دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي — سوتشي والتركيز على القادة الملهمين — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


02 سبتمبر/أيلول 2022

دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي

الفصل الخامس عشر

سوتشي والتركيز على القادة الملهمين

وفي موضوع متصل، تناول كتابالقيصر الجديد: بزوغ عهد فلاديمير بوتين“ (The New Tsar: The Rise and Reign of Vladimir Putin) للكاتب ستيفن لي مايرز (Steven Lee Myers) التحدث عن السيرة الذاتية للرئيس بوتين وأسهب في ذلك. ويروي المؤلف:

 بشكل متّسِق وشامل وعادل، لم تكن القصة فقط عن سنوات مجد بوتين، لكن أيضًا عن طفولته الصعبة في لينينغراد، وحياته الأكاديمية المتقلبة، وعمله غير المميز كعميل في لجنة أمن الدولة للإتحاد السُّوفياتي (KGB) في ألمانيا الشرقية، وخدمته المخلصة بشكل ملحوظ لرئيس بلدية سانت بطرسبورغ (St. Petersburg) ما بعد العهد السوفياتي، وتسلُّقه المتردد، ولكن السريع خلال وزارات الرئيس يلتسين في أواخر التسعينيات من القرن الماضي“.1436

ذكر الكتاب أنمجموعة شبابية تابعة لحزب روسيا المتَّحِدة أنتجت مقطع فيديو مدته أربع دقائق مشحون جنسيًا لنساء جميلات يُعِدن تمثيل مآثره الأكثر شهرة: من ركوب حصان في الجبال إلى الطيران في طائرة مقاتلة إلى قيادة سيارة لادا صفراء في سيبيريا. كانت هناك قراءات شعرية ومسابقات لمقالات لأطفال المدارس. كان لهذا الإنجاز صدى سياسيًا خاصًا في التاريخ السوفيتي، حيث بدا مصير الزعيم والبلد متشابكين بشكل  يرتبط بعضهما ببعض ارتباطا وثيقا“. ثم أوضح كيف تم تكريم الزعيم السوفياتي السابق.

تمت معاملة عيد ميلاد ستالين (Stalin) الستين عام 1939 على أنه عطلة وطنية طغت على حرب الشتاء مع فنلندا. وحصل على وسام لينين. حتى أن أدولف هتلر أرسل برقية يقدم بها أطيب تمنياتهبمستقبل مزدهر لشعوب الاتحاد السوفياتي الصديق“. وحصل نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrushchev) على نفس الجائزة في عيد ميلاده الستين في عام 1954، بينما حصل ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) على وسام بطل الاتحاد السوفياتي في عيد ميلاده هو الآخر.1437

تم تناول عيد ميلاد بوتين، والذي تم وصفه بأسلوب مختلف عن أسلوب قادة الاتحاد السوفياتي السابق: ”جاءت الذكرى الستون لعيد ميلاد بوتين بدون ميداليات، وكان هناك جعجعة فارغة. وعلى الرغم من التملق الرسمي، كان هناك شعور غير ملموس بالارتياب، بين أن كل من أنصاره والمدن التي تؤيده، وإدراك لسنه ومعدل الوفيات، وشعور بأنه قد أصبح لا غنى عنه، لكن لا يمكن لأحد أن يبقى إلى الأبد“. تم الاحتفال بعيد الميلاد بطرق تمجد وتعظم مختلف القدرات والمهارات التي يتمتع بها.

كان بوتين قد أذهل أنصاره بمواجهات مختلفة مع حيوانات برية (بعضها مخدر)، لكن أعماله المثيرة للإهتمام والمصممة للعرض المسرحي لم تعد مقنعة. كان قد توقف أثناء الهيجان المحيط بانتخابه، وربما مرتبك مناكتشافهللجِرار والقوارير المزروعة في البحر الأسود. ويذكر أنه من أجل الانضمام إلى طيار طائرة شراعية: الطيران لإرشاد طيور الكركي (cranes) التي تم تربيتها في الأسر، حيثكان يرتدي بذلة بيضاء ممشوقة. . .“ وبحسب ما ورد، فقد دفع بوتين أجرة الطائرة الشراعية وقضى ساعات في التدريب على الرحلة، لكن تمت السخرية من الحدث باعتباره تبجيلًا سوفيتيًا للذّات في القرن الحادي والعشرين.1438

