سلبيات الاعتماد على الآخرين في السعي لاستعادة الحقوق الشركسية
تقديم: عادل بشقوي
31 يناير/كانون الثاني 2019
إن ما يجري بين الحين والآخر في هذا العالم في سياسات الدول العظمى والقوى الإقليمية المؤثرة ما هو إلا تغييرات أساسية تُنْتِج تقلبات وتحولات جوهرية تؤثر على الآخرين اقليميا ودوليا. خاصّةً وأنها تقدم في فترات متلاحقة حقائق وشعارات تتناقض مع الأنظمة السياسية القائمة ولا تستند الى المبادئ الديمقراطية وإقرار الحقوق والحريات للجميع، ناهيك عن المبادئ القانونية والمنطق وبالتالي يتبعها ممارسات متناقضة تؤثر سلبا على الشعوب المستضعفة.
وبتواضع، فإن الحقائق والدلائل تؤكد تورط العديد من القوى المتنفذة والدول الاستعمارية الطامعة في استفحال الأوضاع وإلى تفاقم القضية الشركسية، وصولا الى النتائج الكارثية في عام 1864، التي تفضح الممارسات والجرائم الشيطانية التي رشَحَتْ عن حرب الإبادة على مدى الزمن الذي استغرقه غزو الإمبراطورية القيصرية الروسية ذو الأهداف الإستعمارية الجشعة على مدى 101 عاماً. يمكن وصف الموضوع في أن الغرباء صمّموا على الاستحواذ على الوطن الشركسي من دون الشركس بأي ثمن. وبالنتيجة إبادتهم أو تهجيرهم إما إلى ما وراء نهر كوبان بعيداً عن البحر الأسود أو إلى الإمبراطورية العثمانية لأسباب إمبريالية محضة، ولم يكن الدين عاملا لتنفيذ هذه السياسة.
ومن المنصف القول في هذا السياق أن مسار القضية الشركسية خلال السنوات الماضية اعطى نتائج ايجابية من نواحٍ متعدّدة. برهن الشركس في العديد من مجتمعاتهم سواء في وطنهم الأصلي أو في الشتات في أكثر من مجال على اهتمامهم المثير للإنتباه بوضعهم الذي لا يحسدون عليه. لقد نظموا صفوفهم وعقدوا مؤتمرات واجتماعات حول مواضيع مختلفة تناولت قضايا لغوية وثقافية واجتماعية وقانونية وسياسية وغيرها. لقد كان هناك تنوع في مصادر الموارد البشرية المشاركة في هذه النشاطات لتكون كافة المجتمعات سواء في الوطن أو في الشتات متماسكة ومتضافرة في جهودها المختلفة لتحقيق الأهداف التي يتوافق عليها أغلبيتهم.
إن الاعتماد على القدرات الذاتية النابعة من الثقة بالنفس وقوة الإرادة والمثابرة مهما كانت بسيطة و/أو متواضعة، يضمن أن صاحب القرار النهائي في اتخاذ الخطوات والقرارات في حل من الارتهان لاي كان من حيث عدم جدوى الإتكال على القوى المختلفة، التي اثبتت الظروف انه لا يمكن الوثوق بها وفي كل الأحوال والأوقات.
ويمكن استقراء ما حدث من تقلبات في هذا الشأن قبل وخلال وبعد الحرب الروسية–الشركسية وليومنا هذا من خلال مواقف الدول والقوى المختلفة من حرب الإبادة وتداعياتها. وعليه، فإن الواجب يقضي بأن لا يرتهن العمل الجاد للآخرين مهما كانت التفسيرات، وأن تأتي الخطوات المتخذة نتيجة عمل متواصل، وجهد مخلص يساعد في ادارة الازمات المتشابكة بشكل ايجابي من خلال اختيار السبل الملائمة للوصول الى القيم السامية.
إن الاعتماد على الذات هو أساس النجاح ضمن استراتيجية متناسقة ومنظومة عمل متكاملة، أساسها قوة الإرادة والإيمان بالقضية المطروحة باستعادة الحقوق. كذلك الصبر وتحمل مواجهة كل الصعاب والتحديات، وبالتالي المثابرة بهدف اتقان العمل وعدم التراخي والتهاون أو الإستسلام للأمر الواقع.
يجب الانطلاق من أساس متين يستند الى الأهداف السامية التي تنبثق منها الاساليب التي يجب أن تُتّبَعْ وفقا للقوانين والأعراف الدولية. ومن المناسب جدا ان تقام فعاليات تهدف الى اطلاع العالم على التطورات التي حصلت على القضية الشركسية منذ انتهاء الحرب الروسية–الشركسية وإلى يومنا هذا. ويجب تكريس روح المبادرة المعتمِدة على الإستعانة بالحقائق والآثار والتداعيات الكارثية والمعلومات الموثقة واتباع أساليب التكنولوجيا الحديثة في تسليط الضوء على عناصر القضية الشركسية المختلفة.
ومن البديهي أن لا يتشبث الانسان بالأحداث الماضية التي لا يفيد تكرارها بين الحين والآخر، بل يجب التطلع الى ما يمكن عمله وكيف يمكن ان تستعاد الحقوق المصادرة بالوسائل السلمية وبدون استخدام العنف بشكل لا لبس فيه.
إن شعلة الحرية لازالت متقدة ولن تنطفئ رغم المحاولات المعوِّقة والمضلِّلة.