مفرزة إلى مضيق باكسان (قباردا الكبرى) من أجل حماية الجسر الّذي يعبر نهر تيريك بقدر ما كانوا يخشون من الشركس، بعد أن جاؤوا من الإمبراطورية العثمانية، وهم الذين قد يثيرون انتفاضة للمسلمين المحلييّن بسهولة”. 17

علم الصحفيّون الجورجيّون عن الخلافات الحاصلة بين قائد شركسي والقيادة التركية. في 20 أغسطس/آب، 1877، كتبت درويبا (Droeba):  ”ثارت بعض الخلافات بين مختار باشا والقائد الشركسي، وهو ابن لشامل، بشأن المشاكل المحلّيّة، وزعم أن ذلك أدّى إلى حقيقة أن الشيشان تخلّوا عن القوات العثمانيّة”. 18

وطّنت السلطات العثمانية جزءاً من الجبليّين في الأراضي المجاورة للأناضول.

في 10 يناير/كانون الثّاني، 1878، ذكرت إيفيريا (Iveria): “أصدر الباب العالي (حكومة الإمبراطوريّة العثمانيّة) مرسوما لتهجير كافّة الشراكسة من أوروبا إلى آسيا الصغرى (الأناضول). وتم الإبلاغ أنه في أواخر فبراير/شباط، عبر عدة آلاف من الشركس تلك المناطق، كونهم تم توطينهم في القرى الحدودية، التي خصّصتها لهم الحكومة”. 19

في 31 مارس/آذار، 1878، نشرت درويبا (Droeba) المعلومات التالية: “يرسل المراسل تقريراً يتضمّن الإحساس التالي: “إن السّفير الإنجليزي في المنطقة لايارد يزور الشركس كثيرا، الّذين هُجّروا إلى الإمبراطورية العثمانية، ويجري المحادثات معهم. واتفق مع موسى باشا، وغازي محمد (ابن شامل)، وابراهيم باشا وغيرهم، الذين وعدوه، بأنه عند الحاجة، سيجمعون المحاربين من مواطنيهم ويقدّمون الدعم لهم في الحرب ضد روسيا … تمّ التّأكيد لي بأن جيشاَ، قوامه خمسين ألف جندي شركسي وأبخازي، كان يجري جمعه بمساعدة ماليّة من إنجلترا”. 20

تجدر الإشارة إلى أنه حتى في روسيا نفسها كانت هناك خلافات بشأن إعادة توطين الروس والقوزاق في الأماكن التي تم ترحيل الجبليّين منها.

في 4 يوليو/تموز، 1879، كتبت درويبا (Droeba): “يقول السيد فاسيلييف (Vasiliev) أن المناطق، التي سكنت في وقت سابق من قبل الشابسوغ والوبيخ (Sha­p­sougs and Ubykhs)، كانت مأهولة من قبل القوزاق والروس من وسط روسيا. واشار الى انّه عندما زار هذه المستوطنات في عام 1878، “كان القوزاق في ظروف اقتصادية أفضل من الشركس الأصليّين الشابسوغ (Shapsougs)”، إلا أنّهم لم يتمكّنوا من أن يعزّزوا النّماء، بل حتى دمّروا ما كان عليه الوضع هناك.”

وقد كان المقال قد كتب لمعارضة أولئك الذين أكّدوا أن مصالح الدولة في روسيا تتطلب أن يتم ترحيل الجبليّين إلى روسيا وإلى الإمبراطورية العثمانية، ويتم توطين أناس من روسيا في القوقاز”. 21

وأولت الصحافة الجورجية الإهتمام أيضا إلى المريدين (Muridism) “وهي إحدى الطّرق الدّينيّة الصّوفيّة”، واحدة من فروع الإسلام، ومنتشرة على نطاق واسع في شمال القوقاز.

في يوليو/تمّوز، 1886، كتبت إيفيريا (Iveria): “قاضي مُلّا حمزة-الكبير وشامل، تلاميذ منصور، اتّبعوا ونشروا المريديّة. استغرق روسيا الأمر 60 عاما للقضاء على هذا المذهب”. 22

في 11 يناير/كانون الثاني، 1891، كتبت إيفيريا (Iveria) أن سياسة الترويس واجهت عقبات خطيرة في القوقاز. أعادت إيفيريا (Iveria) نشر المقالة من مجلة سيفيرني فيستنيك (Severnyi vestnik) (‘مِرسال الشّمال’) التي قرأنا بها: “القوزاق الّذين استقروا بالفعل غير قادرين على كسب كل هذه الأماكن. خصصت السلطات كل من المال والمعدّات لكن دون جدوى. لا فائدة من القول أنه لا مجال لتطوير المنطقة من دون الاستعمار، ولن يكون هناك نجاح إذا لم يتم جلب أناس يعملون بجد إلى هذه المنطقة المُهْمَلَة من المحافظات الداخلية لروسيا، وبالتالي فإن روسيا لن تتوسّع إذا لم تكتسب أراضي جديدة”. 23

مقالات تتعامل مع التّهجير حُرّرتْ من قبل صحفيين جورجيّين، وظهرت في بعض الأحيان في الصحافة الروسية.

