لقد غيرت الحرب في أوكرانيا الحركة الشركسية، وموسكو قلقة
الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor) مجلد: 20 العدد: 101
بول غوبل (Paul Goble)
22 يونيو/حزيران 2023
ترجمة: عادل بشقوي
23 يونيو/حزيران 2023
بعد فترة وجيزة من التخفيف في أعقاب دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي في عام 2014، والتي رفعت الاهتمام بالقضية الشركسية إلى المستوى العالمي، فقد انحسرت التوترات بين موسكو والشركس خلال الجزء الأول من العقد الماضي لتظهر مرة أخرى في نهايته (October 5, 2021; May 19, 2022). لكن تلاشت أي فرصة لتهدئة هذه التوترات مرة أخرى في نهاية ذلك العقد، مع كييف، حيث تصاعدت علاقتها المشحونة مع موسكو، معبرة عن الدعم النشط المتزايد للشركس وغيرهم من الجماعات غير الروسية (Window on Eurasia, December 9, 2018; April 17, May 30, 2019). فقد انفجرت هذه التوترات مرة أخرى نتيجة غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الموسع لأوكرانيا ودعم كييف المتزايد لغير الروس داخل الفيدرالية الروسية كحلفاء ضد تعبئة موسكو.
فمن ناحية، أدت الحرب إلى تطرف الشركس داخل روسيا، حيث يوجد ما يصل إلى 700000 منهم، وفي الشتات، حيث يوجد عشرة أضعاف ذلك العدد، مما دفع المزيد من الشركس إلى الإستنتاج بأن الوقت قد حان لتضافر جهودهم والمطالبة بأهدافهم القومية (Ku.life, September 30, 2022; Siberia.Realities, May 20). ومن ناحية أخرى، أطلقت موسكو المنزعجة جهودًا جديدة لقمع الشركس في الداخل، واختراق المنظمات القومية الشركسية في الخارج لتجنيدها لمصلحتها، والسعي لعزل الشركس عن مؤيديهم الدوليين من خلال الإقتراح بأن النمو في النشاط الشركسي سيؤدي إلى ازدياد المد الإسلامي في منطقة شمال القوقاز وأماكن أخرى — التحركات التي لم تؤدي إلا إلى اتخاذ خطوات جديدة لعرقلة جهود الكرملين (February 16, June 8; Ukraina.ru, May 12; Bloknot.ru, May 17).
ويبرر الدعم المتزايد الذي تقدمه أوكرانيا للقضية الشركسية تمامًا الاستنتاج القائل بأن حرب بوتين تعمل على تغيير الحركة القومية للشركس، مما يؤدي إلى مزيد من التنشيط والتطرف وجعلها لاعبًا رئيسيًا في شمال القوقاز. وبالتالي، فإن هذا التطور يقدم علامة أخرى على الأساليب التي أدى بها الغزو الروسي إلى نتائج عكسية بالنسبة لموسكو. يضغط الكثيرون في كييف على الحكومة للقيام بدور أكثر نشاطًا (Abn.org.ua, June 19)، المناشدات التي يبدو أن الجانب الأوكراني يتقبلها ويرحب بها الشركس. يأتي أحدث دليل على عدم تراجع أي منهما من بيان صحفي صادر عن منظمة شركيسيا المتحدة الجديدة بشأن المؤتمر الدولي لإحياء الذكرى 105 لتأسيس جمهورية شعوب شمال القوقاز الجبلية الذي عقد في كييف في نهاية مايو/أيار 2023. في بيانها، قدمت منظمة شركيسيا المتحدة موقفا واضحًا من القضايا الرئيسية، بما في ذلك الاستقلال والعلاقات مع أوكرانيا (United-circassia.org, accessed June 22).
تعلن الوثيقة أنه منذ التأسيس في وقت سابق من هذا العام، ”كان الهدف الأساسي لمجلس شركيسيا الموحدة هو إقامة دولة شركسية مستقلة على الأراضي الشركسية التاريخية. كل نشاط من أنشطة مجلسنا يهدف إلى تحقيق هذا الهدف الأساسي. نواصل متابعة أنشطتنا في إطار القانون، ونبقى مخلصين لهدفنا الأساسي“. وبالتالي، على الرغم من مخاوف واعتراضات البعض، ”من الطبيعي أن يشارك الشركس في مؤتمر لإحياء ذكرى جمهورية شمال القوقاز الجبلية، وهي علامة فارقة في التاريخ الشركسي“، خاصة وأن الاجتماع في كييف لم يكن هدفه إعادة إحياء تلك الجمهورية التي لم تدم طويلاً ولم يُناقش هذا الاحتمال.
