ويستمر القتل والدمار في أوكرانيا
عادل بشقوي
7 فبراير/شباط 2022
العالم يراقب كيف يجري استهداف أوكرانيا، البلد الكبير في شرق أوروبا الذي يبلغ تعداد السكان فيه أكثر من 44 مليون نسمة، ومساحته أكبر من حجم المملكة المتحدة وألمانيا مجتمعين. ليس مقبولا ولا مستساغا ان يجد العالم نفسه فجأة في خضم ازمة عالمية تشي باقتراب العالم نحو حرب عالمية ثالثة لن ينجو من لهيبها أو نتائجها الكارثية أحد، سواء الذي أشعلها أو الذي اكتوى بنارها.
ويبدو أنه وللاسباب غير الواقعية التي سيقت لتبرير الغزو والاحتلال والتدمير والقتل وتغيير قواعد الاشتباك بالقوة، بذلت محاولات لفرض شروط تعجيزية وقاسية يصعب على دولة مستقلة قبولها. وتهدف العمليات العسكرية إلى تغيير الجغرافيا على الأرض إلى جانب تجزئة وضم اراضي دولة مستقلة ذات سيادة، وذلك في محاولات شابها التحريض والتضليل والدعاية العنصرية، لا يمكن وصفها سوى أنها ”عذر أقبح من ذنب“.
هذا يدخل ضمن نطاق تهديد الدول الأخرى وتحديدا دول الإتحاد الاوروبي سعيًا للضغط على حكوماتها وشعوبها لتفادي اتباع سياسات تتناقض مع سياسة الهيمنة والاستيعاب الروسية. علما بان اعلان الحرب والاعتداء على الدول المستقلة ليس مقبولا ولا مسموحا به حسب القوانين والاعراف الدولية، وتحديدا، يتنافى ذلك مع ”ميثاق الأمم المتحدة“ بشأن ”تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي“ ووجوب ”ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة“.
إضافة إلى ذلك، ”يقنن الميثاق المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية، ابتداء من السيادة المتساوية للدولة وانتهاء بتجريم استخدام القوة في العلاقات الدولية“. وتحدد نصوص القانون الدولي أساليب ”معالجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية“. إن جرائم الحرب الناجمة عن قصف المدن والمجمعات السكنية ووسائل المواصلات من طرق وجسور وموانئ ومطارات وتعطيل وسائل الاتصالات، وكل ما يوقع الاصابات يؤثر على حقوق الإنسان ويسبب قتل المدنيين الأبرياء، ويؤدي بالنتيجة إلى اجبار الملايين على النزوح الى مناطق أو حتى إلى بلدان أخرى.
ومن سخريات القدر أنّهُ عندما استقلت أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي المقبور في تسعينيات القرن الماضي، قررت التخلي طوعا عن ترسانتها من الأسلحة النووية التي كانت تحتفظ بها منذ العهد السوفياتي. وفي المقابل، أكّدت كل من روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، التي اعتُبرت بأنّها تمثل المجتمع الدولي، أنها تتعهد بضمان أمن أوكرانيا، لكن يبدو أنّهُ لم يتم الوفاء بالوعود، وتقوم روسيا الآن بانتهاك ما وقّعت عليه هي نفسها وتزج بقواتها المسلحة في حرب لا هوادة فيها في معركة غير متكافئة مع القوات الأوكرانية.
وفي النتيجة، فإن الحرب لن تستمر الا باستمرار أولئك الذين شنوها وأطلقوا لها العنان وبعناد، وذلك لتحقيق ما أرادوه عندما بداوها، ومع ذلك، فإنّها ستنتهي وسيعود السلام ويسود، عندما يتم الاحتكام الى لغة العقل والقانون الدولي، وتغليب مصلحة الجميع على المصلحة الذاتية.