في 20 يوليو/تمّوز، 1877، كتب ك. ماشافارياني (K. Machavariani) في مقاله الّذي نشر في صحيفة غولوس (Golos)، أنه في تلك الفترة، قام عدد كبير من الشركس والأبخاز – المهاجرين، المتعطشين لوطنهم، بالنزول على الساحل الشرقي للبحر الأسود من سفن عثمانيّة.

وجاء في المقال: “وسوياً إلى جانب الباشا، كان هناك الكثير من الأبخاز والشّركس، أبعدوا من أبخازيا إلى تركيا في عام 1864 وفي عام 1866. إذا اتّفق الشركس والأبخاز على الذهاب إلى أبخازيا، فإنّهم يكونوا قد جُذبوا ببريق أبخازيا نفسها – وطنهم؛ وقد غمروا أنفسهم بالأمل في أن يبقوا إلى الأبد في أرض الوطن الحبيب”. 24

ارتبط التّهجير بحقيقة تاريخية أخرى، تعيد إثبات كم هي الروابط التاريخيّة المشتركة متجذرة في إيجاد صلة بين الشعوب في كل من جورجيا وشمال القوقاز (الشّعب الشركسي من ضمنهم).

في كتابه “من تاريخ الكتابة في أبخازيا”، كتب الباحث العلمي الأبخازي خوخوتي بغاجبا (Khukhuti Bgazhba):  ”لقرون، استعمل الأبخاز الكتابة الجورجيّة كلغة مُعْتمَدَة. وامتدّت أيضا بين شعوب أخرى في القفقاس (الأوسيتيّين، الأديغه، الخ…).

أثناء زيارته لأخيه المهاجر في تركيا، قال أحد الأبخاز النبلاء ما يلي. في أحد المطاعم القفقاسيّة في اسطنبول، اعتاد الشّركس (هكذا كان يشار إلى جميع القوقازيين) للإلتقاء معا ليتحادثوا مع بعضهم البعض. في إحدى المرّات، شارك شركسي وتركي في جدال ساخن؛ كل منهما أكّد على ميّزة أمّتِهْ. قال الشركسي: “نحن بعيدون عن وطننا الأصلي، ونحن نعيش في بلد أجنبي، ولكن حتّى هنا فنحن نتولّى شؤوننا بشكل جيد. لقد كنا في وطننا … ” ألمح التّركي: “ماذا كنتم هناك في حين لم يكن لديكم حتى الأبجديّة الخاصّة بكم، كتاباتكم؟” أجاب الشّركسي: أبجديّتنا الشّائعة كانت هي الجورجية”. 25

في كتابه السفر على بحر قزوين والقوقاز (Reise auf dem Caspischen Meere und in den Caucasus) الّذي نشر في ستوتجارت في عام 1873، كتب الباحث الألماني إدوارد فون إيشوالد (Eduard von Eichwald) (1795 – 1876): “الأبخاز، والأوسيتيّين، والشّراكسة لم يكن لديهم الحروف الهجائية الخاصة بهم وكانوا يستخدمون الجورجية في الكتابة. بقدر ما استخدم  الأبخاز والشراكسة الأصوات الصادرة عن الحلق وينطقوا بها بتصفير معيّن (صوت الهسهسة) (particular sibilation)، الأحرف الروسية تلبي متطلبات هذه اللغة إلى درجة أقل، ومع ذلك، اقترح العلماء المحليّين باستخدام الأحرف الرّوسيّة للغاتهم”. 26

وهكذا، فإن عملية تهجير الجبليّين القوقازيّين وتداعياتها كانت بالأحرى قد غطّيت تغطية شاملة من قبل الصحافة الجورجيّة في النصف الأخير من القرن التّاسع عشر. المقالات التي نشرتها الصحف الجورجية في تلك الفترة، تظهر علناً بأن مأساة الشعب الشركسي قد تمّ تفهمّها من قبل الجمهور الجورجي التّقدّمي في ذلك الوقت مع ألم شديد وتعاطف.

