فيما يلي الترجمة الكاملة والنهائية للدراسة والتوصية التي قدمت إلى البرلمان الجورجي والتي تم بموجبها الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وذلك في ٢٠ مايو/أيار ٢٠١١:
الإبادة الجماعية للشركس
تاريخ المشكلة، وتأريخ الأحداث، والاستنتاج العلمي
نتيجة للأحداث المأساوية في غرب القوقاز في القرن التاسع عشر؛ فقد وجد مليون ونصف شخص تقريبا من الأمة الشركسية أنفسهم أمام تهديد الوجود. وحتى اليوم تخضع هذه الاحداث للدراسة من وجهة نظر علمية وتاريخية، وكذلك سياسية ؛ من أجل توضيح أحداث الإبادة الجماعية ضد الشركس خلال العمليات العسكرية العدوانية واسعة النطاق من قبل المستعمرين الروس – سأقدم إليكم هذه المواد التي تستند إلى حقائق موثقةونتائج توصل إليها خبراء من المؤرخين و الموثقين.
من الواضح أنني لا أستطيع تجاهل عمل زميلي الأستاذ (بيجان خورافا) المسمى: “الشركس“، وهو عمل شامل لعدة مواضيع، وكان الغرض من تأليف هذا الكتاب هو دراسة هذه المشكلة المعقدة وهي مسألة مهمة بالنسبة لنا أيضا. الجزء الاخير من الكتاب يقول: “خلال الحرب الروسية الشركسية ؛ نفذت الامبراطورية الروسية – عمدا – طردا قسرياً للسكان المقيمين في الاجزاء الغربية والوسطى من شمال القوقاز؛ الأباظة والشركس، وذلك باستخدام وسائل عسكرية في الهجمات ضد السكان المدنيين. خلال الحرب، كانت السلطات الروسية تنفذ التطهير العرقي للسكان المحليين، وتوجد الظروف التي كانت تهدف الى الابادة الجسدية الكاملة أو الجزئية للسكان في هذه المنطقة. ونتيجة لذلك؛ فإن جزءا كبيرا من السكان الأباظة و الشركس لقوا حتفهم، والجزء الآخر أجبر على الفرار إلى الخارج، وجزءا صغيرا جدا لا يزال يسكن حتى الآن في أراضي الإمبراطورية الروسية. ونتيجة لذلك؛ فقد اختفت المجموعات العرقية المتعددة من الساحة التاريخية. ولهذا السبب يتم تسمية إجراءات الإمبراطورية الروسية بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي“.
في عام 1929؛ سافر الأكاديمي (سيمون جاناشيا) الى القوقاز الشمالي حيث التقى بأحد المشاركين المباشرين في الأحداث المعروفة ،المذكورة أعلاه، وسجل الشهادة التالية للسيد (نابساو لاباراخكو خانساخكو) (Napsau Iabarakhqu Hansakhqu ) (الشهادة تصف أحداث عام (1862: “لمدة سبع سنوات بعد النفى؛ كانت تنتشر عظام بشرية على طول شاطئ البحر. كانت الغربان تصنع أعشاشاً من لحى الرجال وشعر النساء، ولمدة سبع سنوات كان البحر يجرف الى الشاطئ جماجم بشرية مثل البطيخ. لا اريد للعدو ان يرى ما رأيته أنا” (سيمون جاناشيا، الأعمال، المجلد الرابع، تبليسي، 1968، صفحة 124).
(Janashia, Simon, Works, Vol. 4, Tbilisi, 1968, Page 124).
في نفس الوقت؛ قالأحد الأديغه – (إي. دروزدوف) (I. Drozdov)؛ وهو شاهد آخر على المأساة -: “ظهرت المناظر المخيفة أمامنا في الطريق؛ على طول الطريق تناثرت جثث الأطفال والنساء والشيوخ وقد تقطعت ومزقت الى أجزاء بسبب الكلاب، المهاجرون كانوا منهكين من الجوع والأمراض وبالكاد تمكنوا من رفع أقدامهم بسبب الضعف، وكانوا يسقطون من الإعياء وهملا يزالون على قيد الحياة فيصبحوا فريسة للكلاب الجائعة… ومن بقي حيا و سليماً لم يكن لديه الوقت للتفكير في من يحتضر، لأنهم واجهوا ظروفا غير مواتية؛ ونظرا لجشع ربابنة السفن التركية؛ تكدس الشركس والبضائع المشحونة في قوارب الأتراك، والذين تم التعاقد مع قواربهم لايصالهم إلى شواطئ آسيا الصغرى، وكانوا يلقون الشركس في البحر كالشحن الزائد عند أدنى إشارة تدل على مرضهم. ألقت الأمواج على الشاطئ جثث هؤلاء التعساء على طول ساحل الأناضول… ووصل إلى تركيا تقريبا نصف الذين غادروا. ونادرا ما نجد في تاريخ البشرية مثالا مشابها لهذه الكارثة التي صدمت البشرية.
(إي. دروزدوف، المعركة النهائية مع الجبليين في القوقاز الغربي // مجموعة الاعمال القوقازية ((Дроздов И. Последняя борьба с горцами на Западном Кавказе // Кавказский сборник. تفليس، 1877. مجلد 2، ألصفحة 457).
كتب (أدولف بيرزا) (Adolf Berzhe)- المؤرخ العسكري للإمبراطورية الروسية – بعد ان أفزعه نفس الواقع: “أنا لن أنسى أبدا الانطباع الغالب الذي أحدثه الجبليون على نفسي عند خليج نوفوروسيسك، عندما تم جمع حوالي 17000 شخص على الشاطئ. لكن – في وقت لاحق –خلال فصول السنة الممطرة والباردة ومع الغياب الكامل لكل وسائل العيش؛ انتشر وباءا التيفوس والجدري بين الجبليين مما جعل أوضاعهم بائسة.فمن الذي لا يهتز قلبه عندما يرى – على سبيل المثال – إمرأة شركسية شابة ملفوفة في الخرق الرثة ملقاة على أرض رطبة، تحت السماء المفتوحة، مع اثنين من الاطفال، واحد منهما مات بعد صراعه مع سكرات الموت، بينما الثاني كان يبحث لاشباع جوعه عن ثدي جثة والدته المتيبّسة؟!” (أد.ب. بيرجه، “طرد الجبليين من القوقاز “// العصور القديمة لروسيا، 1882، المجلد 33، الكتاب الثاني، صفحة 362-363).
من الجدير بالذكر؛ أنه في الخمسينيات من القرن العشرين؛ أوْلت خدمات الأمن البريطانية اهتماماً كبيراً لتاريخ الشركس. وهذا كان جزئيا لتوجيه أنظار الغرب باتجاه القوقاز في إطار عقيدة جديدة من “الحرب الباردة“. وكانت مشاكل الشركس موصوفة على نطاق واسع في المنشورات السياسية والدبلوماسية التالية: “سقوط شركيسيا: دراسة في الدبلوماسية الخاصة” لبيتر بروك، و“المراجعة التاريخية الإنجليزية“، المجلد 71، رقم280 (يوليو، 1956)، ص. 401-427، لتشارلز وبستير، وأوركهارت، وبونسونبي، وبالمرستون، و“المراجعة التاريخية الإنجليزية“، المجلد62، رقم 244 (يوليو، 1947)، ص. 327-351. وأكد نفس الفكرة أبراهام شموليفيتش، في مقالته: “كيفجعلالدبالروسياالقضيةالشركسية في سبات عميق؟“.
(“The English Historical Review”; by Charles Webster, Urquhart, Ponsonby and Palmerston;“The English Historical Review”; Vol. 62, No. 244 (Jul. 1947) (Confirmed by Abraham Shmulevich’s letter: Авраам Шмулевич: “Какрусский медведь проспал черкесский вопрос–WWW.APN.RU/AUTHORS/AUTHORS37.HTM).
في الفترة اللاحقة؛ طرح عدد من المؤرخين والخبراء الأجانب قضية الإبادة الجماعية الشركسية للمناقشة. ومن بينهم – وأود تسميته أولا وقبل أي شيء -: الباحث والمحلّل الأميركي (ستيفن د. شينفيلد). فوفقا لأبحاثه؛ تم تحديد عدد كل الشركس الحاليّين في العالم بستة ملايين ومائتين وثمانية وأربعين ألفاً (000, 248, 6) . عدد كبير منهم (690,000) يعيشون في جمهوريات الشركس؛ (500,640) في قباردينو – بالكاريا، و(83,525) في كاراشاي – شركيسيا، و(109,137) في جمهورية أديغيا. ومن ذلك يمكننا أن نستنتج التالي:٪10 فقط من الشركس يعيشون في وطنهم التاريخي، والباقي (90٪) من الشعب يتوزّعون في بقية العالم على النحو التالي: (5,000,000) في تركيا ، و(100,000) في ألمانيا ، و(100,000) في الأردن ، و(100,000) في سوريا ، و(15,000) في فرنسا ، و(5,000) في الولايات المتحدة الأمريكية ، و(5,000) في إسرائيل ، و(3,000) في هولندا.
وبيانات البروفيسور شينفيلد تعكس الواقع ؛ لأنه أثناء عمليات الإبادة الجماعية في الحادي والعشرين من شهر مايو(أيار) 1864 كان الوضع هو نفسه : 10٪ فقط من السكان المحليين في شركيسيا المحتلة نجوا من الموت، لكن اضطر 90٪ من الباقين للخروج من وطنهم (ملاحظة: حاليا أكثر من 200 منظمة من منظمات المجتمع المدني الشركسية منتشرة في بلدان أجنبية، تكافح بنشاط من أجل حماية حقوق الناس ذوي الأصول الأديغيه للحصول على حق عودتهم الى وطنهم الأم). وأما فيما يتعلق بإجابة شينفيلد للسؤال – عما إذا ارتكبت إبادة جماعية في شركيسيا؟ – ؛ أتت الإجابة كالتالي : “بعد التعرف على الحقائق المقدّمة من قبل كتّاب مختلفين ؛ فإنّه من الصعب تجنب أو تجاهل الإجابة بالإيجاب: هل كانت إبادة جماعيّة ؟ عند الإطلاع على ما كتبه بعض الكتاب ؛ فإنّه من الصّعب تجنب الإجابة بنعم” (الشّركس – إبادة جماعية منسية؟ ستيفن د. شينفيلد، 1999؛ مقالة من “دراسات عن الحرب والإبادة الجماعية“، المجلد 1، في السلسلة “الحرب والإبادة الجماعية“، أكسفورد ونيويورك: دار نشر – كتب بيرغاهن).
)”The Circassians – AForgotten Genocide?” By Stephen D. Shenfield 1999; Article from «Studies on War and Genocide»,Vol. 1, in the series “War and Genocide”, Oxford and New York: Berghahn Books).
