داوود شوجن ( راديو اديغا) : على الشركس تعزيز مصالحهم الخاصة -الجزء الاول

داوود شوجن ( راديو اديغا) : على الشركس تعزيز مصالحهم الخاصة -الجزء الاول

جينال: مرحبا داوود, شكرا لك لمنحي مقابلة. أولا أود ان امنح القراء بعض المعلومات عنك , عن عملك ونشاطك للمواضيع الشركسية. هل من الممكن ان تتحدث عن خلفيتك؟

داوود: بودي ايضا ان اشكرك على هذه المقابلة , واريد ان اشجع كل من له صلة ب ” “Cherkessia.net للمحافظة على العمل الجيد في نشر المعلومات المهمة فيما يخص شعبنا.

 
أدعى داوود شوجن وأكمل في الوقت الحالي تعليمي في علوم الاجتماع.

ولدت وترعرعت في اسرائيل وحاولت دوما أن أكون عضوا نشيطا في مجتمعنا المحلي. على أية حال, بعد زيارة الوطن وبعض المجتمعات (الشركسية) في المهجر, أدركت أن تركيزي كان خطأ بشكل كامل. وفهمت أنه أذا أردت مستقبلا لي ولشعبي, عليّ أن أكون ناشطا في المجال الدولي وليس فقط في المجال المحلي. جميع المشاكل التي نراها في مجتمعاتنا ليست ألّا فروع من مشكلة أكبر بكثير تجمعنا جميعنا. وهذه المشكلة هي كوننا خارج وطننا وكوننا دون استقلال لسيادة أنفسنا. كوني عضوا في فريق راديو أديغا, منحني وأصدقائي الفرصة لإحداث تغيير في هذا ذاك المجال, حيث استطعنا إعلاء الوعي العالمي لتلك المعضلة الكبيرة.

***

جينال: ماذا يمكنك أن تقول لنا عن وضع المهجر الشركسي في اسرائيل؟ كيف تعيشون؟ ما هي الأهداف الرئيسية لدى الشركس هناك؟

داوود: لدى المهجر الشركسي في اسرائيل 4000 نسمة الذين يقطنون بشكل اساسي في قريتين في شمالي البلاد . في كفركما هناك 3000 نسمة وفي ريحانية ما يقارب الألف نسمة. كفركما, حيث أعيش, لديها بعض المصلحات الخاصة الصغيرة نوعيا, وأماكن عمل التي تجلب كلا من اليهود والعرب من جيراننا القريبين. في وقتنا الحاضر تكونت لدينا حركة سياحية في القرية, ولدينا العديد من الزوار الذي بأتون للتعرف على فلكلورنا وتاريخنا اما بزيارتهم للمتحف الشركسي , وأما بزيارتهم للمصالح الخاصة الأخرى التي تتحدث عن الفلكلور الشركسي.

المجتمع الشركسي في اسرائيل , يحب مجتمعات مشتته أخرى في العالم, وتعمل في جهذ من أجل الحفاظ على هويته الشركسية والاسلامية من جهة. ومن جهة أخرى, نحاول أن نطور الأوضاع الأجتماعية والاقتصادية بواسطة الأندماج في المجتمع المحلي. مدرسة القرية تعلم اللغة الشركسية والتراث بجانب تعليم العبرية, الانجليزية والعربية. ومع أن اللغة الرسمية للتعليم هي العبرية, معظم الصفوف تتكلم اديغابزه عندما يكون المعلمون شراكسة.

الكثير من الزائرين أيضا من القوقاز أو من مجتمعات شركسية أخرى أشاروا الى أن المجتمع الشركسي في اسرائيل يعد واحد من المجتمعات القليلة الذين حافظوا على لغته وعاداته بالرغم من الفجوة بينه وبين الوطن. على أية حال, كأحد القاطنين في هذا المجتمع, أرى كيف يؤثر فينا مجرى الأندماج كل عام, واليوم الذي به سوف نندمج بشكل كامل مع السكان المحليين ليس ببعيد.

***

جينال: هل هناك دعم اسرائيلي نحو الشركس؟ داوود: الوضع الرسمي للحكومة الاسرائيلية يدعم المواطنين الشركس و يقدرون مساهمتنا للدولة. كفركما, منذ تأسيسه كمجلس محلي, يتلقى ميزانية من الدولة لأدارة شؤونه, المدرسة والمركز الجماهيري, وريحانية تتلقى ميزانيتها من المجلس الأقليمي التي تنتمي اليه. اساسا, ليس للحكومة الأسرائيليه أي مشكلة في أن يحافظ الشركسي على لغته وعاداته وأنها مستعدة حتى في مساعدتهم. ولكن الشركس في اسرائيل يعدون أقلية صغيرة حيث من غير الممكن ان يترجموا عددهم لقوة سياسية, لذا أظن انه لا يمكن أبدا أن يحصلوا على نفس شروط اليهود في هذه الدولة.

على اية حال, في ابريل 2008 مثلا, اعترفت وزارة الداخلية الاسرئيلية بالحادي والعشرين من مايو بأنه ” يوم أختياري” ( يوم يستطيع به كل شركسي أن يعطل عن عمله من أجل ان يتمكن من الاشتراك في إحياء يوم الذاكرة دون أبطال أجرته كأنه عمل في ذاك اليوم) . وعلى حد علمي, هذه هي الدولة الوحيدة التي يوجد بها أقلية شركسية أعنرفت بشكل رسمي بيوم الذاكرة الشركسي . وهذا يرينا أنه ومع انه قوتنا الانتخابية صغيرة جدا, ما زال باستطاعتنا الحصول على بعض الاشياء من الدولة الاسرائيلية لمصلحة الشركس.

***

جينال: أنت ناشط في راديو أديغا, ما هو الهدف من هذا المشروع؟ متى بدأتم به؟ ما هي التأثيرات والنجاحات الأساسية, التي وصلتم اليها؟

داوود: تأسس راديو أديغا عام 2004 بواسطة مجموعة من المتطوعين من مجتمعنا. الحقيقة بأنه لم يكن للشركس اي إعلام دولي باستطاعته بث شؤونهم , كان المحرك التي أطلقنا وقررنا أنه علينا القيام بشيء حيال ذالك. الحل كان تأسيس راديو شركسي يبث عن طريق شبكة المعلومات الانترنت, هكذا يستطيع ايٍ كان الاستماع ألبه من اي مكان في العالم.

كان لراديو اديغا (وما زال) هدفان : الاول كان جعل الشركس يشعرون أنهم في مجتمع دولي واحد وليس فقط مجتمعات صغيرة دون اي اتصال فيما بينهم, وبذالك لأحياء وللحفاظ على الهوية الشركسية. والهدف الثاني هو اعلاء القضايا التي تخص الشركس على طاولة الاعمال العالمية.