  1. 2.       صورة الشركسي في الأدب الجورجي

كما سبق ذكره أعلاه، فإن الجمهور الجورجي كان يكنّ للشّراكسة دائما احتراما كبيرا، كونهم اشتهروا بشهامتهم وجمالهم؛ هذه الظروف وجدت التغطية في أفضل الأعمال في الأدب الجورجي في القرن التاسع عشر.

المذكرات “سفري من تبليسي إلى سانت بطرسبرغ” (My Travel from Tiflis to Saint Petersburg)  للشاعر الجورجي الشهير والشّخصيّة العسكريّة جريجول أوربلياني (Grigol Orbeliani) (1804 – 1883) اعتبرت واحدة من أفضل الأعمال في النثر الجورجي الموثّق. تمت كتابة المذكّرات في 1831-1832، عندما كان الشاعر، في طريقه إلى سان بطرسبرغ، زار قباردا. المذكّرات تحتوي على بيانات تذكر طريقة حياة القباردي (Karbardians) في ذلك الوقت، والّذين هم من الشّراكسة. 27  ويشيد المؤلف بالشّعب المحب للحرّيّة والّذي يتّصف بالشّهامة.

وكونه مولعاً بشجاعة الشّراكسة، كتب ج. أوربلياني (G. Orbeliani) بأنهم: كانوا “أناسٌ محبون للحرية وقاتلوا روسيا من أجل حريتهم لسنوات عديدة، الّتي قمعت وأذلّت وغزت قباردا بأكملها، لكنها لم تتمكن من قتل الحب للحرية فيهم. هم دائما على استعداد لحرب ويبحثون دائما عن فرصة لتحرير وطنهم من الروس”. 28

واستناداً إلى المؤلّف، كان الانخفاض الحاد في وقت سابق للعديد من السكان الشركس، إلى حد كبير، قد أثّر على نضالهم المستمر ضد الغزاة الروس. ويقدم ج. أوربلياني (G. Orbeliani)، وصفا مفصلا للتقاليد عند الشركس، من بينها، حسن ضيافتهم، حفل الزفاف وعادة الثّأر. ويؤكد على كفاءتهم القتاليّة، وهي الموروثة جينيا، الّذي مكّنهم من إخضاع الشعوب المجاورة: أباظة، وكاراشاي، وبلكار، وأوسيتيّين، وجزء من الفاينخ (Vainakhs) (أنغوش)، وجعلهم تابعين لهم. 29

ينبغي للمرء أن لا يدّخر المعلومات، والمنصوص عليها في المذكّرات، حول عادات الهيكل الإقطاعي – الاجتماعي وتنشئة الأطفال.

يلاحظ ج. أوربلياني (G. Orbeliani): ان الشراكسة “أجلّاء ورشيقي القوام، وخصور نسائهم وسيقان رجالهم هي معروفة جيّداً في جميع أنحاء العالم”. 30

إن جمال المرأة الشركسية يتمّ الأشادة به بشكل خاص في كل من الأدب والفولكلور الجورجي. وفيما يتعلق بذلك، إلغوجا (Elguja)، وهي قصة للكاتب الجورجي البارز الكسندر كازبيجي (Alexander Kazbegi) و(الإسم الحقيقي –  شوبيكاشفيلي { Chopikashvili}، 1848 – 1893)، وكان من الجدير ذكره؛ في البداية، تم نشره من قبل صحيفة درويبا (Droeba) (No 125-251) في عام 1881. القصة تصوّر مشهداً لشاب جورجي مخلص إسمه إلغوجا (Elguja) كان واقعاً في الحب مع “فتاة جميلة شركسيّة إسمها مزاغو (Mzago)، تبلغ من العمر 16 عاما” الّتي كانت “ممشوقة مثل السهم وشفتاها تمثّلان وردة متفتّحة”. 31

في عمل فني إبداعي عالي الجودة ومتنوّع، يوفّر الكاتب الجورجي الكبير فاجا – بشافيلا (Vazha-Pshavela) (الاسم الحقيقي – لوكا رازيكاشفيلي { Luka Razikashvili}، 1861 – 1915) متّسع من المساحة للموضوعات المرتبطة بشعوب شمال القوقاز. واحدة من قصائده هي ثأر (Blood Feud) (من حياة الشركس) (From the Life of Circassians). كتبت في عام 1897، الشّعر يحكي عن الشخصية المحبّة للحرية عند الشراكسة، وبتميّزهم في الشرف والمجد. الكاتب يشيد بالشعب الشركسي، وقد عانى من خسائر فادحة خلال الحرب الطويلة الأمد والدموية ضد الغزاة الروس. 32

