الشّأن السياسي الشركسي
في ظل استمرار تعنت الدولة الروسية بشأن ايجاد حل قانوني للقضية الشركسية، لا تزال تتوارد حملات محمومة غير مبررة، موجهة لاي فرد يفكر بالمطالبة في حقوق الامة الشركسية العادلة التي تعتبر غير قابلة للتصرف والتي لا تسقط بالتقادم. ليس من الغرابة بمكان بعد الآن أن تظهر الاكاذيب المصحوبة بالمعلومات المضللة على وسائل الإعلام و/أو منصات التواصل الإجتماعي التي تنشر على ألسنة ومنصّات أبواق دأبت على استغفال الرأي العام تسعى لمسح الذاكرة الشركسية طوال السنوات الماضية.
وبالتالي، أصبحت بعض الاطراف تقوم جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد، بالدوس على حقوق الأمة وقيمها الاجتماعية والأخلاقية. فهناك من يقف حجر عثرة ليس فقط لمنع المطالبة باستعادة الحقوق المغتصبة بالطرق القانونية المشروعة، بل كذلك في طريق من يحاولون المطالبة بها أو حتى توضيحها.
في هذا السياق، ليس من العدل والإنصاف ان يُقال حقوق أمتهم، لأنهم وضعوا انفسهم كليا في قالب آخر لم يتمناه الكثيرين لهم أو لغيرهم. فقد أشهروا أنفسهم ليكونوا امتدادًا لطغيان واستبداد الدولة المتجبرة والانظمة المتعاقبة، الذين أوغلوا في نهب الوطن وتبديد كافة موارده وقضم حقوقه وحقوق شعبه. ويسعون للعثور على قضايا ثانوية تستدعي التحول والتوجه للسّير بعكس المسار المطلوب، نحو اتجاه وهدف آخر غير ذي اهمية أو ذي جدوى قياسا بالقضية الجوهريّة.
وليس من غير المتوقع أن هناك بعض الجهات والأدوات التي أُوكِلت اليها لِتقوم باتباع آليات موجّهة لتمرير بعض المعلومات والمفاهيم الزائفة بأغلفة مضللة عبر منصّات مشكوك في أمرها تؤدي هكذا مهمات غير موفّقة، وتسلك هكذا متاهات.
في النتيجة نجد من وضعوا انفسهم في نفس الجوقة لتكرار نفس الألحان الاستعمارية البالية التي استطاعت في نهاية المطاف من إيصال الرسالة الى من يهمهم الأمر، والتي مفادها ان هؤلاء الذين يطالبون بحقوقهم وحقوق امتهم، ليس لهم من الحقوق شيئا. لكن، لا يمكن وصف ذلك سوى أنّه تجاوز لكل الأُطُر الإنسانية والأخلاقية والحقوقية، ولا يمكن وصفها إلا عبر عنوانها المناسب، ألا وهو انتهاك حقوق شعب عانى الأمرّيْن منذ احتلاله وإبادته وتهجيره عنوة من وطنه.
لقد بلغ التمادي أوجه، وكأنّ لسان حالهم يقول، لا مكان لهذا الشعب العاجز الذي يخجل من ان يطالب باستعادة حقوقه، الا في سجلات التاريخ وذكريات الماضي. فالوطن هو الكرامة وهو أغلى ما في الوجود. ومن لا يدافع عن وطنه، لا يستحق الانتماء إليه. ومن لا يطالب بحقوقه المشروعة، فلن يجد من يقوم بذلك بالنيابة عنه. حيث أنّ من المفترض أن الحقوق في الوطن غير قابلة للتنازل ولا للمقايضة ولا بأي ثمن.
وختاما، قال نيلسون مانديلا: ” تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه“.