عصام ماشه.. وداعاً * د. نبيل حداد

عصام ماشه.. وداعاً * د. نبيل حداد
2011720big92725
لم يكن من السهل أن تتعرف إلى شخصية كالدكتور عصام ماشه،الذي فارقنا بالأمس، ضمن أي مستوى من مستويات التعارف،وان تنساها، مهما طالت الأيام أو بعدت المسافات.
شخصية الراحل عصام متعددة الجوانب من عطاء علمي غني ومتنوع في الآداب،والشعر بخاصة،فقد كان دارسا حصيفا للشعر..درسه بعمق ودرّسه لطلبته برؤية جمالية حساسة ومعالجة فكرية رفيعة،وفوق كل هذا ترك جهودا مكتوبة تستحق أن تدرس وأن تنتشر على أوسع نطاق..
إلى الجانب العملي الوظيفي في شخصيته ؛ فقد خلق –والله- ليكون مدير العلاقات العامة الأول والأنجح في أي مؤسسة حظيت به؛ فقد ظلّ الوجه المشرق دائما لهذه المؤسسات التي عمل فيها سواء كانت أكاديمية حيث يشغل مسؤولية إدارية ما أو أستاذا مرموقا يلتف حوله الطلبة والمريدون ينهلون من علمه ويكتسبون وعيا حضاريا من تعامله الإنساني الرفيع معهم أو مع غيرهم. أو سواء كانت مؤسسة رسمية يشترط في العاملين لديها قدرا عاليا من الحصافة والدراية من مثل الديوان الملكي العامر،أو كانت منظمة دولية أو إقليمية لا ينال المسؤول فيها موقعه –كما تقضي بذلك الأسس المتعارف عليها- إلا إذا كان أهلا للموقع،جديرا به،علميا ومهنيا وخلقيا…
لقد عمل الراحل الكبير في كل تلك المجالات وترك فيها ولدى العاملين فيها من الأثر والتأثير مالا يمكن أن تمحوه الأيام من سجله المشرف في حقل العمل العام ..مهما طالت ومهما نأت عن زمانه وزماننا..
ويبقى الجانب الأظهر والأهم في شخصية ماشه..أعني الجانب الشخصي: دفء إنساني دافق يشعر معه كل من جالسه أنه (أي الجالس) أهم شخص في العالم.ويعطي كل من يقابله زادا إنسانيا ومعنويا لا ينضب …
ولقد عرف عن عصام سجية لا تتوافر لدى كثيرين ممن كانوا في علمه وحجم مقامه..إنه يجيد فن الإصغاء وحسن التفاعل مع كل من يقابله أو يجالسه بطريقة تشعر (القبيل) أنه مركز الاهتمام وموضع الاحترام..
أما هدوؤه وصبره على الصغائر وتجاوزه عن الإساءات، فإن كل من عرفه يستطيع أن يملأ عنها كتباً ومجلدات..
هل لي أن أتحدث عن نخوة الراحل واستعداده لبذل كل ما في الوسع وتقديم كل ما في الإمكان لكل من نشده بخدمة أو تَوسل لديه في مطلب ما ؟…
أما شبابه الدائم وابتسامته السرمدية فقد ظلا أفتك الأسلحة التي ينتصر فيها على الزمن وشدائده إلى أن حمّ القضاء..
رحم الله المثقف والأكاديمي الدكتور عصام ماشه،فإن رحيله خسارة لا تعوض لا لأهله الكرام فحسب، بل لأصدقائه وطلبته ومريديه ..وفوق كل هذا لوطنه الذي بادله حبا بحب وعطاء كريما من الوطن بألف عطاء من الراحل العزيز….
** الصورة للفقيد الدكتور عصام ماشه
نقلا عن: عمون
Share Button

اترك تعليقاً