الحقيقة المريرة تُفنِّد الأكاذيب المُلفَّقة
بقلم: عادل بشقوي
20 أبريل/نيسان 2020
هذا ليس إنكارًا للواقع، فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة لوباء فيروس كورونا كوفيد 19 حول العالم، والذي سجل حالات متزايدة من المرض مؤخرًا في الجزء الشركسي من شمال القوقاز. [1] إلا أنهُ، ولمتابعة الأحداث منذ التهجير الشركسي، استمرت التداعيات حتى الآن، على الرغم من وقوع أحداث متعددة، بما في ذلك حربين عالميتين وتطورات عالمية وإقليمية أخرى. ومع ذلك، يجب معالجة المشكلة، خاصة أنها لم تجد طريقا للحل بعد.
إنه من منطلق الواجب الإنساني حماية أنفسنا والأشخاص من حولنا. وجزء من المسؤولية الأخلاقية هو الوقوف في تضامن مع الناس في أي مجتمع مصغّر أو مجتمع بدون إعتبارات عنصرية؛ لكن من وجهة نظر إنسانية بحتة. ومع ذلك، فإنه مهما يحدث يجب ألا يُحوِّل الانتباه عن الجوهر الرئيسي فيما يتعلق بمعالجة الأمور والشؤون المتعلقة بالقضية الشركسية.
ويتطلب انتشار حالة الجائحة التي تؤثر على الجنس البشري بأكمله أن تتضامن جميع البلدان للقضاء عليه بالكامل. ومع ذلك، تعرضت أمة قبل أكثر من 155 عاما للذبح والإبادة والترحيل والحرمان من حقوقها المشروعة بعد حرب دفاعية خاضتها ضد القوات العسكرية للإمبراطورية القيصرية الروسية ومرتزقتها، بعد حرب طاحنة، في شكل من أشكال الغزو الوحشي واحتلال كامل التراب الشركسي، الذي يعتبر نسبيا أكثر ضررا من تفشي وباء عالمي لوقت قصير.
بيان السفير الروسي
ليس من غير المعتاد في ظل هذه الظروف ذكر الأكاذيب الأخيرة التي ذكرها السفير الروسي في تركيا في شهر فبراير/شباط الماضي لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية، في محاولة تهدف في نهاية المطاف إلى اختبار رد فعل الشراكسة في كل مكان. لم يتردد الشركس في إعطاء الرّد القطعي الذي يشير إلى أن هذا السفير كاذب. لقد أثار سفير روسيا في تركيا غضبًا بين الجماعات الشركسية بعد أن أشار إلى أن غزو أواخر القرن التاسع عشر لشركيسيا التاريخية والإبادة الجماعية اللاحقة كان ”أسطورة جميلة“، وهو الّذي كان في الواقع فعلًا دفاعيًا من جانب الإمبراطورية الروسية. كان السفير أليكسي يرخوف (Aleksey Yerkhov) يتحدث في مقابلة مع موقع سبوتنيك الإخباري الروسي المملوك للدولة في 13 فبراير/شباط حول آفاق العلاقات الروسية التركية“. [2]
في هذا المفهوم، نشر جيم أوزدمير (Cem Özdemir) تغريدة نادرة بشأن القضية الشركسية في 27 فبراير/شباط 2020، وهو الذي ولد في ألمانيا عام 1965، لوالدين مهاجرين من تركيا. خاطب جيم أوزدمير، العضو في البرلمان الألماني (Bundestag) عن حزب الخضر، السفير الروسي في تركيا، معلناً أن ”الشركس قد عانوا معاناة لا تصدق عندما تم طردهم وقتلهم في عام 1864. كل من يحول الضحايا إلى جناة فإنه يدوس على قبورهم. متى سيتم الاعتراف بذلك #Russland (& # Türkei): من المفيد العمل من خلال الفصول المظلمة من تاريخكم“ [3]
من يبحث عن التكريم الباطل، سيحصد في النهاية إذلالًا حقيقيًا بغض النظر عن الوقت الذي سيستغرقه. إن آثار التصريحات الكاذبة سوف تتردد صداها مباشرة لأولئك الذين يفترضون جهل العالم. عادة ما تستند التّصريحات الكاذبة إلى سياسة تم وضعها لشن حملة دعاية وتضليل بلا نهاية. لكن، في نهاية المطاف، جرت محاولات للتهرب من التصريحات ومن تأثيرها السّلبي.