مع أول يوم بدأنا به البث باللغة الاديغيه , وكانت لنا بعض المحاولات للبث بلغات اخرى من أجل اخواننا واخواتنا الذين نسوا اللغة. بعد مدة ليست طويلة, استطعنا بث أخبار يومية في خمسة لغات : شركسية, تركية, روسية, عربية وانجليزية, واستطعنا بث برامج حية بمواضيع هامة في العالم الشركسي. كل هذا كان بأستطاعة مجموعة عمل مشكورين من المتطوعين الشركس من عدة مجتمعات شركسية في المهجر.

النجاح الاهم لراديو اديغا كان تحوله لمرساة للكثير من النشطاء الشركس حول العالم, وتحوله لأداة مهمة لتنمية الوعي العالمي للقضية الشركسية. كان راديو اديغا مشاركا , على الجنهة ومن خلف الكواليس, للعديد من التطورات الايجابية في سبيل القضية الشركسية في السبع الاعوام الاخيرة, بداية مع المؤتمر الاول الذي عقدته مؤسسة جيمس تاون في الولايات المتحدة , واستمرارا مع اعلان اعتراف جورجيا بالكارثة الشركسية. ليست لدي نية ان اقول انه دون راديو اديغا, لم تكن لتحصل هذه التطورات, الا انه هناك قيمة في القول ان لفريق راديو اديغا كان دور مهم في هذه الحملة.

***

جينال: في العشرين من مايو من هذا العام, صادق البرلمان الجورجي, على ان روسيا القيصرية ارتكبت جرائم ضد الانسانية ضد الشعب الشركسي, الابادة الجماعية والتطهير العرقي . ما هو رأيك في هذا الاستنتاج. وما معناه بالنسبة لمستقبل شعبنا؟

داوود: الاعتراف الجورجي لكارثة الشركس يعد من احد اهم الاحداث في التاريخ الشركسي منذ نهاية الحرب الروسية القوقازية, وعلينا شكرهم حيال ذالك. هذه هي المرة الاولى  تعبر “المشكلة الشركسية ” رسميا من حدود المجتمعات الشركسية, وهذه هي المرة الاولى التي يمنح فيها اعترافا للشركس لتاريخهم المقهور من اية امة اخرى.

تأثيرات هذا الاعتراف لمستقبل الشركس يمكن ان تكون بعيدة المنال, لكن اولا وقبل كل شيء, هذا الاعلان يرينا بان الشركس عادوا للمطالبة بحقوقهم المسلوبة منهم, وانه هناك أناس مستعدون لمساعدتهم. الكارثة الشركسية هي جزء لا يتجزاء من التاريخ الشركسي, ومعنى الاعتراف بها في الحقيقة, هو اعتراف بأن الشركس هم السكان الأصليون لشمال القوقاز, وايضا هو أعتراف بشيركيسيا التاريخية كمكان حيث ارتكبت الكارثة. هذا كله لا يتجزأ من الاعتراف وليست هناك حاجة للاعلان عنهم بشكل مبسط.

والآن أريد ان أضيف هنا ان الاعتراف بالكارثة ليس نهاية بحد نفسه, بل هو معنى آخر للمحافظة على الشركس من الانقراض. على كل حال, أحزن عندما لا يفهم بعضهم من شعبنا وخاصة المثقفين منهم اهمية أعلاء المسألة الشركسية للمستوى العالمي, خاصة بعد التجاهل الصارخ من قبل الحكومة الروسية.

***

جينال: كنت في تبليسي تلك الايام. ماذا كانت تجربتك هناك؟ ما هو الموقف الجورجي ناحية الشركس ومشاكلهم. هل تظن انهم يريدون فقط تحريك سياستهم معنا واستخدامنا لمصالحهم؟

داوود: أولا, من الاهمية بمكان ان نقول ان الشركس لا يملكون الامتياز لرفض اي اقتراح يمكن ان يساعدهم لتعزيز مصالحهم, حتى ولو كان مصدره من الروس انفسهم. صحيح انه علينا ان نكون حذرين, الا انه لا يمكننا رفض كل شيء, التفكير في الاسواء, دون ان نملك اي دليل.

ليس الشركس بأغبياء, و هويعلم جيدا أن للدول المختلفة مصالح يريدون تعزيزها. تعزيز المصالح ليس بالضرورة شيء سلبي ومن المنطقي فعل ذلك. وعلى الشركس ان يفعلوا ما بوسعهم لتعزيز مصالحهم. ولكن القول ان الجورجيين يستغلوننا دون دراية منا, فهذا سخيف. انه يبدو كرفض اي اقتراح روسي للتفاوض خوفا من انهم سيستفيدون من هذا. لذا فنصيحتي لجميع المعارضين في الدعم الجورجي هو التفكير في هذا السؤال – من يحصل على الاكثر؟ دولة مستقلة في القوقاز تقوي موقفها عن طريق تقوية علاقاتها مع اناس آخرين في القوقاز, ام أمه لا تملك حتى اي حكم ذاتي وتُمنح اعترافا تاريخيا لكارثتها ولوجودها الطويل في شركيسيا؟

رأينا أيضا ان اعضاء البرلمان الجورجي ليسوا مندفعين ولا يتصرفون انطلاقا من عواطف. وحقيقة الزمن الطويل الذي أمسوا به يتدارسون الوثائق والذي دعم من قبل الكثير من الاكاديميين من خارج جورجيا, يثبت لنا كم هي جدية نواياهم. بالنسبة لي, الاستماع الى المتخاصمين في الاعتراف كان أكثر اثارة من الذين يدعمونه في البرلمان. وحقيقة انه حتى اقوى المعارضين وجهوا انتقادات لتوقيت الاعتراف وأثاره على جورجيا, وعبروا عن معارضتهم لصحة الكارثة الشركسية, تثبت لنا كم كان مقدار الدعم الجورجي.

البرلمان الجورجي ليس ببرلمان من الملائكة المرسلين من السماء لمساعدة الشركس, لأن الاعتراف بالكارثة هو افضل عمل انساني من الممكن ان يقوم به اولئك الذين يدرسون الحقائق في الوثائق. الا انه علينا التذكر ان لهذا الاعتراف آثار مستقبلية للجورجيين انفسهم وهذا ما يجعله موقف شجاع من نوعه.

يتبع… radioadiga1

في الصورة – داوود شوجن (ممسكا العلم الشركسي على اليسار) مع نشطاء شركس في مدخل بيت البرلمان الجورجي، بعد الاعتراف التاريخي: “الاعتراف الجورجي بالكارثة الشركسية يعد احد اهم الاحداث في التاريخ الشركسي منذ نهاية الحرب الروسية-القوقازية , وعلينا شكرهم حيال ذالك”.

