الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020
خاكواشيفا تقول إن تحريفات موسكو حول الحرب الاستعمارية في القوقاز مهَّدَتْ الطريق لعنف جديد
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
16 ديسمبر/كانون الأول 2020
ستاونتون، 11 ديسمبر/كانون الأول — إن ملاحظات جورج سانتايانا (George Santayana) بأن أولئك الذين يتغاضون عن الماضي محكوم عليهم بإعادة إحيائه أصبح مطلبا ملحا جديدا في الفيدرالية الروسية حيث أن الأكاذيب التي يرويها بعض القادة والشخصيات الإعلامية الروسية حول الحروب الاستعمارية القيصرية في القوقاز تمهد المسرح لعنف جديد، كما تقول مدينا خاكواشيفا (Madina Khakuasheva).
وتشير كبيرة الباحثين في معهد قباردينو – بلكاريا لأبحاث العلوم الإنسانية (Kabardino–Balkar Institute for Research on the Humanities) بأن الإصرار المتزايد من قبل هؤلاء الروس على أن الشركس وغيرهم من شعوب المنطقة هم المسؤولون حصريًا عن الخسائر الروسية خلال التقدم الاستعماري القيصري بدلاً من النظام الذي أرسل القوات يؤدي إلى نتائج عكسية (natpressru.info/index.php?newsid=12233).
إن الأكاذيب عن الصراع، وتخليد ذكرى الجنود الروس فقط الذين فقدوا حياتهم، وليس من قاومهم، وإقامة التماثيل والنُّصُب التِّذْكارية للغزاة هي خلاصة خطيرة لما حصل خلال أكثر من قرن من حرب المقاومة الطويلة ضد قوة استعمارية.
”فخلال الحرب الروسية – القوقازية، تم تشويه سمعة هؤلاء الناس الذين أرادت الدولة الروسية استعبادهم وتدميرهم من أجل تبرير هذا التوسع، وكلّما قاوم القوقازيون أكثر، كانت هذه الحرب المستعرة التي لا نهاية لها أكثر دموية، وكان نشر الدعاية والأكاذيب أكثر تشاؤمًا وخزيًا“. وهكذا يحدث ذلك مجدّداً، حسبما تقول خاكواشيفا. لكن اليوم، لا تسعى موسكو لغزو شمال القوقاز، لكن لإبقاء أحفاد أولئك الذين قاتلوا ضد التقدم الروسي تحت السيطرة. وهذا يعني، عندما يرى المرء الأكاذيب الشائنة حول الشركس وغيرهم، فإن هذا ليس مجرد مبالغة إعلامية بل ”صياغة معاصرة لأجندة استعمارية إمبريالية جديدة“.
وأكثر من ذلك، تتابع الباحثة الشركسية، أن هذه الأجندة والطريقة التي يتم التعبير عنها، تحمل في طياتها ”تهديدًا محتملاً لأمن واستقرار روسيا“ لأن ذلك يحدث جنبًا إلى جنب مع ”ولادة جديدة لقيم الماضي الهمجيًّة“، بما في ذلك النزعة العسكرية و تبرير استعمال القوة والإنصهار القسري، باعتبارها أشياء أخرى آخذه في الظهور.
حتى العقود الأخيرة، كان من الممكن أن تنجح مثل هذه الحملة الإعلامية من موسكو لأن الدولة الروسية حدَّت من وصول شعوب شمال القوقاز إلى حقيقة ماضيها وبالتالي تمكّنت من إجبار عدد كافٍ منها على القبول أو على الأقل أن لا تقاوم ما تقوله موسكو.
تقول خاكواشيفا إنّ الأمر لم يعد كذلك. ”يجد أحفاد الشعوب الأصلية في الفيدرالية الروسية أنفسهم الآن بشكل غير متوقع في فضاء مختلف من المعرفة والروحانية“، مما سمح لهم باستعادة وعيهم الذاتي وفخرهم على الرغم من توقُّعات جيرينوفسكي وليونتييف وليبيديف وأمثالهم.
لم تعد شعوب المنطقة تقبل الأكاذيب التي يضعها هؤلاء الروس، ولم يعودوا على استعداد لتحمل القمع الذي يبدو أن مثل هذه الأكاذيب تبرره — وكلما زاد تطرُّف وحِدّة الأكاذيب والدعاية والنُّصُب التذكارية التي تستخدمها موسكو، كلّما ازداد استعداد شعوب شمال القوقاز للمقاومة.
ويعلم الشركس بشكل خاص أن حرب المقاومة التي خاضوها من عام 1763 إلى عام 1864 كانت ضد قوة استعمارية عازمة على تدميرهم، وهم يعلمون أنهم فقدوا 90 في المائة من سكانهم وأراضيهم، وأنه نتيجة للجرائم القيصرية، ” يعيش93 في المائة من شعبهم خارج حدود وطنهم التاريخي“، أكثر بكثير من أي شعب آخر في روسيا.
وبالتالي، عندما تكذب موسكو بشأن تلك الحرب وعندما تفرض فقط نصبًا تذكارية للجنود الروس الذين قاتلوا فيها، لكن ليس للشركس وغيرهم ممن قاوموا الغزو، فإنهم أولًا يتعرضون للإهانة والغضب ثم يلتزمون ليس فقط بتصحيح السجل التاريخي، لكنهم يدافعون عن تراثهم الوطني.
لا يبدو أن القوى الموجودة في موسكو تُقدِّر الحقائق الواقعية للماضي أو الحاضر، ولذا فهي تتخذ إجراءات ستُنتِج بالضبط ما تقول إنها تحارب ضده، والمزيد من المقاومة والمزيد من الإصرار الوطني إزاء أولئك الذين شعروا أنهم نجحوا في غزوهم منذ أكثر من 150 عامًا.
المصدر: