حضرات القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
02 أغسطس/آب 2022
التطورات التي فرضت نفسها على الساحة الدولية
الفصل الثالث عشر
يبدو أن الوكلاء مثل الموظفين والمسؤولين المحليين الروس هم وراء السمعة التي تُظهر أن روسيا تستخدم ممارسات قديمة بأحلام جديدة لتُظهر للآخرين أن جهاز الأمن الفيدرالي (FSB) قادر على السيطرة على المقاتلين القوقازيين/المسلمين. الأدلة تتعارض مع السياسات الحقيقية في استخدام الإسلام (الإسلاموفوبيا) لفوائد أنانية!
التركيز على العاملين الشيشاني والأوكراني
تشير تقارير مختلفة من أوكرانيا وروسيا والشيشان إلى وجود تورط شيشاني في العمليات العسكرية في شرقي أوكرانيا 1292 وذلك لدعم الموالين لروسيا. في الوقت نفسه، لا يوجد عدد مؤكد للشيشان في أوكرانيا الذين يدافعون عما يسمى ”المتمردين المدعومين من روسيا“ الذين يحاولون الانفصال عن أوكرانيا بطريقة مشابهة لما حدث في شبه جزيرة القرم.1293
تود روسيا الحصول على دعم على أسس دينية وتخطط لكسب التعاطف الغربي. تظهر المشكلة بالنسبة لروسيا والغرب كما لو أنها قادمة من المسلمين أو الإسلام، على الرغم من وجود تاريخ روسي طويل من جرائم القتل السياسي ضد السياسيين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان داخل روسيا وخارجها.1294
ذكرت وسائل الإعلام أن المقاتلين الشيشان يتدخلون في شرق أوكرانيا من أجل دعم كل من الحكومة الأوكرانية والمتمردين المدعومين من روسيا.
وصل الشيشان في نفس الوقت تقريبًا على جانبي جبهة الحرب في شرقي أوكرانيا. فمن جانب الروس، جاءوا في الربيع الماضي دون أي شارة أو شعار على زيهم العسكري، وعبروا الحدود إلى المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون في أوكرانيا واتخذوا مواقع لهم حول مدينة دونيتسك (Donetsk). وعلى النقيض من ذلك، وصل الجنرال عيسى موناييف (Isa Munaev) إلى الجانب الآخر من الخطوط الأمامية بحقيبة مليئة بشارات – قبعات عسكرية وشعارات وأعلام تحمل رمز استقلال الشيشان: ذئب مستقر فوق تسعة نجوم، يمثل كل منها إحدى العشائر أو التنظيمات القبائلية الشيشانية.1295
تنشر الدعاية الروسية أن مقاتلين مسلمين سينتشرون في المعارك إلى جانب روسيا، لكن الحقيقة الدامغة هي أن القوات العسكرية الروسية ارتكبت جرائم ضد الشعبين الشيشاني والإنغوشي، كما نُشر على موقع ”مرصد براغ“ (Prague Watchdog) فيما يخص التقاليد الروسية من ”السلوكيات النمطية“ غير الأخلاقية التي تتكون من الممارسات الهمجيّة التي كانت شائعة منذ الحملات العسكرية القيصرية ضد الأمم القوقازية، بما في ذلك الشعب الشركسي، مثل حرق وتدمير البيوت، سواء جزئيًا أو كليًا، والاحتلال العسكري الكامل، والإبادة، والتطهير العرقي، والترحيل وقطع رؤوس الضحايا التي كانت في نهاية المطاف تُرْسل إلى المتاحف ومراكز الأبحاث مثل التي كان يقترفها الجنرال المجرم زاس (Zass) خلال الحقبة القيصرية.1296 كانوا يأخذون الأقارب رهائن ويجبرون الآباء والأمهات على التنصل من أبنائهم علنًا، وعندما قتلوا هؤلاء الأطفال، رقصوا بشكل مثير للمشاعر حول جثثهم وسحبوها بواسطة المركبات العسكرية، وعرضوا كل ذلك على شاشات التلفزيون لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأثر — وغالبًا للفت أنظار العالم إلى ذلك.1297
