مداد القلم: قيصر جديد وفساد قديم

قيصر جديد وفساد قديم

كيف انتقلت السلطة من يلتسين إلى بوتين

 

مع وفاة بوريس يلتسين كثر الحديث عن إنجازاته وتجاوزاته، وقليلا ما تناول الواقع القائم من بعده، في عهد خلفه فلاديمير بوتين، ناهيك عن الإشارة إلى أنّ وصول الأخير إلى السلطة، كان من “إنجازات.. أو أخطاء” يلتسين، والحصيلة هي ما شهدته الشاشان في الدرجة الأولى، علاوة التراجع الملحوظ فيما سبق الاعتقاد بتثبيته من حريات وحقوق عقب سقوط الشيوعية وانهيار معسكرها الشرقي. المقالة التالية واكبت انتقال السلطة في حينه (عام 2000م)، وفي مضمونها ما يعطي تفسيرا لكثير من السياسات الروسية في الوقت الحاضر (عام 2007م).

 

في الديمقراطيات الغربية ألوان من الفساد والانحرافات ومن العدوانية وانتهاك حقوق الإنسان، وكثيرا ما وصل ذلك إلى أعلى المستويات، وكثيرا ما أثار التساؤلات عن تفسير لأسلوب التعامل معه، كما لو كان من الأمور الاعتيادية في حياة الطبقة السياسية !. وما قضية كلينتون وانحرافاته الجنسية بغائبة عن الأذهان، ولا حكايات الساسة الإيطاليين مع الجريمة المنظّمة بمجهولة، ولا الفضائح التي طالت بعض الوزراء وكبار العاملين في أجهزة حكومية وأمنية في فرنسا وبلجيكا بأقلّ شأنا مما انكشف أمره من بعد من فضائح مالية على أعلى المستويات الحزبية في عهد هلموت كول بألمانيا، أمّا العدوانية وانتهاكات حقوق الإنسان فالنسبة الأعظم مما يًرتكب في البلدان الديمقراطية الغربية يصيب الإنسان في البلدان النامية، فلا يؤبه به كثيرا، ولا يجد طريقه إلى الكشف عبر وسائل الإعلام إلاّ قليلا، ناهيك عن المحاسبة والمقاضاة. بل على النقيض من ذلك إذا ارتكب مجرم من غير السياسيين والديبلوماسيين أيضا، جريمة ما في بلد من البلدان النامية، لا خلاف حول استحقاقها العقوبة، ولا حصانة تمنع العدالة من أن تأخذ مجراها بشأنها.. ولكن كان ضحيتها إنسان أو أكثر من أهل ذلك البلد المضيف، فليس مجهولا ما تبذله الدولة الأمّ لتخليص مواطنها المجرم من المحاكمة بأي ثمن، ولو كان فيه فساد علاقات ديبلوماسية وتجارية، وما قصص ممرّضة بريطانية في السعودية وخادمة فيليبينية في الإمارات وتاجر ألماني في إيران بمجهولة. ولا يعني هذا الحيفُ على حساب الدول النامية نجاةَ أهل الغرب أنفسهم من انتهاكات حقوق الإنسان، كما يشهد ما ينكشف من التعامل الأمريكيين البيض مع السود والملونين، وتجارة الرقيق الأبيض في كل مكان، ومصير الأطفال المعتدى عليهم بمختلف أشكال الاعتداء الوحشي.

 

هل لهذا علاقة بفلاديمير بوتين ووصوله إلى كرسي الرئاسة في الكريملين ؟..

إنّ ما ينكشف في الغرب من علاقة لبعض المسؤولين في قطاعات السياسة أو الاقتصاد أو رجال الأمن بتلك الألوان المتعدّدة من الفساد وسواها، إنّما ينكشف في فترة متأخرة، بعد أن يكون المسؤول قد استقرّ في منصبه، أو بعد نهاية فترة وجوده فيه، ثم قد يجد الملاحقة السياسية، كما كان مع نيكسون، وقد لا يجد ما يستحقّ من جزاء كما في حالة كلينتون، ولكنّ هذا ما يعود إلى فساد الأولويات بين المصالح المادية والأخلاقيات، وإلى فساد معايير القيم واضمحلالها، إنّما نادرا -وليس مستحيلا تماما- أن تنكشف فضائح من هذا القبيل أثناء معركة انتخابية، ثم ينجح المرشّح الغربي رغم ذلك في الوصول إلى منصب يتطلع إليه، وهذا ما يدفع في إطار الحديث عن بوتين إلى المقارنة والتساؤل عن المستوى الذي انحدر إليه واقع الاتحاد الروسي في هذه الأثناء، بعد أن سقطت الشيوعية المتفسخة وأقيمت أركان الديمقراطية الغربية مع مناهجها الاقتصادية وأخلاقياتها، فكأن الروس يريدون التفوّق على الغربيين في مساوئ مناهجهم قبل أن يرسّخوا ولو بعض ما يعوّض شيئا ما عن ذلك من محاسنها وميزاتها.

إنّ جميع ما ذكر ويذكر عن فلاديمير بوتين لترجيح احتمالات انتخابه رئيسا للاتحاد الروسي، وعن ظروف ارتفاع نجمه خلال فترة وجيزة، لا يندرج تحت عنوان تعداد المآثر والمحاسن والميزات، وإنّما يُفهم كشكل من اشكال التبجّح العلني بأسوأ ما يمكن تعداده من مواصفات لرئيس دولة، ناهيك أن تكون لرئيس دولة كبرى، أو هي راغبة في هذا الموقع على الأقلّ!..

