مراكز الفكر في البلدان الديمقراطية
عادل بشقوي
20 مارس/آذار 2023
تواصلت معي باحثة محترمة تستفسر عن بعض النقاط المتعلقة بالأمور الطبيعية التي يتعامل معها الباحثون والعلماء والمهتمون عند البحث أو الكتابة في قضايا معينة. يتضمن ذلك التعامل مع الدعاية والاتهامات والمحاولات المضللة والقيل والقال التي تهدف، من بين ما تهدف اليه، إلى تحويل الانتباه عن جوهر الموضوع، والتشبث بأمور تافهة لا تفيد شيئًا، والتي نتيجة لذلك لا يمكن أن تغير من الحقائق الملموسة في شيء. وفقًا لذلك، أجبت على الاستفسارات حسب الاقتضاء. دفعني هذا التفاعل إلى تقديم الحقائق عبر الإنترنت في مقالين حتى يتمكن الرأي العام من الوصول إليها أيضًا. نُشر المقال الأول تحت عنوان ”اتهامات عشوائية: الشراكسة لا يستجدون شهادة حسن سلوك من روسيا“. والمقال الثاني، ينشر هنا لمن يهمه الأمر، تحت عنوان ”مراكز الفكر في الدول الديمقراطية“:
• المنطق والفطرة يمليان الثبات على أرض صلبة، مع زيادة الوعي بما يتناسب مع أهمية المشكلة التي يجب التعامل معها، حتى يتمكن كل شخص من التمييز بين الخطأ والصواب وبين الخير والشر. وعليه، فإن المقال أو الدراسة أو المنشور يتم كتابته ونشره بطرق ووسائل مُبسّطة ومُفصّلة. في الحالة العادية، يتم اتباع نهج شامل متكامل وإنجازه، من أجل خدمة الغرض المراد تحقيقه. وهذا يتطلب إجراء درجة معقولة من الدراسة الواقعية وفقا للمنهج العلمي في البحث من خلال الرجوع إلى البيانات والحقائق غير المتحيزة، والوثائق، والإقتباسات المستخرجة من المراجع، بما في ذلك الصوت، والصور، والفيديو، والتي قد تكون مصادر في حد ذاتها، أو تحتاج إلى مراجع ومصادر أخرى لاستكمالها.
• فيما يتعلق بمؤسسة جيمستاون، وفقًا لموقعها على شبكة الإنترنت (https://jamestown.org/programs/ncw/)، فهي واحدة من مئات ”مراكز الفكر“ في الولايات المتحدة والغرب، والتي تقوم بأداء أنشطتها وفقًا لـ الأهداف التي تأسّست من أجلها.
• والمؤسسة هي منظّمة غير حكومية (NGO) وغير هادفة للربح، مثل العديد من المؤسسات الأخرى. وتبين على موقعها على الإنترنت أنها تعمل وفقًا للأهداف والمبادئ التي تأسّست من أجلها وكلها مذكورة على موقعها الإلكتروني.
• لا يوجد بها موظفين يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة، وهناك كُتّاب ومحللون بارزون يكتبون المقالات والأبحاث التي تُنشر على موقعها بشكل دوري.
• وعبر متابعة أنشطتها، هناك العديد من الأنشطة والمواضيع التي تهتم بها، مثل الإرهاب (https://jamestown.org/programs/tm/)، والصين (https://jamestown.org/programs/cb/)، وأوراسيا (https://jamestown.org/programs/edm/)، والنشرة الخاصّة بالقادة المتشددين (https://jamestown.org/programs/mlm/)، وقضايا ساخنة ((https://jamestown.org/program-name/hot-issues/)، ومشاريع خاصّة، بالإضافة إلى مواضيع أخرى.
• روسيا تضطهد العالم بمنعها كل ما قد يؤثر على سمعتها. ويتم استخدام وسائل التهويل واغتيال الشخصية باتهام الآخرين بما ليس فيهم.
• يوجد في روسيا منظمات حكومية يتم التحكم فيها عن بعد وتقوم بجميع مهام الدراسات والأبحاث المطلوبة. وتتماشى نتائجها بالضرورة مع مصالحها وسياساتها الاستعمارية، وتشوبها أحيانًا الاتهامات والأكاذيب والترويج لآلة الدعاية الحربية.