ذكر الكتاب أن الأمور ليس لها علاقة أو مرتبطة ببعضها البعض، ذلك حين أصر على أن روسيا هي الوحيدة التي لديها تكافؤ نووي استراتيجي مع الولايات المتحدة: وقد تجاهل جواب بوتين الإذلال والغضب اليومي للروس الذين أُجبِروا على دفع رشاوي مقابل اي خدمة عامّة تقريبًا، والكسب غير المشروع المرتفع الذي يتم الكشف عنه، والتصنيف السيئ لمنظمة الشفافية الدولية الذي وضع روسيا في المرتبة 133 من أصل 174 دولة“.1439

في النهاية ثبت أن نتائج إنفاق مبالغ طائلة على إقامة مسابقة رياضية دولية كانت من أجل أهداف سياسية. على ما يبدو، فإن إنشاءات سوتشي وصفقات الأعمال مع أطراف مختلفة لم تعزّز الاقتصاد الروسي بشكل أفضل؛ بل على العكس من ذلك، لم تتحسن الظروف المتعلقة بها. فقد نشرت منظمة الشفافية الدولية قائمة في ديسمبر/كانون الأول 2012، لتصنيف دول العالم: ”احتلت روسيا المرتبة 133 من بين 174 دولة في أحدث نشرة لمؤشر مدركات الفساد من قبل منظمة الشفافية الدولية“.1440

أوضح الكتاب كيف كانت ليودميلا (Lyudmila) “غائبة بشكل واضح في مراسم وشعائر عيد الفصح في ذلك العام، عندما ظهر بوتين مع ميدفيديف (Medvedev) وزوجته، برفقة رئيس بلدية موسكو ، سيرغي سوبيانين (Sergei Sobyanin). كما تجنب بوتين عيد ميلادها الخامس والخمسين عشية عيد الميلاد الأرثوذكسي في 6 يناير/كانون الثاني 2013؛ في حين أنّهُ كان في سوتشي، ومنح جيرارد ديبارديو (Gerard Depardieu) جواز سفر (حتى يتمكن هذا الممثل من تجنب دفع الضرائب في فرنسا) من اجل التزلج في المنحدرات الأولمبية التي تم إعدادها حديثًا“.1441

تحت عنوان بوتينغراد (Putingrad)، بدأ المؤلف في تسليط الضوء على الاستعدادات لعقد أولمبياد سوتشي لعام 2014: ”في فبراير/شباط 2013، قاد بوتين حاشية كبيرة من المسؤولين الروس وأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية إلى سوتشي لمدة يومين من الاجتماعات وذلك قبل عام بالضبط من حفل الافتتاح المخطط له. فلم يبدُ مسرورًا“.1442

وأوضح قائلاً: ”منذ البداية، كان بوتين متورطًا بشكل وثيق وبقلق شديد في المشروع الأولمبي، ومنح العقود (غالبًا بدون مناقصات تنافسية)، والموافقة على التصاميم، ومراقبة جداول البناء. لقد زار سوتشي مرارًا وتكرارًا، في زيارات رسمية بالإضافة إلى زيارات خاصة إلى منزله الريفي في بوشاروف روتشي (Bocharov Ruchei)، أو إلى منزل جديد قامت شركة غازبروم  (Gazprom) ببنائه في الجبال“.1443

حدد المؤلف بعض الاهتمامات الروسية: ”بالنسبة لبوتين، كان للأولمبياد هدف أعمق من مجرد هدف سياسي. كان يعتقد أنها مسكنات لبلد عانى الكثير على مدى العقود الماضية. {بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وبعد الكآبة، ولنكن صادقين، والأحداث الدموية في القوقاز، أصبح الموقف العام في روسيا سلبيًا ومتشائمًا للغاية“.1444

حوكم نشطاء ومعارضون لمعارضتهم التنمية غير القانونية والانتهاكات التي ارتكبتها السلطات.

ومع ذلك، أدت هذه الانتصارات البيئية للسلطات في نهاية المطاف إلى إجبار غازاريان (Gazaryan) على النزوح إلى المنفى. في عام 2012، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات لمشاركته في مسيرة علنية ضد الاستيلاء على أرض لقصر حاكم المنطقة، تكاتشيف (Tkachev). وبعد أشهر قليلة فقط، اتهم المسؤولون الروس غازاريان بتوجيه تهديدات بالقتل ضد حراس الأمن، بينما احتج العالِم بشؤون البيئة خارج قصر فخم مرتبط بفلاديمير بوتين.1445

لم تثبط تكتيكات الشرطة الروسية القمعية عزيمة أولئك الذين استلهموا ضميرهم، لكن المضايقات المهينة والمعاملة السيئة في مراكز الاحتجاز والسجون دفعتهم إلى طلب اللجوء في الخارج.

