وجهة نظر حول الهوية الشركسية
عادل بشقوي
12 ديسمبر/كانون الأول 2022
باختصار، الاتكالية وعدم المبالاة، وكذلك نقص الاهتمام بالشان القومي، سوف يؤدي بالضرورة على المدى المتوسط والطويل إلى فقدان الهوية القومية الشركسية. إن عدم اتخاذ الاجراء المناسب في الوقت الملائم، يؤدي الى إبقاء الطغاة ومؤيديهم ”في غيهم يعمهون“.
يبدو ان الهيئات والمؤسسات الشركسية ليست في مستوى التحديات التي تواجه أمة، لم تستطع قوى الشر والعدوان الإجهاز عليها، وذلك رغم مرور أكثر من مئة وثمانية وخمسين عاما على نكبة فريدة من نوعها، حلت بها وبوطنها، فأبادت نصفها وشردت الباقي بين الوطن وديار الشتات والاغتراب. وفي كل الأحوال، نجت الهوية التي تتالف من الوطن، والشعب أو الأمة، والرموز الوطنية والقيم الحضارية من الاندثار.
إن الوصف القائل: ”فالغالبية إنتهازيون“ تقدير واقعي لذلك الجزء من المجتمع، وبكل أسف لأولئك الذين يريدون اخلاء المجال لهم ولأعوانهم. لكن، لا يمكن التقدم في أي مجال من مجالات الحياة دون التحلي بروح المبادرة وفتح المجال أمام الجميع بالتساوي لإبداء آرائهم واقتراحاتهم والإتفاق على أجندة مشتركة يجمعون أو يوافق الأغلبية منهم عليها، وعلى العمل المشترك بشأن التعامل مع الشؤون المختلفة من القضية الشركسية.
يشاع بأن أغلبية المؤسسات الشركسية مغيبة عن الواقع، بل ويرى القائمون عليها أنفسهم فوق النقد، وبالتالي يحق لهم ولمؤيديهم انتقاد العاملين النشيطين، وإعاقة تقدم العاملين وكيل الاتهامات جزافا لهم، وفي كل الاتجاهات، علما بأن الجمعيات والمنتديات الاجتماعية لا تمثل سوى أعضائها المسجلين في سجلاتها الرسمية. ليس لاحد منهم الادعاء بانه يمثل من لا يعمل ضمن دائرته المؤسّسية.
”ما حك جلدك غير ظفرك“، ولن تستعاد الحقوق دون توحيد الرؤى والأهداف والأساليب المتبعة. لا يجوز انتظار منقذ ربما لن يأتي مطلقا. لذلك يجب إنقاذ ما يمكن انقاذه بالمجهود الذاتي الذي لن يكون هناك سواه. يحق لكل فرد المطالبة باستعادة الحقوق الشركسية، طالما انه لا يفرط بالحقوق المشروعة، وبالتالي يؤمن ايمانا راسخا بالهوية القومية الشركسية.
للأسف فإن الشركس في وضع لا يحسدون عليه، حيث أن ليس أمامهم من امكانية في الوقت الحاضر كي ينعتقون من سيطرة الآخرين أو ليقرروا أو يختاروا الحلول المناسبة لهم وبما يناسبهم ويلائم ظروفهم، سواء في الوطن الأم أو في بلاد الشتات.
ويمكن الاقتراب من التسويات والحلول عبر استقلالية القرار المؤسّسي والمشاركة الشعبية.
إن حرية اختيار النهج أو الأهداف التي تناسب حل القضية المستعصية واستعادة الحقوق المشروعة، يجب أن يؤدي في نهاية المطاف إلى حق تقرير المصير واختيار النظام الملائم الذي يناسب مستقبل شعب شركيسيا.
في مثال على عدم توفر الوعي الإيجابي والنظرة المستقبلية السليمة، هو اتخاذ البعض لأجندات وقرارات بشكل جزافي أو عشوائي. وذلك حسبما حدث في أحد المؤتمرات، الذي عقد قبل اشهر قليلة في مدينة اسطنبول، واتيحت الفرصة لفئة من المنظمين والحاضرين والمشاركين اتخاذ قرار حجب عرض فيديو عن موضوع اعتراف برلمان أوكرانيا بالإبادة الجماعية الشركسية. حدث ذلك بحجة عدم التورط في حرب هم ليسوا طرفا فيها. في حين أن بعد فترة وجيزة تقرر الدولة الروسية تجنيد الشباب الشركس في الوطن ليُزجّ بهم في أتون الحرب الروسية على أوكرانيا. فيتطابق ذلك مع قول الشاعر: ”لا تنهي عن خلق وتأتي مثله“.