لا يقتصر الأمر على أنّ مدخله إلى معترك المسرح السياسي الروسي كان عبر بوابة المخابرات، وهي بوابة مخزية، لا سيّما في الفترة التي كان محور نشاطات المخابرات السوفييتية فيها متركّزا على الروس أنفسهم وعلى شعوب الدول الشيوعية الصديقة لهم، ولا غرابة أن يكون في مقدّمة أعمال بوتين الرسمية بعد استلامه منصب الرئاسة بالوكالة، وقبل أن يزور جنوده الروس في جبهة القتال، زيارته لضريح الرئيس السوفييتي الأسبق آندروبوف، وهو الذي بقي في الحكم فترة وجيزة قبل جورباتشوف، ولكن يميزه أنّه كان أيضا رئيسا للمخابرات قبل استلام الرئاسة في الدولة الشيوعية المنهارة.

ومن بوابة المخابرات إلى بوابة الفساد فقد كان مدخل بوتين إلى مبنى الكريملين عن طريق تشوبايس، أوّل من سقط من منصبه -مؤقتا- من بين أركان “عائلة” يلتسين، بسبب الفساد، ليس لانكشاف أمره، ولكن لأنّ الفساد بلغ مدى يزكم الأنوف من جهة، وبسبب صراعات تدور بين أصحاب المليارات الجدد على مناصب توجيه الحكم في موسكو من جهة أخرى، وأحدهم تشوبايس نفسه. وكلمة “عائلة” لا تعني هنا صلة القرابة، وإن كان قد انكشف أمر استشراء الرشوة والفساد في أقرب أقرباء يلتسين كابنتيه وصهريه، ولكن تعني -على غرار ما تعرفه جزيرة صقلية تحت سيطرة عصابات الإجرام المنظمة / المافيا- وجود ظروف مماثلة في قمّة هرم السياسات السياسية والاقتصادية بموسكو.

بوتين فرد من أفراد “العائلة”.. ولهذا كان سهلا عليه أن يدفع ثمن وصوله إلى موضع الحظوة عند يلتسين، والاتفاق على استقالة الأخير في اللحظة المناسبة لوجوده هو في منصب رئاسة الوزراء، وبالتالي في موقع استلام الرئاسة بالوكالة وفق الدستور، وكان الثمن الظاهر للعيان، وقد يكون المخفي أعظم، أن يوقع بوتين أوّل مرسوم رئاسي يحمل اسمه في قمّة الكريملين، بما يعطي يلتسين وأقرباءه وافراد عائلة فساده المالي والسياسي “صك غفران” مدى الحياة، فلا يلاحقهم جهاز سياسي ولا قضائي، ولا يحاسَبون عما ارتكبوه وانكشف أمره أو ما ارتكبوه ولم ينكشف أمره بعد، رغم أنّ الوثائق عمّا انكشف من ذلك باتت مفتوحة منشورة، وأنّ الحسابات المالية وما دخل إليها من أموال بالملايين معروفة مكشوفة، وأنّ عمليات غسيل ما يسمى “الأموال القذرة” في جنيف وفي نيويورك قضايا ثبتت على أصحابها متلبسين، فلم يعد السؤال هل ارتكب هؤلاء الذين يمنحهم بوتين “الحصانة” أعمالا تثبت عليهم تهمة الفساد وسواها أم لا، وإنّما السؤال هو هل يلقون عقوبتهم أم لا، وصعد بوتين إلى قمّة السلطة في موسكو بتوقيعه على كلمة “لا” في هذه الحالة، مع أنه اشتهر اثناء وجوده في الكريملين بأنّه لم يكن يقول شيئا تجاه سيد الكريملين السابق سوى كلمة “نعم”!..

ويُعلّل صعود نجم بوتين السياسي شعبيا وفي أوساط العسكريين ولدى الأحزاب الحاكمة والمعارضة، بتحرّكه في حرب الشاشان بتصميم قاطع على المضي بالحرب إلى نهايتها بأي ثمن، وهنا أيضا لا يعني ذلك صعود نجمه بفضل بطولة عسكرية في معركة مشرّفة، أو ميؤوس منها ثمّ نجح هو في انتزاع النصر فيها، بل يصعد نجمه رغم افتقاد أيّ جانب مشرّف في المعركة نفسها وفي مجراها، وكان من المفروض وفق مقاييسهم العسكرية أن يتحقّق النصر العسكري الروسي خلال أيام فقط. إنّما كان صعود نجم بوتين لأنّه استطاع حتى الآن إخفاء العدد الحقيقي لقتلى الروس في الغزوة الجديدة لأرض الشاشان، ولكن سيّان هل كان العدد بالمئات أم الألوف أم تجاوز بضعة عشر ألفا كما كان في حرب الشاشان الأولى، يبقى من المخزيات المذهلة، أن يجد بوتين في حرب الشاشان التأييد من جانب المسؤولين الروس على اختلاف مواقعهم ومشاربهم واتجاهاتهم السياسية، فهذا لا يحسب له ولا لهم، وإنّما يؤكّد أنّ الأرضية التي تتحرك عليه السياسة الروسية باتت فاسدة حتى النخاع، لا تتورّع عن الجرائم الحربية بأبشع صورها، وأنها تسير حذو النعل بالنعل وراء ما سبق وسارت عليه السياسة الأمريكية أيام فييتنام (ومن قبل ومن بعد كما في أفغانستان العراق)، حيث بقي تأييد الحرب قائما إلى أن بدأ ينكشف حجم الخسارات البشرية الأمريكية، فبدأت فجأة “حملات الدفاع عن حقوق الإنسان الفييتنامي” كما قيل. هنا أيضا يصعد نجم بوتين سياسيا ما دام ضحايا حربه في الشاشان ليسوا من الروس “البشر”، بفضل أساليب القصف الإجرامي عن بعد، خوفا من التلاقي العسكري وجها لوجه مع المجاهدين المدافعين عن أصل وجود شعبهم وبلدهم.