رسمت فاجا بشافيلا (Vazha-Pshavela) الطابع القوي للفارس الشركسي الحقيقي كيشير بي (Kichir-bey)، كونه قوياً من الناحيتين البدنية والمعنوية. وفي الوقت نفسه، قدم الشاعر صورة للأمير الشركسي أصلان بي (As­lan-bey) الذي كان خائنا، حيث كان له صلات سرّيّة مع الروس الغزاة. إن نفاقه، وغدره، وقسوته، وجشعه ليسوا باي حال من الأحوال من صفات الشركس، المعروفين تقليديا بطبيعتهم الشّهمة. بعد أن تم إلقاء القبض عليه غدرا من قبل أصلان بي، وحكم عليه بالإعدام، يقول كيشير بي: “أحِب وطن الشّراكسة بقلبٍ شركسيٍ نقي”. 33

يوضّح الشّعر بشكل بارز أن فاجا بشافيلا، كممثلة رئيسيّة للجمهور الجورجي المتحرّر، متعاطفة تماما مع الشركس، ومكافحة بإيثار من أجل حريتهم.

كتب المؤرخ وخبير الشؤون العامّة ألكسندر برونيلي (Alexandre Proneli) (الإسم الحقيقي كيبشيدزي { Kipshidze} 1862 – 1916): “تصرّف الشراكسة بطريقة شهمة، كما يليق بهذا الشعب الشجاع والجريء. الشركس لم يبخلوا بحياتهم حينما كانوا يقاتلون الرّوس، القتال من أجل الحرية حتى النهاية، وفي نهاية المطاف، ومع ذلك عندما هزموا، فإنهم لم يستسلموا للقدر، ولم يرضخوا للعدو، بل توجّهوا إلى بلد أجنبي”. 34

مذكرات الشّخصيّة العامّة والسياسي جورجي لاسخيشفيلي (Giorgi Laskhishvili) (1866 – 1931)، أحد أبرز ممثّلي الحزب الإشتراكي-الإتّحادي، وفي وقت لاحق أصبح وزيرا للتعليم لجمهورية جورجيا الديمقراطية، تتضمّن إلى حدٍ ما معلومات مثيرة للإهتمام عن لقاءه مع سجين من قباردي (القبارطاي) في أواخر القرن التاّاسع عشر.

فعندما كان طالبا في كلية الحقوق، في جامعة أوديسا، انخرط ج. لاسخيشفيلي (G. Laskhishvili) بنشاط  في الحركة الطلابية، ولماذا؟ في عام 1887، ألقي القبض عليه وسوياً مع غيره من السجناء الجورجيّين، منهم فاسيلي تسيريتيلي (Vasili Tsereteli) وكوتي ميسخي (Kote Meskhi) ، تم إرسالهم إلى جورجيا تحت إشراف الشرطة.

في وصف هذه الرحلة الّتي تمّت ضمن قافلة عبر شمال القوقاز، كتب ج. لاسخيشفيلي (G. Laskishvili): “تم جلب اثنين آخرين إلى عربة السجن. لفت احدهما إنتباهي على الفور: طويل القامة، وحسن المظهر، ونحيل، ويرتدي ملابسه بطريقة رجل كبير بالسّن، وكنا نظن أنه كان أميراً من إيميريتي (Imeretian)، أجلسه الجنود إلى جانبنا. بدى أن ذلك الرجل الهرِم من القباردي … وكان يجيد اللغة الروسية إجادة تامّة، وتقريبا من دون لكنة … بدأت محادثتة ملمحا حول الوضع في القوقاز. أجاب على أسئلتي دون أي حماس ثمّ تركته وشأنه. وفي وقت لاحق، بدأ يسألنا من نكون. وعندما علم أننا جورجيون، سعد بذلك.

ثم، أخذ نفسا عميقا وقال: “عندما غربت شمس القوقاز، هلك وطننا”.

اعتقدت أنه كان يقصد الإمام شامل وسألته عن ذلك.

… “كلا أيّها الشاب، – أجاب الرجل العجوز، – أنا لم أقصد شامل. كانت جورجيا هي شمس القوقاز. قتلت جورجيا نفسها وجرّت معها القوقاز”. 35

وهكذا، فالجمهور الجورجي أبدى دائما إحترامهُ وحُبّهُ للشّعب الشّركسي. إن هذا واضحاً في كلا الصحافة الجورجية في النصف الأخير من القرن التاسع عشر وفي كتابات مؤلّفين بارزين في جورجيا: غريغول أوربلياني، وألكسندر كازبيجي، وفاشا بشافيلا (Grigol Orbeliani, Alexandre Kazbegi, Vazha-Pshavela)؛ الى جانب ذلك، في الدراسات التي أجراها المؤرخ وخبير الشؤون العامّة  ألكسندر كيبشيدزي وفي المذكرات من قبل السّياسي والشّخصيّة العامّة جيورجي لاسخيشفيلي (Giorgi Laskhishvili).