والخبير الآخر : الدبلوماسي والخبير الامريكي المعروف (بول ب. هينز) ؛ في بحثه المكرس لكفاح الشراكسة ضد الامبراطورية الروسية ، حيث استنتج أن الأشياء التي حدثت كانت لتضاهي على الاقل إبادة جماعية – ويمكن مقارنتها فقط بالإبادة الجماعية – ، يقول : “ما حدث كان على الأقل مماثلاً لجرائم الإبادة الجماعية” (بول ب. هينز، حاجز شمال القوقاز. المقاومة الشركسية لروسيا. “حاجز شمال القوقاز“، حرر من قبل ماري بينينغسين بروكساب، نشر من قبل هيرست وشركاه عام 2007، صفحة 111).
(Paul B. Henze, “The North Caucasus Barrier. Circassian Resistance to Russia”; “The North Caucasus Barrier”, edited byMarie Bennigsen Broxup، published by HURST & CO. 2007, pg. 111).
وعلى الرغم من أن (مايكل مان) – وهو خبير من جامعة بلفاست – يعتبر المأساة الدموية الشركسية كعمليات تطهير عرقي شديد وليس إبادة جماعية ؛ لكن الواقع المادي المقدّم منه يعادل فعلا الإبادة الجماعية ، ولا يمكن أن تسمى بشكل مختلف ؛ عندما يتم نفي (1,500,00) شخص من وطنهم – من بينهم (500,000) فقط وصلوا الى تركيا، والأغلبية العظمى (1) مليون ؛ ماتوا – . يقول للمؤلف : “هذا يترك ما يقرب من مليون شخص في عداد المفقودين ، ربما معظمهم يعادلون نصف المجموع الكلي لعدد السكان الشركس . ونجمت معظم الوفيات بسبب سوء التغذية وبسبب المرض ، وكان الهدف بالتأكيد التطهيرمن خلال القتل ، ولكن ليس إبادة جماعية” (الجانب المظلم من الديمقراطية: شرح التطهير العرقي، مايكل مان، CUP، 2005، الصفحات 98-100).
(The DarkSide of Democracy: Explaining Ethnic Cleansing, by Michael Mann. CUP, 2005, pages 98–100).
وكرس البروفيسور الأميركي (والتر ريتشموند) دراسة خاصة – نشرت في عام 2008 – حول سياسة الترحيل والإبادة الجماعية الشركسية ،(أنظر إلى: والتر ريتشموند، “شمال غرب القوقاز: الماضي، الحاضر، المستقبل“. روتليدج بريس، 2008).
2008 (see: Walter Richmond “TheNorthwest Caucasus: Past, Present, Future”. Routledge Press, 2008).
وفي الختام، صنف الأستاذ (أنتيرو لايتسينغير)(Antiro Leitzinger) المأساة الوطنية الشركسية على أنها إبادة جماعية لا لبس فيها، وهذا متفق عليه بين جميع العلماء الأجانب – ومن دون اي تردد –؛ أن الإبادة الجماعية للشعب الشركسي التي ارتكبتها روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر كانت أكبر إبادة جماعية في ذلك الوقت. وقد استنتج الباحث ما يلي: “الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد الأمة الشركسية من قبل روسيا القيصرية خلال سنوات القرن التاسع عشر كانت أكبر إبادة جماعية في القرن التاسع عشر. وبالرغم من ذلك؛ فقد تم نسيانها في التاريخ اللاحق بشكل كامل تقريبا، حتى عندما يعلم الجميع بالمحرقة اليهودية، وسمع الكثيرون عن الإبادة الجماعية للأرمن. ولكن يتم بحث جرائم الإبادة الجماعية الشركسية بشكل منفصل وبشكل انتقائي، وكان ينبغي أن نتحدث عن جرائم الإبادة الجماعية بصورة عامة – على المسلمين والمسيحي على حد سواء– والتي أثرت في الكثيرين على نطاق واسع بين عام 1856 وعام 1956، والذي استمر في روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي حتى اليوم(انتيرو لايتسينغير، “الإبادة الجماعية الشركسية “أخبار تركستان“” (السياسي للمنطقة الأوروبية الآسيوية – النشرة 2، أكتوبر/تشرين الأول، 2000).
(Antero Leitzinger, TheCircassian Genocide „Turkistan News”. (The Eurasian Politician – Issue 2, October 2000).
والآن؛ فسأقدم وأعلق على مواد وثائقية استنادا إلى المصادر الروسية والشركسية.
إن أول ما يمكن للمرء أن يلاحظه – من دون أي مجهود -: أن هذه العمليات العقابية التي وقعت في شركيسيا كانت عمليات عسكرية مخططا لها من قبل الأباطرة الروس المستبدين. عبر – بدايةً – عن هذا النهج – رسميا – القيصر نيكولاي الأول (Nikolay I)، في خطاب رسمي مرسل لقائد الجيوش الروسية الخاصة بمنطقة القوقاز– الجنرال إي. ب. باسكيفيتش (I. P. Paskevich) – قائلًا: “وهكذا؛ بعد أن أنجزت عملا عظيما؛ فإن في انتظارك مهمة جديدة ستكون – في رأيي – جليلة، ومن حيث الفائدة المترتبة عليها؛ فلها نتائج أكثر أهمية، وهي قمع السكان الجبليين إلى الأبد، والقضاء على العصاة.”
(الجنرال أ. ب. شيرباتوف، المشير باسكيفيتش ايريفانسكي، بطرسبورغ، 1891، المجلد II، صفحة 229).
(General A. P. Sherbatov – Field MarshalPaskevichErivanski. St. Petersburg, 1891, Vol. II, Pg. 229).
يمكننا أن نلاحظ في هذا الخطاب الرسمي أن رأس الدولة طلب من وحدات عسكرية تابعة له ومن قادة الجيش إخضاع وقهر و إبادة السكان الجبليين– وهم الشراكسة -.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن إمبراطور روسيا اللاحق (ألكسندر) الثاني نوه في مخطوطته الخاصة (special rescript) بالاحتلال العسكري من قبل الجيوش الروسية – والذي بدأ قبل (150) عاما وانتهى بنجاح عام (1864) –، قائلًا : “إنه لإنجاز تحسد عليه – يا صاحب الجلالة القيصرية– ،وهو إنهاء الحروب التي بدأت في القوقاز الغربي قبل قرن ونصف. وهذه أول مرة نستطيع أن نُخبر الشعب الروسي فيها أنه لم تبق في القوقاز ولاحتى قبيلة قوقازية واحدة معادية.” (“أمر جيش القوقاز صادر في السابع والعشرين من شهر يوليو/ تموز 1864 مع إعادة مخطوطة إعلان ألكسندر الثّاني حول نهاية الحرب القوقازية” // مشاكل الحرب القوقازية وطرد الشركس إلى الإمبراطورية العثمانية(في عشرينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر): مجموعة وثائق الأرشيف، الأستاذ ت. ه. كوميكوف. نالتشيك، 2001، صفحة 311).
(„Order of the Caucasian Army of July 27، 1864 with the announcement rescript of Alexander II about the end of the Caucasian War//Problems of the Caucasian War and expulsion of the Circassians to the Ottoman Empire (in 20s and 70s of XIX cent.): Collection of archive documents/ Comp. Professor Kumykov T.H.- Nalchik, 2001- pg. 311.)
في شهر مارس/آذار لعام 1864؛ قدم الدوق الكبير(ميخائيل نيكولايوفيتش) (Mikhail Nikolaevich) تقريره الى وزير الحربية الروسي قائلًا: “كل المسافة في المنحدر الشمالي حتى نهر لابي غربًا، وفي المنحدر الجنوبي من قمة جبل كوبان وحتى توابسه؛ أصبحت فارغة من السكان العدائيين“. وجد مكتوبًا على هذه الوثيقة بخط الملك الروسي (اليكساندر) الثاني: “الحمد للرب!” (“مشاكل حربِ القوقاز و طردِ الشركس إلى الإمبراطوريةِ العُثمانيةِ“؛ مجموعة الموادِ الأرشيفيةِ، نالتشيك، 2001، صفحة 026).
(“Problems of the Caucasian War and expulsion ofthe Circassians to the Ottoman Empire“; Collection of archival materials, Nalchik, 2001, Pg. 260).
في نوفمبر 1863؛ قدم (ألكسندر) الثاني تعليماته الخاصة لـ (إفدوكيموف) (Yevdokimov) – الذي كان قائدا عامّا للقوات الروسية في القوقاز الشمالي الغربي – قائلًا:”من الضروري للغاية أن نجعل حدود المستوطنات الروسية على ضفة نهر (بسيب) حتى لا تكون أي مجموعات قليلة متبقية من السكان الجبليين طعما لأعدائنا في اي حالة حرب مع الدول الأجنبية“.
(تقرير رئيس هيئة الأركان للجيش القوقازي، كارتسوف، إلى ايفدوكيموف، قائد منطقة كوبان // مشاكل الحرب القوقازية طرد الشركس إلى الإمبراطورية العثمانية، مجموعة من المواد الأرشيفية، نالتشيك، 2001، صفحة 233).
(The attitude of Chief of Staff of the Caucasian Army Kartsov toYevdokimo، the Commander of the Kuban region.// Problems of the Caucasian War and expulsionof the Circassians to the Ottoman Empire; Collection of archival materials, Nalchik, 2001, page233).
والحقيقة الواضحة؛ هي أن القيادة العسكرية الروسية كانت لديها خطة بديلة لحل المشكلة الشركسية بشكل جزئي. فعلى وجه الخصوص، وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1860- أي: بعد عام من وضع شاميل في السجن – عندما اجتمع (أ. إي. باراتينسكي) (A.I.Bariatinsky) القائد العام لجيش القوقاز في (فلاديكافكاز) مع أربعة جنرالات آخرين للجيوش الروسية المكلفة بالقوقاز– وهم: (د. أ. ميليوتين) (D. A. Miliutin)،و (ج. إي. فيليبسون) ( G.I. Philipson)، و(ن .إي. إيفدوكيموف)Yevdokimov) N. I.)، و (د. إي. ميرسكي)(D. I. Mirski)، – لمناقشة سبل حل القضية الشركسية ؛ كانت هناك خطط اكثر انسانية تم حشد الدعم والتأييد لها من قبل الجنرال (فيليبسون)الذي كان يرى إعطاء الاولوية لتنفيذ خطط قصيرة المدى بمساعدة من مقاتل سابق مع شاميل في المقاومة ضد روسيا، وهو : محمد أمين. وفقا لـ(فيليبسون): بعد تنفيذ الخطة؛ كان يسهل على السلطة بسط سيطرتها على القوقاز، وربما كانت تحتاج الى توزيع وحدات عسكرية على النقاط الهامة فقط، وقطع الأشجار والغابات لتعبيد الطرق، وسوف تختار ادارة مناسبة جنبا إلى جنب مع عناصر من السكان المحليين لتصريف الأعمال اليوميّة التي ستتضمن السماح للشركس بالتجارة مع الدولة التركية. “مذكرات الجنرال (د. ا. ميليوتين) في “سفري إلى منطقةِ كوبان و ساحل البحر الأسود” // النتائج المأساوية للحربِ القوقازيةِ على الأديغه (النصف الثاني من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين): مجموعة الوثائقِ والموادِ؛ نالتشيك، 2000. صفحة 29).
