نافذة على أوراسيا: كيف أطلق بوتين الحركة الوطنية الشركسية
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
ستاونتون 21 مايو/أيار – من الشائع الآن أن ضم فلاديمير بوتين لشبه جزيرة القرم والوقيعة في جنوب شرق أوكرانيا قد فعل المزيد لتعزيز وترسيخ الهوية الوطنية للأوكرانيين والتزامهم باتخاذ الخطوات اللازمة ليكونوا جزءا من الغرب أكثر من تصرفات أي شخص آخر.
ولكن من المهم أن نلاحظ، لا سيما في هذا اليوم في الذكرى 150 لإبادة الشراكسة من قبل القوات القيصرية، أن بوتين قد لعب دورا رئيسيا على قدم المساواة في إطلاق الحركة الوطنية الشركسية الحديثة، والّتي تحتضن كلا من 800,000 من الشركس في شمال القوقاز الّذين لا يزالون تحت السيطرة الرّوسيّة وسبعة ملايين من تلك الأمة في الخارج.
في الواقع ، من الممكن أن إجراءات بوتين وعواقبها غير المقصودة للشراكسة قد تبرهن على تهديد أكثر خطورة لحكمه، خصوصا اذا اعترف الروس بأن سياساته غير الحذرة تزعزع الاستقرار ليس فقط في أوكرانيا، ولكن في بلادهم ويوفرون غطاءا له لفرض المزيد من القمع عليهم.
قبل عدة سنوات، عرف عدد قليل نسبيا من الناس من هم الشركس، وعدد قليل نسبيا من الشركس في جميع أنحاء العالم اعتقدوا أنهم سيكونون في وضع يمكّنهم مرّة أخرى من التّحكّم في مصيرهم. لكن الآن، وبفضل فلاديمير بوتين، فإن عدداً متزايداً منهم يعرفون تحديداً من هم وبشكل متزايد فإن الشّركس منظمون تنظيماً جيداً وعندهم ثقة بالنفس .
هذا التطورا البارز، وهو تطوّرٌ كان عدد قليل من النّاس قد تنبّأ به منذ سنوات قليلة فقط، وفوق ذلك قد يمكن من إعادة تنظيم شمال القوقاز، ويدعو للتساؤل حول دور موسكو هناك بشكل أكثر جدية مما فعل الشيشان في عام 1990، فزعيم الكرملين سيكون هو الملام الوحيد .
من خلال ضمان موافقة اللجنة الأولمبية الدولية على عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في هذا العام في مدينة سوتشي شبه الإستوائية، موقع الإبادة الجماعية الّتي حصلت عام 1864 بحق الشّعب الشّركسي، جذب بوتين عن غير قصد الاهتمام الدولي لهذا العمل وعلى قدم المساواة أعطى الأمة الشركسية عن غير قصد تركيزاً وقضيّة.
بداية في دورة الألعاب الأولمبيّة الشتوية في فانكوفر قبل أربع سنوات، عندما احتجت مجموعة صغيرة من الناشطين الشركس على منح الألعاب الأولمبيّة لروسيا بسبب اختيار سوتشي موقعاً لها، واستمراراً بطريقة متواصلة منذ ذلك الوقت، كان الشراكسة قادرون على نشر المعلومات عن الإبادة الجماعية واستمرار القمع الروسي ضد أمتهم .
لقد كانوا قادرين على سرد ما حدث، وكيف أن السلطات الروسية قامت بعد خوض حرب طويلة ضد الشراكسة دامت قرناً من الزمان بتهجير تلك الأمة، مما أسفر عن مقتل كثيرين في هذه العملية، وكانو قادرين على وصف هندسة ستالين العرقية القاسية التي قسّمت ورحّلت أمتهم في العهد السوفياتي .
أصبح الشركس منظّمين بشكل أفضل من أي وقت مضى، مجبرين السلطات الروسية على مواجهة ذلك بإنكار السجل التاريخي، ساعية بذلك إلى إختراق وإحداث إنقسامات في المنظمات الشركسية، وقتل ناشط شركسي في وقت سابق من هذا الشهر، و كان آخرها مصادرة شارات ذكرى الإبادة وإثارة مخاوف من استفزازات محتملة في هذه الذكرى المائة والخمسون للإبادة الجماعية (http://kavpolit.com/articles/pamjatnyj_den_cherkesov_traur_kak_ekstremizm-4653/
و http://nazaccent.ru/content/11725-u-cherkesskogo-aktivista-izyali-lenty-k.html
و http://kavpolit.com/articles/den_skorbi_kak_povod_dlja_provokatsii-4771/).
ولكن هذه الجهود الروسية الأخيرة تحدث نتائج عكسية تماما كما فعلت أولمبياد بوتين. إن الشركس يقومون بالتنظيم بشكل أكثر فعالية سواء في وطنهم في شمال القوقاز أو في تركيا والأردن وأوروبا والولايات المتحدة، ويشاركون في مجموعات مثل مجلس التضامن الأوروبي – الأمريكي، ويسعون للحصول على الدعم الدولي .
نظرا لفظاظة بوتين، سيكون من الخطأ لأيٍ كان أن يلمّح إلى أن الشركس بمجرد تحقيق أهدافهم الوطنية سيقومون بنصب تمثال للزعيم الروسي. ولكن سيكون من الخطأ عدم معرفة الدور غير المقصود الّذي لعبه زعيم الكرملين في جعل هذا المستقبل الأفضل ممكناً.
الروس الذين يعتقدون أن بوتين هو تجسيد للقضية الوطنية الروسية قد يعترفون بذلك في نهاية المطاف. في الواقع، فإن الشخص الوحيد الذي يبدو عاجزا عن فهم عواقب إجراءات بوتين هو بوتين نفسه .
المصدر: http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/05/window-on-eurasia-how-putin-launched.html