ثمّ يقال بعد ذلك كلّه إنّ الساسة الغربيين، كما ورد على هامش قممهم ولقاءاتهم المتعددة، لا يريدون ممارسة ضغوط ما على بوتين بسبب حرب الشاشان، كيلا تضعف فرص نجاحه في انتخابات الرئاسة آنذاك، فليس من مصلحة الغرب أن يأتي على رأس السلطة في الكريملين سواه من الساسة الروس!.. وفي هذا الموقف الغربي كثير من الدلائل التي تنسجم مع حقيقة أن الفساد السياسي قد استشرى إلى أقصى حدوده.

إنّ الساسة الغربيين يقولون بذلك -ودون أن يطرف لهم جفن كما يقول المثل- إنّ مصالحهم أهم ممّا يزعمون باستمرار أنّهم يعطونه الأولوية على صعيد حقوق الإنسان، ويقولون واقعيا إنّ التعامل مع سياسي صعد على سلّم الفساد، وحصّن أركان الفساد، وارتكب الجرائم الحربية بأنواعها، وما زال يرتكبها، ولكن يخدم مصالحهم على وجه الاحتمال، أفضل عندهم من التعامل مع سياسي قد تتناقض سياسته مع مصالحهم!..

وليصدّق من شاء إذن أنّ النوايا الغربية بريئة، وأنّ شعاراتهم صادقة، عندما يتحدّثون عن ملاحقة مسؤولين آخرين في مواقع أخرى مثل صدام وميلوسوفيتش، بدعوى الدفاع عن الشعوب، وهذا علاوة على أنّ محاضن الفساد التي نشأ فيها أولئك جميعا وترعرعوا، إنّما هي محاضن غربية المنشأ والهوية والأسلوب والاتجاه، من البداية إلى النهاية.

إنّ وصول بوتين إلى منصب الرئاسة، وإنّ موقف الغرب ممّا يرتكبه في الشاشان ودعمه إياه في الوصول إلى منصب الرئاسة، إنّما يؤكّد في خاتمة المطاف، أنّ موسكو استكملت بذلك المشوار من الشيوعية المنهارة إلى الرأسمالية القائمة على هياكل ينخر فساد الذمم والضمائر فيها نخرا، وينكشف أمره بلدا بلدا وعاما بعد عام وحربا بعد حرب وميدانا بعد ميدان، فعاد بذلك الروس إلى الأرضيّة الغربية المشتركة، التي كانوا يتحرّكون عليها من عهد القياصرة إيفان وألكسندر وأقرانهما، من قبل عهد الشيوعية مع لينين وستالين وأقرانهما، فتابع المسيرة الآن يلتسين وبوتين وأقرانهما !.

نبيل شبيب

http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?name=News&file=article&sid=294

 

 

Share Button

عودة مجبولة بالمرارة… و إرادة و صمود مجبولين بالحديد

عودة مجبولة بالمرارة… و إرادة و صمود مجبولين بالحديد
من مراسلنا في الأديغي نارت أستيمر
الثلاثاء 29 تموز 2003
bresim_abhazya04
لطالما حلم رشاد بأرض أجداده، و كثيراً ما تساءل منذ نعومة أظفاره مثل الكثيرين من أبناء وطنه: من نحن؟ و ماذا تعني أديغه؟ و أين هو القفقاس؟ و لماذا نحن بعيدون عنه ؟! و كانت هذه الأسئلة تكبر في ذهنه يوما بعد يوم و تتأجج حماسة كلما سمع أغنية أو لحن رقصة من الفلكلور الأديغي أو سمع مثلاً أو قصة من الأديغة خابزة.
و تمر السنين و رشاد يتأرجح بين حلم و محبة يتأججان بين جنبات قلبه الطيب و بين متطلبات الحياة و واجباتها، ليحلم و يتعلم و يصبح بعد حين مصوراً تلفزيونياً في هيئة الإذاعة و التلفزيون في تلفزيون برشتينا في كوسوفو.
و في عام 1993 انتصر عشق الوطن في قلبه الطيب ليقرر هو و خمسة من رفاقه العودة إلى وطنهم الأم ليستقروا إلى الأبد في مايكوب عاصمة الأديغي الجميلة ليكون بذلك من أوائل الأديغيين العائدين من كوسوفو.
قبل حزم حقيبته المتواضعة بفترة طويلة و خلال استعداده للعودة سمع العديد من النصائح و التحليلات التي كانت كثيراً ما تستـفز أعصابه: ماذا لك هناك يا رشاد؟ … من سيقف معك هناك يا رشاد؟… إن العودة ضرب من الجنون… فكر يا رشاد و حكم عقلك يا بني… و غيرها الكثير الكثير
و لكن رشاد كان يدرك بوضوح رغم تألمه أن ذلك أمر طبيعي من أبناء شعب لاقى الويل و عانى الكثير قبل طرده من أرض أجداده و ما تلا ذلك من معاناة كانت أشنع عبر مسيرة الترحيل الطويلة جعلت أبنائه على ما يبدو يخافون تلك الأيام و ذكرياتها المرة و تركتهم يتمسكون بالاستقرار و لو تحت ظلال صبارة في بادية جرداء قاحلة. و رشاد أبازة كان يتساءل في قرارة نفسه: و لكن أيعقل أن نعتز بانتمائنا للأديغه و نحب عاداتنا و تقاليدنا و أرض أجدادنا و ألا نحلم بالعودة إليها، و لا نتمسك بحقنا في العيش فيها؟
و يمضي قدماً نحو القفقاس الغالي و الفرحة و السرور تملأن قلبه، غير مكترث بشيء سوى التوحد مع أبناء شعبه هناك و الانغماس عميقاً في بطون أرض الوطن الحبيب. و كان التوحد الأول بزواج موفق أسعد به الأهل و الأصدقاء و توّج بثلاث غرسات جميلات: شامل، ستناي، حاج مراد. و بقي رشاد دوماً متميزاً بطيبة القلب و بساطة التعامل و الانفتاح على المحيطين من حوله من أخوة له عائدين أو محليين بعيداً عن روح الفئوية و كل هاجسه التكاتف و التضامن مع الجميع.
لكن الحياة أبت إلا أن تشاكس هذا القلب الطيب لتؤكد من جديد حكمتها الأزلية أن “لا راحة لمؤمن إلا بلقاء وجه ربه”. فمنذ أيامه الأولى في مايكوب لم يوفق في عمل يؤمن له الراحة النفسية و البدنية، فرغم أنه صاحب شهادة في الإلكترونيات عمل بها سنين في تلفزيون برشتينا إلا أنه لم يوفق في تعديل شهادته بسبب الحواجز و الاشتراطات البيروقراطية ـ 1 ـ. و حتى يجابه متطلبات الحياة مارس العديد من الأعمال من الزراعة و أعمال البناء إلى الإلكترونيات، و لم يكن يأبى القيام بعمل شريف مهما كان شاقاً و تعيساً و غير مجزياً بالنسبة له في سبيل العيش بشرف و كرامة و الصمود و الاستقرار على أرض الوطن، غير آبه بوجود أو عدم وجود صندوق دعم العائدين ـ 2 ـ
و للأسف لم تخلُ حياته من منغصات من ألوان أخرى؛ فعندما اندلعت نيران الحرب الأهلية القذرة و أحاطت أهلنا في كوسوفو خسر والده الذي اغتيل في منزله، و ضاع أخوه ضياعاً بائساً في حيثيات و متاهات الفلتان الذي رافق هذه الحرب. و عندما لحقت به عائلته من هناك بعد تقديم الجهات الرسمية في جمهورية الأديغي و روسيا الاتحادية المساعدة و مساكن مجانية جديدة لكل عائلة عائدة من كوسوفو، في ظل هذا الموقف الرسمي المتميز يوم ذاك، حاول البعض التلاعب عبر متنفذين و كادوا أن يستولوا على الدور الخاص بأهله لاستلام البيت المخصص لهم في قرية مافه حبله. إلا أن جسارته و مساندة بعض العائدين له حالت دون ذلك.
و عندما وقع رشاد أبازة من السقالة الخشبية العالية و هو شاب لم يتجاوز الأربعين من عمره لم نحزن و نتألم لفقدانه فحسب، بل حزنا و تأسفنا أكثر لأنه مات و هو يزاول عمل لا علاقة له بالعمل الذي بذل العديد من سنين عمره في دراسته و إتقانه.
رحمك الله يا “أبا شامل” لقد اختزلت في حياتك القصيرة معاناة الكثيرين من العائدين من أمثالك، و أكدت لنا بروحك الطاهرة و صمودك المتواضع أنه إذا كان عشق الوطن جنون، فما أحلى الجنون، و أنه إذا كان لا بد من كسر الحجارة من أجل الصمود في أرض الوطن، فهيا بنا نُكسر ونأكل من هذه الحجارة. لقد ذكرتنا بحكمة أجدادنا و بأن خسارة أيام و سنين من الراحة و الهناء أهون ألف مرة من خسارة الوطن فكما قال أجدادنا:
من يخسر وطنه يخسر كل شيء.
(وكالة أنباء القفقاس)
Share Button

