نافذة على أوراسيا: تتار القرم مصدر إلهام ونموذج لغير الروس في روسيا، يقول صحفي تشوفاشي
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
ستاونتون 2 مايو/أيار، تتار القرم اليوم هم مصدر إلهام ونموذجاً لغير الروس في الفيدراليّة الرّوسيّة لأنهم في نفس الوقت يدافعون عن الحقوق الأساسيّة لأمّتهم، ويصرّون على أنهم جزءاً من الدولة الأوكرانيّة، وفقا لصحفي تشوفاشي .
“وبالنّظر إلى تلك الطّاقة التي يصر من خلالها تتار القرم كما في السّابق على اختيارهم”، ” يقول “سلطان هافات”(Syltan Havat): “يمكن مقارنتهم كرها مع الشعوب غير الروسية في روسيا” الذين بوضوح لم يكن لديهم نفس “قوة التّماسك العالمية” حتى وإن كانت هناك “كل الشروط المطلوبة مسبقاً” لتنميتها (syltam-havat.livejournal.com/8718.html).
الأسباب الواضحة غير المتوفّرة هي لأن الدولة الروسية “لا تسمح بذلك”، ولأن “الواقع المحيط بنا في حد ذاته يعمل ضدنا”. إن عقلية كل السكان الأصليين في روسيا قد تأثرت بعمق و”تساوت” بالرّوسنة التي يُروّج لها من قبل موسكو.
“إن ‘تصحيح’ العقليّة [الأصليّة والضّمنيّة] للعرقيّين الروس تنطوي فقط على تعديل ثقافتهم، [ولكن] للشعوب الأصلية المتبقية في روسيا [إنّها تهدّد وتطلب] زوالهم الكامل”، يوضّح الصّحفي التشوفاشي .
هذه العقلية الروسية هي “بالفعل حتى متجذرة في وعينا” بحيث أن “تشجيعها ليس فقط معقد ولكنّهُ مؤلمٌ أيضا”. لقد أصبح “مألوفاً”، وليس من المستغرب أن “الناس يختارون نوعاً من إثبات هويّة ذاتي أقل كلفة وأكثر سهولة في الوصول إليه – جنسية مصطنعة”، والتي “تتحوّر إلى بديل روسي [غير عرقي]” .
هكذا قواسم مشتركة يتم الحفاظ عليها فقط “بواسطة جهود هائلة” لأن “الوعي الذاتي الطبيعي الموجود في داخلنا بشكل طبيعي يسعى بدون وعي لترتيب كل شيء على علاقة مع تلك النوايا الأولية”. وهكذا، فإنّها جاهزة “للنّهوض” على الرغم من الجهود الروسية لكبحها.
ليس هناك سبب لذلك “الصراع مع الطبيعة” أو الوساطة الروسية بين و ضمن الشعوب غير الروسية كما تصر موسكو. بدلا من ذلك، يمكن لغير الروس ويجب أن يكونوا متّحدين كمجموعة سواء بسبب مصالحها المشتركة، أو لأنهم يشتركون في العديد من الأشياء التي تميزها عن الروس الذين حاولوا القضاء على تميزهم القومي .
في الوقت الحاضر، فإن العرقيّين الرّوس يظهروا على نحو متزايد بأنهم يريدون “العيش في عزلة” عن الآخرين. إن الرد الوحيد المناسب، كما تقول المجلة، هو أننا “نحن، جنبا إلى جنب مع الشعوب الصغيرة الأخرى في روسيا وفي المقام الأوّل التّرك والفنلنديّين – الأوغريّين من يشكّلون بنية روحية منفصلة عن من هم من الإثنيّة الروسيّة”.
شعوب الفولغا – بلغار تظهر بأن هذا يمكن عمله. “شعوبنا لعدة قرون كانت موجودة بدون وساطة ‘الأخ الأكبر’، ولم تواجه أي مشاكل في التفاعل بين بعضها البعض”. لم تكن هناك حرباً واحدة أو أي صراع خطير آخر، ومن “ثمً كما هو الحال الآن كنا نعيش في دولة واحدة اعتماداً على الاحترام المتبادل ولم يضغط أي طرف بأي ثقافة وتقاليد ضد أي طرف آخر”.