لكن إقتراحات فيليبسون رفضت مِن قِبل الجنرالِ (ن. إي. إيفدوكيموف) الذي دَعمَ فكرة طرد السكانِ الشركس مِنْ أراضيهم المحليةِ إلى تركيا، واستيطان الأراضي الشاغرة بالقوزاق – خصوصاً فيما يتعلّق بالشابسوغ، وهم سكان شمال سوتشي بمحاذاة ساحلِ البحر الأسود -. لقد إفترضَ(إيفدوكيموف) إكْمال طردِ الشركس مِنَ القوقاز في غضون مدّةِ سنتين أو ثلاث سَنَواتِ (راجع أيضاً الصفحات 29-30). وقد شارك كل من(بارياتينسكي) و(ميليوتين) الجنرالَ (إيفدوكيموف) موقفه، فقبلت خطة الأغلبية المتضمنة الدمار المادّي للشركس وطردَهم مِن وطنِهم –وباصطلاح اليومِ: الإبادة الجماعية -. قالوا: “إنّ الطريقَ الموثوقَ الوحيدَ لنعزز سيادتِنا في غرب القوقاز هو احتلال مساحات من الجبال والتّلال لسكانِنا القوزاقيين على كلا الجانبين من السلسلة الجبلية…” (الاعمال التي جمعت من قبل لجنةِ أثرية خاصّة بالقوقاز – تبيليسي، 1904، المجلّد12، صفحة 665).
وجدير بالاهتمام الكبير؛ أن هذه الخطة من قبل (إيفدوكيموف) صدّقت كخطة للعمل مِن قِبل زعيم الدّولة الإمبراطور (ألكسندر) الثاني، الذي طَلب مِن أتباعِه أن يَطْردوا الشركس في كل الحالاتِ مِنَ الوطن الأم إلى تركيا أو إلى المستنقعات قرْب منطقة (كوبان). قال الجنرال (د. أ. ميليوتين)متذكرًا: “حسب ما كان مدرجاً في عام 1860؛ كَانت فكرة خطةِ العمل لكوبان تشمل التطهير الكامل لمنطقةَ الجبال من السكانِ الأصليين بإجْبارهم على اخْتيار أحد أمرينِ: إما أن ينتقلوا إلى أماكنَ محدّدة لهم – تقع على السهول – ويخضعوا خضوعًا تامًّا للحُكم الروسي، أَو: التخلّي عن الوطن والتّوجّه إلى تركيا. وكان يُفترض أنْ يُشغر الخَط الجبلي بقرى وتحصينات القوزاق المتقدّمة على طول الطريق مِنْ نهر (لابا) إلى ساحلِ البحر الأسود“. (د. أ. ميليوتين: مذكرات // حصار القوقاز. ذكريات المشاركين في الحربِ القوقازيةِ في القرن التاسع عشر. سان بطرسبورغ، 2000. الصفحات 593 – 594).
إن التحقق من الإبادة الجماعية تم وفقا للقواعد المحددة بدقة من قبل؛ فإن تخفيض العدد الإجمالي للسكان المحليين كان مقررا، وذلك باستخدام الوسائل التالية: • قتل الناس. • حرق قرى الناجين وتحويلها إلى رماد. • تدمير احتياطي المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية. • طرد السكان.
“لقد كانت الحرب عنيفة وقاسية وصارمة. انتقلنا إلى الأمام رويدا رويدا ولكن بثبات، وذلك بتنظيف كل جزء من الأرض من سكان الجبال وحتّى آخر إنسان. تم احراق مئات من القرى – أي: القرى الجبلية – وتحويلها إلى رماد مباشرة بعد ذوبان الثلوج، ولكن قبل ازهار الاشجار بالإخضرار– في شهري فبراير/ شباط ومارس/أذار –؛ أبيدت المحاصيل حتّى داست عليها الخيول. وأما سكان القرى؛ فمن قبض عليه عائدًا؛ كان يؤخذ على الفور تحت الحراسة إلى أقرب موقع، وبعدها يرسل إلى شواطئ البحر الأسود، ومن ثم الى تركيا“؛ قال (فينيكوف م. آي.) في “تاريخ الاستعمار في القوقاز الغربي“. 1861-1863 / / التاريخ الروسي. عام 1878، يونيو/حزيران، صفحة 249).
(Venyukov M.I. To the history of colonization of the West Caucasus.1861-1863//Russian history. 1878, June. Page 249).
واعتبر الجنرال (فيليانيموف أ. أ.) (Velyanimov A.A.) إثارة المجاعة المصطنعة على نطاق واسع الوسيلة الفعالة والضرورية لتجاوزالشعب الشركسي في أقصر فترة.
“فيليامينوف أ. أ. اعتبر… التجويع هو الأسلوب الوحيد لقهر سكان الجبال في أقصر وقت ممكن” (القوقاز والإمبراطورية الروسية: مشروع –أنت، أفكار أوهام وواقع. بداية القرنين التاسع عشر والعشرين، سان بطرسبورغ، 2005. صفحة 74).
وبممارسة نفس الأسلوب؛ أعرب الجنرال (غييمان ف.) (Geiman V.)عن أمله بأن السكان المحليين الشركس؛ إما أن يموتوا جوعا، أو ينتقلوا عبر شاطئ البحر للاستقرار في تركيا. كتب الجنرال في تقريره عام 1864: “يتم حرق القرى الجبليّة والاحتياطي من الخبز والفاكهة. من المنطقي أن يفترض أن السكان سيكون عليهم إما أن يموتوا جوعاً خلال فصل الشتاء، أو أن ينتقلوا إلى نقاطنا على شاطئ البحر للتّرحيل إلى تركيا” (مشاكل الحرب القوقازية وطرد الشركس ضمن نطاق الإمبراطورية العثمانية، نالتشيك، عام 2001. الصفحة 336).
في الوقت نفسه، وفي الفترة ذاتها؛ فرض جنرال آخر نفس الإجراءات تماماً؛ ،تحديداً، الجنرال (أوريخوف آي.)، حيث قرر في عام 1864 أنه لإنجاز خطة العمل المعدة سلفا؛ “كان هناك ضرورة لبدء الحملة في أواخر الخريف؛ عندما تكون الموارد جاهزة عندهم – أي : الشركس؛ م. ش. – لفصل الشتاء، ومن ثم تدمير هذه الموارد؛ لوضع القبائل بمواجهة حتمية؛ إما أن يطردوا، أو أن يموتوا من الجوع. وتم فعل ذلك في خريف هذا العام” (أوريخلوف آي. آي.Orekhov I.I.إلى المنحدر الجنوبي من القوقاز الغربي / / مجموعة عسكرية. عام 1869، رقم 9. صفحة97).
على الرغم من القسوة التي مارستها روسيا القيصرية؛ فإن قادة المجابهة الشّركسية لم يفقدوا بريق الأمل أبدا، وأعربوا عن التزامهم بالدّخول في الإمبراطورية الروسية تحت شرط أنه يسمح لهم بالاقامة على أرضهم. ومن أجل حل سلمي للمسألة، فقد تألف الوفد الشركسي–الأوبيخي من حسن بيتخيف الابادزيخي (Abadzekh Hasan Bitkhev)، و(كيرين – توك – برزج) من الوبيخ (Ubikh Keren-Tuk-Berzeg)، وإسلام تخاشيف من الشابسوغ (Shapsugh Tkhachev). وصل هذا الوفد إلى جورجيا ممثّلاً عن مجلس الشعب الشركسي، وفيما بعد – وبنفس المطلب – طالبوا بالاجتماع مع الإمبراطور (الكسندر) الثاني الذي كان وقتئذٍ في كوبان. لكن، وللأسف؛ لقيت هذه المبادرة السلميّة للشّركس والوبيخ نفس المصير الّذي لقاه مشروع الجنرال (فيليبسون)؛ لأن روسيا لم تكن مهتمة بحل هذه المسألة بالوسائل السياسية.
وعليه؛ يتمثل موقف روسيا في النّداء الموجّه من الجنرال (ميليوتين د. أ.) – وزير الحرب – إلى الأمبراطور (الكسندر) الثاني، حيث أصر الجنرال على أنه لن ينحرف عن خطة الإبادة الجماعية التى أعدت مسبقا؛ كتب الوزير – في 29 أغسطس/ آب 1861 – قائلا: “سموالامبراطور!اسمح لي أن أبيّن أن الاتحاد المكون حديثا بين ثلاث أمم من غرب القوقاز سيبقى صعب التنفيذ. الشابسوغ والأوبيخ والأبادزيخ قاموا بإرسال وفد إلى تبليسي من أجل المفاوضات، وهذا الوفد المذكور مستعد للاجتماع بسموّكم أثناء رحلتكم الى منطقة كوبان … إن وصول الوفد القوقازي وتأكيداتهم يجب أن لا تؤثر على انجاز خطة عملنا في غرب القوقاز، فيتعيّن علينا أن نواصل بشكل قاطع استعمار تلك الاراضي من قبل القوزاق، وبما أنّي لا استطيع الإنحراف عن عقيدتي المعروفة؛ في أن تهجيرالسكان الاصليين من الجبال، وبالتّالي احتلال أماكنهم من قبل القوزاق؛ سيمكننا من التحكم بشكل جوهري في تلك المنطقة…” (صكوك، جمعت من قبل لجنة القوقازللمبادئ الاساسيّة. المجلّد 12. الصفحات 932 – 933. سجل عمومي لمدير وزارة الحرب، الجنرال أدجوتانت ميليوتين، صادر في 29 من شهر آب/أغسطس 1861، المجلد 12، صفحات 932-933).
(“Overall note of Administrator of the Military Ministry” by Generaladjutant Milyutin, Acts,collected by the Caucasian Archaeographic Commission, Tiflis. Vol. XII. Page 932-933).
وشدّد قائد القوات العسكرية لمنطقة كوبان – الجنرال (ن. آي. إيفدوكيموف) – أيضا على حتمية الإبادة الجماعية للشركس وفائدتها العظمى للدّولة، قائلًا : ” لا شك أن إعادة توطين سكان الجبال العنيدين في تركيا هو الإجراء الرسمي الأبرز الذي يسمح بإنجاز الحرب في أقصر فترة وبدون مجهود من جانبنا” (بيرجه أ. ب.، “طرد سكان الجبال من القوقاز“// التاريخ الروسي. سان بطرسبورغ، 1882، مجلد 33، صفحة342).
(Berzhe, A.P., “Eviction of mountain-dwellers from Caucasus”//Russian history. St. Petersburg, 1882, Vol. 33. page 342).
هذا الجنرال نفسه؛ أقر في عام 1864 بالجريمة المقترفة، وكتب – نفسه – بصراحة عن مستوياتها: “في عام 1864؛ ارتكبت هذه العملية، ولا يوجد مثال في التاريخ لما حصل؛ إن اكبر مستوطنات الجبل التي كانت ذات قيمة عالية، وكانت مسلحة وقادرة على ممارسة فنون الحرب، وكانت تحتل منطقة (زاكوبانسكي) الواسعة – من منطقة (كوبان) العليا الى (أنابا) (Anapa) – والمنطقة الممتدة من المنحدر الجنوبي لمضيق القوقاز الضّيّق من خليج (سودجوكي)(Sudjuki)الى نهر (بسيب)؛ قد اختفت فجأة من هذه الأرض…” (تقرير إيفدوكيموف، صفحة 88 – “Report of Yevdokomov“، Pg. 88).