المراجع

1 Niko Javakhishvili, narkvevebi qarTveli da adiReli xalxebis urTierTobis istoriidan, (Essays in the History of the Interrelationship of the Georgian and Adyghe Peoples), (Tbilisi, 2005), 180.

2 Р. Фадеев, Собранные сочинения, т. I, ч. 1, (СПб., 1889), 149-150.

3 Bejan Khorava, afxazTa 1867 wlis muhajiroba, (Muhajirism of Abkhazians in 1867), (Tbilisi, 2004), 50-62.

4 Kakha Tsertsvadze, Crdilo kavkasiis xalxTa istoria XIX saukunis qarTul presaSi, (History of the Peoples of the North Caucasus in the Georgian Press of the 19th Century), (Tbilisi, 1996), 69.

5 Bejan Khorava, afxazTa 1867 wlis muhajiroba, (Muhajirism of Abkhazians in 1867), (Tbilisi, 2004), 7.

Ш. Инал-Ипа, Абхазы. Историко-этнографические очерки. Второе переработанное, дополненное издание (Сухуми, 1965), 150.

7 Г. Дзидзария, Махаджирство и проблемы историии Абхазии XIX столетия, (Сухуми, 1982), 21.

8 Niko Javakhishvili, narkvevebi qarTveli da adiReli xalxebis urTierTobis istoriidan, (Essays in the History of the Interrelationship of the Georgian and Adyghe Peoples), (Tbilisi, 2005), 171-178.

9 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis), 1867, No 23; 1871, No 36; 1876, No 37, No 97; 1877, No 112, No 125; 1878, No 24, No 66; 1879, No 138.

10 ”iveria” (“Iveria”), (Tiflis), 1877, No 48; 1878, No 11; 1886, No 151; 1891, No 8; 1897, No 13.

11 “kvali” (“Kvali”), (Tiflis, 1897), No 13.

12 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1878), No 24, 1-2.

13 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1871), No 36, 3.

14 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1876), No 37, 1-3.

15 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1876), No 97, 3.

16  ”iveria” (“Iveria”), (Tiflis, 1877), No 48, 1.

17 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1877), No 112, 3.

18 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1877), No 125, 1.

19 ”iveria” (“Iveria”), (Tiflis, 1878), No 11, 1.

20 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1878), No 66, 3.

21 ”droeba” (“Droeba”), (Tiflis, 1879), No 138, 1-2.

22 ”iveria” (“Iveria”), (Tiflis, 1886), No 151, 1-2.

23 ”iveria” (“Iveria”), (Tiflis, 1891), No 8, 2-3.

24 “Голос” (“Golos”), (СПб., 1877), No 199.

25 Х. Бга­жба, Из истории письменности в Абхазии (Тбилиси, 1967), 34-35.

26 eduard aixvaldi saqarTvelos Sesaxeb (XIX saukunis pirveli me­sa­me­di), Targmna, Sesavali da sa­Ziebeli da­urTo gia gelaSvilma (Tbilisi, 2005), 191; Eduard Eichwald about Georgia (initial third of the 19th century). Translation, introduction and indices by Gia Gelahsvili (Tbilisi, 2005), 191.

27 Grigol Orbeliani, TxzulebaTa sruli krebuli, akaki gawere­lia­sa da jum­ber WumburiZis Sesa­va­li we­riliT, redaqciiTa da SeniS­v­nebiT (Introduction, edited and indices by Akaki Gatserelia and Jumber Chum­bu­rid­ze), (Tbilisi, 1959), 164-168.

28 Ibid., 164.

29 Ibid., 165-166.

30 Ibid., 165.

31 Alexandre Kazbegi, moTxrobebi, wgn.: “qarTuli proza”, (In Georgian Prose), XI, (Tbilisi, 1986), 10-11.

32 Vazha-Pshavela, poemebi, (Tbilisi, 1990), 312-324.

33 Ibid., 339.

34 Alexandre Pro­neli (Kipshidze), mTiuleTi 1804 wels, istoriuli ambavi, (Tiflis, 1896), 232-233.

35 Giorgi Las­khi­s­h­vili, memuarebi, uSangi sidamoniZis winasityvaobiT, (Introduction by Ushangi Sidamonidze), (Tbilisi, 1992), 39.