المصدر : شركسيا نت

ترجمة للغة الانجليزية

ترجمة للعربية : راديو اديغا

Share Button

قصة قصيرة : اين هم الشركس؟

قصة قصيرة : اين هم الشركس؟

فتح الاعين والنظر جيدا ومحاولة منع بناء المنشأت الاولمبية في سوتشي على ارض الشركس , لقد حفروا كل شيئ , من الممكن العثور على شركسي حي او على الاقل على رفات مدفونة بلباسها ودرعها الشركسي …هكذا يقول البعض ! هل عدم وجودهم شيئا يعني بان الشركس لم يعيشوا هنا؟ ان لم يعيشوا اذا ليس هناك داعي لان يكتب الباحثون عن كيفية قتال الشركس دفاعا عن وطنهم وحريتهم قبل 150 عاما , اذا كان الامر كذلك , اذن يجب اغلاق معهد الابحاث في جمهورية الاديغي , لماذا يجب ان يكون هنالك معهد للابحاث ان لم يكن هنالك تاريخ؟

صحيح ان الناس الذين يعرفون يقولون ” بأن الشركس قد مروا من هذه المناطق ” …نعم فلاديمير بوتن قال ذلك ! حسنا مروا ! ممكن ان احدهم قد رآهم وهم مارون , ولكن الى اين ؟ اين هم الان؟ ويقال ايضا بانهم وفي اثتاء مرورهم قد منحوا اللباس الشركسي الجميل ( الشركيسكا )* الى كافة سكان القفقاس , لابد انه اعجبهم , يا لهذا الشعب الجميل! هذا هو السبب بان اللباس الشركسي انتشر في القفقاس. ولكن الشركس اين ذهبوا ومن اين خرجوا؟ هذا السؤال لا يجيب عليه احد لا باحثينا ولا روسيا الام , هل من المعقول انهم لايعلمون؟ ام انهم يشكون بالموضوع! ألهذا حفروا لكي يعثروا على شركسي حي؟ ولماذا حي؟ لان الشركسي الحي هو الوحيد الذي يستطيع ان يقول الحقيقة بان الشركس قد عاشوا هنا , و الا لن يصدق احد! لو انهم وجدوا شركسيا بلباسه ودرعه لما اضاعوا وقتهم الثمين الذي لم يتبقى منه الكثير حتى اولمبياد سوتشي 2014 كي يكتبوا تاريخ كوبان* لان الارض الذي يجب ان تقام عليها الالمبياد يجب ان تكون نظيفة لاغبار عليها.

ولكن لنفترض انهم وجدوا , ماذا اذن؟ حتى وان لم يكن شركسي حي بل هيكل عظمي.

وبينما اسرح في تفكيري تذكرت قصة رواها لي صديق قد حدثت معه , قصة لم يختلقها ولكنها عجيبة , من الممكن ان تتعبر لدى الكثير من الناس قصة رمزية والبعض قد لا يصدقها ولكنها كانت قصة حقيقية اخبرني بها صديق لي. لهذا اسمحوا لي ان اسردها .

بعد قراءة العديد من كتب التاريخ الشركسي ( ليس التاريخ الذي يكتب من قبل الحكومة , بل التاريخ الحقيقي المكتوب من قبل المؤرخين والمستنبط من الأرشيفات ) , ذهب علي للبحث عن الامكنة التي دفن فيها الشركس وبالتحديد محافظة مايكوب جنوب الاديغي , تجول في العديد من المناطق وجمع عدد لا بأس به من المعلومات من مواد وشهادات كبار السن ولكن اكثر شيء ادهشه ذلك العجوز القوزاقي الذي كان جالسا بجانب السور على المقعد الخشبي متكأ بذقنه على عكازه , جلس العجوز متأملا الافق, الله وحده يعلم بما كان يفكر فيه , هذه النظرة لفتت انتباه علي وجعلته يتوقف عن المسير, ولسان حاله يقول لابد انه يوجد العديد بجعبة هذا العجوز ليخبرني به , كانت هيئة الرجل كأنه نائم ولكن عندما اقترب علي اكثر وجده يدندن بأغنية غريبة كلها حزن واسى , فكر علي وقال في نفسه افهم هذا الشعور لانني عشته عندما قرأت وسمعت عن تاريخ شعبي , حقا كان العجوز يبدوا انه ملئ بالاحاسيس في قلبه. مرحبا ايها الجد… قالها علي باستحياء املا بان لا يعكر صفو العجوز وخلوته . اهلا يابني تفضل… قال القوزاقي بينما ازاح جانبا داعيا الشاب الى الجلوس . جلس علي على الجانب الايسر من الرجل حسب العادات ولكن الرجل قال له , لا بل تعال واجلس الى يميني , نهض علي متعجبا وفكر بانه يمكن ان يكون للعجوز عادات خاصة مختلفة .

حسنا قل لي ماذا تريد وعن ماذا تبحث… قال القوزاقي

اجاب الشاب بسرعة وبدون تفكير , عن الوطن!

عن الوطن ؟ سأل العجوز مندهشا ,

نعم عن الوطن… اجاب الشاب , اريد ان اعرف اين عاش الشركس واين دفن الاجداد والجدات , انني اشعر بان هذه المناطق كانت لهم , عاشوا فيها ايامهم الحزينة والمؤلمة , لا اعرف بالضبظ… اردف علي.

تنهد العجوز وابتسم لامر الشاب, وحزنه على ماض غير معروف وقال بعدها , نعم يا بني احساسك صائب بان الاجداد قد دفنوا هنا , انا اعرف احدهم وذكراه ماثلة لدي الى هذا اليوم , قال ذلك وهو يتذكر ويتمتم بكلمات غير مفهومة. ايها الجد! ماذا تقول؟ كيف ذكراه ماثلة لديك ؟ كيف ذلك وقد مرت السنين العديدة منذ الحرب الروسية القفقاسية ؟

قال العجوز , اتعلم يابني قالها وهو يوقف الشاب لقد رأيت العديد وسمعت العديد , انظر اترى تلك التلة ؟

نعم… قال الشاب.

تابع العجوز , عندما كنت صغيرا طلب مني ان احرث تلك التلة , وعندما هممت بالحراثة ارتطم شيء بالمحراث فتوقفت كي لا ينكسر المحراث ونظرت الى الاسفل فوجدت قطعة معدنية لامعة تحت سكة المحراث, اعتقدت انها على الارجح شيء ذات قيمة, فنزلت وبدأت احفر بكلتا يدي من الجوانب, وعندما هممت باخراجها ( وقد تبين انه سيف شركسي ), انزلقت وضرب الجزء الحاد منها عيني اليسرى وفقدتها , توقف العجوز عن الكلام برهه, وتابع, ولهذا السبب طلبت منك ان تجلس الى جانبي الايمن كي استطيع رؤيتك جيدا , وسكت العجوز.