كان هدف قائد جيش القوقاز – الدوق (ميخائيل نيكولايفيتش) -: إبادة السواد الأعظم من السكان المحليين. وفي 10 نوفمبر/تشرين الأولمن العام1863؛ كان يحاول مرة اخرى إقناع وزير الحربيّة – (أ. ميليوتين) – بضرورة القيام بمثل هذه الاعمال؛ قال: “في الوقت نفسه؛ فإن طبيعة المنطقة الساحلية في السّهول بالقرب من كوبان وعادات سكان هذه المنطقة الواسعة تختلف عما يمكننا تقديمه لسكان الجبال، والنتيجة الكائنة هي أن غالبية السكان يجب ان تتم إبادتهم؛ لا سيما وأنهم لن يوافقوا على تنفيذ مطالبنا“.
(“مشاكل الحرب القوقازية وطرد الشركس إلى نطاق الإمبراطورية العثمانية“، مجموعة من مواد الأرشيف، نالتشيك، 2001، صفحة 228).
(“Problems of Caucasian war and eviction of Circassians within Ottoman Empire“. Collection of archive materials, Nalchik, 2001, Page 228).
ذكر المؤرخ العسكري من القرن التاسع عشر (ر. أ. فادييف) – (R. A. Fadeev) – أن الإمبراطورية الروسية احتاجت فقط الأرض الشركسية، ولم يكن لها حاجة بالشراكسة انفسهم؛ ويقول: “أرض سكان (زاكوبان) كانت ضرورية للدولة، والدولة لم تكن محتاجة للشعب الشركسي“. (“العواقب المأساوية للحرب القوقازية على الأديغيين (النصف الثاني من القرن التاسع عشر– بداية القرن العشرين)، نالتشيك، 2000، صفحة 162).
(“Tragic consequences of Caucasian war for Adygians (the second half of the XIX cent. –beginning of the XX cent.)“ , Nalchik, 2000, Page 162(.
أكد أحد المشاركين المباشرين في حرب القوقاز التي جرت في القرن التاسع عشر: (م. آي. فينيوكوف) – (M. I. Venyukov) – أن مؤلف“مشروع مستوطنة غرب القوقاز” – الدوق (إيفدوكيموف) – عمل ما بوسعه لجعل حياة الشّركس لا تطاق لأقصى حد، واعتبر أن تخفيضا كبيرا في عدد السكان المحليين عن طريق تعريضهم للهلاك أمر لا مفر منه، وقد فعل ما في وسعه لتحقيقية؛ ،قال: “…الدوق (إيفدوكيموف)؛ الّذي كان المدير التنفيذي المباشر المسؤول عن “مشروع استيطان غرب القوقاز“، لم يهتم بمصير سكان الجبال الّذين تم طردهم إلى السهول بالقرب من كوبان. وقد اعتقد اعتقاداً جازماً أن افضل نتائج الحرب – التي كانت طويلة المدى وباهظة الثمن بالنسبة لروسيا – كانت هي طرد كل سكان الجبال إلى خارج وطنهم إلى ما وراء البحار. وقد اعتبر أنمن بقي من السكان بالقرب من (كوبان) كأمة مسالمة هو شَر لا بدّ مِنْه؛ فعمل ما في وسعه لتخفيض عددهم وجعل ظروف حياتهم مستحيلة” (فينيوكوف م.، “الذكريات القوقازية (1861-1863) // الأرشيف الروسي – موسكو،1880 الكتاب الأول، صفحات 435-436).
(Venyukov M., “Caucassian recollections (1861-1863)”// Russian Archive – Moscow, 1880. Book I, pages 435-436).
كتب المؤرخ العسكري (ر. أ. فادييف) عن هذه الحقيقة مبينًا أنه كان من المهم جدا إبادة نصف العدد الكلي لسكان الجبال (الشركس)؛ من أجل جعل النصف الباقي ينهي كل أنواع المقاومة وينصاع للمستعمرين؛ وقال: “كانمن المهم إبادة نصف سكان الجبال لجعل النصف الاخر يلقي أسلحته”(“العواقب المأساوية لحرب القوقازعلى الأديغيين (النصف الثاني من القرن التاسع عشر– بداية القرن العشرين) نالتشيك، 2000، صفحة 160).
(“Tragic consequences of Caucasian war for Adygians (the second half of the XIX cent. –beginning of the XX cent.)” , Nalchik, 2000, Page 160(.
وقد أعطتنا افعال الجنرال (ب. د. بابيتش) (P. D. Babich) ضد قبيلة (بجيدوغ) صورة واضحة عن انعدام الرحمةفي إخضاع المجموعات العرقية الشركسية الفرعيّة التي تكافح من أجل الاستقلال؛ حيث أباد (44) قرية من قرى (البجدوغ) مِنْ 18 يناير/كانون الثّانيحتى 7 فبراير/شباط1859 (للمقارنة: فان خمسين الفا من السكان – وهم إجمالي السكان الأباظة(Abaza) – يقيمون في 29 قرية في جمهورية كاراشاي–شركيسيا(Karacha-Circassia) الجديدة بدلا من 44 (!)). قال: “قام الجنرال (بابيتش) بقطع الغابة الّتي تغطّي مساكن قبيلة (البجدوغ) وقام باحتلال أراضي هذه القبيلة، وأباد 44 قرية، وبقي السكان المحلّيّون في وسط قراهم المغطاة بالثلج في العراء بدون سقف ولا غذاء، معرضين للغزو المستمر من قبلنا، وقد فهموا أن من المستحيل الاستمرار في حماية أماكنهم منّا” )“تقرير المشير الميداني العام، الكونت أ. آي.بارياتينسكي للأعوام 1857-1859. صفحة 1285).
(“The Report of the General-Field-Marshal, the count A.I. Baryatinskiy for 1857-1859”, page 1285).
وعلى سبيل المثال؛ فإن من المهم أن توصف عملية إبادة جماعية أخرى، ارتكبت من قبل المجرم العسكري الجنرال (غ. خ. زاس) (G. Kh. Zass)، يصف لنا أحد المشاركين في الحرب القوقازيّة – (فيدوروف م. ف.) ما قام به الجنرال (زاس) في الأعوام 1834-1836 من تدمير القرى التالية: (سووت)، و(خويست)، و(خوشيلك)، و(ليزيروك)، و(تايليس)، و(تلابغاي)، و(تاموف)، و(فسفير)، إلخ… (Sout,Khoist, Khochelek, Lezerok, Tailis, Tlabghai, Tamov, Fesfir,. etc). (م. ف. فيدوروف، مذكرات المعركة في القوقاز لفيدوروف من 1835 حتى 1842“// مجموعة قوقازية، عام 1879. المجلد الثالث. الصفحات 50-52، انظر أيضا الى كتاب شربينا ف. أ.، تاريخ قوات قوزاق كوبان. المجلد الثاني. إعادة طبع النسخ. كراسنودار، 1992، صفحة 406).
(Fedorov, M.F., “Battle notes in Caucasus from 1835 to 1842“//Caucasian collection”, 1879, Vol. III., Pages 50-52, See also Sherbina, F.A., “History of Kuban Cossack troops”, Vol. II, Reprint reproduction. Krasnodar, 1992, page 406).
كان الجنرال (زاس) يهدف إلى أن يرهب الشّراكسة؛ وأن يبقيَ السّكان المسالمين تحت تأثير الخوف الدائم؛ فكان يأمر باستعراض رؤوس الشّركس المقطوعة على أسنة الرماح في مراكز التجميع في القرى المحتلة. ومن المعروف – أيضا – تاريخيًّا؛ أن الجنرال (زاس) ساوم على جماجم الشركس في روسيا وكذلك في المانيا. وقد وُصِفتْ أعمال (زاس) في مذكرات (الديسمبري) من قبل أحد المشاركين في الثورة الفاشلة – (ن. آي.لورير) -: “أبقى (زاس) – من أجل المحافظة على فكرة التخويف – الرؤوس الشّركسيّة على أسنّة الرّماح على رابية تقع بالقرب من (بروتشني أوكوب) (“Prochny Okop“)، وسدلت لحاهم في مهب الريح، وكان هذا منظرا حزينا وبشعًا” (راجع ملاحظات “الديسمبري” ن. آي.لورر” – موسكو، 1931، صفحة 248).
(“Notes of Decembrist N.I. Lorer” – Moscow, 1931, page 248).
صنفت هذه الحقائق – وغيرها مما يعكس الإبادة الجماعية الشركسية – من قبل الخبراء سابقا كمحاولة إبادة جسدية وجماعيّة للسكان. وقد ولد انعدام الرحمة هذا شعورًا بالمعارضة لدى قادة جيش الاحتلال الروسي القائم. فعلى سبيل المثال؛ سخط الجنرال (ن. ن. رايفسكي) (N. N. Raevski) بسبب اتساع نطاق المأساة الشّركسيّة، فتقاعد، وذكر في تقريره: “أنا الثّائر الأول والوحيد ضد الأعمال العسكرية في القوقاز، ولذا فإني مجبر لترك هذه الديار. لقد ذكرتنا أعمالنا في القوقاز بالكوارث التي فعلها الإسبان أثناء احتلال أمريكا [اللاتينية]، لكنني لا أرى هنا أي أفعال حسنة أو بطولية، ولا أرى نجاحا مماثلًا لإخضاع (بيتزار) و(كورتيس). دعونا نأمل أن لا يترك غزو القوقاز تبعاتٍ دمويّةً في التاريخ الروسي مشابهًا لتلك التي أحدثها الغزاة في تاريخ إسبانيا” (أعمال، التي تم جمعت من قبل لجنة القوقاز لوصف الآثار القديمة. تفليس، المجلد 9، الوثيقة434، صفحة 504).
(Acts, collected by the Caucasian Archaeographic Commission. Tiflis. Vol. IX, document 434, page 504).
وبأخذ هذا بعين الاعتبار؛ فإن الحقيقة الأكثر أهميّة هي أن العرقيات الشّركسيّة لن تستطيع نسيان أحداث القرن التاسع عشر، وأنها تدرك تلك الأحداث المأساويّة بشكل كافٍ، وتصنفها – لا شعوريًّا – على أنها إبادة جماعية. وقد أوضح المؤرخ الروسي (آي. آي. كوتسنكو) (I. I. Kutsenko) هذه الحقائق بأسلوب ومهارة عاليين، قائلًا: “من المستحيل إخفاء الحقيقة حول الإبادة الجماعية. إن الذّكريات لا تزال حاضرة عند سكان جمهوريات الأديغيه، وهيتكتسب تفاصيل جديدة، وهذا يعطيهم اهتماما متزايدا. وتصبح ذكريات الماضي المأساوي والدموي أكثر ألمًا في 21 مايو/أيار –الذكرى السنوية لانتهاء الحرب القوقازية -. لقد أصبح هذا التاريخ يوم حداد لكثير من الناس، وهكذا بقيت الإبادة حاضرة في شكل إدراك جماعي للسكان الأصليين، ولعدد كبير من الروس أيضاً، ولكنها تبقى غير معترف بها رسميا من قبل السلطة السياسية في روسيا والإدارات المحلية المطيعة لها“. (كوتسينكو آي. يا. الحقيقة والتزوير، نالتشيك، 2007، صفحة 82).
(Kutsenko, I. J., “Truth and fraud”, Nalchik, 2007, page 82).
وفيما قد يبدو مفاجئا – بسبب كون الحدث تحت الرقابة السوفياتية –؛ كتب المؤرخ الروسي (بيساريف ف. آي.) عن الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة في العام 1940 بموضوعيّة، قائلًا: “على مدار 100 عام تقريبا – من نهاية سبعينيات القرن الثامن عشر وحتى عام 1864 –؛ كانت المحاصيل والخبز تخرّب وتحرق بشكل منتظم في القرى الجبليّة من قبل قوات القيصر والقوزاق، وكانت الأواني تسرق، والنساء والأطفال وكبار السّن يُستعْبدون. لقد تمت إبادة الناس المسالمين بلا رحمة، وجرى الدم كالماء“. (بيساريف ف. آي. أساليب احتلال الشّعب الأديغي من قبل القيصرية في النصف الأول منالقرن التاسع عشر / / الملاحظات التاريخية. موسكو، 1940، المجلد 9، صفحة 155).
(Pisarev, V. I., “Methods of conquest of Adygian people by Tsarism in the first half of the XIX cent.//Historical notes”. Moscow, 1940, Vol. 9, page 155).
ولم يتجنب بعض العلماء الروس – مثل (س. س. مينتس) (S. S. Mints) ، و(غروموف ف. ب.) (V.P. Gromov)، و(بولوفنكينا ت.ف.) (Polovinkina T.V.) وغيرهم – الحديث عن الإبادة الجماعية، وكانت لديهم الجرأة على الحديث عنها. لقد كان البحث الموضوعي موجودًا – بلا شك – في التاريخ الروسي السوفياتي. والمثال التقليدي على ذلك كانت الأحداث الموصوفة من قبل (جاكوب أبراموف) (Jacob Abramov) في عشرينيات القرن العشرين، وقد كانت معتمدةً – كما في حالة الأكاديمي (سيمون جاناشيا) (Simon Janashia) – على ذكريات الشهود. لقد وصف هذا المؤرخ [ابراموف] مشاهد التهجير الشّركسي إلى شاطئ البحر الأسود بالتفصيل؛ يقول: “لقد بقى الشراكسة كل هذا الوقت على شاطئ البحر وتحت السماء المفتوحة بلا أية وسائل للعيش. إن المعاناة التي كابدها السكان الجبليّون لا يمكن أن توصف؛ كان الآلاف منهم– حرفياً ، وبكل معنى الكلمة – يموتون من الجوع. وفي الشتاء؛ كان يُضاف إلى الجوع البرد، وكان الشاطئ الشمالي الشرقي للبحر الأسود ممتلئاً بالجثث وبالناس الّذين يحتضرون، بينما كان النصف الآخر – الحي – مستلقيا أيضاً بضعف شديد بانتظار حلول وقت إرسالهم إلى تركيا. وقد روى الشهود قصصًا مرعبةً عن ذلك الوقت؛ هذا أحدهم يروي عن جثة إمراة تحتضن طفلها المتيبّس، وآخر عن كومة من الأجساد البشريّة متصل بعضها ببعض – للحفاظ على حرارة أجسادهم – ومتجمّدين في هذا الوضعِ، الخ” (ابراموف يا.، “القوقازيّين الجبليّين. كرسنودار، 1927، صفحة 7).
(Abramov, J., “Caucassian Mountain-dweller”, 1927, Page 7).
وكانت تقييمات مماثلة [تعكس الإبادة الجماعيةَ القوقازيةَ] سمة لمقال الباحثة الروسيّة (تامارا بولوفينكينا) الّذي نشر مؤخّرًا، وتميّز بوفرة المادّة العلميّة والعواطف الجياشة للكاتبة (راجع تمارا بولوفينكينا، ” شركيسيا – ألمي وأملي، 2011).
)Polovinkina Tamara: Circassia – my pain and hope, 2011(.
أحب أيضاً أن أشرح مسألة هامة، تعتبر ذات أهمّيّة للبحث في الإبادة الجماعية الشّركسيّة؛ وهي أنه – لسبب ما – اعْتُبِرَت السنوات بين (1763)وحتى (1864) الفترة الأكثر نشاطا في الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة –فقط–، وهو الذي لا نتفق معه بشكل مطلق. نعم؛ إن تلك الفترة كانت نشيطة جدا بالنظر إلى العمليات العسكرية، لكن الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة استمرت إلى بداية القرن العشرين؛ حتى العام (1907) عندما تم تبني الوثيقة الأكثر أهمية في تاريخ البشرية – اتفاقية لاهاي – في الثّامن عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من عام (1907) التي عنيت بـ “قوانين وأعراف المعارك البرية“.
والحقائق التاريخية التالية تعتبر هامة في بيان هذه المسألة:
في الفترة من (1871) ولغاية (1881)؛ تم تهجير (428) عائلة أديغيه من منطقة (كوبان)، وفي الفترة من (1882) ولغاية (1883)؛ تم تهجير (1381) عائلة.
وفي العام (1887)؛ قررت الحكومة الروسية تجنيد الأديغه–الشّركس المقيمين في منطقة (كوبان)، مما أدى إلى إحتجاج من قبل السكان المحليين.وفي نهاية المطاف؛ اتفق الطرفان على أن تُهجّر القرى الأديغيّة إلى الدّولة العثمانيّة. وفي أكتوبر/تشرين الأوّل من عام (1888)؛ تم إعادة توطين(3333) شخصاً من سكّان قرية (خاجيموخوف) – (Khajimukov) – في أراضي الإمبراطورية العثمانية.
وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثّاني من عام (1889)؛ تم تهجير ست قرًى شركسيّة إلى الأراضي العثمانيّة بناءً على “تصريح” من الإمبراطور.
وفي العام (1890)؛ تم ترحيل سبع قرًى من وحدات (إيكاتيرينودار) – (Ekaterinodar) – ونهر (لابي) – (Labi) –؛ لأن الحكومة الروسية احتاجت أراضيهم.
وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر؛ تم إعادة توطين (20,000) شخص مِنْ منطقةِ (كوبان) إلى الإمبراطوريةِ العُثمانيةِ.
وفي نهاية العام (1890)؛ أعيد توطين (260) من القباردي – (Kabardians) – مِنْ منطقةِ (تيرغي) – (Tergi) – إلى دمشق.
وخلال الأعوام (1900) إلى (1907) ؛ أُعيد توطين (8000) من القباردي تقريباً إلى الإمبراطوريةِ العُثمانيةِ، وكان ذلك أحد آخر أفعال الإبادة الجماعيةِ الشّركسيّة من قبل الإمبراطوريةِ الروسية.
لقد تم تفعيل الرأي الأديغي العلمي فيما يتعلق في الإعترافِ بالإبادة الجماعية الشركسية بشكل بارز منذ نهاية الثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث تعقد – وحتى يومنا هذا – في كل عام تقريبًا المنتديات والإجتماعات العلميّة والإجتماعيّة في كافة أنحاء المناطق الشركسيّة الثلاثة ذات الحكم الذاتي.
ومن الجدير بالذكر؛ أنه – وفي 24-25 من شهر أبريل/نيسان عام (1990) – قام المشاركون في منتدى (كوشيهابل) –(Koshehable) – (تاريخ – ملكية عامة) بتبنّي توصيةَ مشتركةَ توصلوا من خلالها إلى حقيقة أن الأعمال الإستعماريّة لروسيا القيصرية في القرن التاسع عشر في غرب القوقاز يجب تقييمها على أنهّا سياسة إبادة جماعيّة، وأن نضال الأديغيين كان ضد الإستعمار وأخذ طابعاً تصاعدياً، وكان سعيهم موجّهاً للحفاظ على الحرّيّة والإستقلال؛ وقالوا:
“كما هو واضح من مواد هذا المؤتمر؛ فإن السياسة الروسية القيصرية كانت في هذه المنطقة استعمارية وعدوانية، وترتبط مع الغزو والإبادة الجماعية وطرد جزء كبير من الشعب الأديغي (الشركسي) وجزء من أمم أخرى من وطنهم” (National-Liberating Struggle of North Caucasus people and Mohadjirproblems: Material of the All-Union Scientific-Practical Conference of October 24-26, 1990. Nalchik, 1994. Page 260).
لقد تم تدارس موضوع الإبادة الجماعية الأديغيّة–الشّركسيّة بشكل مفتوح وشامل في أوقات مختلفة في برامج عمل المؤتمر العلمي التالية :
“الحرب القوقازية : دروس من التاريخ والأيام الحاضرة” (كراسنودار، مايو/أيار 1994)
“العرق الأديغي : تاريخ و آفاق” (مايكوب، 24-25 أكتوبر/تشرين أول 1996)
“الحرب القوقازية في تاريخ شعوب شمال القوقاز” (مايكوب، 5-8 مايو/أيار 1999)
“(بيسلاني) في السياق التاريخي الإثني للعرقيين الأديغه” (مايكوب، 1 يونيو/حزيران 2001)
“الحرب القوقازية: الدروس والوقت الحاضر” (مايكوب، 20-21 مايو/أيار 2004)
المائدة المستديرة الدّوليّة: “الأديغه (الشركس) في القرن التاسع عشر: مشاكل الحرب والسلام” (مايكوب، 21 مايو/أيار 2009).
Caucasian war: lessons of history and the present days (Krasnodar, May, 1994);
“Adygian ethnos: history and prospects” (Maikop, October 24-25, 1996);
“Caucasian war in the history of North Caucasus people” (Maikop, May 5-8, 1999);
“Besleney in historical and ethno-cultural context of Adygian ethnos” (Maikop, June 1, 2001);
“Caucasian war: lessons and the present days” (Maikop, May 20-21, 2004);
International Round Table “Adygians (Circassians) in the XIX cent.: Problems of war and peace” (Maikop, May 21, 2009).
إن العلماء والخبراء من الإثنية الشركسية مجمعون في استنتاجاتهم بشأن جرائم الإبادة الجماعية الشركسية؛ حيث يعتبر جميع المؤرخين تقريبًا أن الإمبراطورية الروسية اقترفت الإبادة الجماعية بحق الشعب الشركسي في القرن التاسع عشر، وهو ما يعني ضمنًا إبادة أو تهجير 90٪ من هذه الأمة من وطنهم وتوطينهم بالقوّة في دول الشرق الأدنى؛ كما هو الحال في جمهورية أديغيه (Adyghe)، وكراشيفو – شركيسيا (Karacha-Circassia)، وكذلك في قباردينو – بلكاريا (Kabardo -Balkaria) (راجع عسكر سوخت (Asker Sokht)، التاريخ الشركسي والأيام الحاضرة. الجزئين 1 و 2. وكالة الأخبار السياسية 2010.04.22).
See Asker Sokht, Circassian history and the present days. Parts 1 and 2. Political News Agency, 2010.04.22
وحتى العلماء الذين يعتبرون أن مستقبل الأديغه هو فقط في ظل الإمبراطورية الروسية؛ يعتقدون ذلك. فعلى سبيل المثال؛ كتب المؤرخ الخبير – من مايكوب – (أسخاد شيرغ) – (Askhad Chirg) – عن الإبادة الجماعية الشركسية – بالاعتماد على المصادر القيصرية الوفيرة): “نحن –فقط – بحاجة للحقيقة حول الإبادة الجماعية الشركسية، ولا يمكننا بناء الصداقة بين الشعوب على الأكاذيب. لا تزال جمهورية أديغيه جزءا لا يتجزأ من روسيا، والشركس يكون مستقبلهم فقط مع الشعب الروسي ضمن الإمبراطورية الروسية“. (يحاول مسؤولوا الإمبراطورية تبرير الإبادة الجماعية ضد الشعب الشركسي – kavkasia.net/Russia/article/1272517654).).
وفي الوقت نفسه؛ يعبر رسلان كيش – العضو الناشط في الحركة الوطنية–التحررية الشركسية، وأحد واضعي المشروع القومي الشركسي – عن موقف مماثل تجاه الإبادة الجماعية في مقاله “الإبادة الجماعية للشعب الشركسي” (تبليسي، 2010).
إن نتائج البحث العلمي من قبل الشتات الشركسي تمثل استنتاجات السكان المحليين. وفي هذا الصدد؛ صدرت دراسة جديرة بالذكر في العام(2010) من قبل الكاتب والمؤرخ الكبير قادر ناتخو (Kadir I. Natho) – الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية – بعنوان: “التاريخ الشركسي” – الولايات المتحدة الأمريكية، مكتبة الكونغرس. شركة إكسليبيريت (Xlibris Corporation) – . وقد كرس الفصل السادس من الكتاب كليا لقضايا الإبادة الجماعية الشركسية؛ حيث بين أن الإمبراطورية الروسية وطّنت الروس والقوزاق على الأراضي التي “طهرتها” من الشركس نتيجة للإبادة الجماعية، وبالتالي استعمرت هذه الأراضي. ويقول الكاتب:
“من الواضح أنه كان على روسيا – لإنجاز الإبادة الجماعية ضد الأمة الشركسية – أن تتبع سياسة التدمير المادي الشامل للسكان الأصليين الشركس واستعمار الأراضي الشركسية “المطهرة” من قبل السكان الروس والقوزاق“، قادر ناتخو. الصفحة 366. (CIRCASSIAN HISTORY, USA, Library of Congress Xlibris Corporation by Kadir I. Natho)
ومما يجب أن يعتبر إنتصارًا للرأي العام وللحركة الشركسية؛ اتّخاذ برلمان جمهورية قباردينو – بلكاريا – ذات الحكم الذاتي – في 7 فبراير/شباط من العام (1992) القرار الخاص (N 977-XII-В) الذي اعترف بحقيقة الإبادة الجماعية الشركسية من قبل المعتدين الروس خلال الحرب الروسية – القوقازية:
“قرار المجلس الأعلى لبرلمان جمهورية قباردينو – بالكاريا السوفياتية الإشتراكية في السابع من فبراير/شباط لعام (1992)، ويحمل الرقم (N 977-XII-В)، بشأن إدانة الإبادة الجماعية بحق الأديغه (الشركس) إبان الحرب الروسية – القوقازية: لا يوجد في التاريخ الحديث مثيلٌ للحرب الإستعمارية الروسية – القوقازية المئوية، التي حدثت في الأعوام ما بين (1763) و (1864)، والتي جلبت على الأديغة (الشركس) آلام وويلات لا تحصى –؛ فقد أبيد القسم الأعظم من العرقيين الأديغه، بما في ذلك حوالي تسعين بالمائة من سكان القباردى وهم أكثر من (500,000)، تم تهجيرهم من قبل الدولة المستبدة قسراً إلى الدولة العثمانية. وبعد تقييمه التاريخي والسياسي للحرب الروسيّة – القوقازية؛ فقد قرر المجلس الأعلى لبرلمان جمهورية قباردينو – بالكاريا السوفياتية الاشتراكية ما يلي:
أن يعتبر القتل الجماعي للأديغه (الشركس) وتهجيرهم القسري من وطنهم التاريخي إلى الإمبراطورية العثمانية عمل إبادة جماعية، وجريمة كبرى بحق الإنسانية.
أن يقدم الإقتراح إلى المجلس الأعلى لروسيا الفيدرالية؛ لبحث موضوع الاعتراف بالإبادة الجماعية بحق الأديغة (الشركس) خلال الحرب الروسية – القوقازية ومنح مواطنيهم ذوي الجنسيّات الأجنبيّة الجنسية المزدوجة.
تكليف رئاسة المجلس الأعلى في جمهورية قباردينو – بالكاريا السوفياتية الإشتراكية ، ومجلس وزراء جمهورية قباردينو – بالكاريا السوفياتية الإشتراكية بإعداد حزمة من الإجراءات الكفيلة برد الاعتبار إلى الأديغه (الشركس) الأجانب وعودتهم إلى وطنهم.
السعي لدى المجلس الأعلى لروسيا الإتحادية والمنظمات الدولية ذات الصلة من أجل منح الأديغه الأجانب وضع شعب في المنفى.
إعلان يوم 21 مايو/أيار يوماً لتخليد ذكرى الأديغه (الشركس) – ضحايا الحرب الروسية – القوقازية، وأن يكون يوم عطلة رسمية.
رئيس المجلس الأعلى لجمهورية قباردينو – بالكاريا السوفياتية الاشتراكية ذات الحكم الذاتي : هاشم كاراموكوف (KHACHIM KARMOKOV)”.
بُعيد ذلك؛ أصدر مجلس الدولة (خاسا) في جمهورية أديغيه في 29 أبريل/نيسان (1996) بياناً خاصاً برقم (64-1) يلتمس فيه من مجلس(الدوما) في روسيا الفيدرالية الاعتراف رسمياً بالإبادة الجماعية الشّركسيّة التي اقترفت من قبل روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر.
“مجلس الدولة “خاسا” في جمهورية أديغيه قرار بتاريخ 29 أبريل/نيسان (1996) – رقم 64-1 بشأن رفع التماس إلى مجلس دوما الدولة في روسيا الفيدرالية
يقرر مجلس الدولة (خاسا) في جمهورية أديغيه ما يلي:
تبني التماس رئيس جمهورية أديغيه، ومجلس الدولة (خاسا) في جمهورية أديغيه الموجه إلى مجلس الدولة (الدوما) في روسيا الفيدرالية؛ الذي يطالب بالاعتراف الرسمي بحقيقة حصول الإبادة الجماعية بحق الشعب الأديغي (الشركسي) إبان الحرب القوقازية.
توجيه الالتماس المذكور إلى مجلس الدوما في روسيا الفيدرالية.”
تطورت ديناميكيات الأحداث بعد اعتراف برلمان جمهورية قباردينو – بالكاريا بحصول الإبادة الجماعية بحق الشعب الشركسي على يد المحتلين الروس إبان الحرب القوقازية على الشكل التالي:
بتاريخ 18 مايو/أيار (1994)؛ نشر الرئيس الروسي بوريس يلتسين خطاباً موجهاً إلى شعوب شمال القوقاز عنوانه: “خطاب إلى شعوب القوقاز“؛ يعترف فيه بعدالة نضال الشركس في القرن التاسع عشر دفاعاً عن حريتهم واستقلالهم، واستنكرت الوثيقة سياسة الإبادة الجماعية التي اتخذتها الإمبراطورية الروسية، ولكن لم تلِ هذا الاعتراف أية خطوات فعالة من طرف السلطات الروسية لتصويب ما نتج عن هذه الجريمة، و لم يُطرح على مستوى الدولة موضوع عودة المهجّرين إلى وطنهم.
بتاريخ 15-17 يوليو/تموز (1997)؛ تبنت الجمعية العامة لمنظمة الأمم والشعوب غير الممثلة – وهي منظمة محترمة مقرها هولندا – قراراً خاصاً بشأن “وضع الشعب الشركسي“، وناشدت المنظمة بناءً على هذه الوثيقة كُلًّا من روسيا الفيدرالية والمجتمع الدولي الاعترافَ بالإبادة الجماعية بحق الشعب الشركسي، والتي وقعت في القرن التاسع عشر، وطالبت بمنح الشعب الشركسي صفة أمة في المنفى؛ ونصها:
“قرار الهيئة العامة لمنظمة الأمم والشعوب غير الممثلة – الدورة الخامسة للهيئة العامة.الدورة الخامسةأوتيبا (إستونيا)، 15-19 يوليو/تموز(1997) قرار الهيئة العامة رقم واحدقرار بشأن وضع الأمة الشركسية
أما وقد استمعت الهيئة العامة إلى خطاب ممثل الجمعية الشركسية العالمية عن وضع الأمّة الشّركسيّة، والذي ورد فيه: أن قسماً من الشعب الشركسي أفني إبان الحرب الروسية – القوقازية، وأن تسعين بالمائة ممن نجوا أجبروا على مغادرة وطنهم إلى تركيا والأردن وسوريا؛ لقد تعرضت هذه الآمة للإبادة الجماعية لفترة طويلة من الزمن،والشعب الشركسي الذي يعيش خارج وطنه يواجه صعوبة في الحفاظ على هويته ولغته وثقافته.
وبناءً عليه؛ نناشد روسيا الفيدرالية والمجتمع الدولي الاعتراف بما لحق بالشركس من إبادة جماعية في القرن التاسع عشر، وإلى منح الشعب الشّركسي وضع أمة في المنفى.
نناشد روسيا الفيدرالية منح الشركس الجنسية المزدوجة؛ لكل من روسيا، ولدولهم.
نناشد روسيا الفيدرالية ضمان إمكانية السماح بعودة الشعب الشركسي إلى وطنه التاريخي.”
بتاريخ 28 مايو/أيار (1998)؛ أثار رئيس الجمعية الشركسية العالمية (تيوفج كازانوكو) – (Teuvezh Kazanoko) – في الدورة الرابعة للجنة الأمم المتحدة موضوع الاعتراف بالإبادة الجماعية للشعب الشركسي، وموضوع عودة الشتات الشركسي إلى وطنه.