من أجل العمل بحكمة و/أو رصد الحقائق كما ينبغي حول ما يجب متابعته في المشهد، وفقًا للمنطق السليم، يجب تسوية القيود. ومن المحفز للتفكير هو النظر في بعض الهرطقة التي تظهر في العلن بين الحين والآخر من أجل محاولة التمويه و/أو إخفاء الحقائق المتعلقة بالوضع الشركسي الحالي. إن تطور العالم نحو العولمة والمصالحة واحترام حقوق الإنسان لم يثني السلطات الاستعمارية وأبواقها الدعائية عن الكلام والعمل في منطق السادية وتجاهل الواقع، ناهيك عن حقوق الآخرين.
من المثير للاهتمام الاستماع إلى شخصية دبلوماسية روسية مفوضة توجه الاتهامات والمزاعم جزافا في حق أمة بأكملها، هو الأسلوب الدعائي ضد أمّة تم غزوها في عقر دارها لأكثر من مائة عام لينتهي بها المطاف الى التعرض للاحتلال والضم. لقد قال إن فهم الحرب الروسية–الشركسية 1763 – 1864 على اعتبار أنها توسع للإمبراطورية الروسية التي هُجِّرَ نتيجتها السكان المحليون من شمال القوقاز كان بمثابة ”أسطورة جميلة“، واتهم الشركس بالعدوان على روسيا.
من المثير للاهتمام الاستماع إلى شخصية دبلوماسية روسية مفوضة توجه الاتهامات والمزاعم جزافا في حق أمة بأكملها، هو الأسلوب الدعائي ضد أمّة تم غزوها في عقر دارها لأكثر من مائة عام لينتهي بها المطاف الى التعرض للاحتلال والضم. لقد قال إن فهم الحرب الروسية-الشركسية من 1763-1864 على اعتبار أنها توسع للإمبرواطورية الروسية التي هُجِّر نتيجة لها السكان المحليون من شمال القوقاز كان بمثابة “أسطورة جميلة”، واتهم الشركس بالعدوان على روسيا.
ووفقا ليرخوف، كان غزو القوقاز هو رد روسيا على الغارات من قبل الشركس. يبدو أن السفير الروسي أراد القفز إلى استنتاجات توصله إلى ”مرحلة الإنكار“ وعلى الفور دون مراجعة عناصر المراحل الأخرى للإبادة الجماعية، المرتبطة عضويا ببعضها البعض، وذلك بالإشارة إلى اللمحة المختصرة التي تبين ”المراحل الثمانية للإبادة الجماعية“. [4]
الدعاية السوداء
الحقائق المذكورة أعلاه تجذب القارئ الرصين نحو النظر بعناية إلى نوع الدعاية السوداء التي ليست بعيدة في معناها وأهدافها عن الدعاية العنصرية النازية. إن الواقع واضح وضوح الشمس، حيث يتم تكييف الأساليب الهدّامة القائمة على استراتيجية تتميز بمغالطات تاريخية متعددة ليتم تداولها من قبل أبواق السلطة في جميع مناحي الحياة، بالتعاون مع بعض الأفراد الذين غُسِلت أدمغتهم، وهم الذين يسعون إلى الوصول للشهرة مهما كلّف الأمر. وهذا يهدف إلى مخاطبة الطّرف الساذج من المجتمعات. [5]
ومن المهم ان نعرف ان هؤلاء الذين يلعبون دور حصان طروادة في المجتمعات الشركسية، يسعون إلى اشباع رغباتهم وغرائزهم واحقادهم الشيطانية. ويرغبون في ان يراهم الآخرين ويعرفونهم في المجتمع أو في وسائل التواصل الاجتماعي. هم يتصفون بالاصابة بعقد ومشاكل وانفعالات نفسية تشعرهم بالنقص فتجعلهم يسيؤون الى انفسهم والى امتهم من خلال الإساءة الى الناجحين ونشر الاشاعات والاكاذيب في المجتمع.
