د. توقه يكتب عن: الأسلحة البيولوجية
28 / 04 / 2020
الاردن 24 –
كتب الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، الدكتور حسين عمر توقه –
المقدمة :
كنت أتمنى لو أنني تمكنتُ من معرفة المصدر الحقيقي للكورونا فيروس وكنت أتمنى لو أنني كنتُ أزف إليكم خبر التوصل إلى لقاح لمعالجة هذا الفيروس اللعين . ويشهد الله أنني قد حاولت كل جهدي مثلي مثل أي باحث طوال الشهرين الماضيين من خلال مراكز البحث الإستراتيجي ومراكز البحث الطبي التعرف على هذا الفيروس كما حاولتُ تتبع آخر المستجدات ومحاولات أكبر شركات الدواء في العالم في محاولاتها التوصل إلى لقاح ناجع من أجل معالجة بني البشر ومنع تفشي فيروس الكورونا بهذه الطريقة المفجعة ووقف هذا السيل المتدفق من الوفيات المتزايدة .
لقد راجعتُ كل نظريات المؤامرة والإتهامات التي انتشرت وبالذات بين الدول العظمى هل هو خطأ تم إرتكابه في أحد المختبرات أم هل هو ناجم عن إشعاع الجيل الخامس للإتصالات 5G المسؤول الأكبر عن إضعاف جهاز المناعة في جسم الإنسان أم هل هو تطوير لغاز السارين العالي السُمية أم هل هو بداية لحرب جرثومية جديدة ولقد أثارت تصريحات بيل جيتس الأخيرة سلسلة من التساؤلات حول مصير الإنسانية وتناقلت كل وسائل الإعلام العالمية ملامح نظام عالمي جديد يتمحور حول شريحة ID 2020 أو شريحة الديجيتال ترقيم 666 أو شرائح RFID وهو عبارة عن شريحة صغيرة بحجم حبة الأرز تُزرع في جسم الإنسان تضم كل ما يخطر ببال الإنسان وما لا يخطر من المعلومات وإن الخوض في هذا الموضوع سابق لأوانه ولكنه مشروع خطير يستحق دراسته بكل جدية .
إن الولايات المتحدة بعد أن فقدت مخزونها من الذهب تعتمد في قوة تداول الدولار الأمريكي على كون معظم الدول المصدرة للنفط والغاز وبالذات الدول العربية تشترط استخدام عملة الدولار الأمريكي في دفع أثمان النفط والغاز . وإذا صدقت ألأنباء المتداولة بأن الصين تحاول إلغاء التعامل بالدولار في البورصة العالمية فإن هذه الخطوة ستؤدي إلى كارثة إقتصادية عالمية قد تثير الشكوك حول حقيقة فيروس الكورونا وتطرح العديد من الأسئلة وفي مقدمتها هل كانت الصين وراء إنتشار وباء الكورونا لا سيما وأن هذا الوباء قد انتشر في مدينة ووهان الصينية . وفي نفس الوقت لا ننسى أن الصين لم تعلن أبدا أنها دولة عظمى ربما لأنها تعلمت درسا قاسيا من إنهيار الإتحاد السوفياتي فقررت أن تعمل بصمت وركزت على الجانب الإقتصادي كسلاح ولم تغفل أبدا الجانب العلمي ومجال التسلح وكانت وراء تشكيل إتحاد (بريكس) BRICS الإقتصادي والذي يرمز إلى الأحرف الأولى من أسماء الدول الأعضاء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا .
وبالمقابل فإن هذا الإنتشار السريع لوباء الكورونا الذي لم يسبق له مثيل حيث سبق سرعة الصوت وغطي كل أصقاع المعمورة الدول الباردة والدول الحارة برا وجوا وبحرا ومحيطا على حد سواء لا يميز بين دولة عظمى أو دولة فقيرة ولا بين طفل أو كهل ولا بين رجل أو إمراة ولا يعترف بلون أبيض أو أسود أو أصفر ويصيب المسلمين والمسيحيين والبوذيين ومن ليس له دين .
ولعل أفضل ما أقوم به هذه الأيام مثلي مثل أي مواطن عاقل أن أتبع التعليمات وأرتدي القفازات والكمامات وأحافظ على التباعد الإجتماعي وأن أحجر على نفسي في غرفتي لا سيما وأن هذا الحجر قد أثبت نجاعته في التخفيف من تعداد الإصابات .
وأننا الآن مقبلون على عملية ذات أهمية كبيرة وعظيمة وإنسانية وهي عملية استقبال الطلبة الأردنيين والذي بلغ تعدادهم في الخارج ما لا يقل عن 35 ألف طالب ولا نعلم بالضبط تعداد الطلبة الذين يرغبون في العودة وهذه المهمة الكبيرة تتطلب عمليات لوجستية وإستراتيجية تعتمد على التخطيط والتنظيم والإبتعاد عن أي أخطاء لا سمح الله وتتطلب التنسيق الشامل مع الدول التي يتواجد بها الطلبة الأردنيون والحصول على التصاريح اللازمة المتعلقة بتوفير أذنات هبوط الطائرات في المطارات المختلفة مقابل الإستعداد والجاهزية العليا في مطار الملكة علياء الدولي لإستقبال هؤلاء الطلبة وإجراء الفحص الطبي لكل طالب حال هبوطه وإتخاذ قرارات صعبة بتحويل كل من يشتبه بحالته وتظهر عليه أعراض الإصابة مباشرة إلى المستشفيات ونقل بقية الطلاب إلى أماكن الحجر المخصصة لهم .
كما يجدر التنبه إلى التقارير التي تؤكد خطورة الموجة الثانية لهذا الفيروس وإن حال الحكومة الأردنية اليوم أشبه ما يكون بمن يمشي على حبل مشدود يحاول إيجاد التوازن بين الخوف من إنتشار الجوع بين طبقة عمال المياومة والمقطوعين عن العمل والطبقة الفقيرة وبين الخوف من تفشي فيروس الكورونا . وإنه لقرار صعب أن تترك الحكومة للشعب مهمة تطبيق تعليمات وزارة الصحة في هذا الوقت بالذات وأن تراقب عن كثب مدى إلتزام أبناء الشعب في تطبيق هذه التعليمات .
الأسلحة البيولوجية
لقد تم تعريف الحرب البيولوجية بأنها الإستخدام العسكري المتعمد للكائنات الحية أو سمومها لقتل الإنسان وإنزال الخسائر به أو بممتلكاته من ثروات زراعية وحيوانية . ويطلق البعض على هذا النوع من الحروب مصطلح الحرب البكتيرية أو الحرب الجرثومية. وهي أكثر أنواع الحروب قذارة وأكثرها همجية ولا إنسانية وتفتقر إلى أبسط القواعد والمبادىء الأخلاقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن الأسلحة البيولوجية لم تستخدم في الحروب الحديثة استخداما حقيقيا لذلك يتعذر علينا معرفة مدى فعاليتها كسلاح من أسلحة الحرب بشكل دقيق. وإن ما يهمنا هنا أن البيولوجيا العسكرية تتعلق بتلك الأحياء والكائنات التي يمكن أن تؤذي الإنسان والحيوان والنبات وقد صنفت المجموعات التالية التي تبدو لها أهمية عسكرية ويحتمل أن يستخرج من بينها جراثيم وسموم تتوفر فيها الخصائص الملائمة للإستخدام العسكري كعوامل للحرب البيولوجية:
أ: الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفيروسات والريكتسيا والفطريات والبروتوزا.
ب: السموم الجرثومية والحيوانية والنباتية
ج: ناقلات العدوى مثل الحيوانات المفصلية كالحشرات القمل والفطريات والقراد.
د: الحشرات والنباتات.
أما الخصائص العامة التي يجب توفرها في العوامل البيولوجية قابلية وبائية عالية القدرة وقدرة عجيبة في مقاومة الظروف الطبيعية كالحرارة وضؤ الشمس والجفاف وسرعة الإنتشار والقدرة على إنزال الخسائر العالية والتفشي السريع.
أما أهم العوامل البيولوجية التي يمكن استخدامها فهي الفطريات والطفيليات والركتسيا والفيروسات .