وقال (تيوفج كازانوكو) – وهو ينتمي لجمعية “مجتمع لشعب مهدد” – أن تاريخ تواجد الشتات الشركسي خارج منطقة القوقاز الروسية يعود إلى القرن التاسع عشر. فوفقاً لمصادر غير مؤكّدة؛ كان هنالك بين ثلاثة وأربعة ملايين من الشركس يعيشون اليوم في تركيا؛ كانوا قد تعرضوا للملاحقة والقمع لمجرد كونهم من الشركس. ولم تؤخذ هذه المشكلة بعين الاعتبار من قبل المجتمع الدولي إلى الآن، وينبغي على المنظمات المعنيّة أن تبدأ النظر في هذه المسألة. لقد كان الميل للعودة إلى القوقاز مهيمنا على الشتات الشركسي، ولكن كانت هناك ظروف اقتصادية صعبة، ومعضلات بشأن الإجراءات القانونية الروسية؛ فلم يتيسّر الحصول على الجنسية الروسية؛ فالسلطات الروسية لم تطبق بنود قانون “قبول المواطنة في الفيدرالية الروسية” للشركس، وبالتالي حتموا عليهم البقاء من دون حق في وطنهم التاريخي. وقد كان من المؤمل أن تقوم الأمم المتحدة بدورها وأن تشمل باهتماماتها معاناة الشعب الشركسي.
وفي الأول من شهر يونيو/حزيران من عام (2005)؛ تقدمت الحركة الجماهيرية “الكونغرس الشركسي في جمهورية أديغيه” إلى مجلس الدولة(الدوما) للفيدراليّة الروسية بطلب يناشده الاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس من قبل الدولة الروسية خلال المدة من (1763) إلى (1864). وقد أُرفق نداء الشركس هذا بأكثر من (500) وثيقة جمعت من قبل مراد برزج (Murat Berzeg) – رئيس “الكونغرس الشركسي” – ذكر فيها أدلة الوحشية التي اقترفت من قبل القادة السياسيين والعسكريين في الإمبراطورية الروسية، ووصفت حقائق التدمير الشامل للقرى الشركسية وإبادة الناس المسالمين. وكان رد مجلس الدوما الروسي وقحًا؛ بقوله أن “الشركس (الشعب الأديغي) لم يكونوا ضحايا إبادة جماعية إبان الحرب العالمية الثانية“.
في 15 يوليو/تموز من عام (2005)؛ أعد الخبير الغربي المعروف (بول غوبل) – (Paul Goble) – المختص في المسائل الشركسية(الإبادة الجماعية) تغطية خاصة في إذاعة “الحرية” (Radio Liberty) ، خُصّصت للأمور الشّركسيّة، ثم نشرت فيما بعد كمقال: “الشركس يطالبون باعتذار روسيا عن الإبادة الجماعية التي حدثت في القرن التاسع عشر“.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول (2006)؛ ناشدت (20) منظمة شركسية من (9) دول في العالم البرلمان الأوروبي بأن يعترف بالإبادة الجماعية للشركس.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني (2006)؛ قدمت المنظمات الشركسية في الفيدرالية الروسية التماساً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – آنذاك –يطلبون مساعدته في تسهيل إيجاد حل إيجابي لـ“القضية الشركسية“. وتلقت هذه المنظمات الرّد التالي: “لا توجد هناك في التشريعات الروسية أحكام تشريعية ذات علاقة تحدد إجراءاًت حل القضية“.
وفي الحادي والعشرين من مايو/أيار (2007)؛ عقد مؤتمر في واشنطن في مؤسسة (جيمس تاون) – (President Glen E. Howard) – وبمشاركة المجلس الثقافي الشركسي – (President Iyad Youghar) – بعنوان: “الشركس: الماضي والحاضر والمستقبل“.
وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول (2007)؛ قام ممثلو الشتات الشركسي في الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم طلب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطالبه بالاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية بشكل رسمي، وبما يتفق مع القانون الدولي، وبدراسة القضية الشركسية بعناية، وإعادة النظر فيها من منظور شامل.
وفي 13 أبريل/نيسان (2008)؛ عقد في جامعة (وليام باترسون) في ولاية (نيوجيرسي) في الولايات المتحدة الأمريكية مؤتمراً دولياً بعنوان“إحتضان شركيسيا – بناء مستقبلنا“.
وفي 20 مارس/آذار (2010)؛ عقد مؤتمر دولي في (تبيليسي)، حيث تم التركيز فيه على قضية الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. وقدم ممثلو الشعب الشركسي طلباً إلى رئيس وبرلمان جورجيا يطلبون فيه الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية.
وفي 25 مايو/أيار (2010)؛ نشر معهد “علم الأعراق وعلم الإنسان” التابع لأكاديمية العلوم الروسية حكماً رسمياً نهائياً يقضي بأن الأديغه والقباردى والشركس والشابسوغ المعاصرين؛ جميعهم أمة شركسية واحدة.
وفي يونيو/حزيران من العام (2010)؛ عقد في واشنطن مؤتمراً آخر عن القضية الشركسية بمبادرة من مؤسسة (جيمس تاون).
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام (2010)؛ ناقش مؤتمر (تبليسي) الثاني الأبعاد الجديدة للمشكلة الشركسية؛ بما في ذلك موضوع تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في عام (2014) في مدينة (سوتشي) للإحتفال “في كراسنايا بوليانا” بذكرى مرور (150) عاماً على النصرعلى الشركس في21 مايو/أيار من عام (1864).
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام (2010)؛ قدم ممثلون عن “الكونغرس الشركسي” طلبا إلى رئيس جمهورية جورجيا ورئيس البرلمان لتسريع إجراءات الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. وفي وقت لاحق؛ تم تأسيس تعاون معلوماتي بين الشتات ولجنة قضايا القوقاز في البرلمان الجورجي.
وفي 2 مايو/أيار (2011)؛ تقدمت منظمة “وطنيوا شركيسيا” – (The Circassian Patriots) – بطلب إلى البرلمان الجورجي للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية.
وفي 3 مايو/أيار (2011)؛ تسلّم برلمان جورجيا رسالة بنفس المحتوى – أيضا – من الشتات الشركسي في إسرائيل؛ جاء فيها: “الشتات الشركسي في إسرائيل يطلب منكم الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية التي ارتكبتها الدولة الروسية في القرن التاسع عشر“، وبعث الرسالة عدنان أوركيج (Adnan Orkizh) رئيس الكونغرس الشركسي في إسرائيل.
في 3 مايو/أيار (2011)؛ طلب الكونغرس الشركسي في ألمانيا – (chairman Zaur Ghedwaje) – من البرلمان الجورجي الإعتراف أيضا. وتعهد مرسلو الرسالة بأن: “الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل الدولة القوقازية – جورجيا – سينقل العلاقات بين الأمتين الجورجية والشركسية إلى مستوى جديد، وسوف يزيد من ترسيخ الروابط التاريخية بين الأمتين“.
وفي 5 مايو/أيار (2011)؛ قدّم الكونغرس الشركسي في بلجيكا إلى برلمان جورجيا طلباً للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وتم التوقيع على الرسالة من قبل رئيس المنظمة كوبان حتوقاي (Kuban Khatukai).
وفي 6 مايو/أيار (2011) ؛ تقدمت الحركة الجماهيرية في قباردينو– بالكاريا “أديغه خكوج – شركيسيا (Adigha Khekuzj – Circassia)” بطلب إلى برلمان جورجيا للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وقام بتوقيع الرسالة أبوبكر مورزاكانوف (Abubekir Murzakanov)؛ عضو مجلس التنسيق.
وفي 8 مايو/أيار (2011)؛ قامت المنظمة الدولية الشيشانية لحقوق الإنسان “العالم وحقوق الإنسان” (МИР И ПРАВА ЧЕЛОВЕКА) بالطلب من برلمان جورجيا الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وتم توقيع الرسالة من قبل رئيس المنظمة – المدافع الشهير عن حقوق الإنسان –سعيد أمين إبراغيموف (Said-Emin Ibragimov).
في 9 مايو/أيار (2011)؛ طلبت المنظمة الجورجية غير الحكومية “القوقاز المستقل” (Independent Caucasus) من برلمان جورجيا الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، ووقع الرسالة – نيابة عن أعضاء المنظمة – رئيس المنظمة جورجي سيبيداشفيلي (Giorgi Sabedashvili).
وفي 10 مايو/أيار (2011)؛ تقدّمت “منظمة شباب الشيشان الدولية” بطلب إلى البرلمان الجورجي للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. وعبر الأعضاء أيضاً عن أملهم بأن برلمان جورجيا سيصغي إلى الرسائل السابقة الواردة من المنظمات الشيشانية والإنغوشية، مع طلب الاعتراف بالإبادة الجماعية لهذين الشعبين.
وفي 11 مايو/أيار (2011)؛ تقدّمت المنظمة الشركسية الأردنية “دقيقة من والولاء والواجب” ( Minute of Loyalty and Duty) [(“МИНУТАВЕРНОСТИ И ДОЛГА“)] من مدينة عمان بطلب إلى برلمان جورجيا للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية.
وفي 12 مايو/أيار (2011) ؛ تقدم عيسى كادزوييف (Issa Kadzoev) – المنشقّ الإنغوشي المعروف، والكاتب وناشط حقوق الإنسان –بالطلب إلى برلمان جورجيا الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. وأكّد المؤلف في رسالته حقيقة أنّ الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل جورجيا سيكون استمرارًا للتقليد الجورجي–القوقازي المعروف في محبة الرفاق واستعادة العدالة.
وفي 12 مايو/أيار (2011)؛ نشر أبراهام شموليفيتش (Abraham Shmulevich) مقالاً مثيراً للاهتمام حول الإبادة الجماعية الشركسية بعنوان: “كيف وضعالدبالروسيالمسألةالشركسيةفي سبات” (HTTP://WWW.APN.RU/AUTHORS/AUTHORS37.HTM).
وفي 13 مايو/أيار (2011)، وبعد جلسات مشتركة للجان المختلفة في برلمان جورجيا؛ قدمنا بالاستنتاج العلمي التالي حول الإبادة الجماعية للشركس، وقلت في الجزء التمهيدي: “إن الأفعال التي اقترفتها الإمبراطورية الرّوسيّة ضد الأديغه؛ كانت إبادة جماعية واضحة بجلاء، وإن برلمان جورجيا لديه فرصة لإحقاق العدالة ولتقديم التحية لذكرى الملايين الذين عانوا ومئات الآلافمن الشركس الذين اضطهدوا“.
الاستنتاج العلمي
“خلال الحرب الروسية – القوقازية في القرن التاسع عشر؛ هجّرت القيادة العسكرية والسياسية الروسية الآلاف من مجموعات قبلية شركسية من أراضيهم إلى الدولة العثمانية؛ حيث أن روسيا لم تتصور التعايش مع الشركس ضمن مساحة الإمبراطورية الرّوسيّة؛ فقد أرادت الإمبراطوريةُ الأراضي الشركسية دون الشعب الأديغي.
وسبق الترحيل الإجباري إلى دول الشرق الأوسط مقاومةٌ مسلحة طويلة وعنيدة من قبل الجماعات القبلية الشركسية، وتحولت مقاومتهم الصّلبة إلى مبرر لروسيا لقتل القبائل الشركسية بشكل جماعي ودموي. وقد استخدمالإستراتيجيونالقياصرة الروس الأساليب التكتيكية الوحشية ضد المجموعات القبلية الشركسية المسالمة. وخلال “الهجمات على التركيبة السكانيّة” (Demographic Attacks)؛استخدمت روسيا أساليب وحشيةً مختلفة، وهي: القتل الجماعي، والهجمات المسلحة على السكان المسالمين، والتطهير العرقي، والتهجير، وحرق الغابات والمحاصيل، والتجويع، والنشر المتعمّد للأمراض.
إن تاريخ العالم يعرف حالات إبادة جماعية مختلفة؛ كالبوسنة، والشيشان، ورواندا. لكن الإبادة الجماعية ضد الشركس هي فريدة من نوعها؛ حيث فقد الشّركس ثلاثة أرباعٍ من تعداد سكانهم، وسيادتهم، وكذلك وطنهم، وهو الشيء الجوهري؛ فإن الشركس متناثرون في أكثر من (50) بلدا في العالم.إنهم يستحقون وضع اللاجئين، ولكن للأسف لا يمكنهم الاستفادة منه.
وبناءً على ما ورد آنفاً، وبالاعتماد على المواد الواقعية، والوثائق التاريخية، وتقييمات الخبراء والباحثين المستقلين المشهورين؛ فقد وصلت إلى استنتاج أنه في القرن التاسع عشر، وخلال الحرب الروسية – القوقازية (1763-1864)؛ خططت – أولًا – القيادة السياسية والعسكرية الروسية، ثم نفّذت عمليّة التطهير العرقي في المناطق الشّركسيّة، واستوطن القوزاق والروس في مناطق الشركس المهجورة. وفي الوقت نفسه، ونتيجة لحملات عسكرية عديدة وعقابية؛ فقد قتل أو طرد من وطنهم أكثر من (90٪) من ما يقرب من مليون ونصف المليون من السكان الشركس. وقد تبين أن ما فقده الشعب الشركسي من تعداده البشري خلال حروب الاحتلال التي شنتها روسيا بلغ أكثر من (20%) قتلوا من المجموع الكلي لهذه الأمة. وبناء على ذلك؛ فإن هذه الأعمال توصف بأنها إبادة جماعية؛ ذلك أن الإبادة عن عمد لممثلي أي أمّة، عندما يفوق عدد القتلى (20٪) من السكان؛ يعني ذلك تلقائيا أنه عملٌ من أعمال الإبادة الجماعية؛ وفق أي تعريف لهذا المصطلح.
وثبت وقوع الإبادة الجماعية من طريق أخرى وفقاً لبيانات (أدولف بيرزا) – (Adolf Berzhe) [1828 -1886] –، الذي كان يمثل مصدراً رسمياً في الإمبراطورية الروسية. وادعى (بيرزا) أنه – ومن أكثر من مليون من الشركس – تم قتل أكثر من (400) ألف في الحرب، وتم إبعاد (497) ألف نسمة، وبقي حوالي (80) ألف نسمة في وطنهم التاريخي؛ وهذا وفقا للبيانات الرسمية للإمبراطورية نفسها. وبلغ عدد الضحايا المدنيين من السكان أكثر (40) في المائة. وقد استمرت عملية الإبادة الجماعية الشركسية في روسيا حتى بداية القرن العشرين، وتوقفت فقط في عام(1907)؛ ففي ذلك الوقت شغلت الثورة النخبة السياسية الروسية، وشدت مدار الإهتمام إلى الإتجاه الآخر.”
عند تلك النقطة؛ أرفقت بتقريري مشروع القرار بشأن الإبادة الجماعية المذكور أعلاه، وكان ذلك مقترحاً كنموذج عمل في حالة إذا ما أعرب برلمان جورجيا عن التزامه بالاعتراف بالقضية ذات الأهمية الحيوية بالنسبة للشعب الأديغي؛ “قرارالإبادة الجماعية بحق الشركس“.
مشروع القرار قرار برلمان جورجيا “بالإشارة الى السياسة الاستعمارية للإمبراطورية الروسية تجاه الشركس خلال الحرب الحرب الروسية –القوقازية (1763-1864)، عندما خططت القيادة الروسية السياسية والعسكرية، ونفذت، التطهير العرقي للمناطق الشركسية، وبالتالي وطنت في هذه المناطق – بشكل خاص – القوزاق والروس، وعندما نتج عن الحملات العسكرية العقابية المتعددة إبادة أكثر من (90٪) من المليون ونصف المليون من عدد السكان الشركس،
وإشارة إلى المرسوم الصادر في 7 فبراير/شباط (1992) عن المجلس الأعلى لجمهورية قباردينو– بالكاريا رقم (№ 977-XII-B) بإدانة الإبادة الجماعية للأديغه (الشركس) خلال الحرب الروسية – القوقازيّة،
وآخذين بعين الإعتبار وثائق رسمية متعددة من الإمبراطورية الروسية تؤكّد تصرفاتها العدوانية؛ من التصفية الجسدية، والمجاعات والأوبئة المصطنعة، والتي تهدف إلى الإبادة الجسدية لأبناء الشعب الشركسي،
وبإعطاء تقييم تاريخي وقانوني وسياسي لنتائج الحرب الروسية/القوقازية (1763 – 1864)، التي كانت مهلكة للشعب الشركسي؛
يقرر برلمان جورجيا:
1. يعترف برلمان جورجيا بالقتل الجماعي للشركس (الأديغه) خلال الحرب الروسيّة – القوقازية، وطردهم بالقوة من وطنهم إلى الإمبراطورية العثمانية – إضافة إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط –؛ باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية؛ وفقا لاتفاقية (لاهاي) الرابعة (IV Hague Convention) في 18 أكتوبر/تشرين الأول (1907) واتفاقية الأمم المتحدة (UN Convention) في 9 ديسمبر/كانون الأول(1948).
2. يعترف برلمان جورجيا بأن الشركس رُحّلوا بالقوّة أثناء، وبعد حقبة الحرب الروسية – القوقازية، كلاجئين/أشخاص نازحين داخلياً، وذلك تماشيا مع اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين (UN Convention on the Status of Refugees) المبرمة في 28 يوليو/تموز(1951)، وأن يمنح الشعب الشركسي صفة أمة في المنفى.
3. الطّلب من المنظمات الدولية – الأمم المتحدة، والبرلمان الأوروبي، ومجلس أوروبا، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا [the UN, The European Parliament, The Council of Europe, the OSCE] – لعمل آليات مختصّة لدعم سياسي ومادي وإنساني لأحفاد الشركس الذين هُجّروا بالقوّة في القرن التاسع عشر؛ من أجل تحقيق حرية عودتهم لأرض الوطن في شمال غرب القوقاز، التي تتضمن الجمهوريات الشركسية.
4. مخاطبة حكومة جورجيا والطلب منها تفعيل خطةِ عمل في إطار تخليد ضحايا الإبادة الجماعية، وهذا يعني إيجاد برامج تعليمية، ومتحف، ونصب تذكاري، وأنماط آخرى.
ملاحظة: في 20 مايو/أيار (2011)؛ صَوّت برلمان جورجيا في جلسته العامة لاعتماد قرار الإعتراف بالإبادة الجماعية للشركس منْ قبل الإمبراطورية الروسية، وأتى قرار الهيئة التشريعية بالإجماع؛ بوجود 95 صوتا مؤيدا مقابل لا شيء، وقدم القرار للبرلمان من قبل رئيس لجنة شؤون الشتات والقوقاز (Diaspora and Caucasus Issues Committee): نوغزار تسيكلاوري (Nugzar Tsiklauri.).
قُدّم مشروع القرار– بناءً على نتيجة لجلسات اللجنة – وفق الصياغة التالية:
قرار برلمان جورجيا الاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس من قبل الإمبراطورية الروسية:
بالإشارة إلى السياسة الاستعمارية للإمبراطورية الروسية تجاه الشركس خلال الحرب الروسيّة – القوقازية (1763-1864)، عندما قامت القيادة السياسية والعسكرية الروسية بتخطيط، وتنفيذ التطهير العرقي في الأراضي الشركسية، وبالتالي استيطان المناطق من قبل مجموعات عرقية أخرى،
وبالإشارة إلى حقيقة أنه نتيجة لحملات عسكرية عقابية متعددة؛ تم إبادة وتهجير أكثر من (90٪) من السكان الشراكسة ،
وبالإشارة إلى وثائق رسمية عديدة للإمبراطورية الروسية تؤكد تصرفاتها العدوانية؛ مثل المجاعات والأوبئة المدبرة والمصطنعة لاستهداف السكان المدنيين؛ بقصد الإبادة الجسدية لأبناء الشعب الشركسي،
وإشارة إلى مرسوم المجلس الأعلى لجمهورية قباردينو– بالكاريا ((№977–XII-B) المؤرخ بتاريخ 7 فبراير/شباط (1992) لإدانة فعل الإبادة الجماعيّة للأديغه (الشركس) خلال الحرب الروسيّة – القوقازيّة، وإلى تقييم نتائج الحرب الروسية – القوقازية (1763-1864) قانونيا وسياسيا،
وبالإشارة إلى البحوث القانونية والتاريخية المستفيضة التي أكّدت وجود كل من حقيقة ونوايا الإبادة الجماعيّة في القضية المعنية؛
فإن برلمان جورجيا:
1. يعترف بأن القتل الجماعي للشركس (الأديغه) خلال الحرب الروسية – القوقازية، وطردهم بالقوة من وطنهم عمل من أعمال الإبادة الجماعية؛ وفقا لاتفاقية (لاهاي) الرابعة بخصوص قوانين وقواعد الحرب البرية المبرمة في 18 أكتوبر/تشرين الأول (1907)، واتفاقية الأمم المتحدة لمنع وتجريم الإبادة الجماعية المبرمة في 9 ديسمبر/كانون الأول (1948).
2. يعترف بالشركس الذين هُجّروا قسراً خلال وبعد مدة الحرب الروسية – القوقازية كلاجئين؛ تمشياً مع الاتفاقية الخاصة باللاجئين، والمبرمة في28 يوليو/تموز (1951).
تبليسي في 20 مايو/أيّار (2011)
في 12 يوليو/تموز (2011)؛ تلا اعتراف البرلمان الجورجي بالإبادة الجماعية الشركسية ملحق منطقي لمرسوم حكومي جورجي (N1446)يقضي بإنشاء نصب تذكاري لتخليد ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية الشركسية. هذا النصب التذكاري – الّذي سيكرس للضحايا السياسيين القوقازيين الذين أبادتهم الإمبراطورية الروسية – سيقام النصب في منتجع (أناكليا) – على شاطئ البحر الأسود –، وهو المكان الذي عبره لاجئوا القبائل الشركسية الذين اضطروا للفرار من وطنهم ومرّوا عبر المنطقة في القرن التاسع عشر، خلال تهجيرهم إلى الإمبراطورية العثمانية.
الباحث: البروفيسور ميراب شوكوا (Prof. Merab Chukhua)
المصدر:
http://www.parliament.ge/files/1544_32742_536746_genocidi-en.pdf
ترجمة: عادل بشقوي
http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251673396