كلمة رئيس الجمعيّة الخيريّة الشّركسيّة في الأردن بذكرى يوم الوفاء للوطن والأجداد

أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة
 
  أهلنا الأوفياء الأصلاء..
 
  بتحيّة السلام، سلام الله للأرض والوطن والإنسان، أبدأ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
  ها نحن نجتمع مرّة أخرى في رحاب الجمعيّة الخيريّة الشركسيّة لنحيي يوم الحداد، يوماً نستذكر فيه سيرة الشهادة والشهداء، نستدعي فيه الذاكرة لنعيد لها بعث الحياة، يوماً نتبصّر فيه ما فات، لنبعث من رماد النار نوراً لأيامنا القادمات، يوماً نقف فيه أمام تضحيات الأجداد إجلالاً لدماء رسمت ملاحم العزّ والبطولة، إكراماً لنفوسٍ ضحّت بأرواحها عزيزة في سبيل الوطن والكرامة. نقف وقفة الحقّ والواجب تجاه من نسجوا بأرواحهم وأجسادهم حكاية الوطن والتهجير. حكاية شعب تكالبت عليه القوى فأخذت تنهش وطنهم ووجودهم. نقف لنشهد العالم أنّ القفقاس جذوة النار والنور التي لن تخمد في قلوبنا وعقولنا، فالأوطان خلقت للخلود، فليس للقفقاس طول الدهر سلوان أو نسيان.
 
  أهلنا الأعزاء…
 
  وقفت أمامكم مرّات قبل يومنا هذا، وكنت أستذكر معكم جزءاً من الماضي الحيّ، واليوم اسمحوا لي أن أتجاوز حديث الماضي والذكريات ليس عن استخفاف أو تقليل شأن، معاذ الله، فمأساة التهجير وفقد الوطن حاضرة فينا حضور الزمن، وجراح أجدادنا لا تزال حيّة في قلوبنا وعقولنا، إلا أنّ واجبنا تجاه هذه الدماء الزكيّة والأرواح النقيّة يتجاوز البكاء على الوطن، والرثاء لأرض الأجداد، لذلك علينا أن نواجه سؤال المأساة الأول، فإن كان أجدادنا منهم من ارتقى السماء شهيداً لعيون الوطن والحريّة، ومنهم من أُخرج من أرضه ظلماً وعدواناً، ولم يكن له إلا أن يموت تحت آلة الدمار والإبادة الجماعيّة التي لا يعرف التاريخ لها مثيلاً في الوحشيّة والدمويّة والعنصريّة، أو أن يخرج من وطنه على كره منه إلى حين. فإذا كان الأجداد قد أجابوا بما استطاعوا إليه سبيلاً سؤال النجاة في ظلّ هذه الظروف القاسية، فقد أورثونا سؤال العودة، هذا السؤال الذي ينبغي أن يكون همّ كلّ واحد منّا وشغله الشاغل؛ فعودة القفقاس لنا، وعودة حقّنا في أرضنا ووطننا هي القضية الكبرى التي يجب أن تتوحّد لأجلها القلوب والجهود.
 