• بينما تُجري مراكز البحث والدراسة في الولايات المتحدة وأوروبا والدول الديمقراطية الاخري بدلاً من ذلك الدراسات والبحوث والمؤتمرات والاجتماعات والندوات بطريقة تلقائية وأكاديمية. وهي تعمل بشكل احترافي وتمولها منظمات وكيانات المجتمع المدني. إنها تُصْدر نتائج متوازنة خالية من الدعاية الرخيصة والتضليل والدعاية.
• يميل وكلاء الدعاية الروسية إلى الكذب والتضليل بشأن مدونة ”نافذة على أوراسيا“ التي أنشأها ويديرها الكاتب والمحلل الشهير بول غوبل (Paul Goble). وتعلن المصادر وكذلك الوكلاء الروس بأن مدونة ”نافذة على أوراسيا“ (http://windowoneurasia2.blogspot.com/) تنتمي إلى مؤسسة جيمستاون، لأنّها مُشوّشة وحائرة بين مدونة ”نافذة على أوراسيا“ والنشرة الدورية المنتظمة ”أوراسيا ديلي مونيتور“ (https://jamestown.org/programs/edm/). علمًا بأن بول غوبل يكتب أحيانًا في ”أوراسيا ديلي مونيتور“، ويكون بالتالي الوكلاء غير قادرين على التمييز بين الاثنين.
• ”بول غوبل (Paul Goble) متخصص منذ فترة طويلة في المسائل العرقية والدينية في أوراسيا. وشغل منذ وقت قريب منصب مدير الأبحاث والمنشورات في الأكاديمية الدبلوماسية الأذربيجانية. وفي وقت سابق، شغل منصب نائب العميد للعلوم الإجتماعية والإنسانية في جامعة أودنتيس (Audentes University) في تالين وكبير الباحثين في الكلية الأوروبية لجامعة تارتو (the University of Tartu) في إستونيا. وأثناء وجوده هناك، أطلق سلسلة نافذة على أوراسيا. قبل انضمامه إلى هيئة التدريس فيها في عام 2004. كذلك عمل في مناصب مختلفة في وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية ومكتب البث الدولي وكذلك في صوت أمريكا وراديو أوروبا الحرة / راديو ليبرتي وفي مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي. وهو يكتب بشكل متكرر عن القضايا العرقية والدينية وقد حرر خمسة مجلدات عن العرق والدين في الفضاء السوفياتي السابق. تدرب في جامعة ميامي في أوهايو وجامعة شيكاغو، وقد تم تكريمه من قبل حكومات إستونيا ولاتفيا وليتوانيا لعمله في تعزيز استقلال جمهوريات البلطيق وانسحاب القوات الروسية من تلك الأراضي المحتلة سابقًا“. https://jamestown.org/analyst/paul-goble/
• بالإضافة إلى ذلك، ”تدرب في جامعة ميامي وجامعة شيكاغو، وقد لقي التكريم من حكومات إستونيا ولاتفيا وليتوانيا للإسهام في تعزيز استقلال جمهوريات البلطيق“. https://www.blogger.com/profile/03022474466621922917
• تُغنِّي الدعاية الروسية بأن مؤسّسة جيمستاون على سبيل المثال هي ”ذراع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية“. ويميل الوكلاء الروس إلى نشر شائعات حول الأشخاص الذين يكتبون ويحلِّلون المواقف في جميع أنحاء العالم. ليس من أجل أي شيء، إنّما لأن ما يتم نشره لا يصدر عن أبحاثهم الاستعمارية الموجهة نحو السياسة.
• إنهم يعملون في إطار سياسة ترويض عشرات الشعوب والأمم بقصد التّحكم في أقدارهم ومستقبلهم رغماً عنهم.
• في حين أن أولئك الذين لديهم عقلية مستقرة يكرسون أنفسهم لاستخدام خدماتهم السابقة وحنكتهم وخبراتهم العملية، التي اكتسبوها خلال مسارات حياتهم المهنية في جميع جوانب الحياة. إنهم يستخدمون طابعًا خاصًا لهذه التحليلات والدراسات والمقالات، ويقرِّبونها من الواقع.
• ومع ذلك، فليس من العار أن يكون لديك أشخاص ذوو خبرة عملوا في الحكومة، أو من كبار الضباط في أي فرع من فروع الجيش والأجهزة الأمنية لمشاركة خبراتهم من خلال كتابة ونشر مقالات ودراسات تحلل معايير وحالات معينة.
