رسالة من شاب شركسي إلى الرئيس الروسي في ذكرى التهجير * كمال ميرزا
فخامة الرئيس فلاديمير بوتين المحترم..
أحييك بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كمواطن أردني حر ينتمي إلى بلد موقع على المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان..
وكشاب شركسي الدم مسلم القلب عربي الهوى يحتفظ في داخله بحق يمتد لآلاف السنين هي عمر وطننا التاريخي في القفقاس..
أخاطب من خلالكم الشعوب العتيدة لدولة روسيا الاتحادية، وحكومتهم الشرعية، ومجلس نوابهم المنتخب..
تقول الأمثال الروسية:
“الحقيقة كالنور لا تُخفى”..
وتقول أيضا:
“ما لا يمكن علاجه يتعيّن احتماله”..
وكذلك:
“بقدر ما يكون الحب عنيفاً يكون الغضب أعنف”.
وتقول الحكمة القفقاسية:
شيئان يحافظ عليهما الجبلي بحياته، قلبقه واسمه، القلبق يحافظ عليه من له رأس، والاسم يحافظ عليه من في قلبه نار..
أما قلابقنا فما تزال فوق رؤوسنا، وأما أسماؤنا وأسماء آبائنا وأجدادنا فما تزال نارا تتقد أبدا في قلوبنا التي لا تُطفأ، وذاكرتنا التي لا تُطمس، وتاريخنا الذي لا يُمحى..
آلاف القرى التي خُرّبت أو دمرت أو سويت بالأرض..
عشرات الآلاف من الشباب والرجال الذين قضوا نحبهم وهم يدافعون عن أرضهم وكرامتهم وأعراضهم..
مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الذين شردوا عن منازلهم وديارهم بعد أن فقدوا الأب الحاني والزوج الحامي والابن الراعي..
هذه كانت حصيلة مائة عام من الحرب الهمجية والمذابح الوحشية التي اقترفتها جحافل الاحتلال الروسي القيصري بحق الشعب الشركسي المسالم في وطنه التاريخي القفقاس.
وبعد كل هذا القتل والتدمير، جاءت مأساة التهجير القسري بأهوالها وفواجعها، ليجبر ملايين الشراكسة تحت تهديد الحديد والنار الروسيين على ترك وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم الذي وُجدوا فيه وعاشوا فيه منذ فجر التاريخ، وصولا إلى تركيا العثمانية، ومنها إلى أربع جهات الأرض.
أما ما اقترفته روسيا البلشفية بحق الشراكسة من جرائم وفضائع بعد ذلك فما هي إلا غيض من فيض، وعَوْد على بدء..
من هنا، ولأن مصلحة الشعب الروسي نفسه، ومصلحة دولة روسيا الاتحادية، ومصلحة سائر الشعوب الشركسية في الوطن والأم والشتات.. تستدعي منا تجاوز تَرِكَة الماضي بأوزاره وأعبائه لننطلق جميعا بكل ندية وعدل من أجل بناء ما يرتضيه كل منا من مستقبل زاهر وغد واعد.
ألتمس من فخامتكم اغتنام الفرصة التاريخية لاتخاذ موقف يبقى عبرة لنا ولكم ولأجيالنا القادمة وللبشرية جمعاء.. وذلك من خلال:
أولا: الاعتراف بالحق التاريخي والأخلاقي للشعب الشركسي في وطنه الأم القفقاس وما ينبثق عن هذا الحق من حقوق قانونية ومادية ومعنوية.
ثانيا: الاعتراف بالحق التاريخي والأخلاقي للشعب الشركسي في وطنه الأم القفقاس وما ينبثق عن هذا الحق من حقوق قانونية ومادية ومعنوية.
ثالثا: الاعتراف بالحق التاريخي والأخلاقي للشعب الشركسي في وطنه الأم القفقاس وما ينبثق عن هذا الحق من حقوق قانونية ومادية ومعنوية.
رابعا: عدم إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 في مدينة (سوتشي) الشركسية في منطقتها الحالية (التلة الحمراء)، وما يحمله هذا الموقع من قيمة تاريخية ورمزية وعاطفية لسائر الشراكسة في الوطن الأم والشتات، وذلك احتراما لأرواح الآلاف والآلاف من الشراكسة الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن حقهم المشروع بالعيش على ترابهم الوطني بكل حرية وسلام ومساواة، وهي ذات القيم الإنسانية الخالدة التي تروج لها الرياضة منذ الأزل، وتروج لها اللجنة الأولمبية الدولية منذ تأسيسها في العام 1894.
فخامة الرئيس فلاديمير بوتين..
يقول شاعر داغستان الشعبي أبو طالب: “إذا أطلقت نيران مسدسك على الماضي أطلق المستقبل نيران مدافعه عليك”..
وها أنا بالأصالة عمّن يزكيني من أبناء شعبي أمد يدي إليك، لا لأنها لا تتقن إمساك المسدس، ولا لأننا نحن الشراكسة نخشى نيران المدافع، ولكن لأن صوت الحق، صوت حقنا التاريخي، هو أعلى وأشد وطأة ووقعا من أزيز الرصاص وهدير القذائف!!
ويقول المثل الابخازي: “من فقد الوطن فقد كل شيء”، ونغتنم هذه الفرصة لنبارك لأشقائنا الأبخاز دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وما وقوفهم هناك اليوم، ووقوفنا هنا اليوم، إلا شاهد حي على أن الشراكسة لم ولن ينسوا الوطن.
ولا يخفى على فخامتكم، وأنتم أهل الرأي والحكمة والروية، وفي حال اعتباركم واعترافكم بالحق التاريخي للشراكسة، ما يمكن أن يمثله شراكسة الشتات من جسور ود وتواصل وازدهار بينكم وبين أكثر من مليار ونصف المليار إنسان حول العالم يمثلون سكان وشعوب الدول والأمم التي استضافت الشراكسة على مدار الـ (148) سنة الماضية كمواطنين يدينون لهذه الدول ولهذه الأمم بذات الحب والولاء الذي يدينون به لوطنهم الأم القفقاس.
وختاما، نشكر لفخامتكم حرصكم واهتمامكم وسعة صدركم..
ونقتبس من كلمات شاعركم وشاعرنا وشاعر البشرية جمعاء الكسندر بوشكين لتكون آخر كلامنا إليكم وذكرانا عندكم:
آه لو أن لصوتي القدرةَ على أن يهّز النفوس
لمَ هذا اللهب المتوقد، عبثاً، في صدري
و لم تمنح لي موهبة الكلمة الرهيبة؟
أتراني أرى شعبنا، يا أصدقائي، وقد تحرر
من جور العبودية بأمر من القيصر؟
أو لم يحن لفجر الحرية الوطيئة الرائع
أن يشرق على وطننا أخيراً؟
تحامويغابسو
دافاي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التاريخ : 29-05-2012