عندما أعلنت روسيا أنها تحارب الإسلام في الشيشان، اتُهم مسلمون بالتسبب في تفجيرات في مدن روسية معينة، بينما نجح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)، وفقًا لمصادر مؤكدة، في تفجير مبانٍ وشقق سكنية في مواقع معينة في سبتمبر/أيلول 1999، وفقًا للعميل السابق في المخابرات السوفياتية (KGB) الكسندر ليتفينينكو (Alexander Litvinenko)، {الذي اغتيل لاحقا في لندن}. بدأت الحرب الروسية–الشيشانية الثانية بإعادة انتشار القوات الروسية في الشيشان في حملة قادها رئيس الوزراء الروسي آنذاك فلاديمير بوتين، لكن منظمات حقوق الإنسان ”أعربت عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان، بما في ذلك التعذيب والاعتقالات واسعة النطاق على يد القوات الروسية؛ وقد أجّج القلق من اكتشاف مقبرة جماعية مليئة بجثث الشيشان المُشوّهة“.1298
بالإشارة إلى الحرب الروسية–الشيشانية الأولى (ديسمبر/كانون الأول 1994 إلى أغسطس/آب 1996)، فقد أسفرت عن انتصار شيشاني مفاجئ على القوات العسكرية الروسية الغازية؛ بغض النظر عن العمليات العسكرية الروسية المدمرة التي كادت أن تدمر غروزني والمدن والبلدات الأخرى، إلى جانب الجرائم المرتكبة ضد أسرى الحرب.1299 لم يكن باستطاعة روسيا كسب الحرب من دون دعم الغرب، وهي الآن تستعمل الإسلام وحشًا في حربها الإمبريالية في أوكرانيا، مثلما أعلنت روسيا في توسعها الاستعماري وحروب الإبادة الجماعية 1300 ضد الشركس، وأُمم قوقازية أخرى، وكأنها كانت تخوض حربًا دينية ضد المسلمين. لقد أطلق عليهم جنرالات المجرمين أسماء بذيئة بينما نفس {الإمبراطورية} الروسية تقاتل الآن المسيحيين في شرق أوكرانيا وقد قاتلت المسيحيين في جورجيا في صيف عام 2008، عدا عن ترحيل الملايين 1301 من القوقاز وشبه جزيرة القرم في السابق من قبل السلطات الشيوعية السوفيتية.
يركز تقرير مركز ميموريال لحقوق الإنسان حول ”أوجه التشابه المزعجة بين شبه جزيرة القرم والشيشان“ بخصوص التشابه بين الجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية بين عامي 1994 و 2014 في الشيشان وشبه جزيرة القرم، الذي يشير إلى قول مأثور ذو مغزى هو: ”من ثمارهم تعرفونهم“.1302
أهمية ورقة بحثية بعنوان ”تفجير روسيا“
تم إعداد ورقة بحثية بعنوان ”تفجير روسيا“ من قبل يوري فيلشتينسكي {Yuri Felshtinsky} (عالم مولود في موسكو وهاجر وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من الولايات المتحدة الأمريكية) وألكسندر ليتفينينكو {Alexander Litvinenko} (الذي عمل في مكافحة التجسس مع وكالات تابعة إلى لجنة أمن الدّولة، الكي جي بي السوفياتي (KGB) ومن عام 1991 عمل في هيئة الأركان المركزية لـِ وزارة الأمن {MB}، ودائرة المخابرات الفيدرالية {FSK} ثم في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي {FSB}، المتخصصة في أنشطة مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة). احتوى الموضوع مدار البحث على أحد عشر فصلاً، 1303 حيث وصف أساليب الكي جي بي/إف إس بي (KGB/FSB) بأنها ”دخيلة على صفات الشفقة والرحمة“.
نُشرت الورقة البحثيّة ككتاب بنفس العنوان عن انفجارات المدن الروسية في عام 1999، والتي تم حظرها في روسيا واحتوت على تصريحات العميل السابق في الكي جي بي/إف إس بي ألكسندر ليتفينينكو بخصوص الأحداث الموصوفة وقرار القيادة باتباع أساليب الكي جي بي القديمة.
وأُدرجت المهام على النحو التالي:
— يبدو أن ”الخدمات الخاصة لإثارة الحرب في الشيشان“ قد اختلقت مؤامرات لتهيئة الظروف المناسبة للتدخل العسكري الروسي مرة أخرى هناك.
— تشمل ”أعمال شغب الأجهزة الأمنية“ اختلاق الأخبار والإتِّهامات.
— ”محققو المباحث في موسكو يتعاملون مع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)“ يشرحون كيف ”تحولت دائرة موسكو في ال (FSB) إلى عصابة من المجرمين“.
— ”كانت الأهداف السياسية للحرب الشيشانية الثانية أكثر جدية بكثير: فقد تلطّخت بها السمعة نتيجة للإبادة الجماعية لإحدى أمم القوقاز، وستستبعد روسيا بسبب أفعالها لعقود من مجتمع الدول المتحضرة“.
— يُوضِّح ”إخفاق (FSB) في مدينة ريازان (Ryazan)“ ويشرح بالتفصيل كيف ”تم رصد عملاء جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) هناك وهم يزرعون أكياس سكر تحتوي على مادة الهيكسوجين (hexogene) في منطقة سكنية هي داشكوفو–بيسوشنيا (Dashkovo-Pesochnya)“.
— ”لم يتم العثور على منفذي الهجمات الإرهابية في كلٍ من بويناكسك (Buinaksk) وموسكو (Moscow) وفولغودونسك (Volgodonsk) مطلقًا، ولا يسعنا إلا أن نخمن من كان وراء الهجمات بالقياس مع أحداث ريازان“،1304 مع الإشارة إلى أنّه ”في 24 سبتمبر/أيلول، بدأ السياسيون الروس مثلهم مثل الجوقة في بعض العروض المسرحيّة المخطط لها جيدًا، بالمطالبة بالحرب“، ووصلوا إلى استنتاج مفاده أنه ”عندما تزمجر المدافع، يصمت المُدّعون العامُّون“.
— إظهار طريقة أخرى للتعامل مع الوضع، ”ينشئ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) مجموعات عمليات خاصة مستقلة“ يمكن أن تكون من عصابات المافيا ورجال العصابات، والجماعات المتطرفة، والقوات المسلحة الخاصة السابقة والحالية.
— ”جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) ينظم القتل بواسطة القتلة المأجورين“ في الإشراف على عمليات التصفية الجسدية المطلوبة.
— عندما يكون من المناسب تطبيق سياساتهم ضد أي فرد أو طرف، فإنهم يديرون ”خدمات خاصة للعمل الإجرامي الجنائي والإختطاف“.
— مثال آخر هو ”الناشط الحقوقي المعروف ونائب مجلس الدوما سيرغي كوفاليف (Sergei Kovalev)“، مشيرًا إلى أن المجرمين المعروفين تبين أنهم ”عملاء لِلْ كي جي بي (KGB)“.
— في الختام، أدلى المؤلف المشارك ليتفينينكو 1305 ببيان وهو الذي كان يعلم أن مصيره سيكون في أيدي أولئك الذين ذكرهم،1306 قائلاً: ”ومع ذلك، فإن روسيا بلد لا يمكن التنبؤ به — وهذا هو الشيء الوحيد الذي نعرفه بالتأكيد حوله. لم يعد من الممكن إزالة الغمامة من فوق أعين الشعب الروسي، وربما يكون ذلك مصدر قوة أقوى من القبضة المُحكمة للخدمات الخاصة“.
الحقائق في متناول الراغبين في معرفة التفاصيل والتعقيدات، لكن هذا من شأنه أن يكشف التناقضات والجرائم لأولئك الذين يهتمون بالسيطرة على الآخرين.
يتبع…