فخامة السيد ديمتري ميدفيدف الأفخم
رئيس جمهوريّة روسيا الاتحاديّة
تحيّة طيبة وبعد…
ينظر الشراكسة في كلّ بقاع الأرض، والأحرار في كلّ مكان إلى دولة روسيا الاتحاديّة بأدوارها المتجدِّدة على ساحة الفعل الدولي، وريادتها المستحقّة على مشهد الحراك الكوني، نظرة تقدير واحترام وأمل، تقديرٍ واحترام لإدارتها الواثقة المنفتحة على الشعوب المظلومة والمقهورة تحت وطأة الاستبداد و ازدواجيّة المعايير. و أملٍ أن تكون روسيا بقوّتها قوّة لصوت العدالة، ونصرة لصوت المظلومين، ونداء الحقّ والضمير الإنسانيّ.
يُحي الشراكسة في كلّ مكان في العالم ذكرى التهجير القسري، والإخراج القهري لأجدادنا من أرض الوطن، أرض القفقاس، هذه الأرض التي لم يعرف الشراكسة ومنذ فجر التاريخ وطناً أمّاً لهم غيرها، فهي أرضهم وهم شعبها، وسجل التاريخ الإنساني شاهد على هذه الحقيقة من سطره الأول مروراً بفصول التاريخ المتتابعة.
فخامة الرئيس…
نحن إذ نبعث لكم بكتابنا هذا، مبتدئين بتأكيد الحقيقة التاريخيّة السالفة، إنّما لنؤسس لفتح آفاق جديدة بين دولة روسيا الاتحاديّة وبين الشراكسة في كلّ مكان، في الوطن الأم وفي الشتات. فإنّ نظرتنا إلى روسيا كدولة رياديّة قياديّة حضاريّة، تقوم على الديمقراطيّة واحترام حقوق الإنسان، تدفعنا إلى التشديد على أنّ تجاوز الماضي ومآسيه لا يكون بالتجاهل والتناسي أو التحريف، بل يكون بمواجهتها والاعتراف بها، والعمل على معالجة آثارها؛ فروسيا اليوم -كما كانت دوماً- دولة عظمى، وعظمة الدول إنّما بأدوارها
العظمى في إحقاق الحقّ، وإقامة العدل. فالمرتجى من دولة بمقام روسيا أن تكون قوّتها قوةً للعدل، وحراكها على الساحة الدوليّة حراكاً لنصرة المظلومين، وردّ الحقوق لأصحابها.
و إيماناً منّا نحن في الجمعيّة الخيريّة الشركسيّة أنّ الحوار والتفاهم المتبادل هما السبيل الوحيد لتجاوز عثرات الماضي إنطلاقاً إلى مستقبل أكثر إشراقاً وعدلاً، فقد قامت الجمعيّة باستثمار كلّ السبل الدبلوماسيّة لإيصال صوت الشراكسة عامةً، وشراكسة الأردن خاصةً، معتمدين على العلاقات الوطيدة، والصداقة الوثيقة بين الأردن قيادة وشعباً و بين روسيا الاتحاديّة قيادة وشعوباً، هذه العلاقات التي نمثّل نحن شراكسة الأردن جزءاً أصيلاً منها، وكان مـمّا بذلنا وحاولنا:
* تسليم فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رسالة في 11/3/2007 تتضمن طلباً عزيزاً وغالياً على قلوب شراكسة الأردن جميعاً بإعادة حقّ المواطنة والعودة إلى القفقاس الوطن الأم وأرض الأجداد الذي كفله القانون الصادر عن فخامته برقم 637 سنة 2006م. وقد جاء تسليم الرسالة في سياق الزيارة الرسميّة لفخامته للمملكة الأردنيّة الهاشميّة.
* وفي سياق الزيارة نفسها وقعت الجمعيّة الخيريّة الشركسيّة مذكرة تفاهم مع رئيس جمهوريّة كباردينا بلقاريا ورئيس جمهورية الأديغيه اللذين جاءا إلى الأردن برفقة فخامة الرئيس فلاديمير بوتين. وقد تضمنت مذكرة التفاهم مجموعة من القضايا والإجراءات التي من شأنها تسهيل إعادة الحقوق المشروعة لشراكسة الشتات والمهجر، إلا أنّ الأمر انتهى إلى خلاف ما كنّا نرجوه فلم نشهد تطوّراً ملموساً تجاه تلك المطالب، بل يمكن القول إنّها تراجعت.
* شاركت الجمعيّة الخيريّة الشركسيّة في اجتماعات مؤتمرات الشتات الروسي كلّها، مؤمنة أنّ هذه المؤتمرات سبيل للشراكسة لإيصال صوتهم إلى القيادة الروسيّة، ونحن اليوم في كتابنا هذا نؤكّد على ما كنّا نقوله في كلّ مؤتمر، وهذه ملامح للصوت الذي كنّا ولا زلنا نرفعه عالياً في كلّ محفل ومكان:
– يسعى الشراكسة لتوضيح حقيقة حرب الإبادة الجماعيّة التي طالت الشعوب الشركسيّة في القفقاس، هذه الإبادة التي استمرّت عشرات السنين وحصدت أكثر من مليون شهيد في سبيل الوطن والكرامة.
– يؤكد الشراكسة أنّ عملية تهجير الشراكسة عن وطنهم الأم القفقاس كانت أقسى عمليات التهجير التي شهدها العصر الحديث، ويكفي أن نعلم أنّها طالت قرابة المليون وأربعمئة ألف إنسان، عانوا فيها أشدّ المعاناة وأعظم الآلام.
– ينبّه الشراكسة العالمَ أنّهم اقحموا في منافيهم في حروب ليس للشراكسة فيها أيّ مغنم ومكسب، بل هي مغارم وويلات أصابت آلاف منهم.
– يلفت الشراكسة النظر إلى ما تعرضوا له في بعض البلدان التي هاجروا إليها من اضطهاد وتمييز عنصري، ومحاولة للقضاء على الهويّة والثقافة الشركسيّة.
– يشير الشراكسة إلى عمليّة الإفناء والإبادة اللاحقة لانتهاء الحروب، فتعداد الشراكسة في القفقاس قبل الحرب والتهجير كان مقارباً لتعداد شعوب صارت اليوم تقارب السبعين مليوناً، بينما لا يتجاوز الشراكسة المقيمون في القفقاس اليوم المليون إنسان. فمن المسؤول عن هذا الإفناء والإعدام الجماعي؟
فخامة الرئيس…
يتطلّع الشراكسة في كلّ مكان إلى روسيا الاتحاديّة آملين منها أن تنهض للدور اللائق بدولة عظمى تقوم على المحبّة الإنسانيّة، والأخوة بين جميع الأديان والأعراق، فتسعى لإعادة الحقّ لأصحابه، والمحافظة على حقوق الشراكسة في وطنهم الأم؛ فالأوطان لا تُنسى ولو طال الزمان، والحقوق لا تسقط بالتقادم، ولا سبيل لآفاق السلام والمحبة والوئام الإنسانيّ إلا في ظلال العدل والكرامة الإنسانيّة.
وفي الختام نؤكد حرصنا الدائم على خير يعم روسيا الاتحادية وشعوبها، ونحن إذ نتطلّع إلى أدوارٍ كبيرة من روسيا الكبيرة لنرجو لها دوماً أن تكون على قدر آمال الأحرار فيها: سنداً للعدالة، ونصيراً للحقّ والإنسانيّة.
والسلام على كلّ من كان لداعي الحقّ مجيباً.
رئيس الجمعية الخيريّة الشركسيّة
رئيس مجلس الإدارة
إسحق مولا