  أيّها الإخوة من أبناء الدم الواحد والوطن الواحد والمصير الواحد، إنّ اجتماع الصفوف وتوّحدها هو سبيلنا الوحيد للخروج من متاهة التهجير إلى مرفأ الوطن، فإذا كان التهجير وحده مأساة وأيّ مأساة، فإنّ فرقة الأرواح واختلاف القلوب تهجير على التهجير، ومأساة فوق المأساة، فلنتعلّم من دماء أجدادنا وتضحياتهم أنّ ميثاق الأخلاق والفروسيّة الشركسيّة يجمعنا جميعاً، فالأوطان تسبق كلّ غاية وتعلو كلّ راية، وليس فينا ولا منّا من دعا إلى عصبيّة تفرّق، وجهويّة تبدِّد، فلنجمع قلوبنا على غاية واحدة، وهي غاية استعادة الوطن الأمّ، وحقّنا في العيش فيه بعزة وكرامة وحريّة.
 
   أيّها الحضور الكريم..
 
   تحاول الجمعيّة الخيريّة الشركسيّة أن تكون على قدر اسمها ولقبها، “الجمعيّة الأمّ”، فهي أصل المؤسسات كلّها وموطن اجتماعها، وهي مظلّة الشراكسة جميعاً في الأردن وخارج الأردن، وقوّتها قوّة للشراكسة جميعاً، وأيّ ضعف يصيبها –لا سمح الله – سيصيبنا جميعاً، فلنكن كلّنا على قدر تضحيات من شهدائنا وأجدادنا، فما أشدّ خزينا حين نلقى الله وقد قدّم أسلافنا أرواحهم فداءً للوطن، ونقدُم نحن عليه وليس في أيدينا وقلوبنا إلا التخاذل والتخالف والتباغض، فإن كان واقع التهجير قد جمّع الأجداد فما أحرانا أن يجمّعنا أمل العودة وتحرير الوطن.
 
   أيّها الأهل الكرام..
 
   إيماناً من الجمعيّة أنّ العمل على إحقاق الحقوق لا يكون بالتمنيّ والأحلام، بل بالسعي والبذل والإخلاص، فقد أرسلنا رسالة إلى رئيس روسيا الاتحاديّة، نؤكد فيه على حقوقنا، ونسعى به لفتح آفاق مرحلة جديدة، تقوم على الاعتراف بتشركيسيا وطناً تاريخياً للشراكسة، والاعتراف بحقوق الشراكسة في أرض الشتات، فإنّ تجاوز مأساة الماضي لا يكون بتجاهلها وإنكارها، بل بالعمل على ردّ الحقوق وضمانها. وستقرأ الرسالة على مسمعكم الكريم في يومنا هذا.
 
  أيّها الشراكسة الأصلاء النبلاء، على أمل أن نلتقي في يوم التحرير، وعودة الوطن الأمّ إلينا نحن أصحابه الشرعيين، أترككم في رعاية الله وحفظه ولنبقَ أوفياء لوطن الأجداد ذكرى و ذاكرة، حلماً وحقيقة، تاريخاً وواقعاً.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
                                                             رئيس الجمعية الخيريّة  الشركسيّة
                                                                   رئيس مجلس الإدارة
                                                                       اسحق مولا
 
Share Button

إستمرار المؤامرة ضد شركيسيا

إستمرار المؤامرة ضد شركيسيا

مقدّمة

إن مجريات الأمور في الوقت الحاضر تعيدنا في الذّاكرة الشّركسيّة، إلى ما احتوته وتكدّس فيها من معلومات ذات صلة بالدّفاع عن النّفس والوجود والبقاء والاستمراريّة كأمّة عريقة بين الأمم أرادت أن تحيا بكرامة وحرّيّة وعزّة، لكن الأطماع العنصريّة والإستعماريّة والإمبرياليّة حالت دون تحقيق تلك الأمنية الغالية، لا بل نفّذت ضد أبنائها الأخيار الإبادة والتّطهير العرقي والتّهجير القسري للسّواد الأعظم من الأمّة المنكوبة، ناهيك عن السّلب والنّهب للمواشي والمقتنيات ولكل ما تطاله أيديهم الغادرة، وكل هذه الأفعال الشّائنة والموثّقة ندر مثيلها في التّاريخ الإنساني، ومن بعض الويلات الّتي أوقعها الطّامعون والمحتلّون انّهم كانوا يقدمون على تدمير القرى والبلدات الشّركسيّة الآمنة عن بكرة أبيها، وعمد المحتلّون على جمع المدنيّين والقرويّين العزّل في الأمكنة العامّة وحتّى في الحظائر، وكانوا يشعلون فيها النّيران الّتي كانت تأتي على أي شيئ لم تطله الأيدي اللّئيمة والآثمة، ولم تسلم من كل ذلك الخيل الشّركسيّة الّتي هي تعرّضت أيضا للأبادة الجماعيّة، وذلك بسبب معرفة المحتلّين بأن الفارس الشّركسي الشّجاع الّذي يمتطي صهوة جواده الشّركسي الأصيل يساوي أضعاف ذلك العدد من أفراد القوّات المعتدية وهي المدرّبة والمجهّزة بالأسلحة والأعتدة العسكريّة الحديثة. كل تلك الأفعال والجرائم الشّائنة كانت تنفّذ حتّى لا ينجو صغيرا أو كبيرا من المجازر المتعمّدة، ومن ينجو يجد بيته وقد دمر وكذلك قريته وقد سوّيت بالأرض لتبدأ وحلة عذاب إلى المجهول، هذا ناهيك عن عمليّات القتل والتّخريب والإستيلاء على الممتلكات الّتي  نفّذتها عصابات من القتلة والمأجورين والمرتزقة والمحرّضين الّذين كانوا في عداد القوّات القيصريّة الغازية.

