حضرات
القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
19 أبريل/نيسان 2022
الوضع القانوني الشركسي والحق في تقرير المصير
الفصل التّاسع
الوضع القانوني يتناقض مع الإنكار المتكرر
أدى اشتداد الحرب بلا رحمة في سوريا إلى ظروف كارثية سائدة تؤثر على الشركس في سوريا. كل ذلك لم يقنع صانعي القرار بتقديم الدعم والمساعدة اللازمين: ”في أوائل التسعينيات، أقامت الجمهوريات القوقازية الروسية مع السكان الشركس المتبقين روابط مع الشتات ودعمت برامج العائدين. لكن بصرف النظر عن بضعة آلاف من العائدين، ظل الاتصال مقيّدًا إلى حد كبير بالسياحة فيما يتعلّق بالمغتربين الشركس في الوطن التاريخي“.953
تم رفض حق العودة إلى وطنهم بشكل قاطع، وفقا لقرارات حازمة.
الاستثناء الحالي هو سوريا، حيث تمثل الحرب الأهلية المتصاعدة تهديدًا خطيرًا للأقليات العرقية والطائفية. تدعو المنظمات الشركسية في جميع أنحاء العالم روسيا في الوقت الحاضر، التي قدمت في عام 1999 اللجوء للعائلات الشركسية من منطقة الحرب في كوسوفو، لقبول ”العائدين“ الشركس السوريين. في حين أن عدة مئات قد وصلوا بالفعل إلى مايكوب ونالتشيك، فإن موسكو حذرة عمومًا من تحركات العائدين من جنسيات غير روسية في شمال القوقاز.954
فشلت الجمعية الشركسية العالمية في معالجة الاهتمامات والمصالح الحقيقية للجماعات الشركسية في الوطن الشركسي وفي الشتات: ”ترى الجمعية الشركسية العالمية أن مهمتها الرئيسية هي تنسيق العلاقات الثقافية بين المجتمعات الشركسية في جميع أنحاء العالم. لكنها، مع ذلك، لم تسْعى لهذا الهدف بعزم وإصرار“.955
إن حقيقة هذه الجمعية تشير إلى أنّهُ،
يعمل في مكاتبها إلى حد كبير أعضاء من النخب البيروقراطية في جمهوريات القوقاز الثلاث، الذين كانوا مهتمين بتجنب المواجهة مع موسكو وفشلوا عمليًا في الرد على القمع الروسي ضد النشطاء الذين أثاروا ”القضيّة الشّركسيّة“ فيما يتعلق بسوتشي 2014. هؤلاء النشطاء ينتظمون بشكل متزايد في مجموعات صغيرة مستقلة خارج نطاق الجمعية الشركسية العالمية (ICA)، التي فاتها أيضًا موضوع الانتقال إلى عصر الإنترنت حيث لم يكن لديها موقع الكتروني خاص بها على الإنترنت لفترة طويلة.956
وفي وصف التطورات الأخيرة للشباب الشركسي في جميع أنحاء العالم،
هناك جيل جديد يتراوح عمره بين 18 و 28 عامًا يتواصل عبر الإنترنت ويتصل بشبكة مع المجتمعات الشركسية في جميع أنحاء العالم. يقدمون مثالاً للظاهرة التي صاغ من أجلها عالم السياسة الأمريكي بنديكت أندرسون (Benedict Anderson) مصطلح ”قومية المسافات البعيدة“، والذي تم تمييزه بالفعل في مجتمعات الأرمن وغيرهم من مجتمعات الشتات.957
علاوة على ذلك، فإن الحقوق القانونية هي في صدارة الظروف المعادية الشائعة.
على الرغم من أن القضية الشركسية لم تنتج حركة قومية متماسكة أو متشددة أو مدفوعة بشكل علني بالعائدين من شأنها أن تثقل المشكلة المثقلة بشمال القوقاز بصراع أكثر عنفًا، فإن إحياء الاهتمام بجذورهم العرقية بين الشباب من أصل شركسي يمثل تحديًا لروسيا. تجد موسكو نفسها في مواجهة فصل لم يتم حله من تاريخها الاستعماري – خلال مرحلة يقوم فيها الرئيس بوتين بتنمية الروح الوطنية التي لا تترك مجالًا للتفكير التاريخي النقدي الذاتي.958
العبودية في العصر الحديث
هناك العديد من الأفراد المعنيين الذين يخشون تزايد المخاوف بشأن قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالاتحاد الروسي. يسعى العديد من الأشخاص داخل روسيا الحالية إلى إمكانية الحصول على حق تقرير المصير الذي يكفله القانون الدولي. ومع ذلك، فإن الحقائق المذكورة في التقرير حول العبودية في روسيا تشير إلى أن مسألة استعادة الحقوق لن تكون سهلة وستستغرق وقتًا وجهودًا متواصلة.
