موسكو ترسل وفداً الى سوريا للنظر في عودة الشراكسة إلى وطنهم

موسكو ترسل وفداً الى سوريا للنظر في عودة الشراكسة إلى وطنهم

نشر موقع  مؤسّسة جيمس تاون الألكتروني على الإنترنت بتاريخ 19 مارس/آذار 2012 مقالا للكاتب فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev) بعنوان: “موسكو ترسل وفداً الى سوريا للنظر في عودة الشراكسة  إلى وطنهم“، وجاء فيه:

الناشط الشركسي إبراهيم يغنوف (Source: kabardhorse.ru)
الناشط الشركسي إبراهيم يغنوف (Source: kabardhorse.ru)

 

في 16 مارس/آذار، توجه جواً الى سوريا وفداً برلمانياً روسياً لبحث محنة شراكسة سوريا وإعادتهم الممكنة لإعادة التّوطّن في شمال القوقاز. وضم الوفد أعضاءاً من مجلس الاتحاد، وهو المجلس الأعلى في البرلمان الروسي، ومسؤولين إقليميين وناشطين من جمهوريّات أديغيه وقراشيفو – شركيسيا وقباردينو – بلكاريا –  وكان مجموعهم 11 شخصا. وروى آدم بوغس، القائم بأعمال رئيس  الجمعيّة الشّركسيّة (Khase Adyge) وهي التنظيم الشّركسي الناشط في جمهوريّة أديغيه، إلى موقع كافكازكي أوزيل ” Kavkazsky Uzel” (Caucasian Knot) على الانترنت ان الوفد سيبذل قصارى جهده لتعزيز فرص الهجرة للشركس الذين يعيشون في سوريا. كان من المتوقع أن يقضي الوفد أربعة أيام في البلاد، وأن يتمكّن من مقابلة المسؤولين السوريين والسفير الروسي (http://kabardino-balkaria.kavkaz-uzel.ru/articles/203163/, March 16).

قدم الموقع الألكتروني الرّسمي لمجلس الإتحاد وجهة نظر مختلفة من أهداف الوفد، قائلا انه سيجري محاولة للتوصل إلى مقترحات للسلام من أجل وقف العنف في سوريا والإجتماع ليس فقط مع الشركس، بل أيضا مع مواطنين آخرين من الروس (http://council.gov.ru/inf_ps/chronicle/2012/03/item19024.html, March 16). لكن في الممارسة العملية على أية حال، بما أن الوفد الرسمي الروسي يضم اثنين من العرقيّين الشركس، فياتشيسلاف ديريف (Vyacheslav Derev)  وألبرت كاجاروف (Albert Kazharov) – الذان يمثلان، على التوالي، قراشيفو – شركيسيا وقباردينو – بلكاريا في مجلس الإتّحاد – فمن المرجح ان يقوم الوفد بالتركيز أساسا على إحتياجات الشركس.

سابقا، اقترح كاجاروف مجموعة من التعديلات السريعة على قوانين الهجرة الروسية الحاليّة لوضع موضوع عودة الشراكسة إلى وطنهم التاريخي في شمال القوقاز على المسار السريع. وشملت التدابير المقترحة إعطاء الفرصة لطلب الحصول على الإقامة المؤقتة في الوقت الذي يتم الحصول فيه على تأشيرة سياحية وإلغاء رسوم الحصول على التأشيرة وإضفاء وضع اللاجئين على الشركس السوريّين. الحكومة الروسية تقدم حصص (كوته) سنوية للمناطق بمنح تصاريح إقامة مؤقتة للمواطنين الأجانب والأشخاص الّذين ليس بحوزتهم أية جنسية. وقد أعطيت قباردينو – بلكاريا عام 2012، حصة بلغت 450 فرصة لمنح تصاريح إقامة مؤقتة، في حين أن قراشيفو – شركيسيا تلقت 300 فيما تلقت أديغيه 457. ووفقا لمدير خدمات الهجرة في روسيا، كونستانتين رومودانوفسكي (Konstantin Romodanovsky)، فإن تعديلات سريعة على الحصص لا تشكل مشكلة كبيره (http://gazetayuga.ru/archive/2012/09.htm, March 1).

الخطوات المتردّدة للمجلس الأعلى في البرلمان الروسي للنظر في عودة شراكسة سوريا إلى الوطن في  شمال القوقاز تشير إلى أن قراراً سياسياً لم يتّخذ في موسكو بعد للسماح لعودة الشراكسة. في الوقت نفسه، فإنّه على ما يبدو أن موسكو قد أجبرت على إظهار القلق من أجل إرضاء الشراكسة في شمال القوقاز، وتجنب المزيد من التعقيدات في المنطقة. والنتيجة المفضّلة لموسكو ستكون الحفاظ على الشركس السوريّين بعيدا عن شمال القوقاز، ولكن تحت الضغط تحاول الحكومة إبداء تفهم لتطلعات الشراكسة.

بدلا من رفضها علنا لقبول الشركس السوريّين، قد تكون الحكومة الروسية بصدد العودة الى حملة مضايقة الشّركس العائدين حديثاً إلى شمال القوقاز من أجل إحباط أي احتمال لتدفق كبير من اللاجئين الشركس. في يناير/كانون الثاني من عام 2012، ألقي القبض على عدد من الشركس الذين انتقلوا من تركيا إلى جمهوريّة أديغيه خلال 15-20 سنة مضت بتهمة أنهم لم يتخلّوا عن جنسيتهم التركية بعد حصولهم على الجنسية الروسية. وتم استجواب الناشطين الشركس الذي كانوا قد سهّلوا عودة الشّراكسة إلى الوطن في شمال القوقاز في العقود السابقة من قبل جهاز الأمن الفيدرالي (FSB).  جماعة تطلق على نفسها الشّراكسة الوطنيون أدركوا من هذه الأعمال العدوانية محاولة من جانب الحكومة لتثبيط عزائم الشّركس الّذين ينوون العودة، وبصورة رئيسية من سوريا التي تمزقها الحرب، من العودة إلى منطقة شمال القوقاز (http://cherkessia.net/bakisacimiz.php?id=3315, March 15).