السّياسة الفاشيّة والإمبرياليّة

أن القوانين والأساليب العنصريّة الرّوسيّة البغيضة في انتهاك الحقوق الّتي اتّبعت ولا تزال تتّبع ومن أساليبها الإستئثار والإستقواء والقهر والبطش بالشّعوب والأقوام المختلفة والمندرجة جميعها تحت قيام الطّغيان بالعيث فسادا وخرابا بالبلاد والعباد وإشباع شهوة النّهم والسّيطرة على الآخرين وانتهاج الأساليب الشّيطانيّة لهي سمة مميّزة بالغزاة الرّوس وهم الذين اعتدوا واقترفوا الفظائع والجرائم القذرة والشّنيعة بوحشيّة بدائيّة وتنكيل قل مثيلها ضد عشرات الأمم والشعوب بما فيها أمم شمال القوقاز عامّة والأمّة الشّركسيّة خاصّة.

لقد عمدت قوّات الإحتلال القيصري الروسي الغاشمة ومنذ أن بدأت بالتّمكن من السّيطرة على الوطن الشّركسي وتقطيع أوصاله وتغيير معالمه وأسماء أجزائه، واتّباع فنون الضرب والقتل والسّحل والسّحق والإبادة وانتهاك الحرمات والإغتصاب وسلب المقتنيات العامّة والخاصّة والإبعاد والنّفي القسري لنشر الرّعب لاستمراء الخضوع والخنوع والإذلال من جرّاء القهر والظّلم والإنتهاكات الّتي أوقعها المستعمر على الشّعب الأعزل في كل أماكن تواجده في البلدات والقرى والمزارع، ممّا دفع من يبقى على قيد الحياة (حسب الوثائق الرّسميّة الرّوسيّة) للإنتقال من الوطن للّجوء إمّا إلى مناطق داخل الإمتداد القارّي في روسيا الإستعماريّة أو الإنتقال إلى الدّولة العثمانيّة (بتنسيق مسبق مع سلطاتها نحو مناطق الإضطّرابات) عبر أهوال البحر الأسود ووسائل مواصلاته المتهالكة والعشوائيّة والأحوال الجوّيّة القاسية وفي ظروف معيشية سيّئة للغاية يندى لها الجبين الإنساني، حيث اجتمعت المآسي والأمراض المعدية والإنتهاكات المخزية لحقوق الإنسان الشّركسي الّذي تعرّض للأخطار المحدقة والمهانة والإهانة والتّصرّفات البشعة الّتي لا يقبلها ضمير ولا عقل ولا منطق ولا دين ولا إنسانيّة، والّتي بدرت ويا للأسف من قبل أناس يعتبرون إخوة في الدّين والعقيدة!

إن من بقي عنده ولو قليلا من الكرامة الإنسانيّة الشّركسيّة من المحبين والمخلصين لأمتهم، لن يرضخ ولن يقبل بالظّلم والخذلان والمهانة والإهانة والقهر والذّل والمضايقات والإفراط في كبت المشاعر الإنسانيّة، بل يستذكّر ما عاهد الأجداد أنفسهم عليه ألا وهو “المنِيّة ولا الدّنيّة”، لأن  خيانة الأمانة ليست من المروؤة في شيئ ولأن الوطن هو أغلى وأسمى وأعز وأنفس من الدنيا وما فيها.

أنّها ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتكالب فيها نفر من الذين يصفون أنفسهم بالشّراكسة بالإذعان والإمتهان وهم الذين يوصفون بالأذناب والعملاء والجواسيس في أحسن الأحوال، وهم من عديمي الرّجولة والشّرف والبعيدين كل البعد عن القيم والأخلاق الأصيلة وفي نفس الوقت يلهثون وراء مصالحهم الأنانيّة وكأن واقع حالهم يقول للمحتلّين الجاثمين على الصّدور إفعلوا بنا وبقومنا ما تشاؤون والجميع على تمام الإستعداد لتلقّي المزيد من جرعات الذّل والهوان. إنّ هناك أفرادا وجماعات من الشّراكسة ويا للأسف قاموا بتولية أنفسهم على أبناء جلدتهم  سواء في الوطن الأم أو في ديار الإغتراب الشّركسي، بشكل وراثي و/أو فئوي، وارتؤوا المداهنة والمهادنة والتنازل عن الحقوق المشروعة حتى يتمكّنوا من البقاء حسب رؤيتهم الأنانيّة والنرجسيّة للأمور، من المحظيّين والمتنفّذين وأصحاب الجاه والسّطوة وذلك عبرالنّفاق والكذب والخداع والتّضليل، وهؤلاء يتجاهلون عواقب خيانة الأمانة في صون الوطن وأهله وحقوقه الثّابتة.

رحلة التضليل القومي

خرج علينا مؤخّرا من أحد الأوكار المدعو “سفيان جميخوف” مدير تحرير صحيفة برافدا في شمال القفقاس (سابقا) الّذي لا يزال في ماراثون مشروع إقامة ألعاب عبثيّة وشبه أولمبيّة يقترح تسميتها “شيركيسياد” وتحت شعار “الخير يجلب الخير”، وحيث ادّعى ولا يزال يدّعي بأنّه يقوم بتسويق وتنفيذ ما اخترعه بنفسه مع شريك آخر، على الشّراكسة في أماكن تواجدهم سواء في الوطن أو في أماكن تواجد الإغتراب الشّركسي بحيث وصل قطار أحلامه هذه المرّة إلى تركيّا بعد أن مرّ بالجاليات الشّركسيّة في سان بطرسبورغ وموسكو مرورا بالجالية الشّركسيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة (ولاية نيوجيرسي) عند حضوره مؤتمرا في جامعة جورج تاون في العاصمة الأميركيّة واشنطن في نهاية شهر أيلول / سبتمبر، حيث اجتمع مع من اجتمع إليه بشكل شخصي أو جماعي، ورشح عن ذلك تناقضات في مواقفه الّتي بالنّتيجة أظهرت عدم ثباته على الخط الوطني الشّركسي، لا بل بدى هناك خطّا ثابتا وبأساليب ملتوية في التّماشي والموالفة مع السّياسات الإستعماريّة الرّوسيّة وعلى الأخص المشروع المشبوه المتعلّق بإقامة ألعاب ظاهرها شركسي وباطنها إستعماري روسي في عام 2012  تؤدّي بالنّتيجة إلى إداء خدمة لتجسير هذه الألعاب مع ألعاب سوتشي الأولمبيّة الشّتويّة في العام 2014. ومهما خرج علينا سفيان من تناقضات هو وشريكه المزعوم أليكسي بكشوكوف وهو رئيس ما يعرف بإتّحاد متطوّعي أبخازيا، فإنّ هذا الخداع لن ينطلي على المتابعين للأحداث على السّاحة الشّركسيّة.