في الاجتماع الذي تمت دعوة الشركس لحضوره من قبل حكومتي أوكرانيا وجمهورية إشكيريا الشيشانية، ”أكد مجلس شركيسيا الموحدة مرة أخرى للعالم بأسره هدفه المتمثل في إقامة دولة شركسية مستقلة على الأراضي الشركسية التاريخية“ وأنه ”لا يوجد كيان بخلاف الدولة الشركسية ذات السيادة سيتم قبوله على الأراضي الشركسية التاريخية. فقد تم نقل توقعاتنا للاعتراف بحقوقنا ومصالحنا في شركيسيا واحترام هذه الحقوق والمصالح وفقًا للقانون الدولي إلى جميع أصحاب الشأن“ (United-circassia.org, accessed June 22).
علاوة على ذلك، يعلن البيان أن ”138 شركسِيًا وحوالي 2000 قوقازي قُتلوا في القتال على الجانب الروسي منذ بدء العدوان الروسي على أوكرانيا“. ويكرر المجلس دعواته السابقة للشركس بعدم المشاركة في العدوان الروسي ويدعو إلى الإدراك ”من قبل الجميع“ بأن ”محاولة روسيا زرع العداء بين هذه الشعوب من خلال إشراك شعوب شمال القوقاز في الجبهة الأوكرانية هي خطة شرِّيرة“.
ويقول مجلس شركيسيا الموحدة، ”خلال المؤتمر، تحدث ممثلوه مع قادة الشيشان وكذلك مع ممثلين من تتارستان وداغستان وشبه جزيرة القرم، وتم إقامة علاقات جديدة … بشأن التعاون والتضامن بين الشعوب الأصلية في شمال القوقاز. … كوشركس، نُذَكِّر الجميع بأنه يجب علينا التعاون والعمل بالتضامن مع الشعوب الأصلية في شمال القوقاز من أجل الاستقرار والأمن في شمال القوقاز في حقبة ما بعد روسيا. ستكون هذه الشعوب في جوار حدودنا. ولا مفر من إقامة علاقات حكومية دولية مع هذه الشعوب بمجرد حصول شركيسيا على الاستقلال“. وتقول شركيسيا الموحّدة إن موسكو قلقة بطبيعة الحال من كل هذا، وقد أطلقت حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي استوعبت للأسف بعض الأفراد من ”ذوي النوايا الحسنة“ (United-circassia.org, accessed June 22).
لكن هذا ليس الشيء الوحيد الذي فعلته السلطات الروسية منذ نهاية مايو/أيار 2023 لمحاولة تقويض الحركة الوطنية الشركسية وإخراجها عن مسارها. لقد استمروا في إصدار بيانات تدّعي أن أوكرانيا لا تستطيع فعل أي شيء للشركس أو غيرهم من غير الروس على الرغم من الادِّعاءات بعكس ذلك (Idel-ural.org, June 4). لقد قاموا بتضخيم الخلافات بين الشركس والأوكرانيين حول كوبان التي ستمر من خلالها حدودهم المشتركة واقترحوا أن أي تقوية للشركس ستؤدي إلى صعود التّطرُّف الإسلامي بشكل عام (EurAsia Daily, September 7, 2022; Kavkazgeoclub.ru, accessed June 22). وقد شنوا هجومًا محددًا على (مجلس) شركيسيا الموحّدة وقادتها وداعميها في الغرب — أوكرانيا وعلى وجه الخصوص مؤسسة جيمس تاون (Vpoanalytics.com, June 17).
معظم هذا الهجوم بغيض وتشوبه الشخصنة، لكن عنوان مقال ال (VPO) الرئيسي في هذه الحالة يقول: ”{البرنامج الشركسي} — قبل وبعد بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا“. كما يبدو مألوفًا ، فإن موسكو تعامل الحركة الشركسية ليس كتعبير عن مشاعر وتطلعات الأفراد المعنيين، ولكن على أنها من صنع أيدي الحكومات الغربية. مع ذلك، وكما تظهر تصريحات الشركس أنفسهم وعملهم لمواجهة الإجراءات الروسية النشطة والتعاون مع حركات أخرى غير روسية، فإن الكرملين، في واقع الأمر، لديه شيء أكثر خطورة مما يدعو للقلق — وتحديدا انبثاق حركة وطنية ناضجة بين الشركس، وكذلك واثقة من نفسها وذات نفوذ متزايد بين أفراد شعب طرده الروس أولاً ثم أعاد تقسيمه إلى أجزاء، لكن لم يعد بإمكانهم الافتراض أنه تم إخضاعهم بشكل فعال.
المصدر:
https://jamestown.org/program/war-in-ukraine-has-changed-circassian-movement-and-moscow-is-worried/