في الوقت الحاضر، تكمل المجلة، ما يواجه غير الروس هو “فرض قانون الثّقافة الإثنيّة الروسيّة وغير الروسيّة”، مع السعي نحو التوحيد الكامل للشعوب الّتي تقطن في روسيا وكذلك تماسك روسيا”. وما لم يُجمع غير الروس على معارضة ذلك، “فإن الثقافة الرّوسيّة سوف تبتلع كل الثقافات المتبقية للسكان الأصليين في روسيا”.
“في الدول القائمة على القومية وكقاعدة عامة، تتم مساواة القومية بالوطنية، وفي الوقت الحاضر، فإنً روسيا تسير “على الدرب نحو دولة قومية”. وفي حين يحدث ذلك، فإن القوميّة الرّوسيّة في روسيا سيتم تحويلها إلى وطنية، والقومية لدى الشعوب غير الروسية سوف تصبح تلقائيا معادية للدّولة الرّوسيّة وتكون نتيجة لذلك، غير قانونيّة”.
وتواصل المجلة التشوفاشيّة، إنّهم يسعون إلى “المساواة بين التشوفاش والثقافات الروسية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية”. هذا هو “ليس كراهية الأجانب أوفاشية أو شوفينية، ولكن حاجة أساسيّة ملحّة بناءً على القواعد القانونية الدولية الأساسية”.
واضاف “لكن الحكومة تفهم أنه إذا كانت لتقدّم هذه المساواة البسيطة … والطّبيعيّة [وهذه هي، الهويات الوطنية الأصلية] الّتي سيكون لها اليد العليا [على الهوية المصطنعة التي روّجت لها موسكو وأن الكثير من الروس ومن غير الروس يقبلوها حاليا]”.
“لماذا يقف تتار القرم إلى جانب أوكرانيا؟” تتساءل المجلة بأسلوب بلاغي. “لأن في ذلك البلد، لا يساء إلى المتطلبات الثقافية الوطنية ولكنها ملحوظة على أسس الضمانات.” هذا هو ما ينبغي على روسيا أن تفعله وليس محاولة إستعادة نظام يقوم على مفهوم وجود “الأخ الأكبر” الروسي مع بقاء جميع غير الروس “صغاراً”.
هذه الحجة مهمّة لثلاثة أسباب على الأقل. الأول، فإنها تدل على الطريقة التي ينظر بها كثير من غير الروس في روسيا نحو الأحداث الأوكرانية ليس من خلال منظور روسي ولكن من خلال منظور تتار القرم، واختيار تطوّر الأحداث هناك الّذي هو الأهم لهم.
الثاني، إن هذه الحجّة تهم لأنها تشير إلى أن بعضهم على الأقل يرى بأن نهج أوكرانيا يعتبر مثالاً يجب على روسيا أن تتبعه وأن تتار القرم قدوة لهم، وأيضاً طريقة أخرى لوجود رد فعل سلبي في الفيدراليّة الرّوسيّة نفسها لتدخل بوتين في أوكرانيا.
والثالث وهو الأكثر أهمية، يدعو التشوفاش للتعاون أو حتى للوحدة بين غير الروس في مواجهة إصرار الذات القومية الروسية وهو الخوف الأكبر لموسكو، نظرا إلى أن سياسة الدولة الروسية الآن هي كما في الماضي مبنيّة على أساس المبدأ القديم “فرّق تسد”.
بطبيعة الحال، فإن تحقيق مثل هذا التعاون سوف يكون صعباً، وقد لا يتجاوز أبداً المستوى الإقليمي مثل منطقة الفولغا الوسطى أو شمال القوقاز. ولكن حتى ذلك سيجعل إدارة موسكو الحاليّة للبلاد أكثر صعوبة، مجبراً المركز على تقديم تنازلات أو ربما مواجهة جولة جديدة من التفكك.
المصدر:
http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/05/window-on-eurasia-crimean-tatars.html