في الواقع لم اكن قد لاحظت ان القوزاقي بدون العين اليسرى الا الآن , لحظات الصمت تلك كانت محرجة لعلي , اما بالنسبة للعجوز فقد كانت بمثابة استراحة من الذكريات والعواطف.

تابع العجوز , انا لست معنيا ولا مهتما بالموضوع الشركسي ولكن لم يكن هنالك داعي للرحيل ( الاستيطان ) هنا الي تلك المناطق التي طلب منا ان نأتي اليها , كنت افكر بينما انا عائد دامي العين من التلة بأنه لن نكون هنا سعداء ابدا في مكان ما زال حتى الاموات منهم يستمرون بالدفاع عنه. واعتقد ذلك الى اليوم يا بني , هذه ليست ارضي , انا ايضا ابحث عن وطن ولكن ليس بالذهاب على الاقدام والبحث, بل في ذهني. هل ترى يا بني عندما تقوم بعمل ضد مشيئة الله ماذا يحدث؟ الحياة تستمر خاطئة …هذا المكان ليس لنا , لم نتعلم كيف نتعامل مع هذه الارض لانها ليست لنا. انظر كيف يرحل الناس عن القرية خصوصا الشباب , لم يبقى الا العجائز الذين يريدون فقط انهاء ما تبقى لهم من وقت على الحياة. نعم يا بني كانت غلطة كبيرة جاءت من الاعلى , من القيصر ولكنها ليست الهية .

استمرت المحادثة مابين الشاب الشركسي والعجوز القوزاقي , كل يبحث عن وطن بطريقته!

عندما تذكرت قصة صديقي تذكرت مقولة بوتين على التلفاز ” بأن الشركس مروا من احدى تلك المناطق ” ……دون اية سخرية اريد ان اسأل من يعرف اين ذهبوا ومن اين اتوا واين وطنهم؟ من الذي جعلهم منتشرين في جميع اصقاع الارض كل تلك المدة؟ هل من الممكن انهم يبحثون عن وطن ولكنهم لا يجدون؟ لماذا هم مفرقون في اكثر من 50 دولة؟

الا يجوز نبش الماضي وحرث التاريخ ؟ اذن ربما لم يكن هنالك داع لكي تمس قبور اجدادنا واغراقها لبناء سد الكوبان* ( سد كرسنودار ) , ربما لايوجد هنالك داع لكي تنبش تلك الارض الغارقة بالدماء لعقد دورة الالعاب الاولمبية ! لا ادري ولكن العجوز القوزاقي كان محقا عندما قال ” كانت غلطة من الاعلى ( من القيصر ) ولكنها ليست ارادة الهية ” هل ترون انه يمكن للاموات ان تنتقم , القوزاقي فهم ذلك…..ماذا عنكم؟! هذه ليست ارادة الهية وحسب!

قاساي حاتشاوغو ملاحظة المدون : هذه المقالة مترجمة من اللغة الروسية ومنقولة من الموقع اعلاه للكاتب المخرج الشركسي قاساي حاتشاوغو والمقالة لاتعبر بالضرورة عن رأي المدونة .

هوامش : الشركيسكا : الكلمة الروسية التي تعني اللباس الشركسي , واستعمال الروس لكلمة شركيسكا اكبر دليل بان هذا اللبس هو للشركس .

كوبان : هو اسم اكبر الانهار في شمال غرب القفقاس ويسمى باللغة الشركسية بسيج وقد ذكر في المقال اشارة الى السلطة الروسية في اقليم كراسنودار , حيث ان كراسنودار تعتبر ( اليوم ) وطن قوزاق الكوبان.

سد كراسنودار : بني في الستينيات من القرن العشرين على نهر الكوبان و أدى الى غرق 11 قرية شركسية في الاديغي .

تنقيح : راديو اديغا

adigha group

Share Button

شروط المسابقة المعلنة بشأن النصب التذكاري في ذكرى ضحايا إبادة الشركس (الأديغه) الجماعية

شروط المسابقة المعلنة بشأن النصب التذكاري في ذكرى ضحايا إبادة الشركس (الأديغه) الجماعية

1.الجزء النظري من المنافسة

في فترة الحرب الروسية-القوقازية (1763-1864)، أدت السياسة الاستعمارية للإمبراطورية الروسية إلى التطهير العرقي للشعب الشركسي (الأديغي). خططت ذلك القيادة السياسية والعسكرية للإمبراطورية في وقت مبكر وبعد ذلك أنجزت بداية الدمار في الأراضي الشركسية وبعد ذلك، في الأماكن مهجورة، تم توطين متعمّد للجماعات العرقية الأخرى.

فمن المسلم به أنه نتيجة للعديد من الحملات العسكرية المتعاقبة دمر فعليا 90 ٪ من السكان  الشراكسة (الأديغه)، أو تم ترحيلهم من وطنهم.

العديد من الوثائق الرسمية للامبراطورية الروسية تؤكد الأعمال الهجومية من الوحدات العسكرية للإمبراطورية خلال الحرب الروسية-القوقازية، ولا سيما المجاعات المقصودة والأوبئة، بهدف الابادة الجسدية للسكان المسالمين — ممثلي الأصل الشركسي.

وتاريخ الفترة الأخيرة للجنس البشري يميز العديد من حالات الإبادة الجماعية للأمم، ولكن في حالة الإبادة الجماعية الشركسية (الأديغيّة) فهي مختلفة تماما ، وذلك لتميزها عن غيرها، فالشركس (الأديغه)، جنبا إلى جنب مع ثلثي عدد سكانهم خسروا وطنهم وبذلك تناثروا في أكثر من 50 بلدا في العالم.

في يوم 20 مايو/أيّار من عام 2011 أقر البرلمان الجورجي رسميا بحقيقة الإبادة الجماعية للشعب الشركسي (الأديغيّ) من قبل الإمبراطورية الروسية، والتي أعقبها مرسوم الحكومة الجورجية رقم  N1446 المماثل بتاريخ 12 يوليو/تموز 2011. ووفقا للمرسوم المذكور، سوف يتم الإعلان عن مسابقة لبناء نصب تذكاري لتخليد ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية. وسيتم إقامة النصب التذكاري في مدينة أناكليا (Anaklia)، وهذا يعني في المكان الذي تدفق منه العديد من السكان الشركس (الأديغه) في القرن التاسع عشر، من وطنهم خلال ترحيلهم إلى الإمبراطورية العثمانية.

2. قواعد وشروط المسابقة:

أ. ينبغي لمشروع النصب التذكاري بسبب تكوينه المكاني وحجمه أن لا يكون على شكل حجرات. وينبغي اختيار نقاط الإدراك الحسي باستشراف حالة التخطيط للمربع، في حين يتم اختيار التشكيل، وينبغي أن تؤخذ المناطق المحيطة بعين الإعتبار؛ ويجب تسوية مسودات المشروع بالتصميم الحر، وذلك بسبب توليف النحت المعماري والتصميم المعاصر. ولمسة أداء مواد الرسم حرّه.

