الأديغه خابزه وما وراءها

الأديغه خابزه وما وراءها

عادل بشقوي

8 يونيو/حزيران 2022


https://circassianfischt.wordpress.com/2015/02/21/كتاب-الأديغه-خابزه-القانون-الأخلاقي-ا/amp/

في سياق البحث عن مدى انتشار الأديغه خابزه لمعرفة من يطبقها ويتقيد بها أو بما يشبهها من ﻣدونات قواعد الأﺧﻼق واﻟﺳﻟوك في المجتمع، لغير الشركس من الشعوب القوقازية الأخرى، تم العثور على نشرة الكترونية صادرة عن وزارة خارجية جمهورية أبخازيا بأربع لغات. أتاحت النشرة الاطلاع على ما يمكن معرفته بشأن العلاقات المتشابكة المحتملة، وإمكانية التشابه في تطبيق العادات والتقاليد بين مختلف شعوب القوقاز.

معلومات صادمة

في زاوية الثقافة في النشرة الالكترونية المذكوره آنفًا، لم تُذكر الأديغه خابرة الشركسية. لكن تم التطرق الى مدونة أخلاق  تقليدية أبخازية. ”الجزء الجوهري من الثقافة الأبخازية هو مدونة الأخلاق التقليديةأبسوارا“ (apsuara)، والتي تعني حرفياًالأبخازية“. ووفقًا لتعريف أخصائي علم الأعراق الأبخازي الشهير، الأستاذ ش.د. إينال إيبا (Sh.D. Inal-ipa) تعتبر شكل راسخ تاريخيًا لمظهر من مظاهر الهوية القومية وتأكيد الذات للشعب الأبخازي، وذلك رمز غير مكتوب للمعرفة والقيم التقليدية، بما في ذلك المجموعة الكاملة للعادات والمفاهيم والمبادئ“. غير أنّهُ لم يكن بالإمكان الالتفاف على الحقيقة التي لا يمكن دحضها أو تجاهلها، بشأن اللباس القومي وأصل اللغة الأبخازية التي وصفت بأنّهاإلى جانب اللغات المشابهة (الأبازين والأديغة والشركسية والقباردية) تشكل المجموعة الأبخازية الأديغة“.[1]

علما بان ما هو منشور على هذه الصفحة، يتجاهل أي ذكر لاي تقارب او علاقات تاريخية حميمة بين الشركس والأبخاز، أو وصف الابخاز بالشركس من قريب أو بعيد. بخلاف تضمينهم كشعوب أخرى في القوقاز. ذلك على العكس تماما مما تروج له بعض الأطراف التي تجهل التاريخ والواقع، من كِلا الشركس والأبخاز، سواء في العصور القديمة أو في العصر الحديث.

ومن جانب آخر، لا بد من سبر خفايا الأوهام والتمنيات مقابل الوقائع والقرارات الموثقة الصادرة عن هيئات أبخازية معروفة والمنشورة على الإنترنت منذ سنة 1997. كذلك اود ان أشدد هنا على الاستياء الشديد من المعلومة الصادمة التي ندر ما اقر بها المسؤولون الابخاز، والتي تؤكد ما يتمنى الشركس أن لا يكون قد حصل بالفعل. حيث يذكر موقع وزارة الخارجية: ”من السمات المميزة للإمارة الأبخازية أنه على عكس الإمارات الجورجية (كارتليكاخيتي، وإيميريتي، وغوريا، وميغريليا)، عندما دخلت روسيا إلى المنطقة، لم تفقد أبخازيا كيانها تمامًا، وفقًا لعدد من المؤرّخين“.

 وتتابع،تتعزز قوة الحاكم الأبخازي بدعم من الإدارة العسكرية الروسية في القوقاز، التي تحتل مكانة عالية إلى حد ما في التسلسل الهرمي العسكري الروسي. فعلى وجه الخصوص، حصل آخر أمير ذي سيادة لأبخازيا وهو ميخائيل شيرفاشيدزه (Mikhail Shervashidze) (1823 – 1864) على رتبة ملازم أول ومساعد عام وكذلك على وسام القديس ألكسندر نيفسكي“. وتكمل النشرة: ”ساهم الحكام الأبخاز الذين تمتعوا بسلطة معينة في تعزيز النفوذ الروسي في المجتمعات الجبلية الحرة الأبخازية وأراضي الوبيخ والشابسوغ المجاورة“.

لكن ما حدث لحكام أبخازيا وانعكس على شعبهم في ذلك الوقت ما يحدث بالعادة لكل من يساعد القوى الأجنبية، حيث يتم الاستغناء عنهم عندما ينتهي دورهم. وفي معرض وصف أبخازيا تحت الحماية الروسية، تتابع النشرة: ”بحلول وقت نهاية حرب القوقاز (1864)، فقدت الإمارة الأبخازية الكبرى أهميتها العسكرية والسياسية وتم تصفيتها.

