الشركس يطالبون باستقالة السفير الروسي في تركيا

الشركس يطالبون باستقالة السفير الروسي في تركيا

فاليري دزوتساتي (Valery Dzutsati)

ترجمة: عادل بشقوي

6 مارس/آذار 2020

 Aleksei-Yerkhov-640x346

ناشد المجلس التنسيقي لمنظمات المجتمع المدني الشركسية في قباردينو – بلكاريا وزير الشؤون الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن يستدعي السفير في تركيا، أليكسي يرخوف الى بلاده. في مقابلة أجريت مؤخرًا مع الخدمة الأبخازية لوكالة سبوتنيك (Sputnik News) للأنباء، أعرب المبعوث الروسي في أنقرة خلالها عن وجهة نظر مثيرة للجدل حول أحداث الحرب الروسية-الشركسية وما تلاها من ترحيل للشركس إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر (Sputnik News—Abkhazian service, February 13). ويقول البيان الشركسي أن ”من الأفضل تخفيف التوترات الحاصلة بين الشركس سواء الروس أو الأجانب منهم بسبب خطأ السفير في تركيا قصير النظر“ (Obzor, February 27).

في هذه الأثناء ، التقى 11 ممثلاً عن فيدرالية المنظمات الشركسية في تركيا (Cherkes Fed)، مع رئيس البرلمان التركي، مصطفى سينتوب، في 25 فبراير/شباط. وقد سلمه الشراكسة الأتراك عريضة تطلب من أنقرة الاعتراف بتهجير الإمبراطورية الروسية المأساوي والإجباري للأمة الشركسية في عام 1864 باعتبارها ”إبادة جماعية“. وفي الخطاب، يشير النشطاء الشركس إلى العيش 156 عامًا في المنفى بعد أن هجّرتْ روسيا أجدادهم من وطنهم في القوقاز. وتشير رسالتهم إلى القبول الدولي ”بالاستمرارية“ المرتبطة بجميع انتهاكات حقوق الإنسان، وتدعو الرسالة المجلس التشريعي الوطني في تركيا لمناقشة الاعتراف الرسمي بـ ”الإبادة الجماعية الشركسية“ على أساس الوثائق التاريخية المتاحة (Cerkesfed.org, February 26).

تأتي المبادرة الشركسية في وقت حساس للغاية في العلاقات الروسية-التركية. فبعد فترة من الدفء في العلاقات بين البلدين وقادتهما، بلغت العلاقات الثنائية نقطة متدنية في شهر فبراير/شباط الماضي حول السيطرة على محافظة إدلب في شمال سوريا. قُتل ما يقدر بنحو 36 جنديًا تركيًا فيما يبدو أنه عملية عسكرية سورية-روسية مشتركة (see EDM, February 27). وفي 1 مارس/آذار، أعلنت تركيا هجومًا مضادًا كبيرًا ضد الحكومة السورية، مما أدى إلى تصعيد الموقف إلى مستوى الحرب بين الدول (Hurriyet Daily News, March 1). جرت مناوشات بين كل من روسيا وتركيا بشأن محافظة إدلب منذ شهور (see EDM, September 5, 2019)، لكن كان الوضع متوتراً بشكل غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة. التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 5 مارس/آذار، واتفقا على شروط جديدة لوقف إطلاق النار في إدلب، لكن لا تزال هناك أسئلة حول مدى استمرار هذا التوقف الأخير في الأعمال العدائية (RIA Novosti, March 5). أتاح توتر العلاقات الثنائية فرصة للنشطاء الشركس في تركيا للمضي قدماً في تحقيق أهدافهم للإعتراف بالإبادة الجماعية التي يبدو أنهم على استعداد للسعي من أجلها.

لقد انتقد أعضاء الشتات الشركسي في تركيا السفير يرخوف من قبل، عندما وصف ترحيل الشركس من وطنهم في شمال القوقاز بعد الحرب الروسية-الشركسية بأنه ”أسطورة جميلة“. ووفقًا للنشطاء الشركس، فإن هذه التصريحات مسيئة ومحاولة للتلاعب بالحقائق التاريخية. ”الشركس هم مجتمع عاش في شمال-غرب القوقاز منذ آلاف السنين وقد اشتهر بإنجازاته الثقافية الهامة خلال هذه الفترة. وقد قالوا ان الشركس عاشوا بسلام مع جيرانهم وقاوموا طوال قرون الهجمات من الشمال والغرب والشرق (Lenta.ru, February 18).