نقل عن موقع “الناجون من الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة” على الفيسبوك
Share Button

حملة مكافحة الفساد في روسيا

حملة مكافحة الفساد في روسيا

 

بدأت روسيا حملة لمكافحة الفساد منذ عدة سنوات. ولكن هذه الحملة لم تحقق آثارا كبيرة على ما يبدو. ولا تزال مكافحة الفساد إحدى القضايا التي يكثر الحديث عنها في البلاد.

شنت روسيا مؤخرا حملة ضد الفساد استهدفت بعض كبار مسؤوليها. بحيث أقيل وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان والمدير العام لوكالة الفضاء الروسية. كما اعتقل نائب وزير التنمية الإقليمية السابق. واتهم وزير الزراعة السابق باستعمال الميزانية الاتحادية بشكل غير شرعي. وبدوره، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتزم الذهاب بالإجراءات إلى أبعد من ذلك.

فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي:” نحتاج إلى معالجة الفساد والقضاء عليه بطريقة منهجية. ولا ينبغي علينا أن نكافح الفساد بين السلطات العليا ونعالج قضية وزارة الدفاع فقط، بل يجب علينا أيضا أن نأخذ بالاعتبار حالات الفساد التي تحدث في شوارع مدننا وبلداتنا الصغيرة.”

أظهرت الإحصاءات استشراء الفساد بين المسؤولين الروس. فوفقا لبيان صادر عن لجنة التحقيق الاتحادية الروسية، بلغت الخسائر الناتجة عن الفساد داخل أجهزة الدولة الروسية سبعة مليارات وتسعمائة مليون روبل أي ما يعادل نحو مائتين وستة وخمسين مليون دولار أمريكي في عام 2012.

ماريا ليبمان، محللة سياسية بمركز كارنيغي في موسكو:” تتشابك الثروة والممتلكات بشكل وثيق مع السلطة. إذا تمتعت باحتكار السلطة، وإذا كنت لا تسمح بالتنافس السياسي كأداة للمساءلة العامة، فإن التكلفة التي ستدفعها لهذا النوع من السيطرة هي الفساد. برأيي، لا تكون حملة مكافحة الفساد فعالة إلا إذا وجدت السياسة التنافسية.”

وفقا لاستطلاع للرأي أجراه مؤخرا مركز بحوث الرأي العام لعموم روسيا، فإن معظم الشعب الروسي يعتقد أن كلا من الرئيس ووسائل الإعلام ووكالات إنفاذ القانون ساهم في حملة مكافحة الفساد. ولكن الحملة نفسها لا يمكن أن يقال إنها قد نجحت بعد.

 

تحرير:Tahaini

مصدر:CCTV.com

http://arabic.cntv.cn/program/news_ar/20121213/101872.shtml

Share Button

تغطية مأساة الشعب الشركسي في الفكر الجورجي المعاصر والشائع (النصف الثاني من القرن التاسع عشر)

تغطية مأساة الشعب الشركسي في الفكر الجورجي المعاصر والشائع (النصف الثاني من القرن التاسع عشر)

للبروفيسور نيكو جافاخيشفيلي

جامعة “إيفان جافاخيشفيلي” تبليسي الحكوميّة

ترجمة: عادل بشقوي

صديقي العزيز البروفيسور نيكولاي جافاخيشفيلي بالزي الوطني القفقاسي

كان التهجير (“الإقتلاع” بالعربيّة) أحد الصفحات المأساوية في تاريخ شعوب القفقاس الجبليّة المحبّة للحرّيّة. بعد سجن الإمام شامل (في عام 1859)، زعيم حرب التحريرالوطنية للجبليّين المسلمين، ونهاية الحرب في الشيشان وداغستان، كانت مواقع روسيا في شمال – شرق القوقاز قد تعزّزت أخيراً. في الواقع، فإن الدوائر الحاكمة في روسيا بذلت قصارى جهودها للإستيلاء على الجزء الشمالي – الغربي من القوقاز؛ إلا أنها اعتبرت السكان المسلمين المحليين هم العقبة الرئيسية لتحقيق أهدافها. ولذلك، قرّرت طرد الجبليّين العصاة من وطنهم وتهجيرهم إلى الإمبراطوريّة العثمانيّة، وأن تسكن العرقيّين السلاف في أراضيهم. 1 متابعة قراءة تغطية مأساة الشعب الشركسي في الفكر الجورجي المعاصر والشائع (النصف الثاني من القرن التاسع عشر)

Share Button

يغنوف: “يمكن توقع أي شيء من القيادة الأبخازية، لكن لا شيء جيد”

يغنوف: “يمكن توقع أي شيء من القيادة الأبخازية، لكن لا شيء جيد

 

ترجمة: عادل بشقوي.