ب. المادة  المستخدمة لإنشاء النصب التذكاري يجب الإشارة إليها في رسالة تفسيرية للمشارك في المسابقة؛

ج. المشاركون في المسابقة لهم حق اختيار المواد، التي ستستخدم في إحداث التكوين؛

د. النحاتين المحترفين والمهندسين المعماريين والرسامين، وكذلك المتخصصين بدون دبلوم المشاركين في هذه العملية في حالة عرض مشاريع لمجموعات يمكن مشاركتها في المسابقة.

ه. ستعقد المسابقة في جولة واحدة. وسينظر في المسابقة التي ستؤخذ بعين الإعتبار في حالة تقديم ما لا يقل عن مشروعين. وإلا فإن أعضاء لجنة التحكيم ستقرر الغاء المسابقة. وستعتبر المسابقة تالفة كذلك في حالة عدم تمكن اللجنة من تحديد الفائز.

3. جائزة المسابقة

وضعت مكافآت مالية للفائزين بالمسابقة من المبدعين أو مجموعات من المبدعين للمشروع :

أ. الفائز بالمركز الأول — وهو ما يعادل 10 دولار أميركي باللاري الجورجي (GEL)؛

ب. الفائز بالمركز الثاني — وهو ما يعادل 3000 دولار أميركي باللاري الجورجي (GEL)؛

ج. الفائز بالمركز الثالث جيم — وهو ما يعادل 1000 دولار أميركي باللاري الجورجي (GEL).

4. سيزوّد المشاركون المتسابقون بما يلي:

أ. معلومات حول شروط وظروف المنافسة؛

ب. مخطّط موقع للأرض، التي تم اختيارها للنصب التذكاري بمقياس رسم 1 : 500؛

ج. صورة واقعية لبيئة البناء؛

د. معلومات حول الإبادة الجماعية للشركس (الأديغه).

ويمكن إرسال المعلومات في نسخة إلكترونيّة.

5. يجب على المشاركين المتسابقين تقديم المواد المنافسة التالية:

أ. خطاب الدافع (لا تتعدّى أكثر من 3 صفحات)، وينبغي طرح تصور المشروع في الرساله التوضيحية. وينبغي أن يذكر بوضوح كذلك في أي المواد التي سيتم إنشاء النصب التذكاري.

ب. مخطط للأراضي ، مقياس 1 : 500 ؛

ج. مخطط للنصب التذكاري بمقياس 1 : 100 أو 1 : 200؛

د. نموذج للنصب التذكاري، بمقياس 1 : 20؛

ه. مسطّحات وصور مركّبة ، أو مخطّطات؛

و. التوزيع النسبي للجائزة، موافق عليه وفق تواقيع المبدعين.

ز. نموذج طلب للمشاركة في المسابقة (اسم المبدع / المبدعين واسم العائلة والعنوان ، يجب ذكر معلومات الاتصال في شكل طلب؛ وفي نموذج الطلب يجب على المبدع / المبدعين التأكيد على أن يتم إبلاغهم بأحكام وشروط المسابقة والإقرار بها).

وينبغي تقديم الوثائق المشار إليها أعلاه داخل ظرف مختوم (شخصيّة المبدع / المبدعين، الاسم الكامل / الأسماء الكاملة والعنوان ورقم الهاتف وعنوان البريد الإلكتروني، أو أن يبين تفاصيل الاتصال الأخرى على الظرف المختوم، ومصادق عليه وفق تواقيع المبدعين). ويمكن تقديم المواد بواسطة نسخة على قرص مدمج في برامج (ArchiCAT) أو (AutoCAT)؛

يجب تحمل جميع النفقات المتعلقة بتقديم المواد المذكورة أعلاه من قبل المبدع / المبدعين للمشروع.

6. الخطة الزمنية لعقد المنافسة:

أ. يمكن للمشاركين المتسابقين الحصول على المواد المتعلقة بالمسابقة من مكتب وزير الدولة الجورجي لشؤون قضايا الشتات، في 12 سبتمبر/أيلول 2011، كل يوم من الساعة 11:00 ولغاية الساعة 17:00، ما عدا أيام السبت والأحد.

ب. سيتم قبول مواد مسابقة المشروع في مكتب وزير الدولة الجورجي لشؤون قضايا الشتات في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، من الساعة 12:00 ولغاية الساعة 15:00. إن تأخير تسليم المشاريع والمواد للمسابقة بعد الوقت المحدد لن يتم قبوله. وسيتم الإعلان عن المشروع الفائز والمبدع / المبدعين يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

ج. سيتم رصد أداء المسابقة من قبل مكتب وزير الدولة الجورجي لشؤون قضايا الشتات وأعضاء اللجنة.

7. الملكية الفكرية للمشاركين:

أ. المشاريع الفائزة تجاز من قبل من منظمي المسابقة. أما بالنسبة للمشاريع غير الرابحة وكذلك مواد المسابقة سوف تعاد لأصحابها خلال الأيام العشرة التالية بعد الإعلان عن نتائج المسابقة.
ب. تنظم الملكية الفكرية للمشاركين وفق القانون.
معلومات إضافية وخدمات إستشارية:
مكتب وزير الدولة الجورجي لشؤون قضايا الشتات
الهاتف: +995 32 2180535 ؛ +995 32 2368966
 info@diaspora.gov.geالبريد الإلكتروني:
العنوان: (Tbilisi, 7 Ingorokva str.)
المعلومات حول أحكام وشروط المسابقة متوفرة على الموقع الرسمي لمكتب وزير الدولة الجورجي لشؤون قضايا الشتات (www.diaspora.gov.ge)
……………………………………………………….

AnakliaGeo

AnakliaEng

AnakliaRus

Anaklia Google Photos

Anaklia Photos

Anaklia, Memorial Place

Situational plan, scale 1:500

Условия конкурса

History.Eng
History.Rus
History.Geo
History.Turk

http://diaspora.gov.ge/index.php?lang_id=ENG&sec_id=4&info_id=2340

Share Button

قصة قصيرة : اين هم الشركس؟

قصة قصيرة : اين هم الشركس؟
15 09 2011
فتح الاعين والنظر جيدا ومحاولة منع بناء المنشأت الاولمبية في سوتشي على ارض الشركس , قد حفروا كل شيئ , ربما هنالك امل في العثور على شركسي حي او على الاقل رفات مدفونة بلباسها ودرعها الشركسي …هكذا يقول البعض ! ان لم يجدوا شيئا هل هذا معناه بان الشركس لم يعيشوا هنا؟ ان لم يعيشوا اذا لاداعي لكي يكتب الباحثين عن كيف قاتل الشركس دفاعا عن وطنهم وحريتهم قبل 150 عاما , اذا كان الامر كذلك , اذن يجب اغلاق معهد الابحاث في جمهورية الاديغي , لماذا يجب ان يكون هنالك معهد للابحاث ان لم يكن هنالك تاريخ؟

نعم صحيح الناس الذين يعرفون يقولون ” بأن الشركس قد مروا من هذه المناطق ” …نعم فلاديمير بوتن قال ذلك ! حسنا مروا ! يمكن ان احدهم قد رآهم وهم مارون , ولكن الى اين ؟ اين هم الان؟ ويقال ايضا بانهم وفي اثتاء مرورهم قد اعطوا اللبس الشركسي الجميل ( الشركيسكا )* الى كافة سكان القفقاس , لابد انه اعجبهم , يالهذا الشعب الجميل! هذا هو السبب بان اللبس الشركسي انتشر في القفقاس. ولكن الشركس اين ذهبوا ومن اين خرجوا؟ هذا السؤال لايجيب عليه احد لاباحثينا ولا روسيا الام , هل من المعقول انهم لايعلمون؟ ام انهم يشكون بالموضوع! الهذا حفروا لكي يعثروا على شركسي حي؟ ولماذا حي؟ لان الشركسي الحي هو الوحيد الذي يستطيع ان يقول الحقيقة بان الشركس قد عاشوا هنا , والا لن يصدق احد! لو انهم وجدوا شركسيا بلباسه ودرعه لما اضاعوا وقتهم الثمين الذي لم يتبقى منه الكثير حتى اولمبياد سوتشي 2014 كي يكتبوا تاريخ كوبان* لان الارض الذي يجب ان تقام عليها الالمبياد يجب ان تكون نظيفة لاغبار عليها. ولكن لنفترض بانهم وجدوا , ماذا اذن؟ حتى وان لم يكن شركسي حي بل هيكل عظمي.

وبينما اسرح في افكاري تذكرت قصة رواها لي صديق قد حدثت معه , قصة لم يختلقها ولكنها عجيبة , للكثير من الناس قد تعتبر رمزية والبعض قد لايصدقها ولكنها كانت قصة حقيقية اخبرني بها صديقي علي. لهذا اسمحو لي ان اسردها .

بعد قراءة العديد من كتب التاريخ الشركسي ( ليس التاريخ الذي يكتب من قبل الحكومة , بل التاريخ الحقيقي المكتوب من قبل المؤرخين والمستنبط من الاراشيف ) , ذهب علي للبحث عن الامكنة التي دفن فيها الشركس وبالتحديد محافظة مايكوب جنوب الاديغي , تجول في العديد من المناطق وجمع عدد لاباس به من المعلومات من مواد وشهادات كبار السن ولكن اكثر شئ قد ادهشه ذلك العجوز القوزاقي الذي كان جالسا بجانب السور على المقعد الخشبي متكأ بذقنه على عكازه , جلس العجوز متأملا الافق الله وحده يعلم بما كان يفكر , هذه النظرة لفتت انتباه علي وجعلته يتوقف عن المسير ولسان حاله يقول لابد انه يوجد العديد بجعبة هذا العجوز ليخبرني به , كانت هيئة الرجل كانه نائم ولكن عندما اقترب علي اكثر وجده يدندن باغنية غريبة كلها حزن واسى , فكر علي وقال في نفسه افهم هذا الشعور لانني عشته عندما قرأت وسمعت عن تاريخ شعبي , حقا كان العجوز يبدوا انه ملئ بالاحاسيس في قلبه.

مرحبا ايها الجد قالها علي باستحياء املا بان لايعكر صفو العجوز وخلوته .

اهلا يابني تفضل قال القوزاقي بينما ازاح جانبا داعيا الشاب الى الجلوس . جلس علي على الجانب الايسر من الرجل حسب العادات ولكن الرجل قال له , لا بل تعال واجلي الى يميني , نهض علي متعجبا وفكر بان يمكن ان يكون للعجوز عادات خاصة مختلفة .

حسنا قل لي ماذا تريد وعن ماذا تبحث قال القوزاقي , اجاب الشاب بسرعة وبدون تفكير , عن الوطن! عن الوطن ؟ سأل العجوز مندهشا ,

نعم عن الوطن اجاب الشاب , اريد ان اعرف اين عاش الشركس واين دفن الاجداد والجدات , اني اشعر بان هذه المناطق كانت لهم , عاشوا فيها ايامهم الحزينة والمؤلمة , لااعرف بالظبط اردف علي.

تنهد العجوز وابتسم امر ذلك الشاب وحزنه على ماض غير معروف وقال بعدها , نعم يا بني احساسك صائب بان الاجداد قد دفنوا هنا , انا اعرف احدهم وذكراه ماثلة لدي الى هذا اليوم , قال ذلك وهو يتذكر ويتمتم بكلمات غير مفهومة. ايها الجد! ماذا تقول؟ كيف ذكراه ماثلة لديك ؟ كيف ذلك وقد مرت السنين العديدة منذ الحرب الروسية القفقاسية ؟ قال العجوز , اتعلم يابني قالها وهو يوقف الشاب لقد رأيت العديد وسمعت العديد , انظر اترى تلك التلة ؟ نعم قال الشاب.

تابع العجوز , عندما كنت صغيرا طلب مني ان احرث تلك التلة , وعندما هممت بالحراثة ارتطم شيء بالمحراث فتوقفت كي لاينكسر المحراث ونظرت الى الاسفل ووجدت قطعة معدنية لامعة تحت سكة المحراث واعتقدت انها على الارجح شيء ذات قيمة فنزلت وبدأت احفر بكلتا يدي من الجوانب وعندما هممت باخراجها ( وقد تبين انه سيف شركسي ) انزلقت وضرب الجزء الحاد منها عيني اليسرى وفقدتها , توقف العجوز عن الكلام برهه وتابع ولهذا السبب طلبت منك ان تجلس الى جانبي الايمن كي استطيع ان اراك جيدا , وسكت العجوز.

في الواقع لم اكن قد لاحظت ان القوزاقي بدون العين اليسرى الا الان , لحظات الصمت تلك كانت محرجة لعلي , اما بالنسبة للعجوز فقد كانت بمثابة استراحة من الذكريات والعواطف.