إلا أن يركوف كرر وجهة النظر التقليدية للعديد من الخبراء الروس، الذين يقولون إن الشركس تركوا وطنهم في القوقاز من تلقاء أنفسهم ولم يتم ترحيلهم من قبل الروس. في نهاية الحرب الروسية-الشركسية في القرن التاسع عشر ، من المفترض أن الشراكسة قد عرض عليهم خيار إما الانتقال إلى السهول والانخراط في الأنشطة الزراعية أو الهجرة إلى تركيا. ”قرر بعض الشراكسة الرحيل وهكذا فعلوا؛ ومع ذلك، فقد عانوا من الجوع والبرد والمرض وهم في طريقهم إلى تركيا وعند الوصول. لقد قرر بعض الشراكسة البقاء ـ وبقوا ـ كما زعم السفير الروسي في مقابلة سبوتنيك المذكورة أعلاه. ووفقًا ليرخوف، داهم الشراكسة الأراضي الروسية بانتظام، واضطرت روسيا إلى التحرك لتهدئتهم (Sputnik News—Abkhazian service, February 13).

وجهات النظر البالية التي عفا عليها الزمن والعنصرية الصريحة عن  ”الوحوش الشركس“ و ”دور التحضر والتحديث“ لروسيا الإمبراطورية منتشرة على نطاق واسع في وسائل الإعلام الروسية ومجتمع الخبراء. بصرف النظر عن كونها مشينة أخلاقيا، فإن هذه الآراء تتناقض بشكل مباشر مع الحقائق. فعلى سبيل المثال، إن استراتيجية الإمبراطورية الروسية التوسعية نحو الإمبراطورية العثمانية ومنطقة البحر الأسود موثقة ومعروفة جيدًا. منذ زمن كاترين العظيمة (كاترين الثانية) على الأقل، إمبراطورة روسيا من عام 1762 إلى 1796، حاولت موسكو باستمرار تدمير الإمبراطورية العثمانية، والاستيلاء على اسطنبول وتحويل البحر الأسود إلى ”بحيرة داخلية روسية“. لم يكن هناك علاقة لحملة الإمبراطورية الروسية إلى الجنوب ”بالغارات الشركسية على الأراضي الروسية“. تم ترحيل هؤلاء الشراكسة الذين صادف أنهم يعيشون في المناطق الساحلية على البحر الأسود بأكملهم إلى الإمبراطورية العثمانية. تم إرسال المستوطنين الروس لاحتلال الأراضي الشركسية التي تم الاستيلاء عليها بعد أشهر فقط من الهزيمة النهائية لسكانها وحتى الآن. أما الشراكسة الذين عاشوا في المناطق الداخلية فكانوا بمنأى جزئي. حتى يومنا هذا، يعيش جميع الشراكسة في شمال القوقاز تقريباً في جمهوريات قباردينو-بلكاريا غير الساحلية وكاراشيفو-شركيسيا وأديغيا. ويوجد في منطقة كراسنودار الساحلية الروسية أقل من نصف بالمائة من الشراكسة الإثنيين الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 5.5 مليون نسمة.

من السابق لأوانه القول ما إذا كانت السلطات التركية ستغض الطرف عن تطلعات الشركس في ضوء التوترات مع روسيا. وسيكون حجر عثرة رئيسي بالتأكيد علاقة تركيا المضطربة مع الأرمن، الذين يحرضون في جميع

أنحاء العالم لاعتراف مشابه بمأساتهم الجماعية التاريخية (1915) على أيدي العثمانيين. ومع ذلك، فقد أظهر النشطاء الشركس القدرة على التنظيم لرد فعل سريع على الهجمات القادمة من السلطات الروسية. هذا من المحتمل أن يزيد من إمكانات تعبئة الشركس الشاملة للحملات المستقبلية.

المصدر:

https://jamestown.org/program/circassians-demand-resignation-of-russian-ambassador-to-turkey/

Share Button

اترك تعليقاً