بين قنصل الإمبراطورية وسفير الفيدرالية / الدعاية الروسية ضد الشركس لا تُفَوِّت فرصة
عادل بشقوي
31 مايو/أيار 2020
أثبتت العِبَر مرارا وتكرارا مدى الاهتمام الروسي الشديد لنشر المعلومات المضللة والدعاية الكاذبة ضد الأمة الشركسية وأهليتها للحرية والكرامة، منذ اندلاع الحرب الروسية-الشركسية في عام 1763 وحتى الآن. أرسل لي الأخ العزيز الدكتور قردن مراد يلدريم معلومات ذات صلة تحاكي موضوعًا معروفًا بشكل جيد، مع اختلاف الزمان والمكان، وتتعلق بمحاولات للكذب والتضليل ونشر شائعات لا أساس لها.
الصّفاقة الدبلوماسية
بالعودة إلى القرن التاسع عشر، وتحديداً إلى مصر، تشدق القنصل الروسي بشكل غير ملائم ضد الشركس في حضور والي (حاكم) مصر، محمد سعيد باشا، الذي رد عليه بشكل مناسب أمام الجميع، واعتمادًا على الواقع.
تتكون الوثيقة المذكورة من جزء من فقرة ذُكِرت في لندن، في “المجلد 116 من الدورية الربع سنوية المنشورة: يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، 1864“، وتشير: ”يُقال أن الراحل سعيد باشا، والي مصر، كان في يوم من الأيام يتحدث عن الشركس، وأن القنصل الروسي الذي كان حاضرًا لم يفوت الفرصة لإبداء الملاحظة: {إذا سرق رجل حصانًا أو بقرة، فإننا نسميه شركسي}. فقال سعيد باشا، {نعم؛ وإذا استولى على مقاطعة بأكملها، فسيتم تسميته قيصراً“. [1]
لا يترك المسؤولون الروس أي فرصة، ولن يترددوا أبدًا في الإساءة إلى أفراد الأمة الذين لم يكن ذنبهم الوحيد سوى تعرضهم لجشع الأنظمة الروسية المتعاقبة التي كشفت عن طموحاتها الاستعمارية للغزو والاحتلال والضم. لقد خططوا ونفذوا وجعلوا شركيسيا تابعة لهم وجزءًا من الإمبراطورية الروسية. وكان ذلك دليلا مؤكدا على ما سيأتي لاحقًا.
المحاكاة القيصرية في القرن الحادي والعشرين
هذه هي نفس السياسة الإستعمارية والإستحواذية المتبعة حتى الآن في القرن الحادي والعشرين، وعلى مرأى ومسمع من وسائل الإعلام، وتحديداً وكالة أنباء سبوتنيك الروسية، التي أجرت مقابلة صحفية مع السفير الروسي في تركيا. ليس من المستغرب أن تتكرر المعلومات المضلِّلة وتكرر الببغاوات نطق ما تعلّمته. ”لقد أكد نشطاء شراكسة أن أليكسي إركوف (Alexei Erkhov)، السفير الروسي في أنقرة، قد شوه التاريخ بكلماته حول إعادة التوطين الطوعي للشركس في تركيا خلال حرب القوقاز.
وأفاد موقع {كفكاز أوزيل} أن تصريح إركوف الصادر في 13 فبراير/شباط حول طريقة حياة الشركس الإجرامية ، وإعادة توطينهم الطوعي من شمال القوقاز إلى تركيا نتيجة لحرب القفقاس أثار سخط فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا ( المعروفة باسم KAFFED) وفيدرالية الجمعيات الشركسية في تركيا كذلك.“
”الشركس ليسوا مهاجرين، كما عبر عن ذلك إركوف، وبأنّهم تخلوا عن وطنهم من خلال إطاعة اقتراح روسيا القيصرية. الشركس الذين قاتلوا في الحرب التي استمرت قرونًا […] طُردوا من وطنهم […]. بالنسبة لأجدادنا وبالنسبة لنا، فإن هذا النّفي ليس {أسطورة جميلة}،كما صاغها السفير إركوف، لكنّهُ يعبر عن ماضينا المرير“، كما ذكرت (KAFFED) في رسالتها على وجه الخصوص. [2]
تحدث السفير بطريقة استفزازية وكأنه يريد خداع الرأي العام. لقد تجاهل تمامًا حقيقة أن شركيسيا لم تكن أبدًا جزءًا من روسيا أو أي دول أخرى، في حين أن الأصل الإثني والثقافة واللغة للشركس تختلف تمامًا عن تلك الخاصة بالروس. لقد تم احتلال شركيسيا من قبل الإمبراطورية الروسية، الذي تطلّب حربا طولها 101 سنة لتحقيق هذا الإنجاز. ارتكبت القوات العسكرية الغازية إبادة جماعية ضد نصف الأمة الشركسية، بالإضافة إلى ارتكاب التطهير العرقي والترحيل القسري للغالبية العظمى من الذين نجوا من الإبادة.
وقال السفير الروسي ”إن فهم الحرب الروسية-الشركسية 1763 – 1864 على أنها توسع للإمبراطورية الروسية التي طُرد فيها السكان المحليون من شمال القوقاز كان {أسطورة جميلة}، واتهم الشركس بالعدوان على روسيا. ووفقا لإركوف، كان غزو القوقاز ردًا روسيًا على الغارات من قبل الشركس“. [3]
أثر الانتهاكات المتكررة على أرض الواقع
النمطان المذكوران أعلاه يتلائمان مع ما قالته باحثة بارزة في جمهورية قباردينو-بلكاريا (KBR)، والتي أشارت إلى أن ”تزييف روسيا لتاريخ الشركس وتنصُّلها من الطبيعة الإمبريالية للسياسة الروسية التي أدت إلى طرد معظم أفراد تلك الأمة لا تُظْهِر فقط أن الحكومة الروسية ملتزمة بأجندة استعمارية جديدة بل وتُواصل مسار الإبادة العرقيَّة“. [4]
واجهت الحقائق المروعة في نهاية المطاف الشركس الذين يعيشون في أجزاء من وطنهم التاريخي، والذين يُعْتبرون مواطنين في الفيدرالية الروسية. كبيرة الباحثين ”تشير إلى إنه من الخطأ الجسيم استبعاد الدعاية الروسية لأنها عبثية وتتعارض مع الحقائق التي لا تتطلب الرد عليها (zapravakbr.ru/index.php/analitik/1458-madina–khakuasheva–banalnost–zla–sovremennogo–konformizma-2)“.
على ما يبدو فإن الحقيقة المُرّة دفعت ”الأكاذيب غير الأخلاقية والفاسدة عن الماضي التي تقوم موسكو الآن بالترويج لها، في صميم {الإدراك المدروس جيدًا ولكن التدريجي للإبادة العرقية} للشركس وغيرهم من غير الروس الذين أخضعتهم الدولة الروسية على مدار تاريخها وبالتالي فذلك مؤشر إلى أين تتجه موسكو الآن. وتقول خاكواشيفا، إن توجه روسيا تجاه غير الروس قد مر بالمراحل التالية وذلك كما حدث في حالة الشركس. {أولاً، التدمير المادي والتهجير بدون حق العودة، والتمييز العلني ضد اللغة الأم، وتسوية الثقافة والهوية، والقضاء التام على تاريخ الشراكسة} من كتب ومتاحف“. [5]
استنتاج
يمكن معالجة مسألة الخداع بالإشارة إلى الاقتباس التالي: ”يمكنك خداع كل الناس في بعض الوقت، وبعض الناس في كل وقت، ولكن لا يمكنك خداع كل الناس في كل وقت”. [6]
****************
المراجع:
0ahUKEwjVuoWy4LrpAhXv0eAKHSzpCpgQ6AEIJjAA#v=onepage&q=to%20disseminate.%20It%20is%20report
ed%20that%20the%20late%20Said%20Pasha%2C%20Viceroy%20of%20Egypt%2C%20was%20one%20da
y%20talking%20of%20the%20Circassians
%2C%20and%20that%20the%20Russian%
20Consul%20who%20was%20present%20
would%20not%20lode%20the%20opportunit
y%20to%20make%20the%20observation%
2C%20%E2%80%98If%20a%20man%20s
teals%20a%20horse%20or%20a%20cow%2
C%20we%20call%20him%20a%20Cherkess
.%E2%80%99%20Said%20Pasha%20replied%
2C%20%E2%80%98Yes%3B%20and%20if%
20he%20seizes%20a%20whole%20province%
2C%20then%20he%20is%20called%20a%20Ts
[2] (https://www.eng.kavkaz-uzel.eu/articles/50022/)
[3] (https://oc-media.org/russian-ambassador-to-turkey-provokes-anger-over-circassian-conguest-comments/)
[5] (https://windowoneurasia2.blogspot.com/2020/04/historical-falsification-latest-stage.html)