ما يقدر بنحو 90 في المئة من الشعب الشركسي يعيش خارج وطنه التاريخي في شمال القوقاز. بعد غزو الإمبراطورية الروسية لشمال القوقاز في القرن التاسع عشر، كان الشركس قد قتلوا أو قضوا جوعا حتّى الموت، أو طردوا من وطنهم إلى الإمبراطورية العثمانية. كان التطهير العرقي في شمال غرب القوقاز، الّذي يدعوه الشركس بالإبادة الجماعية، وربما كان جزءاً من الحسابات الإستراتيجية لِلْإمبراطورية الروسية. كان الشركس أكبر مجموعة عرقية في شمال القوقاز، مما شكّلوا تحدّياً هائلا للهيمنة الروسية على المنطقة. لكن الأهم من ذلك، أقام الشركس على ساحل البحر الأسود، والّذي بدوره لعب دورا محورياً في تصميم الإستراتيجية لروسيا في ذلك الوقت.

عندما فازت روسيا بحق استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، انتهز الناشطون الشركس في أنحاء العالم الفرصة لتذكير العالم بشأن محنتهم. ويطالب الشركس بأن يتم نقل أولمبياد سوتشي إلى مكان آخر، مصرّين على أنه لا يمكن لدورة الألعاب الأولمبية أن تعقد على الأرض الّتي شهدت وقوع القتل الجماعي، وخصوصا انّه لم تجري محاسبة لما حدث (للاطلاع على تفاصيل هذه الحملة، راجع موقع nosochi2014.com).

 

وبالنظر إلى تاريخ إخضاع القوقاز، فإنه ليس من المستغرب بأنه لا يزال مثار جدل ساخن حيث أنّ موسكو تحاول التقليل من العداوة التي أثارها إخضاع شمال القوقاز وبدلا من ذلك تروج لفكرة “إنضمام الشركس الطوعي إلى روسيا”. في سبتمبر/أيلول من عام 2011، تلقى تنظيم الكونغرس الشركسي في أديغيه إنذاراً رسمياً بشأن “أنشطة متطرفة”. المنظمة اشارت في إحدى وثائقها إلى ” الحرب الروسية-الشركسية”، على النّقيض من المصطلح الرّسمي المصادق عليه وهو “الحرب الروسية-القوقازيّة”. ولا تزال المنظمة تخالف التحذير الرسمي (http://kabardino-balkaria.kavkaz-uzel.ru/articles/203095/, March 15).

كما الشركس وموسكو يعرضان وجهات نظر متباينة في التاريخ والقضايا المعاصرة، تكتسب سياسة جورجيا الإستباقية باتجاه شمال القوقاز كسب المزيد من قوة الجذب. في مارس/آذار، أحد القادة الأكثر شهرة للقوات الشركسية التي حاربت جورجيا في أبخازيا في بداية سنوات التسعينيات، إبراهيم يغنوف (Ibragim Yaganov)، قام بزيارة جورجيا. تميزت الزيارة التي قام بها “بطل أبخازيا” بانفراج في العلاقات بين الشراكسة في شمال القوقاز وجورجيا. التحركات الجورجية بالإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية وللاحتفال بذكرى أحداث هامّة مختلفة في التاريخ الشركسي مهدت الطريق لعلاقات آخذة في التحسن السّريع بين شراكسة شمال القوقاز والجورجيّين. في حديث مطول لموقع شركسي على شبكة الانترنت، أشاد يغنوف بالإصلاحات في جورجيا وأرسل إشارة قوية إلى أنه ينبغي تحسين العلاقات الثنائية بين جورجيا وأبخازيا، وكذلك بين جورجيا والشركس في شمال القوقاز (http://www.hekupsa.com/interviu/ibragim-yaganov-u-nas-est-pravo-izmenit-svoe-otnoshenie-k-gruzii, March 16).

ومن المحتمل جدا أن غيره من قادة الرأي العام من الجمهوريات الّتي يقطنها الشركس في شمال القوقاز قد يسيروا على خطى يغنوف من أجل أن يروا بأم أعينهم التغيرات العميقة التي حدثت في جورجيا. وخلال زيارة قام بها للمعهد الثّقافي الشّركسي الذي افتتح حديثا في تبليسي، ورد بأن يغنوف أشار إلى جورجيا بأنها “نافذة الشراكسة على أوروبا” في إشارة إلى الأهمية المتزايدة للسياسات الجورجية باتجاه شمال القوقاز. وهذا بحد ذاته يضع ضغطاً على الحكومات الإقليمية وعلى موسكو لتبني إصلاحات طال انتظارها في شمال القوقاز. إن العبور عبر الخطوط الفاصلة، سيجعل جورجيا تحصل على بعض الأدوات وفوائد سياسية من زيادة السياحة والمزيد من الانفتاح في منطقة القوقاز. وسوف يكون على موسكو أن تتفاعل مع هذه التطورات. وعلى الرغم من أنّه لا تزال هناك أمكانيّة للحرب، لكن نظرا للاهتمام المتزايد في المنطقة من جانب المجتمع الدولي، فسوف يكون على موسكو أن توفّر حلاً سلمياً أكثر ديمومة لمواجهة التقدم السريع للسياسات الجورجية في شمال القوقاز.

ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button

اترك تعليقاً