خلاص الشعوب والأمم الأسيرة
عادل بشقوي
17 أبريل/نيسان 2024
هذه الحقائق المشار إليها تاليا معروفة لكم. بل إنها تتناول خصائص الوضع الحالي في المناطق مدار الاهتمام وما حولها.
إن السكان الأصليين، والمقصود بهم في هذا السياق، شعوب وأمم شمال القوقاز وما وراءها، التي ابتليت بالغزو والاحتلال والاستحواذ الروسي، كانت مترددة بشكل عام في اتخاذ التدابير والخطوات المناسبة في كل ما يهم مصيرها. في الواقع، لم يجدوا في الماضي شركاء موثوقين للتخلص من قبضة المستعمرين والإمبرياليين الروس.
السبب الرئيسي هو الدعاية القوية والمعلومات الخاطئة المضلِّلة وحملات الخداع التي تشنها روسيا ووكلاؤها على مدى عشرات العقود، بل لعدة قرون مضت، مع الأخذ في عين الاعتبار وجود جاليات كبيرة من الشتات، منتشرة في عشرات البلدان. كل هذا في ضوء الانعكاسات التلقائية للعديد من ثقافات دول المهجر المطلوب التعامل معها.
ناهيك عن سياسة فرق تسد المطبقة بين الكيانات وحتى الأفراد سواء في الشتات أو الوطن، وأحياناً في ظل غياب سياسة مقاومة الترهيب وحتى الصمود في وجه متلازمة ستوكهولم. وكل ذلك رغم معرفتهم المؤكّدة بشأن جرائم القتل والتدمير والاحتلال والإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري لملايين الأبرياء الذين ليسوا من أصل عرقي روسي.
ومن الأدوات المستخدمة في هذا الجانب جيش نشط من الوكلاء والمتعاونين الروس تحت عناوين عديدة. ويروج العملاء للسياسات والأكاذيب الروسية. في نهاية المطاف، يقومون بالترويج للدعوة إلى قبول الوعود الروسية الكاذبة. فيحاولون إقناع بعض السذج بقبول أكاذيبهم. ومن المشاكل التي يجب معالجتها التعامل مع النرجسيين والأنانيين الذين لا يرون إلا مصالحهم الخاصة. وهذا يضعف الإرادة الجماعية التي تحاول اتخاذ الخطوات الصحيحة للمطالبة باستعادة حقوقهم المغتصبة بالشكل المناسب.
ويبدو أنه كان من الصعب البحث عن نشاط فعال يناسب المرحلة الحالية. إلا أن الوضع القائم تطور إيجابياً بعد فبراير/شباط 2022. ويتجسد التغيير بمزيد من التواصل والحوار بين الكيانات وحتى الأفراد في مهاجر الأمم الأسيرة من جهة، وبين نشطاء الشتات والوطن من جهة أخرى.
ومن يسير على هذا النهج المبارك، يعلم جيداً أن على الشعوب أن تتبع النهج الديمقراطي، وقواعد القانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لتحديد الخيارات التي تتيح للشعوب والأمم حرية اختيارها لاستعادة حريتها، واستقلالها وحق تقرير مصيرها من دون ضغوط من أحد.
ومع توفُّر الأدلة المؤكدة والدامغة على التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتهجير القسري وغيرها من الجرائم، فإن منتدى الأمم الحرة لمرحلة ما بعد روسيا مطالب بإعلان الحقائق علنًا. وهذا سيشجع الدول الديمقراطية والمحبة للسلام في العالم على الاعتراف بالجرائم التي ترتكبها الدولة المارقة، وبالتالي تمكين الشعوب والأمم من استعادة حقوقها وحريتها وحقها في تقرير المصير والاستقلال.
التهويل في التضليل
ومن المفيد أن نذكر في هذا الصدد التهويل في التضليل (”Gish Galloping“)، وهو أسلوب بلاغى يحتوي على تقنية الأدوات البلاغية المستخدمة للحثِّ على استجابات عاطفية، تتضمن إغراق الخصم بأكبر عدد ممكن من الحجج، دون النظر إلى دقة تلك الحجج أو صحتها أو ملاءمتها. على سبيل المثال، قد يحاول الشخص الذي يستخدم التهويل في التضليل دعم موقفه من خلال إثارة عدد كبير من الادعاءات الغامضة، والبيانات القصصية، والحقائق التي أسيء تفسيرها، والتعليقات غير ذات الصلة، في تتابع سريع. وهناك توجُّه لاتهام الضحايا بجرائم ارتكبتها سلطات الاحتلال.
الهدف الروسي المعروف هو هدف دعائي بحت. فهو ليس لتحفيز الفكر واستخدام العقل والمنطق؛ لكن لنشر الأكاذيب التي تم اختراعها ذاتيًا والحجج الشائعة الاستخدام. إنّهُ أسلوب التهويل في التضليل الملفق والدعائي غير العقلاني في الأكاذيب المصمم وفق تدفق حتمي يتصف بانه أحادي الاتجاه، والذي يفتقر إلى الدقة والموضوعية. هو ”أسلوب بلاغي يتضمن سحق خصمك بأكبر عدد ممكن من الحجج الواهية، دون النظر إلى دقة تلك الحجج أو صحتها أو أهميتها“.
https://effectiviology.com/gish-gallop/
لذلك، وفي كل الأحوال، يجب تفنيد وفضح المبالغة في الكذب. وهنا يأتي واجب الشعوب والأمم الأسيرة في مواجهة جيش المستعمرين الدعائي العدائي ودحض حججهم المعتادة. ومن الضروري في هذا السياق، الكشف عن تشويه الحقائق المتعمد وتقنية تحسين الصورة المستخدمة. وذلك من خلال سرد وكشف ونشر الحقائق التي لا يستطيع المستعمر إنكارها.
الخاتمة
من المتوقع أن يفي المجتمع الدولي، وخاصة دوله الديمقراطية، بالتزاماته لمساعدة الشعوب والأمم المضطهدة على استعادة حقوقها المشروعة. يجب على شركيسيا وأمم شمال القفقاس وما وراءها أن تستعيد حريتها وحقوقها المغتصبة، بما في ذلك الحق في تقرير المصير، والاستقلال الحتمي. وسيكون الشراكسة مثل طائر العنقاء الذي ينهض من الرماد كعلامة على الخلود ويزدهر من جديد في السّعي لتجسيد البقاء.
”فهل الحرية شيء آخر غير الحق في العيش كما نريد؟ لا شيء آخر“. ~ إبكتيتوس