• على سبيل المثال، إذا استثمر كبار المسؤولين بعد التقاعد معرفتهم في شرح ظواهر معينة، وإذا كانوا قد عملوا في الحكومة والخدمة العامة، فسيكون ذلك رصيدًا كبيرًا للمعرفة في بعض الأطر والمؤسسات الفكرية.
• تولى العديد من قادة العالم ورؤساء الدول دور الإداريين والمديرين التنفيذيين في مختلف الدوائر السياسية والعسكرية والأمنية أثناء عملهم المهني أو قبل التقاعد. ومن الطبيعي أن يقدم بعض المسؤولين الطموحين خدماتهم لبلدانهم وللسلام العالمي ككل. ربما يتولون مسؤوليات مختلفة في بلدانهم من خلال إجراء الدراسات والبحوث لتقديم المشورة التي تساعد في عملية صنع القرار.
• من المعروف أن الرئيس جورج بوش الأب (George H.W. Bush) عمل في الخدمة العامة منذ تركه الخدمة العسكرية. فقد تخرج من الجامعة، وبدأ مسيرته في مجال الصناعة والأعمال، تلاه السلك الدبلوماسي، حيث أصبح عضوا في الحزب الجمهوري الأمريكي، ثم مديرا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية. بعد ذلك أصبح نائبًا لرئيس الولايات المتحدة دونالد ريغان، وبعد ذلك انتُخب الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة في عام 1989.
• تخرج الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين من أكاديمية لجنة أمن الدولة (الاتحاد السوفياتي) الـ (KGB). كان عضوًا في الحزب الشيوعي السوفيتي وعمل في مجال الاستخبارات، حيث عمل كضابط في الكي جي بي السوفياتي ثم فيما بعد عمل في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) وذلك بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. ترأس مكتب الأمن الفيدرالي الرّوسي قبل نقله للعمل باعتباره أحد كبار موظفي الكرملين. في وقت لاحق تم تعيينه رئيسًا للوزراء في عهد الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، مما جعله يستفيد من ذلك في أن يصبح رئيسًا في مايو/أيار 2000.
• وأخيرًا وليس آخرًا، فعلت الروابط الوثيقة لطاهي بوتين (الشيف) يفغيني بريغوزين فعلها. فقد جرت مساعدته في إنشاء مجموعة شبه عسكرية ومرتزقة متعددة الأغراض تُدْعى فاغنر {Wagner} ( https://wagner-pmc.com/). وللتمويه، لم يتم كشف النّقاب عن أي معلومات تتعلق بمكان مؤسسيها أو قادتها. ووقعت عملياتها في دول عديدة وتدخلت في عدة أزمات دولية مثل سوريا وليبيا وغيرها. في النهاية، أصبحت تعمل في أوكرانيا منذ احتلال شبه جزيرة القرم وضمها في عام 2014 وحتى الوقت الحاضر، حيث ان قواتها التي تبلغ اكثر من 50 ألف مسلح تخوض المعارك الشرسة في شرق أوكرانيا.
• قوة تأثير زعيم فاغنر جعله ينتقد من يريد. لقد ذهب إلى حد التّعدي اللفظي على الجيش والفروع الأخرى للقوات العسكرية الروسية ووزارة الدفاع وحتى السياسيين في أعلى هرم السلطة من خلال اتهامهم بعدم توفير الذخيرة والمعدات العسكرية اللازمة للقتال في شرق أوكرانيا. وللتمويه، لم يتم الكشف عن أي معلومات تتعلق بمكان تأسيسها أو أسماء قادتها إلى وقت قريب. وقد تم إدراجها في القائمة السوداء، بل واعتبرت جماعة إرهابية في العديد من البلدان مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى.
• ”صعدت الولايات المتحدة في وقت سابق من شهر يناير / كانون الثاني العقوبات ضد مجموعة فاغنر ، واصفة شركة المرتزقة الروسية التي تقاتل في أوكرانيا بأنها منظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية ومسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان“. (https://www.euractiv.com/section/global-europe/news/eu-court-removes-mother-of-russias-wagner-group-chief-from-sanctions-list/
• وتقول الحكمة: ”العقل لا يقاس بالعمر.. فكم من صغير إذا تكلم أنصت له الكبار وكم من كبير إذا تكلم ضحك عليه الصغار“.