الدول الإستعمارية تستخدم الأمم المضطهدة حطبا في مغامراتها
عادل بشقوي
27 سبتمبر/أيلول 2022
لم تتوانى الإمبراطوريات والدول الإستعمارية عن استخدام الأمم والشعوب الخاضعة لسيطرتها عن زجها في أتون حروبها ومغامراتها الإستعمارية. وتستخدمها حطبا لإشعال الفتن بأبشع معانيها، أو ذخيرة في طلقات مدافعها للسيطرة على أوطان شعوب وأمم أخرى دون استشارتها أو موافقتها بالحد الأدنى. ولا شك في ان من يوصف بكثير الغلبة من العملاء، سيقول لهم ان خشب الحطب ليس يابسا بالقدر الكافي.
وتقيم هذه القوى الإمبريالية إدارات وكيانات تُنْكِر على السُّكّان الأصليين حقوقهم الطبيعية. وتتسلّط على مكتسباتهم وحقوقهم وتستوطن أوطانهم وتقوم بحكمهم بالحديد والنار من خلال توسيع نفوذها شيئا فشيئا. وتطبّق في ذلك الوسائل الاستبدادية، وتتنصّل من منح الشعوب والأمم حقوقها المشروعة.
ولا يسعنا في هذا المجال سوى ذكر ما يجري في حرب روسيا ضد أوكرانيا. وكذلك محاولات تقسيمها والسيطرة عليها وعلى مصير شعبها دون اعتبار لكونها أراضٍ تابعةٍ لدولةٍ مستقلة ذات سيادة. والاسوأ من هذا وذاك أن الحرب التي أرادتها القيادة الروسية أن تكون خاطفة وسريعة تتم السيطرة من خلالها على مصير الدولة الأوكرانية. لتقوم بالقضاء على حكومتها وجيشها. فاجأتهم الحقيقة الدامغة بأن ”حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر“.
صُعِقت القوات الغازية عندما ظهر أن هجومها فشل فشلا ذريعا. فلم تستطع القوات الروسية من تحقيق أهدافها الرئيسية في احتلال الاماكن والاهداف الإستراتيجية في أوكرانيا. وخصوصًا العاصمة كييف ومدن أخرى. لا بل تم تدمير قطاعات عسكرية روسية مهمة من القوات المقتحمة التي لم تتمكن من اجتياح الأهداف التي رُسِمتْ لها. ما جعلها من هول المفاجأة تتشبث باهداف بديلة ليست ذات اهمية، قياسًا بما كان مخطّطا له منذ بدء الغزو الروسي.
أدى الإخفاق غير المسبوق والإحباط لدى القيادات الروسية المختلفة، إلى الاستعانة بخطط بديلة. فقررت السلطات الروسية بدء حملة للتجنيد الإجباري في روسيا سميت تعبئة عسكرية محدودة. لكن يبدو انها ركزت في بدايتها على أبناء الأقليات العرقية من الشعوب المستعمرة من قبل روسيا مثل الداغستان والشيشان واوسيتيا وغيرها من شعوب شمال القفقاس وسيبيريا والمناطق الأخرى التي توصف بأنّها أجزاء من الفيدرالية. أدّى ذلك إلى فرار الآلاف عبر المطارات والموانئ وكافة المنافذ الحدودية البرية المتاحة. إضافة الى ذلك اعتقل مئات المحتجين في المدن الرئيسية من الذين شاركوا باحتجاجات ومظاهرات واشتباكات مع الشرطة في مناطق مختلفة احتجاجا على إعلان التعبئة الجزئية، وهتف المحتجون ”لا للحرب“.
ومن الشعوب في شمال القفقاس شعب شركيسيا المنتشر في جمهوريات قباردينو–بلكاريا وكراشاي–شركيسيا وأديغيا ومناطق ادارية أخري في شمال القفقاس. وقد شاب هذه العملية الفوضى والرفض المطلق من قبل الشباب وعائلاتهم. وأبدى أبناء الشعوب المضطهدة رفضهم إرسال وسوق أبنائهم للموت في أوكرانيا لقضية هي ليست لهم. وقال أحد المعلقين الشركس: ”إن الشعب الشركسي ليس لديه سبب لسفك الدماء والموت في هذه الحرب!“