رموز الإستقلال

الاستقلال يعني استقلال القرار والرأي في تقرير المصير وحكم الذات والإكتفاء الذاتي من دون أي ضغط أجنبي مباشر أو غير مباشر. لقد كان مخيباً للآمال المطالعة على شبكة الإنترنت بأن برلمانيين أبخاز قد احتفلوا منذ وقت ليس ببعيد، بما وُصفَ في حينه ذكرى مرور 165 عاما على ما سُمِّيَ الصداقة بين روسيا وأبخازيا! كما طالب البرلمان الأبخازي روسيا قبل بضع سنوات الإعتراف بالإبادة الجماعية التي حلّت بالأبخازيّين من دون الإشارة إلى إخوانهم أو حتى أصدقائهم {الشركس الأديغه} الذين فقدوا نصف الأمة من خلال خضوعهم لعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بشكل متعمّد“.[3]

تمتد هذه السياسة لتجعل السلطات الأبخازية الحالية تدافع عن الباطل، لا بل وتكون روسية أكثر من الروس أنفسهم فيما يتعلق بالقضية الشركسية، إلى درجة الاستحواذ على القرار الشركسي، ومحاولات مشبوهة كمزج الماء بالدواء. ورغم ذلك لا يجب الخلط بين الحكومة الأبخازية الموالية للدولة الروسية والشعب الأبخازي. إن الأباظة الذين انتقلوا من أبخازيا، للعيش في شركيسيا قبل اشتعال شرارة الحرب الروسيةالشركسية، قرّروا العيش مع إخوانِهِم الشركس، وهم الذين انتهى المصير بهم وبأحفادهم، إما إلى التهجير الى الدولة العثمانية أو البقاء في شركيسيا. ويقيم بعضهم الآن في كل من جمهوريتي قباردينوبلكاريا وكراشايشركيسيا الإداريتين الحاليتين. 

من نفس المنطلق، وبعد ان اغلقت السلطات الأبخازية المجال في وجه الشركس السوريين الذين اضطروا لمغادرة سوريا نتيجة للحرب التي ابتدأت قبل أكثر من إحدى عشرة سنة، جعلتهم يتجهون الى وجهات أخرى. قامت نفس هذه السلطات فيما بعد بانتهاج سياسة انتقائية جديدة لمنح شراكسة من الأردن وتركيا وبلدان أخرى، الجنسية الأبخازية التي أمكن الحصول عليها خلال أيام أو أسابيع أو أشهر، عند استيفاء الشروط المطلوبة. وكل من قال انه من اصل أبخازي أو ان اسم عائلته ورد في قائمة للاسماء وصفت بأنّها أسماء لعائلات أبخازية، كان يحصل على جنسيتهم خلال مدة قصيرة جدا، لكن من يصر على أن عائلته شركسية (أديغيه)، فكان يجب عليه الانتظار لاشهر أو ربما يُرفض طلبه. غير أن الغريب في الامر ان بعض الاطراف الأبخازية وبمساعدة أفراد من الشّتات الشركسي، قامت بنسخ اسماء كافة العائلات الشركسية، ونظمتها في قائمة نشرت في كتاب باللغة الروسية تمت طباعته في نالتشيك في عام 2017، وذكر في صفحاته من 441 ولغاية 447 انها اسماء أبخازية. ربما يرجعون لها لتحديد الذين تنطبق عليهم الشروط.[4]

تعليقات وردود

انتقد الشتات الشركسي وكذلك القفقاسيدعوة الرئيس الأبخازي الكسندر أنكفاب (Alexander Ankvab) المهجر الأبخازي في تركيا إلى النأي بنفسه عن المساعي الرامية إلى الحصول على اعتراف دولي بإبادة الشعوب القفقاسية في القرن التاسع عشر. وكان أنكفاب قد أصدر بيانا في الخامس والعشرين من الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني 2011) قال فيه إن المساعي الرامية إلى الحصول على اعتراف المجتمع الدولي بإبادة الشراكسة هي مجرد استفزازات جورجية تستهدف النيل من روسيا“. فهذا من شأنه أن يطمس الحقيقة ويضع المعاذير الواهية ويداهن المحتل الذي اقترف جرائم التدمير والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري.[5]

لم تنضب طاقة القوى الخيّرة التي تستطيع التمييز بين الحق والباطل وبين الغث والسمين. إنّها تتابع ما يطرأ وتنتقد التصرفات الخاطئة لا بل، وتلفت نظر الرأي العام لما يحدث، وما يجب عمله. في هذا الصّدد،في ديسمبر/كانون الأول من سنة 2012، صرح إبراهيم يغانوف (Ibrahim Yaganov) رئيس جمعية الأديغه خاسه (Adigha khasa) في نالتشيك (Nalchik) عاصمة جمهورية قباردينوبلكاريا (KBR)، الذي يُدعى بطل أبخازيا، أنه لا يفهم {سبب تولي القيادة الأبخازية طواعية المهمة لإثبات عدم وجود إبادة جماعية شركسية}.1089“[6] علمًا بأن والد إبراهيم هو من الأباظة ووالدته شركسية من القباردي.