المحطّة التركيّة

وفي نفس السّياق وفي نطاق نفس المؤامرة ذكر موقع “ناتبرس” الشّركسي من مايكوب عاصمة جمهوريّة الأديغيه، تفاصيل طرح مشروع ما يسمّى بالألعاب الشّركسيّة 2012 على بعض الشّراكسة في تركيّا خلال اجتماع عقد هناك وبدى وكأنّه تناغم وتوافق بين هؤلاء المروّجين للخدعة الرّوسيّة الجديدة في مظهرها، لكن القديمة والمكشوفة في جوهرها وأهدافها. لقد ذكر الخبر المذكور بأنّ “صاحب المواقف المتناقضة” جيهان جاندمير، رئيس فيدراليّة المنظّمات الشّركسيّة في تركيّا (KAFFED) كافد، الّذي خرج على النّاس يوما ليقول بأن السلطات الروسيّة احتجزته في أحد المطارات القوقازية عندما وصل إلى هناك لحضور أحد المؤتمرات ومنعته من الدّخول حتّى حضور طائرة أخرى بعد عدّة أيّام حيث تمّت إعادته إلى تركيّا على متنها” وبعد فترة وجيزة نجده يتلقّى الأوسمة والميداليّات من الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة الّتي تعمل على توجيهها المخابرات الرّوسيّة وبعد فترة نجده يجتمع مع الرّسميّين الرّوس ومنهم وزير الخارجيّة الرّوسي سيرغي لافروف وها هو الآن يقدّم دعمه لهذا المشروع ونجد فروع الجمعيّات التّابعة لمنظّمته تقدّم الدّعم غير المشروط لدرجة أنّهم قرّروا افتتاح مكتب للّجنة المنظّمة في تركيّا وفي مكاتب ومراكز الكافد حيث سمّي “متن سنمز” من الموقع الألكتروني “شيركيسيان وورلد” والمقرّب من “جيهان جاندمير” رئيس ما يدعى ب”فدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا” رئيسا لمكتب الممثّليّة لما سيدعى “شركسياد 2012” في أنقره، لكن نسي أو تناسى جيهان جاندمير وأعوانه  بأن الشّباب الشّركس في الوطن قاموا في شهر أيلول / سبتمبر الماضي بعقد اجتماع في شيركيسك ، اتّخذوا فيه قرارا ينص بأنّه على مدى السنوات الماضية تمّ إنشاء المنظّمات الشّركسيّة للتّعامل مع “معالجة القضايا الوطنيّة الملحّة” لكنّها لم تعمل على “نحو مرض”، ونتيجة لذلك، فإنّ “جيلا من النّاس قد نمى وهم الذين لا يعرفون أو يفهمون” المدى الّذي وصلته مشاكل البلاد، ومن أهم تلك المنظّمات المقصودة، الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة والّتي يعتبر جاندمير الّذي حضر اجتماعات مؤتمرها الثّامن مؤخّرا من أهم الدّاعمين لها تحت ظروف اختطافها من قبل أجهزة المخابرات الرّوسيّة (إف إس بي)  وعملائها وجواسيسها.

العناصر المحرّكة

أن السفير الأردني في أنقرة “فارس المفتي” قد اقحم نفسه طرفا في موضوع متناقض يهدف فيما يهدف إليه ترويض الحواس والقيم الشّركسيّة ويذهب السّيّد السّفير بالنّتيجة إلى مدى أبعد ممّا يسمح به الوضع والعرف الدبلوماسي، حيث يصرّح وهو في دولة غير الدّولة الموظّف بها، بأمور على أغلب الظّن أنّه يجهلها ولا يحق له الإفتاء بها بحكم وظيفته الرّسميّة في الحكومة الأردنيّة، وحسب النّبأ فقد تمّ إبلاغه من قبل الواضعين المحتملين للمشروع، بأن العرض التّرويجي المقبل للمشروع “المشبوه” سيعقد في الأردن معتقدين بأنّه من الممكن ترويض المزيد من السّذّج بدلا من ترويض وحش “الأنانيّة والمحن والآلام”! وبالرّجوع إلى المثل القائل “التّفاحة العفنة تفسد جاراتها” وبدون المرور على أمينة، وحسب الأنباء الموثوقة، فأنّه من الواجب التّنبيه هنا إلى الشّكل العائلي “العملِيّاتي” ذو الخطوط المتشابكة (الطّيور على أشكالها تقع)، الّذي أوصل سفيان وشريكه في التّآمر، إلى شخص السّيد السّفير الّذي لم يكن لقائهُ بهم مصادفة، لا بل تنسيقا بين سفيان وخلدون حلمي (أحد أعضاء الجمعيّة الشّركسيّة في نيوجيرسي والّذي تربطه صلات وثيقة بروسيا وعملائها)، ووالدته ماجدة المفتي والّتي هي من أبناء عمومة السّيّد السّفير، ومن زرع حصد! بقي أن نذكر هنا بان ماجدة المفتي، وخلال وجودها في مايكوب مؤخّرا لحضور المؤتمر الثّامن للجمعيّة الشّركسيّة العالميّة حضرت مؤتمر البرلمانيّين الشّراكسة في العالم والمنعقد على هامش إجتماعات الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة وعيّنت نفسها مندوبة عن شراكسة الولايات المتّحدة الأميركيّة، مع العلم بأنّ شقيقتها “جانيت” عضو البرلمان الأردني كانت من الحضور ضمن وفد البرلمان الاردني، وقد حضرت ماجدة بموجب تكليف وصلها من مروان عليم، رئيس الجمعيّة أو نائبه (في المسئوليّة) خلدون حلمي وهو الّذي خطّ في الماضي القريب رسالة تأييد إلى رئيس جمهوريّة قباردينو – بلقاريا ومهنّئا العملاء باحتفالات روسيا الإستعماريّة الّتي أبادت وبعثرت الأمّة الشّركسيّة عبر العالم، لما أسموه زورا وبهتانا بذكرى الأنضمام الطّوعي لروسيا! الأفعال أبلغ من الأقوال.

الحقوق المسلوبة

إن الإحتلال الرّوسي لشركيسيا ولشمال القوقاز وضع مواطنيها طي النّسيان، خاصّة وأن السّلطات الإستعماريّة تحكم بالحديد والنّار وتعمل على سلوك أساليب الفساد المختلفة والتّخبّط حسب الأمزجة والأهواء والأكاذيب والإفتراءات المنتاقضة والّتي هي بالنّتيجة تصب في مصادرة الحقوق المشروعة من خلال تنفيذ السّياسات السّاديّة والمشاريع المشبوهة والتي تعتقد بأنّها ستستفيد من إقامتها لإدامة وجود إحتلالها وترسيخه، وكذلك إقتراف الإغتيالات والفتك ومصادرة الحرّيّات ونهب الثروات القوميّة والأعمال المشينة بأنواعها، وكذلك تغييب أبناء الوطن المخلصين عن السّاحة. وتقوم هذه السّلطات المحتلّة بالتّضييق على الجمهور المصنّف حسب تصنيفاتهم بأحد الأقلّيّات العرقيّة والدّينيّة لتجعل التمييز والظّلم ضدّهم ميّزة ينفردون بها عن غيرهم من المحتلّين، والناس تتفشّى بينهم نسبة البطالة والأمّيّة، وتطلب السّلطات من الجميع تسجيل المعلومات الشّخصيّة وإظهار الوثائق الثّبوتيّة عند استعمال تكنولوجيا المعلومات بينما تقوم اجهزتها القمعيّة بالإستحواذ على وسائل الإتّصالات والتّواصل الحديثة وخاصّة محطّات الأقمار الإصطناعيّة وتنظّمها بحيث تقوم بانتهاج أساليب دعائيّة مدروسة ومنهجيّة لنشر المعلومات والإشاعات الكاذبة والملفّقة بما فيها تحريف التّاريخ وأحداثه والوقائع المثبتة للجميع، من أجل مسح ذاكرة العالم وخاصّة الأمم التي تكتوي بنار جبروتهم وانتهاكاتهم واحتلالهم البغيض. وهناك الكثيرين من المعتقلين والمغيّبين في غياهب وزنزانات سجون الدّولة الرّوسيّة الظّالمة بحيث يتعرّضون لأقسى الأجراءات الفاشيّة والإهانات والتّعذيب وغسيل الدّماغ، ومن يكتب له الخروج منها (من لم يمت بالسّيف مات بغيره/تعدّدت الأسباب والموت واحد)، فإنّه يصاب بالأمراض النّفسيّة والعاهات الجسديّة المزمنة، وبذلك يكون الأحتلال قد نجح في بث الرعب في النّفوس لمحاولة ضمان عدم لجؤ البعض للمطالبة بالحقوق المشروعة ومنها حق تقرير المصير والعيش بكرامة في وطن الأجداد.

الخاتمة

أن الكذب والأعين محدقة لهو اسوأ ما يمكن عمله لأنّ ذلك يحدث بدون الشّعور بالذّنب وفي نفس الوقت يغش من يستمع للحديث الصّادر عمّن يفترض “جهل الآخرين”، ولا يكرّر ما يفعله أحمق إلّا أحمق مثله. كل الأمور على ما يرام في النهاية، فإن لم تكن كذلك، فتلك ليست النهاية، وحل أيّة مشكلة لا يتم إلّا بإيجاد من يستطيعون حلّها.

أحد ضحايا التّهجير الرّوسي

الأوّل من نوفمبر 2009

Share Button

دليل جديد على التّعذيب المتّبع في السّجون الرّوسيّة

دليل جديد على التّعذيب المتّبع في السّجون الرّوسيّة

نشر موقع يوتيوب (YouTube) على موقعه الألكتروني على الإنترنت، ونشره موقع قناة الجزيرة الإخباري كذلك، تقريرا عن العنف المتّبع في السّجون الرّوسيّة من قبل أفراد وحرّاس السّجون الرّوس، وأظهر فلم الفيديو القصير التّعذيب الشّديد الّذي يتعرّض له السّجناء في السّجون الرّوسيّة من قبل حرّاس شوهدوا ملثّمين ويقومون بضرب السّجناء ضربا مبرّحا والّذي يؤدّي بهم إلى حالة قريبة من فقدان الوعي الكامل وذلك انتهاكا للقوانين الرّوسيّة والدّوليّة المتعلّقة بحقوق الإنسان ومعاملة الموقوفين والسّجناء بطريقة إنسانيّة، والصورة أفضل ما يصف تلك الأعمال الشّائنة:

Abuse in Russian jails exposed – 16 Nov 09

http://www.youtube.com/watch?v=nhdF2axzlpU&feature=player_embedded

 

 

Share Button