تابع العجوز , انا لست معنيا ولامهتما بالموضوع الشركسي ولكن لم يكن هنالك داعي للرحيل ( الاستيطان ) هنا الي تلك المناطق التي طلب منا ان نأتي اليها , كنت افكربينما انا راجع مدمى العين من التلة بأنه نحن لن نكون هنا سعداء ابدا في المكان الذي حتى الاموات فيه يستمرون بالدفاع عن ارضهم. واعتقد ذلك الى اليوم يابني , هذه ليست ارضي , انا ايضا ابحث عن وطن ولكن ليس بالذهاب على الاقدام والبحث بل في ذهني. هل ترى يابني عندما تقوم بعمل ضد مشيئة الله ماذا يحدث؟ الحياة تستمر خاطئة …هذه المكان ليس لنا , لم نتعلم كيف نتعامل مع هذه الارض لانها ليست لنا. انظر كيف يرحل الناس عن القرية خصوصا الشباب , لم يبقى الا العجائز الين يريدون فقط انهاء ماتبقى لهم من وقت على الحياة. نعم يابني كانت غلطة كبيرة جائت من الاعلى , من القيصر ولكنها ليست الهية .

استمرت المحادثة مابين الشاب الشركسي والعجوز القوزاقي , كل يبحث عن وطن بطريقته!

عندما تذكرت قصة صديقي تذكرت مقولة بوتين على التلفاز ” بأن الشركس مروا من احدى تلك المناطق ” ……بدون اي سخرية اريد ان اسأل من يعرف اين ذهبوا ومن اين اتوا واين وطنهم؟ من الذي جعلهم منتشرين في جميع اصقاع الارض كل تلك المدة؟ يمكن انهم يبحثون عن وطن ولكن لايجدون؟ لماذا هم مفرقون في اكثر من 50 دولة؟

لايجوز نبش الماضي وحرث التاريخ ؟ اذن ربما لم يكن هنالك داع لكي تمس قبور اجدادنا واغراقها لبناء سد الكوبان* ( سد كرسنودار ) , ربما لايوجد هنالك داع لكي تنبش تلك الارض الغارقة بالدماء لعقد دورة الالعاب الاولمبية ! لا ادري ولكن العجوز القوزاقي كان محقا عندما قال ” كانت غلطة من الاعلى ( من القيصر ) ولكنها ليست ارادة الهية ” هل ترون يمكن للاموات ان تنتقم , القوزاقي فهم ذلك…..ماذا عنكم؟! هذه ليست ارادة الهية وحسب!

قاساي حاتشاوغو

http://www.elot.ru/main/index.php?option=com_content&task=view&id=2557&Itemid=1

ملاحظة المدون : هذه المقالة ترجمها من اللغة الروسية ناورز بشداتوق ومنقولة من الموقع اعلاه للكاتب والمخرج الشركسي قاساي حاتشاوغو والمقالة لاتعبر بالضرورة عن رأي المدونة .

المصدر fischt.blogspot

 


 

Share Button

»دروب الهجرة» التي سلكها الشعب الشركسي

»دروب الهجرة» التي سلكها الشعب الشركسي

«دروب الهجرة» أو «منفيو القوقاز» رواية للكاتب اللبناني بالفرنسية اسكندر نجار صدرت في باريس عام 1995 وقد ترجمها الشاعر الراحل بسام حجار الى العربية وصدرت عن دار النهار حديثاً في طبعة ثانية، بعد طبعة أولى صدرت عام 1995. وعلاوة على أهمية هذه الرواية وفرادة موضوعها فإن ترجمتها الى العربية التي أنجزها حجار جعلت منها عملاً روائياً عربياً جميلاً نظراً الى مراسه الابداعي في الترجمة والى مرونة لغته القادرة على التكيف مع النص الأصل ومعاودة كتابته بالعربية.

< ليس عبثاً أن يختار المؤلف اسكندر نجار «قيصر» امين المكتبة الذي يهوى كشّ الحمام وهي مهنة محتقرة بين الناس ولا يؤخذ بشهادة صاحبها في المحاكم لأنه يعتبر نهّاباً، يسرق حمائم غيره. ليس عبثاً أن يختاره ليستعيد به مجد الشركس. وتلك الصورة الخانعة التي قد تكون اكتستها «سحنة» الشركس لم تكن هي نفسها حتى منتصف القرن العشرين ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، حين خاض الشركس مع كل الفرقاء حروباً مهمة وكانوا بيضة القبّان التي ترجِّح فوز جهة على جهة. فهم كانوا محاربين أشدّاء في بلادهم واستمر أحفادهم المنفيّون في سبيلهم، كما الذين اختُطِفوا ليغدوا مماليك قصور الخلفاء مع الأكراد والترك، وأسسوا دولة قوية. ويمكن القول إنها رواية ترد الإعتبار لشعب نفي ولكنه كان أبيّاً في بلاده وحاول أن يبقى كذلك بعد تهجيره منها، لكن الحرب للحرب هي غير الحرب لهدفٍ وطني، وهو ما يرد ذكره تلميحاً في الرواية مع أن المؤلف يعذر الشركسي لأن القتال يجري في دمه!

هُجِّر مليون قوقازي عام 1864 عندما انهارت آخر مقاومة كان يقوم بها آخر المقاومين هناك، وسقطت آخر قرى القوقاز أمام الزحف الروسي الطامع بمنفذ الى البحر الأسود وبمنفذ الى طريق الهند التي يسيطر عليها التاج البريطاني. في ذلك العام، 1864، عندما انتهى استقلال آخر المعاقل القوقازية، كان لبنان يلملم آثار الحرب الطائفية التي اندلعت عام 1860 وكان أطرافها مرتبطين بالدول نفسها في شكلٍ أو آخر أي تركيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا! تلك الدول الصغيرة أو الشعوب الصغيرة لنقل، إذ يصعب وصفها بالدول، كانت ألعوبة في أيدي الكبار ولا تزال.

أما القوقازيون المنفيون لم يكونوا من الشركس فقط بل من الشيشان والقبائل الأخرى المجاورة، ولكن غلب عليهم العنصر الشركسي. وما أهاج فكرة الكتابة عنهم عناوين الجرائد التي صدرت في مطلع التسعينات معلنة هجوم الروس على بلاد الشيشان المطالِبة باستقلالها لإخضاعها. وكان لبنان يقع تحت الهيمنة الإقليمية المجاورة لتتشابه المصائر بعد مئة عام ونيف وكأن التاريخ يعيد نفسه لأن قدر الشعوب الصغيرة أن تصارع دوماً التنين وإن كانت لا تستطيع أن تصرعه!