في حين أن المثل القائل: ”لسانك حصانك ان صنته صانك وان خنته خانكينطبق على الذين ليس لديهم الاسلوب المناسب أو المنطق السليم في التعبير عن المعلومات التي تتعلق بأمور مصيرية، وحقائق لا يمكن دحضها، ولا يمتلكون مهارة النطق والتعبير في مخاطبة الذين يهمهم الامر. وذُكِرَ في هذا الشأن، أنفي مارس/آذار 2013، أدان اتحاد المحاربين القُدامى في أبخازيا التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمعية الشركسية العالمية بشأن الاعتراف بجريمة الإبادة الجماعية الشركسية التي ارتكبتها روسيا القيصرية.1093“ [7] 

أبخازيا بين الانضمام الطوعي والتعرض للقمع والتهجير

يُقَدّم الموضوع من قبل مصادر متعددة بأشكال مختلفة:

— ”من سنة 1555 إلى سنة 1806 كانت أبخازيا تحت الحكم العثماني. في حين تصف معظم الروايات التقارب مع روسيا بأنه طوعي، إلا أن المؤرخ الأبخازي ستانيسلاف لاكوبا (Stanislav Lakoba) يخالف ذلك بشكل مقنع. {التاريخ: القرن الثامن عشر – 1917}، في الأبخازيين، مرجع سبق ذكره، ص 67 – 88.“ ص 4

يعتبر الأبخاز أنهم مرارا وتكرارا،ولا سيما منذ القرن التاسع عشر، كانوا ضحايا محاولات القوى الكبرى للسيطرة على أراضيهم. كان هذا على وجه الخصوص بعد عام 1810، عندما انضمت أبخازيا إلى روسيا. 32 ألغت روسيا الحكم الذاتي لأبخازيا في عام 1864، وتمرّد الأبخاز. أدّى ذلك إلى قمع شديد لدرجة أن عشرات الآلاف فروا إلى الإمبراطورية العثمانية في هجرة كبيرة تسمى مهاجرستفو (Mohajirstvo)، 33“ وهي عملية طرد جماعي لغالبية الأبخاز من قبل الإمبراطورية الروسية.

— ”من سنة 1918 حتى سنة 1921، عندما قام الجيش الأحمر الروسي بضم جورجيا، يقول الأبخاز إنهم كانوا مرة أخرى ضحايا للقمع، وهذه المرة من قبل الحكومة الثورية التابع للمناشفة (Menshevik) الجورجييين.34 إنهم يخشون تكرار ذلك إذا ما عادوا للاندماج مرة أخرى في الدولة الجورجية.35“[8]

وفي تناقض للسرد التاريخي الوارد في مصادر أخرى، جاء في قرار لبرلمان جمهورية أبخازيا صدر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1997 حول قانون التّهجير للأبخاز (الأباظة) في القرن التّاسع عشر: ”ألحقت السياسة الاستعمارية للإمبراطورية الروسية خلال الحرب الروسيةالقوقازية (1817-1864) والفترة اللاحقة دمارا كبيرا في جينات الشعب الأبخازي (الأباظة) بحيث لا يمكن إصلاحه. تم القضاء على جزء من الشعب خلال حرب التحرير من أجل استقلال بلدهم، وتم نفي 80 ٪ من الناجين إلى الإمبراطورية العثمانية“.[9]

وختامًا، المثل القائل (ما هو) طعام لزيد قد يكون سما (لعمرو) يعني أن الأشياء التي يحبها أو يتمتع بها شخص ما قد تكون مقيتة للآخر“.[10]

**********************

المراجع

[1] http://mfaapsny.org/en/helpful-information/culture/

[2] http://mfaapsny.org/en/helpful-information/history/

[3] http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251658933

[4] file:///Users/adel/Downloads/Abaza_v_Kabarde_2017%20(1).pdf

[5] http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251677739

http://www.circassianews.com/2011/12/08/%d8%a3%d9%86%d9%83%d9%81%d8%a7%d8%a8-%d9%8a%d8%ab%d9%8a%d8%b1-%d8%ad%d9%81%d9%8a%d8%b8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d8%ac%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d8%ae%d8%a7%d8%b2%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%aa/

[6] p. 425 from the book Circassia: Born to be Free, by Adel Bashqawi.

[7] p. 425 from the book Circassia: Born to be Free, by Adel Bashqawi.

[8] https://www.files.ethz.ch/isn/23764/176_abkhazia_today.pdf

[9] http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251679042

[10] https://wordhistories.net/2017/05/07/one-mans-meat-is-anothers-poison/#:~:text=The%20proverb%20(what’s)%20one%20man’s,food%20as%20opposed%20to%20drink.

Share Button

اترك تعليقاً