4eb78235-e174-462a-97e1-e78e447855f5

لا يفهم إبراهيم يغنوف (Ibragim Yaganov) “لماذا أخذت القيادة الأبخازية على كاهلها طوعا مهمّة إثبات عدم وجود إبادة جماعية شركسية”. تم التصريح بذلك من قبل الشّخصيّة الشّركسيّة المعروفة، رئيس منظمة الأديغةخاسه (Adyghe Khase)  في مقابلة مع أخبار جورجيا (News.Ge,) مشيرا إلى أن النشطاء الشراكسة “أصابهم الإحباط الشّديد وخيبة الأمل من ذلك”.

كما أكّد يغنوف، “في هذه الحالة، وفيما يتعلق بالقضية الشركسية والاعتراف بالإبادة الجماعية للشعب الشركسي إبان الحرب الروسية-القوقازيّة فإن على أبخازيا وزعيمها الإلتزام بمجرد الصّمت لاغير. فقط الصمت بشكل قطعي وعدم التحدث عن هذا الموضوع بتاتاً”.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّه لم يتفق مع الرأي القائل بأن سبب الإدلاء بالتصريحات المشينة للرّئيس الأبخازي ألكسندر أنكفاب (Alexander Ankvab) حول الموضوع الشركسي هو الإفتقار للمعلومات.

وأضاف، “أعتقد أن أنكفاب وعلى وجه التحديد لا يحتاج إلى هذه المعلومات – قال يغنوف – وإلى حد كبير، يمكننا القول، بأنّه ليس حراً. في أبخازيا، ليست هناك حرية، لا استقلال ولا دولة”. ولذلك، “نحن ببساطة لا يمكننا الحديث عن موقف الجانب الأبخازي من أي نوع هنا”، إلى جانب ذلك “كل هذه الهستيريا يُدفع لها بسخاء”.

أشار زعيم الأديغة خاسه أيضا أن “أنكفاب يحاول تحديداً وبطريقة ما،  النأي عن كل هذه المشاكل لإرضاء الكرملين. اليوم فيما يتعلق بالعلاقات مع شعوب شمال القوقاز، فإن أي اتّصالات تحصل هي ببساطة تزعج أنكفاب في كل شيء، وهي تجري الآن في أبخازيا – وأتحدّث بشكل تقريبي، “تطوّر” الموارد المالية التي تتلقّاها أبخازيا “.

إبراهيم يغنوف مقتنع أن في المستقبل القريب، لا ينبغي التوقع من الجانب الأبخازي الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية ولن يتم حتّى إثارة القضية “بينما هذه الإدارة في السلطة”. ووفقا له، “يمكن الآن توقّع أي شيء من القيادة في أبخازيا، ولكن لا شيء جيّد.”

و”لذلك أود في الواقع من ناحيتي أن إغلق الموضوع الأبخازي – إنه أمر مؤلم للغاية بالنسبة لي”، – قال يغنوفالذي يحظى بلقب بطل أبخازيا لمشاركتة في الحرب الأبخازية بالفترة الواقعة بين 1992-1993 إلى جانب الإنفصاليين (قاد كتيبة المتطوعين “قباردا”).

“إلى جانب الكثير من رفاقي رأينا أنفسنا فائزين في حرب عام 1992، لكن النتائج في فترة العشرين عاما الّتي أعقبت الحرب قد أظهرت أننا خسرنا الحرب تماما – قال إبراهيم يغنوف. –  نتائج هذه الحرب – ما نراه اليوم في أبخازيا – لا علاقة له مع ما قاتلنا من أجله آنذاك”.

نشر النص الأصلي على: “Experts’ Club”

 

(http://eng.expertclub.ge/portal/cnid__13078/alias__Expertclub/lang__en/tabid__2546/dfault.aspx)

 

نقل عن: موقع “الناجون من الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة” على الفيسبوك

Share Button

موسكو تهدد بحظر دخول أميركيين «ينتهكون» حقوق الإنسان

موسكو تهدد بحظر دخول أميركيين «ينتهكون» حقوق الإنسان
موسكو – رائد جبر

أعلنت موسكو أنها ستحظر دخول شخصيات أميركية إلى روسيا، ولوحت بإجراءات أخرى قد تتخذها، رداً على تبني قانون في مجلس الشيوخ وصفه الروس بأنه «غير مسؤول ولا منطقي»، يفرض عقوبات على شخصيات بارزة في روسيا بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

ولم يطل الرد الذي توعدت به روسيا طويلاً على إقرار قانون مثير للجدل في مجلس الشيوخ الأميركي تضمن فرض عقوبات ضد حوالى 65 مسؤولاً روسياً بينهم موظفون في النيابة العامة وأجهزة التحقيق ووزارة الداخلية ومصلحة السجون وعدد من السياسيين.

وأقر مجلس الشيوخ الخميس القانون الذي حمل اسم المحامي الروسي سيرغي ماغنيتسكي الذي مات عام 2009 في سجن روسي بعد مرور شهور على اعتقاله بتهم فساد مالي وتهرب ضريبي. وقالت منظمات حقوقية إن الرجل تعرض للتعذيب ولم يحصل على مساعدة طبية لازمة لإنقاذ حياته بعد تدهور وضعه الصحي.

واعتبرت الولايات المتحدة الحادث مدخلاً لتصعيد لهجتها تجاه «انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا». وأعلنت مصادر أميركية أن «لائحة ماغنيتسكي» التي تحولت إلى قانون ملزم ينتظر أن يوقعه الرئيس باراك أوباما قبل نهاية العام، سيتم توسيعها في وقت لاحق وكلما دعت الحاجة، بضم أسماء مسؤولين روس آخرين يثبت تورطهم في قضايا مماثلة. وتشتمل العقوبات بحسب القانون الجديد على منع سفر الشخصيات الواردة أسماؤها إلى الولايات المتحدة وحجز أموالها وممتلكاتها، بين تدابير أخرى تصل إلى ملاحقتها في بلدان ثالثة.

وأثار التطور غضب موسكو التي سارعت فور المصادقة على القانون إلى إعلان نيتها اتخاذ خطوات مماثلة ضد مسؤولين أميركيين.

ونص بيان أصدرته الخارجية الروسية على أن موسكو تحمّل واشنطن مسؤولية توجيه ضربة إلى علاقات البلدين بسبب إقرار قانون «غير مسؤول بحجج مفتعلة».

وأعربت الخارجية عن استغرابها لـ «توجيه انتقادات بشأن حقوق الإنسان من جانب بلد سمح رسمياً، في القرن الـ 21، باستخدام وسائل التعذيب في السجون وباختطاف أشخاص في مناطق مختلفة من العالم». وأشارت إلى أن مواطنين روساً «راحوا ضحايا لهذه الأعمال غير القانونية».

وعلى رغم أن موسكو لفتت إلى أنها لا تسعى إلى «التخلي عن الإيجابيات في العلاقات الثنائية» مع الولايات المتحدة، لكنها أكدت أنها مضطرة للرد على إقرار ذلك القانون».

وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن السلطات الروسية «ستحظر دخول منتهكي حقوق الإنسان في الولايات المتحدة إلى الأراضي الروسية»، ولوح بإجراءات عقابية أخرى ضد شخصيات لها سجل في مجال انتهاكات حقوق الإنسان.

ورجح خبراء روس أن تصدر موسكو لائحة مماثلة لـ «لائحة ماغنيتسكي» الأميركية تضم أسماء شخصيات أمنية وعسكرية أميركية منحت ضوءاً أخضر لممارسة وسائل التعذيب في السجون التي أنشئت خارج الأراضي الأميركية وبينها غوانتانامو.

وكان السجال بشأن القانون الأميركي الجديد تصاعد بقوة خلال الشهور الأخيرة، وسعت واشنطن إلى التقليل من آثاره المحتملة عبر دمجه مع قانون يلغي قيوداً سابقة كانت مفروضة على التجارة بين البلدين، لكن الخطوة لم تخفف من رد الفعل الروسي.

إذ نص القانون على إلغاء تعديل قانوني سابق كان أقر في العام 1974 وحمل تسمية تعديل «جاكسون – فينيك» وهو يفرض قيوداً على التجارة والاستثمار مع روسيا، علماً أن القانون أقر في حينه بهدف إجبار الاتحاد السوفياتي على فتح مجالات الهجرة أمام اليهود إلى إسرائيل، وظل ساري المفعول على رغم أن أبواب الهجرة شرعت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وأيضاً بعد انهيار الدولة السوفياتية.

وكان مطلب إلغاء التعديل دائم الحضور في المحادثات الروسية – الأميركية على مدى العقدين الماضيين، لكن طريقة إلغائه وإبداله بقانون «لائحة ماغنيتسكي» أثار خيبة أمل عميقة عند الروس.

وقال رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيديف أن روسيا «مع ترحيبها بإلغاء التعديل السابق، فإنها تستهجن ربط الإلغاء بتبني القانون الجديد». وتوعد بأن الرد الروسي سيكون «مناسباً وقوياً».

http://english.daralhayat.com/

Share Button