برزج مراد: توحيد شركسيا هو حق دستوري للشعب الشركسي “المقابلة الكاملة” – لقاء حصري
حصل مؤخرا رئيس ومؤسس منظمة الكونغرس الشركسي السيد برزج مراد على حق اللجوء السياسي للولايات المتحدة الامريكية , بعد ان رأى ان حياته وحياة عائلته معرضه للخطر.
عارض مراد دائما فكرة توحيد جمهورية الاديغايا مع اقليم كراسندار, معتبرا انها فكرة تؤلم الشركسي الاصيل. حيث بدأت جذور هذه المشكلة في النمو مع الحرب القوقازية الروسية, والتي أدت الى اجبار تهجير جزء كبير من الشركس الى اكثر من 40 بلدا في ارجاء المعمورة. اليوم, جزء من الشركس, روسيا, وممثلين عن الشتات الشركسي في مختلف البلدان بحاجة الاى الاعتراف بالابادة الجماعية لشعوبها والتي ارتكبت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر , والسماح للشراكسة بالعودة. في هذا الصدد , قدم المؤتمر الاستثنائي للشعب الشركسي في 23 تشرين الثاني, 2008 اقتراحا ينص على :” توحيد الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز في جمهورية واحدة ضمن روسيا”. وكما جاء في مقابلة اجرتها قوقاز كنوت قال مراد ان روسيا غير مستعدة لهذا بعد, علاوة على ذالك , فهي تعتبر هذه المبادرة سلبية من جانب السلطات.
فاطمة تليسوفا (ف .ت) : ماذا قلت في المؤتمر الذي عقد في واشنطن مع مؤسسة جيمس تاوون في 18 يونيو ؟
مراد برزج ( م .ب): تحدثت عن المشاكل التي تواجه الشعب الشركسي وكيفية اتخاذ القرارات السياسية, وعلى وجه الخصوص تعريف الشعب الشركسي على أنه امة مقسمة, داخل الاتحاد الروسي, فالشركس مقسمون في خمسة مواضيع وضعت بشكل مصطنع عن طريق مجتمعات اثنية مختلفة. وفي خارج روسيا ينتشر الشراكسة في اكثر من 50 دولة . هذا الوضع يشكل انتهاكا للشعب الشركسي حسب الدستور الروسي, ويتعارض مع القانون الدولي, لذا يجب علينا حل السألة الشركسية ضمن الاطار القانوني لروسيا والمم المتحدة. وقلت ايضا اننا نحن الشراكسة , لا نطالب لانفسنا حقوقا حصرية وامتيازات, ولا نريد حقوق شعوب اخرى على حسابنا, بل نحن نسعى لتطبيق حقوق الشعب على ارض الشراكسة التاريخية والموحدة , للعائدين اليها بعد ان هجروا منها قسرا- من نسل عرقي واحد على اسم عرق واحد, ومن خلال تحقيق هذه الانجازات نريد استعادة تشركسيا, فهذه المطالب لا تتعارض بشكل جذري والدستور الروسي.