هكذا تماهى اسكندر نجار بأجداد الشركس وهم يهزمون أمام زحف الاحتلال ثم بآبائه اللبنانيين وهم يسقطون تحت هيمنة دولة أخرى. ليتجرّع مرارة الذكرى والتجربة الحديثة ويستقي منهما، أي التاريخ والحرب اللبنانية التي شهدها، عِبراً ومواقف، هي خلاصة الحروب الطويلة والعبثية أحياناً. فالتقاتل الداخلي قاتل أصحابه لا محالة، وعبثي، والحرب الطويلة قاتلة، لكن آراءه مرت خفرة وكان لا بد من انتقائها بين مدَّ السرد التاريخي المهم جداً لفهم ظروف هجرة الشركس ودورهم في الشرقين الأوسط والأدنى: مع تركيا ثم مع الفرنسيين والانكليز بعد سقوط الخلافة. وإذ يحاول أن يضفي سمة أسطورية على المحارب الشركسي فإنه يلمِّح الى الآراء التي أثارها في نفوس الناس الذين حاربهم وكأنه يحاول أن يورد رأي الضحية والجلاد. لكن التركيز يبقى على وجهة السرد الأساسية أي دور الشركس في الحروب من القوقاز حتى عمّان، أو إن شئنا من البحر الأسود حتى البحر الأبيض المتوسط.

بعد حرب دامت مئة عام ضد روسيا المتهافتة على إنهاء استقلال القوقاز كله، والهرب من ذل الاحتلال طلباً للحرية، يأتي دور تركيا التي لم تتحرِّك لنجدتهم الا في هدف استغلالهم. أسكنتهم في مناطقها المقفرة أو في مناطق معينة ليشكَّلوا «سداً في وجه الشعوب المتمردة أو لإيجاد توازن طائفي في المقاطعات ذات الغالبية المسيحية».

«حين تركنا أرضنا فقدنا كل سيطرة على مصيرنا الخاص»، يقول دجنتمير أحد أبناء الشيخ منصور آخر زعماء الشركس الذين هزموا في الحرب واضطروا الى الهجرة. لكنه قول يحتمل النقاش، فقد كان بإمكان الشركس رفض أداء دور الجلاد، ولكن يبدو أن الضحية لا بدَّ أن تصبح كذلك إذا طاولت يدها السلاح، فكان أن تحوّل قسم من الشركس الى مرتزقة في الجيش العثماني مع بعض الألبان والأكراد وهم جزء من جيش الإنكشارية دُعيت فرقه بباشي بُزُق وهو تعبير ترجمته رأس مجنون، إذ كانوا ينكّلون بالشعوب التي تريد الإستقلال عن الهيمنة العثمانية ويمارسون كل أنواع الفظاعات مما تقشعِّر له الأبدان من إحراق المتمردين أحياءً، الى تقطيع الأوصال قبل القتل، الى كل ما يمكن ان يأتي به من فقد كل صلة بالإنسانية أو المبادئ أو الحس السليم، لكن المؤلف الذي يلاحظ انهم يحاربون شعوباً تطالب بحريتها ويقفون سداً أمامها مع أنهم هربوا من أجل الحرية يجد عذراً ما لهم، في قول الصحافي الفرنسي دو وارد، عند سماعه أخبار الفظائع: «إذا كان السيد هنري إليوت، سفير بريطانيا العظمى في القسطنطينية، ينصح الحكومة التركية بسحق الحركات الثورية دونما اعتبار للوسائل التي قد تستخدم في سبيل ذلك… فإني أسأل ما الذي يرتجى من هذا العالم بعد، إذا كان الأكثر تحضراً يمثلون مثل هذه القدوة البائسة»!

إن كان القوقازي محارباً جلفاً فماذا عن الشعوب التي تدّعي التحضّر. وهو سؤال يُطرح فقط ابتداءً من القرن التاسع عشر مع تقسيم أوروبا العالم الى متحضر ومتخلف. وطبعاً يُنسب التحضر اليها والتخلف الى غيرها، لذا يسخر المؤلف في أكثر من موقف، فعند تهجيرهم «قدّم التاج البريطاني ستمئة طن من البسكويت» والسؤال الذي يطرحه وكأنه صدى أي شعب يُسحق والعالم ينظر إليه: – «أين كانت اوروبا تلك الليلة؟» كناية عن ليلة سقوط القوقاز عام 1864. أي أين كان «العالم المتحضر»؟

يطرح المؤلف أكثر من إشكالية. مسألة البقاء أم الهجرة عند وقوع الإحتلال، التسليم بشروط المهاجم أم الإستمرار في الحرب مهما كانت النتائج؟ ولمن المجد لمن بقي أم لمن هاجر؟ ونبدأ بالتسليم بشروط المهاجم التي عرضت شروطاً على الشركس فرفضوها لأنها لا تخلي أسراهم. وهناك موقف ضمني للمؤلف دسه في سياق السرد يوحي بأن الزعماء الشركس لم يلاحظوا أن السياسة هي فن الممكن، فأرادوا كل شيء، وإلا لكانت الحرب توقفت وأُبقي على من بقي.

الاشكالية الثانية تتمثل في السؤال: البقاء أم الهجرة؟ وهنا لا يسعنا إسقاط رأي مسبق لأن الأمر يختلف بحسب ظروف كل جماعة، وإلا نقع في الموعظة. فالهرب يكون عادة لأن الحياة مهددة، للنجاة بالنفس، ومع هذا في حال إمكان البقاء فهو أفضل، كما يتبين. ولكن كما نفهم من حالة الشعوب التي تُقتلع من جذورها فإن لكل حالة مساوئها وتبعاتها، مع أن التجذر في الأرض مهم.

والسؤال الأخير: لمن المجد لمن بقي أم لمن هاجر؟ يعرض المهاجر قضية بلده وشعبه على الملأ. والمجد لمن يجيد التصرف أينما كان. فالشركس عندما وصلوا منفيين الى الشرق واستعملت الدولة العثمانية بعضهم ضد المطالبين بالحرية أمثال البلغار، ثم في سورية عندما حاربوا مع فرنسا ضد الوطنيين، كان لا بد أن يثيروا حفيظة الشعوب التي حلوا بين ظهرانيها. وإن كان المؤلف يؤكد صفة المحارب الذي لا يهاب الموت عند القوقازي، فإننا نرى أنه ككل المنفيين يحاول أن يأخذ جانب القوي أو من يمثل السلطة ليضمن بقاءه.

وقد أشار المؤلف الى هذا في مواضع معينة من سرده، فقد اتشحت الصراعات السياسية أحياناً والقومية بمسحة دينية: تركيا المسلمة ضد بلغاريا المسيحية، وروسيا المسيحية ضد الشيشان والانغوش والشركس المسلمين، على رغم أن إسلام الشركس ممتزج بتقاليدهم كما يركز على ذلك المؤلف وليس متشدداً، ولكن عند احتدام الصراعات بين الدول واكسائها طابعاً دينياً، يعود البولوني مسيحياً والشركسي مسلماً، وهكذا دواليك في لحظة ما، فتقص المصلحة الوطنية أمام استثارة الشعور الديني.

المصدر:

http://www.sahafi.jo/arc/art1.php?id=e2cfd459fcd73cda794197f6099348219704b8fe

Share Button

نرحّب بتدوين كافّة المشاركات والتعليقات