إن هدف العلماء في مصانع إنتاج السلاح البيولوجي يكمن في تطوير أنواع من الجراثيم “خلايا ذات قدرة تكاثرية يتم إنتاجها في ظروف غير طبيعية ” ولذلك فهي هجومية تستعمل كعنصر تكاثري سام من شأنها أن تؤدي خلال وقت قصير إلى إنتشار العدوى وإصابة الآلاف من بني البشر بالمرض والموت خلال أيام.
الأسلحة البيولوجية في إسرائيل:
هناك بعض المعلومات التي تدين إسرائيل قبل وبعد حرب 1948 والتي تؤكد قيام إسرائيل باستخدام الأسلحة البيولوجية لتفريغ الأراضي الفلسطينية من أصحابها إذ عمدت الى تسميم مياه الشرب بميكروبي التيفود والدوزنتاريا . كما قام بعض عملائها بنشر ميكروب الكوليرا في كل من مصر وسوريا خلال عام 1948 على نطاق واسع .
في عام 1948 شرعت وزارة الدفاع الإسرائيلية بالتخطيط لإقامة المعهد البيولوجي في ضاحية “نس تسيونه” جنوبي تل أبيب. بتأثير من ديفيد بن غوريون والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وما لبث هذا المعهد أن احتل مكانة عالية . وفور الإنتهاء من بنائه تم انتقال المعهد البيولوجي من مسؤولية وزارة الدفاع الى مسؤولية مكتب رئيس الوزراء مباشرة.
ورغم مشاكل إسرائيل المالية في ذلك الوقت خصص بن غوريون الأموال اللازمة والعلماء ومن بينهم إبنته من أجل تطوير السلاح البيولوجي في أسرع وقت ممكن وكان الهدف المعلن أن هناك ضرورة قصوى لبناء المعهد ليساهم في تقليل إنتشار التلوث لوجود الجراثيم والفيروسات الحاملة لأمراض وأوبئة تلويثية خطيرة. ولقد أحيط ما يدور في المعهد بغلاف من السرية وظل قسم كبير من المعهد ومختبراته سريا ليس فقط من الجمهور العام وإنما أيضا من أعضاء الكنيست ومن أهم الوزراء في الحكومة الإسرائيلية.
ورغم قلة المصادر والمعلومات إلا أن بعضاً من المصادر الإستخبارية تشير إلى أن إسرائيل تضم في ترسانتها البيولوجية أشرس أنواع الأسلحة البيولوجية وعلى رأسها الفيروسات الممرضة للإنسان ومن أشهرها فيروس الجدري وبكتيريا الجمرة الخبيثة التي برز صيتها بعد استخدامها بعد أحداث 11/9/2001 وتعرض بعض المسؤولين الأمريكيين إلى الإصابة بها.
وفي الجانب العربي فلقد انتشرت الإشاعات من مصادر استخبارية غربية تشير إلى أن مصر تضم ترسانة متقدمة من الأسلحة البيولوجية حيث هدد الرئيس الراحل أنور السادات باستخدام السلاح البيولوجي في حرب أكتوبر. كما أشارت بعض التقارير الإستخبارية إلى أن العراق في زمن الرئيس صدام حسين كان يمتلك أسلحة بيولوجية ولديه مخزون استراتيجي منها.
في عام 1972 تم التوصل الى عقد إتفاقية أولية لحظر الأسلحة البيولوجية والتوكسينية.
ولقد صدرت بعدها العديد من التشريعات والقوانين الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة البيولوحية وتحرمها ففي عام 1899 صدر تصريح بروكسل واتفاقية لاهاي عام 1899 والتي تحظر استخدام المواد الخانقة والسامة والغازات والسوائل السامة في الحروب.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل ينضوي فيروس الكورونا تحت بند الحرب الجرثومية لا سيما وأننا كما أسلفنا لم نعثر حتى الآن على مصدر هذا الفيروس ولم نتوصل إلى إيجاد اللقاح الناجع من أجل القضاء عليه قبل أن يقضي على هذا الكم الهائل من بني البشر.