جاء هذا العمل بتكلفة شخصية كبيرة ومخاطر كثيرة لغازاريان، لكنه رفض التخلي عن نشاطه البيئي. في يونيو/حزيران 2012، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب المشاركة بتجمع علني ضد الاستيلاء غير القانوني (المشروع) على أراضي الغابات المحمية حول قصر الحاكم الإقليمي.

في أغسطس/آب 2012، وجهت إليه السلطات الروسية تهمة عبر رفع قضية جنائية ثانية بدعوى التهديد بقتل حراس أمن في موقع بناء غير قانوني. لكن في مواجهة عقوبة سجن قاسية في ظل نظام عدالة فاسد، أُجبر غازاريان على الفرار إلى جمهورية إستونيا حيث حصل على حق اللجوء السياسي.1446

التكاليف الفلكية وأزمتها 

 في مقال بعنوانسنة واحدة أقل من العد التنازلي لإنهاء {الاستعمار الروسي}“، تم ذكر الأزمة الاقتصادية الدولية وتأثيرها على الاقتصاد الروسي: ”في استطلاع رأي نُشِر من قبل الموقع المعارض {روسيا الأخرى} (The Other Russia) طُرِحَ سؤال بخيارات متعددة: 

متى سيكون لروسيا حكومة ديمقراطية بِحق؟ فكانت تلك الأسئلة وجاءت الإجابات على النحو التالي:

بين الأعوام 2009 – 2010 

بين الأعوام 2011 – 2015

بين الأعوام 2016 – 2025

وأخيراً وليس آخراً، صوّت 71٪  بالإجابة التالية: {ليس قبل نفاد النفط والغاز}“.1447

وأضاف المقال،

عندما ضربت أحدث الأزمات الاقتصادية العالمية أسواق العالم، استخفّت الحكومة الروسية وقلّلت من عواقبها على الاقتصاد الروسي وقالت في ذلك الوقت إن الاقتصاد الروسي قوي وذهبت إلى الحد الذي بدأت فيه بإعطاء دروس في الاقتصاد، قبل أن يكتشفوا أن حالتهم، إن لم تكن أسوأ من غيرهم، فهي بنفس السوء، حيث انخفض الإنتاج الصناعي الروسي مع تراجع عائداتالنفط والغازبشكل حاد، على الرغم من أن وسائل الإعلام الروسية التزمت الصمت وكانت مشلولة الحركة بشأن تقديم أي معلومات مفيدة.1448

ولم يكن هناك مبرر منطقي للتكاليف الباهظة.

تم بناء كل مكان للألعاب تقريبًا من الصفرحلبات التزلج على الجليد في أدلر (Adler)، ومسار زلاجات الجليد وقرى الجبال (الألبية) الشاهقة  والمتشابهة في كراسنايا بوليانا، والسكك الحديدية والبنية التحتية التي تربط وتمكِّن. التّكلفة الرسمية الحالية، 50 مليار دولار، ربما تكون التكلفة منخفضة. ومع ذلك، فإن أولمبياد سوتشي كلّفت أكثر من أي ألعاب أولمبية قبلها. ومع الاستحواذ على العديد من مليارات الدولارات ونقلها بعيدًا، ليست هذه هي أضيق خطة عمل تم تصميمها على الإطلاق. لكن ما هكذا تورد الابل.1449

أنفقت روسيا مبلغًا قياسيًا قدره أكثر من 50 مليار دولار لوضعه في سبيل إنجاز ألعاب سوتشي، وبناء الملاعب الرياضية والفنادق والبنية التحتية للنقل والإسكان بشكل فعال من الصفر. كانت هناك تساؤلات قبل الألعاب الأولمبية حول ما ستؤول اليه هذه المباني وكيف ستستخدم بعد الألعاب، والآن بدأت بعض هذه المخاوف تتحقق. ”الوحدات السكنية نهبت وخُرِّبَتْ. ويقول سكان المنطقة أنه لا يمكن العثور على المالكين في أي مكان“.1450

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً