يوم الذكرى الشركسية وانتهاك وحدة أراضي أوكرانيا
عادل بشقوي
25 مايو/أيار 2022
مؤتمر عبر الإنترنت للمركز الثقافي الشركسي في ذكرى يوم الإبادة الجماعية الشركسية
مع إحياء ذكرى مرور مائة وثمانية وخمسين سنة على الإبادة والتهجير للأمّة الشركسية، في 21 مايو/أيار، لا بد من التأكيد على أن الأمة الشركسية باعتبارها مجموعة عرقية، حافظت على هويتها على الرغم من محاولات الإقصاء من قبل النظامين الإمبراطوري المستبد والسوفياتي البائد. لكن لا تزال تداعيات الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري ماثلة أمامنا ومن دون حل. إن الأغلبية المطلقة من الشركس المقيمين في الشتات الواسع وهي 90٪ بالمائة يعيشون في عشرات دول العالم، وليس بمقدورهم استعادة حقوقهم المشروعة وخاصة حق العودة، بينما العشرة بالمائة الذين بقوا في الوطن، فانهم يعيشون في عدة مناطق ادارية محلية، تُسمى بعضها جمهوريات ذات حكم ذاتي.
المهم في الامر أن خصوصية الشخصية الإثنية السلافية/الروسية التي تعبر عن الغطرسة والتكبر والمغالاة في الوطنية (الشوفينية) التي يحاول المسؤولون والمعلقون والمدونون المحسوبون على السلطة فرضها، واعتبار الآخرين بأنهم ليسوا في المستوى الثقافي أو الحضاري أو المتمدن الذي يتمتعون ويتميزون به عن سائر المواطنين (الروس) من اثنيات أخرى. علما بان الجميع (حسب القوانين التي لا يعملون بموجبها) يُعتبرون مواطنين روس.
هذا يدل على أن التحيز العنصري والمواقف غير المتسامحة والمتعصّبة والعنصرية البغيضة، ومحاولات السخرية المبطنة والاستهزاء المقيت، ما هي الا محاولات للاستعلاء والشعور بالتفوق، التي لا تختلف في مجملها عن سلوك الضباط والقادة الروس منذ زمن القيصرية المجرمة، التي اقترفت جرائم الإحتلال والابادة والتهجير الى جانب التطهير العرقي. وهم دائما ينظرون الى الآخرين بشكل استعلائي، وكانهم يتمتعون بخصائص لا يتمتع بها الأخرين. لكن كل ذلك ليس سوى فقاعات من الأوهام، التي بمجرد أن تتلاشى، سيظهر الزيف وعدم الاستمرارية.
ومن الاسباب التي تجعلهم يتمسكون بالعنصرية المقيتة هي سياسة الدولة التي تكرس هكذا مفاهيم من خلال تعميم تشييد النصب التذكارية التي تخلد القادة والضباط الروس الذين اقترفوا الجرائم عندما قادوا قواتهم بقصد الاحتلال والابادة للجماعات العرقية المختلفة بشكل جزئي أو كلي. والحقيقة الغائبة عن الكثيرين منهم ان الأمم التي سيطروا على مقدراتها في فترات مختلفة، لها حضارات مزدهرة كانت موجودة قبل آلاف السنين من ظهور روسيا ككيان، او حتى ظهور اللغة والثقافة الروسية، ناهيك عن الإرث الدموي الذي خلفوه ولا يزال ماثلا في المشهد، نتيجة للجرائم التي ارتكبت في الماضي، وتم خلالها تغيير الطابع الديموغرافي لشعوب المنطقة.
لم يكن الوقت من قبل مناسبًا أو ملائمًا كما هو اليوم، لفضح المحتلين واستعادة الحقوق المشروعة منذ نهاية الحرب الروسية–الشركسية وللآن، وارتكاب الإبادة الجماعية البشعة من قبل القوات الروسية الغازية التي سبقت انتهاء الحرب في 21 مايو/أيار 1864 ضد الأمة الشركسية وشعوب القوقاز الأخرى. جعل ذلك الشعوب المصدومة والعالم من ورائها بحاجة إلى إدراك واستيعاب الغاز وغموض السياسات الروسية التي اتُّبِعت منذ العهد الامبراطوري ضد الشعوب المضطهدة.
في الختام، ومثلما هوالحال الآن، وفي تحد صارخ لكافّة القوانين والأعراف الدولية فإن الخطوات المتهورة التي اتخذتها الدولة الروسية بمهاجمة أوكرانيا المجاورة، وهي الدولة المستقلة ذات السيادة، كشفت النية المبيتة التي تم التخطيط لها مسبقا عن قصد وليس عن طريق الصدفة، ذلك بنفس الاسلوب المعهود، وبالطريقة التي اتُّبِعت في حالات غزو واحتلال وضم لعشرات الشعوب والأمم الأخرى عبر تاريخ دموي ووحشي.