بيان مُسيَّس بقالب أكاديمي

بيان مُسيَّس بقالب أكاديمي

عادل بشقوي

21 يونيو/حزيران 2020

PHOTO-2020-06-21-01-25-21

وسائل الإعلام الأكاديمية المسيسة والموجهة التي تنشر ما يصدر عن المؤلفين والجامعات التابعة للهيئات الرسمية، تعتبر أبواقا باسم واضعي سياسة الدولة الروسية. أظهرت وسائل الإعلام الأكاديمية الموجهة أن الأفعال أعلى صوتا من الأقوال. كذلك، الحقائق تتحدث عن نفسها، حيث تُبذل محاولات للتشويش على الوقائع وإنكار الحقائق الموثقة.

الصحيفة التاريخية الروسية [1] سنوات قديمة {2016, Vol. 42, Is. 4} نشرت ورقة بحثية يجب تفحصها، وهي من تأليف فيرونيكا ف. تسيبينكو (Veronika VTsibenko) وسيرغي ن. تسيبينكو (Sergey N. Tsibenko)، بعنوان: الحرب التي لم تكن: روسيّة وتركيّة وغربيّة في شمال غرب القوقاز في القرن التاسع عشر“. [2] ولسوء الحظ، فإن المبادئ الإنسانية السامية إما انه يتم إزدرائها أو تجاهلها.

لقد تم التعبير عن وجهة نظر الدراسة، ويتم تصويرها من خلال توضيح ”الأعمال العسكرية في شمال-غرب القوقاز في القرن التاسع عشر في التأريخ الروسي والتركي والغربي“. وتشير الدراسة التي أجريت على أحداث القرن التاسع عشر إلى أنها ”على الرغم من التفاعل بين التدوينات التاريخية الروسية والتركية والغربية، إلا أنه تم تشكيل كل منها وفقًا لمنطق التطور الخاص بها“. وفي نهاية المطاف، ابتكرت الدراسة ما يسمى بـ ”{التأريخ الذاتي} الذي وُسِم بالمركزية العرقية واستغلال وضع إيذاء الضحية بسبب اتجاهات التاريخ المضاد“ يستخدم المصطلح لإعطاء سرد تاريخي رابع. ونتيجة لذلك ، وبسبب النهج المتشكك ، يوفر هذا خيارًا آخر لوجهة نظر أخرى لتشكيل انطباع لمزيد من التشويش.

وباستخدام مفردات ورقة البحث، فإن حرب الإبادة الوحشية التي توصف بأنها ”وُسِمت بالمركزية العرقية واستغلال وضع إيذاء الضحية بسبب اتجاهات التاريخ المضاد“، ليست سوى وجها معاصرا للتّحيّز والتّلاعب بالألفاظ.

إذا تم رفع قضية الإبادة الجماعية الشركسية إلى المحكمة الجنائية الدولية وبرأت المحكمة أولئك الذين احتلوا الوطن الشركسي بأي ثمن، وبعد حرب طاحنة استمرت لأكثر من قرن من الزمان، فسيكون ذلك بحث آخر. المغزى هو أن الدولة الروسية تتهرب باستمرار من تحمل المسؤولية القانونية وفقا للقوانين والمعايير الدولية. لذلك، فالهروب يتم نحو الاتجاه المعاكس من أجل تجاهل الحقائق المؤكدة، حيث يكمن الحل.

في نهاية المطاف، واصل النظام دفع الشركس نحو اتخاذ تدابير يائسة في ظروف زمنية عصيبة. وبالتالي، يمكن وصف وضع الإدارات الروسية المتتالية على أنّها:  أنظمة حكم الفرد الواحد و/أو الحزب الواحد. ومع ذلك، فإن الشاغل الروسي الرئيسي هو تجنب مواجهة الحقيقة الكامنة وراء ارتكاب الجرائم التي يبغضها ضمير البشرية. وشمل ذلك الاحتلال والتدمير والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والترحيل القسري حتى وقتنا الحاضر.

يمكن عرض الوضع بشكل مناسب من خلال استنتاج رأي معقول وصحيح. ومن المناسب هنا استعارة التعبير المذكور في ورقة فيرونيكا ف. تسيبينكو وسيرغي ن. تسيبينكو، ”التأريخ الذاتي“، الذي تستخدمه الدراسة لوصف الوضع الشركسي، من أجل استخدامه لوصف الظروف التي أوجدتها الإمبراطورية الروسية نتيجة الشّره والجشع الاستعماري في أوطان الآخرين. في حين أن التعبير عن وجهة النظر الشركسية مشتق بشكل واضح من منطلق غير استفزازي للمعلومات الموثقة، المحفوظة حتى في الأرشيفات الروسية والعثمانية بالإضافة إلى تصريحات ومذكرات جنرالات القيادة العسكرية الروسية. ناهيك عن مؤلفي الكتب غير المتحيّزين الذين تعاملوا مع حرب روسيا المعلنة من جانب واحد ضد شركيسيا.