لكن الأدلة توضح أن جدول الأعمال الرئيسي هو إلقاء اللوم على ضحايا الجرائم التي ارتكبها الغزاة. إن ذلك يُعتبر في سياق الإساءة والتزوير ونشر الشائعات، وذلك باستخدام أساليب التضليل الإعلامي ومجموعة متنوعة من تقنيات الدعاية. وفشل الحكومة الروسية في التعامل مع قضية لن تكون قادرة على تجاهلها بعد الآن. فالإنكار المستمر لا يعني سوى الجبن لمواجهة الحقيقة. إنهم يستخدمون الدعاية السوداء لنشر المعلومات غير العقلانية. وتُصنِّف مثل هذه التكتيكات الناس بشكل مسيء وهم الذين عانوا وما زالوا، لكن بنفس الوقت تلقي الضوء على الجهود المكثفة لإخفاء ذكر الجرائم الوحشية ضد الإنسانية التي يجب الاعتراف بها عاجلاً أم آجلاً.
ليس من المستغرب، بعد التجربة والتعامل مع العديد من الناس، بان نتوصل الى حقيقة تثبت بشكل ملموس أن بعض الأفراد المغمورين يلعبون دور خلايا نائمة تستيقظ عندما تأتي إشارة المنبّه. وبناءً على ذلك، أخطأ الوكلاء بحماقة في خطة مكشوفة مستمرة عبر استخدام تقنيات الدعاية السوداء، حيث لا يذكرون المراجع لاتهاماتهم التي لا أساس لها ضد أولئك الذين يرفعون صوتهم ويقدمون البراهين لاستعادة الحقوق الشركسية المشروعة. يستخدم في العادة لابتزاز وتشويه أي شخص لديه أفكارا تناقض وجهة النظر الروسية المجحفة. وبين الحين والآخر، يجري إقحام عناصر تعمل لمساعدة الداعين إلى الإبقاء على سياسة الأمر الواقع مثل دعوة السلطات الروسية بعض المتعاطفين مع سياستها العنصرية لزيارة موقع إقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي التي اقيمت في عام 2014.
تستهدف مؤامرة الدعاية الإستبدادية إلى استغلال بعض صفحات الفيسبوك التي تعمل على اختلاق المشاكل في المجتمع الشركسي. ويتم عبرها تقديم شخصيات أو رموز بارزة، لخلق نوع من الإثارة، المرتبطة بالشعارات أو الألاعيب من أجل إثارة متلقي المعلومات خارج المعتاد بشكل يفوق الخيال، وموجهة إلى الغالبية الصامتة في المجتمع، مما يفتح الطريق للمشاركين وبعض المؤازرين السُّذّج للمشاركة في نشر التعليقات المسيئة.
الخاتمة
وختاما، لم يعد إخفاء الحقيقة ممكنًا، خاصة أنه يتم الحصول على المعلومات من الأرشيف والمصادر الروسية التي يمكن الوصول إليها في الوقت الحاضر. أدلة متاحة للجميع دون استثناء. قد تنتهي الكوارث العالمية، لكن معاناة الأمة ستبقى حتى يحين الوقت المناسب. وعلى الرغم من أن الإنكار المستمر لجرائم الإمبراطورية الروسية القيصرية لا يزال هو الغالب من قبل الشخصيات الرسمية الروسية، فقد اتخذ رد الفعل الشركسي مسارًا جديدًا وهادفًا تجاه السياسات العنصرية. و”الأمور بخواتمها.“
===============
[3] (https://mobile.twitter.com/cem_oezdemir/status/1232965517956263936)