نشر موقع غلوبالست (Globalist) تقريرًا بعنوان الإمبراطورية الروسية الجديدة: العبودية الحديثة في روسيا. تأتي هذه الدراسة الحالية ”بعد 154 عامًا من إلغاء نظام العبودية، حيث تُعد روسيا أكثر دول أوروبا احتفاظًا بالرق، بالمصطلحات الحديثة“.
يشرح التقرير الموجز الوضع برمته في روسيا الحديثة ويسرد خمس نقاط تلخص قضية حقوق الإنسان المتمثلة في كون روسيا أمة تقتني العبيد:
1. روسيا لديها أكبر معدل للعبودية الحديثة من أي أمة أوروبية أو أوراسية.
2. هذا الرقم وفقًا لمؤشر الرق العالمي لعام 2014 الصادر عن مؤسسة لنمشي أحرارًا طلقاء (Walk Free)، والذي يُعرِّف العبودية الحديثة على أنها أي ممارسة تحبس الأشخاص في العبودية الحديثة، بما في ذلك الاتِّجار بالبشر والعمل القسري.
3. يقدر عدد العبيد المعاصرين في روسيا بما يزيد قليلاً عن مليون، ويمثلون 0.7٪ من سكان البلاد البالغ عددهم 143 مليون نسمة.
4. يأتي العديد من ضحايا الرق في روسيا من المقاطعات السابقة للإمبراطورية الروسية (وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة)، مثل طاجيكستان وقيرغيزستان وأوزبكستان.
5. أفادت وزارة الخارجية الأمريكية أنه في عام 2013، أُجبر آلاف المواطنين الكوريين الشماليين على العمل في صناعة الأخشاب في الشرق الأقصى لروسيا — بموافقة كلتا الحكومتين على ما يبدو.959
التدخل الروسي وضمان حصانة الروس من القانون السوري
”تفاصيل صفقة موسكو مع سوريا تكشف عن مدى الهيمنة الروسية“ كان مقال نُشِرَ في موقع واشنطن فري بيكون (Washington Free Beacon) الذي شرح بالتفصيل التدخل الروسي في سوريا، والذي جاء فيه: ”كتب مايكل بيرنباوم (Michael Birnbaum) من صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) يوم الجمعة أن الاتفاقية المفتوحة بين القوات الروسية ووزاراتي الدفاع السورية والروسية تمنح موسكو ”تفويضًا مطلقًا“ افتراضيًا في سوريا. تسمح الاتفاقية بالمرور غير المقيد للرجال والمواد الروسية إلى سوريا، وتسمح لروسيا بتوجيه عملياتها العسكرية دون تدخل سوري، وتعطي روسيا حصانة من القانون السوري وإعفاءً من أي ضرر تتسبّب به الأعمال الروسية في سوريا“.960
تُذكِّر الاتفاقية العسكرية الروسية–السورية بالصفقات السوفيتية–البلطيقية التي عُقِدت في عام 1939: ”تجربة البلطيق هي مثال جيد على كيفية استخدام حقوق الوصول المفتوحة والواسعة للقوات العسكرية الروسية في أوقات الأزمات لتقويض السيادة الوطنية أولاً، ثم محوها“؛ ويقول إيريك نيليس كروس (Eerik-Niiles Kross)، المؤرخ الإستوني وهو الآن عضو في برلمان بلاده بأن ”روسيا مهووسة بهذه الأنواع من المعاهدات والاتفاقيات. إنها دروع ورقية — تطمينات غامضة للمضيفين الوطنيين والنظام الدولي بينما يخططون للخطوة التالية في لعبة ثأريَّة“.961
وخلص إلى القول: ”من الواضح أن لدى روسيا طموحات واسعة لتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط“، كما يقول كروس. ”غالبًا من ترك الاستيلاء على أراضيهم — مثل شبه جزيرة القرم — الحلفاء والمعارضين على حد سواء يترنحون … ويجب تفسير الاتفاقية السورية من خلال تلك العدسة“. وخلصت المقالة إلى ”إنها مجرد ورقة — لكن الورق مهم لبوتين“.962
يتبع…