إشكاليات شركسية بعد عام 2007

ليس هناك من شك بعد الآن، بعد الكشف عن معلومات مؤكدة تفيد بأن الأمة الشركسية تعرضت ولا تزال لواحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في تاريخ البشرية. وتوضح الحقائق أنه يجب دراسة الأحداث ومتابعتها بشكل منهجي ودقيق عندما يتعلق الأمر بالمسائل البارزة مثل المناقشات القانونية المثيرة للجدل للمشاريع والسياسات الاستعمارية ذات الصلة. إن أولئك الذين يروجون لغض الطرف عن الحقائق، يتجاهلون التصرف الذي تقوم به السلطات المحلية على فترات متقطّعة في الأجزاء الشركسية من شمال القوقاز، وهي التي تعيد دور الإتحاد السوفياتي في القمع والاستبداد.

تنص الورقة على ”أن النمو الحاد لأهمية الإشكاليات الشركسية بعد عام 2007 مشروط ليس فقط بالعمليات الداخلية الموضوعية للحركة القومية الشركسية، بل أكثر من ذلك بعوامل سياسية خارجية وأن فهم القضيّة الشركسية في الساحة الدولية له تاريخياً نتيجة محددة سلفا“. [3]

وباختصار، في عام 2007، أعلنت الأغلبية من الشراكسة في المجتمعات المتواجدة في الوطن وفي الشتات رفضها وسخطها وإدانتها إزاء الاحتفال المزيف للدولة الروسية بالأساليب الفاشية بمناسبة زائفة. يصبح الغضب غامرا مع تفجر العواطف. فهذا الضم لم يتم قط عن طيب خاطر، وقد وُصف بأنه ”450 عامًا على ارتباط الشركس الطوعي بروسيا“. [4]

كل ذلك كان للتلميح للعالم ولمن يهمه الأمر، في خضم رغبة الدولة الروسية في ذلك الوقت الاستعداد لعقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي الشركسية. لقد حاولوا بشكل متناقض تصوير الضحايا بشكل زائف كشركاء انضموا إلى الإمبراطورية الروسية بشكل طوعي. إن التلفيق والتزوير غير المسبوق، يقصد به التقليل من حقيقة أن الدولة الروسية كان يجب عليها أن تتصرف لتقليل آثار الكارثة الرهيبة التي أصابت الأمة الشركسية، بدلاً من لعب أدوار غير واقعية وغير مناسبة. وكأنه لم يحدث غزو وحرب مدمرة استمرت لأكثر من قرن من الزمان ضد الشركس، في ظل الحكم الإرهابي والاستبدادي، الذي تعرضت فيه الأمة للإبادة والاحتلال والتطهير العرقي والترحيل القسري.

وفي تناقض مع ما حاولت هذه الدراسة أن تثيره، قال كاتب مشهور نشر كتابًا عن المأساة الشركسية: ”كان الشركس هم المناضلون المُفضَّلون من أجل الحرية في العالم، الذين هم أعزاء للدبلوماسيين الغربيين الذين اعتبروا توسع روسيا تهديدًا للاستقرار العالمي. لقد حاربوا من أجل وطنهم ضد الظروف التي لا تطاق، حيث صمدوا لمدة خمس سنوات أطول مما كانت عليه حتى الحرب في الشيشان. فكانت هزيمتهم كارثية. وبعد أن أُخرِجوا من منازلهم، فرّوا عبر البحر الأسود إلى تركيا في قوارب مكتظة على نحوٍ خطير … وعلى الرغم من أن هجرتهم كانت في أخبار الصفحات الأولى في صحف الغرب، إلا أنها سرعان ما خرجت من التاريخ“. [5]

في الختام، كان من المفترض أن يتم تنفيذ السياسات لتهدف إلى جعل أفراد الشعب الشركسي في كل أماكن تواجدهم، أمّيّين، وجهلة وغير مطّلعين على سجلات التاريخ الشركسي، المتعلقة بالغزو والاحتلال وكافّة العواقب الوخيمة. لا شك في أن الهدف الرئيسي هو تبني سياسات شريرة لتلفيق الأزمات من أجل انتهاك القوانين والقواعد وفق وجهات نظر مزيفة. ويبدو أن الأنظمة المتعاقبة كانت ترتدي ثوب الإمبراطورية القيصرية.

====================

المراجع:

[1] (http://ejournal52.com/)

[2] (http://ejournal52.com/journals_n/1433510573.pdf)

[3] (http://ejournal52.com/journals_n/1433510573.pdf)

[4] (“Circassia: Born to be Free” Book, published in September, 2017. By Adel Bashqawi)

[5] (https://www.newsweek.com/sochi-2014-winter-olympics-circassians-cry-genocide-64893) (file:///Users/adel/Downloads/The-Circassian-Question.pdf)

Share Button

اترك تعليقاً