(ف.ت): اقترح المحلل بول جوبل في خطابه الذي القاه في المؤتمر ذاته ان رد فعل الكرملين على النشاط السياسي الشركسي هو محاولة لادراك التعادل بين الشركس كأمة وليس كأفراد- والارهاب, لتكوين صورة شريرة للامة وبالتالي تشويه سمعة الحركة الشركسية , ما هو رأيك ضد هذا السيناريو؟
(م.ب) : للاسف , من الواضح ان كل اعمالنا وبياناتنا لها رد فعل سلبي بالنسبة لموسكو, حتى لو كنا نتحدث فقط عن ما لدينا من حقوق بموجب دستور روسيا من وحدة وطنية. اما بقية الشعوب التي تعيش في روسيا الوحدة الوطنية هي حق طبيعي- يعتبر الامر مسلما به. عندما نتحدث عن وحدة الشركس , تتم ترجمة هذه المحادثة في تشيركسيا الكبرى, التي تهدد امن وسلامة روسيا, ونعتبر اعمالنا وطلباتنا على انها شيء غير قانوني, على الغم من اننا لا نطالب بحقوق مميزة عن الشعوب الاخرى, فعندما نطالب بالمساواة من الكرملن , يتم تفسير هذا على انها رغبة جنائية للتفرد, لاننا نتحدث عن وحدة الشعب والارض. مهما كانت المشكلة مشوهة فهي موجودة, وهناك حاجة متزايدة من قبل الشباب تدعو لحلها. محاولات الربط بين هذه القضية والشعب الشركسي بالارهاب لا اساس له منذ البداية, حيث اننا نعمل في المجال القانوني, واهدافنا واضحة: انشاء هذا الموضوع على اساس الحق التاريخي لجماعة عرقية. الاسلام السياسي الذي يمثله معارضي الكرملن في شمال القوقاز , مغاير تماما لاهدافنا , لانهم يطالبون في انشاء الخلافة على اساس وحدة دينية, ملغيا تماما العنصر الوطني. لا اعتقد انه من مصلحة روسيا توحيد الحركات الاجتماعية الشركسية مع الهياكل التي تتعامل مع الارهاب.
(ف.ت): انت من القليلين الذين تواصلوا مع منصور ناثيوفيم (انطون سوريكوف)- الاسطورة الحية, التي وجودها لا يزال موضوعا للتكهنات بسبب المعلومات المتداخة عنه, ما هي صورة الاتصال والتعاون؟
(م.ب): من الواضح ان انطون ينتمي للشراكسة , وهو شركسي في الواقع. ناثيوف -وهو اسم ولادته- تم ترحيل اسلافه الى تركيا مباشرة بعد الثورة: وكان باستطاعة جده العودة. استقروا في روسيا وغيروا اسمهم ليتجنبوا اعادة ترحيلهم, حيث انها ممارسة شائعة من فبل السلطات الروسية , فعشرات الآف من الشركس حاولوا العودة, الا ان روسيا اغلقت الابواب امامهم , ومع ان قلائل تمكنوا من العودة والعيش في سرية , الا انهم تعرضوا اما للترحيل الى سيبيريا او اعادتهم الى تركيا.
ولد والد اطون في روسيا بالفعل, واصبح مهندسا عسكريا, لأنطون خبرة عميقة في مأساة الشعب الشركسي, والمصير المأساوي التي واجهنه عائلته , والترحيل , والعودة بشكل سري لوطنه, اولدوا قلقا مستمرا في قلبه بالنسبة لمستقبل الشعب الشركسي. تحدثنا نعه كثيرا حول كيفية بقاء الشعب الشركسي , في عالم سريع التغير كعالمنا, الامر الذي ادى الى جذب وحشد لترويج المواضيع الشركسية. ومسار الحلول البيضاء الخالية من الدماء موجودة لدينا , متجنبين سيناريو الشيشان. وناقشنا من يمكنه المساهمة في حل المشاكل التي تواجهها امتنا , وانطون يقول في الم دائم , ان ايجاد حل سياسي للمسألة الشركسية محفوف بخطر تطرف الشباب. وكان انطون الشركسي الصادق , والقلب المريض على مصير شعبه.
(ف.ت) : حصلت مع بداية عام 2010 على حق اللجوء السياسي للولايات المتحدة , ما هو سبب الهجرة؟ من تتبع , وما هي هذه الاجراءات؟
(م.ب): في عام 2006, نظم الكونغرس الشركسي , شيركيسكي كونغرس في مايكوب, ومنذ الاعلان عن دورنا في تنظيم هذا المؤتمر, تعرضت وعائلتي لتهديدات مستمرة من العنف الجسدي والتحرش والاعتداءات. كنت مهددا بالسلاح ثلاث مرات من قبل اشخاص لا اعرفهم , طلبت منهم التوقف عن تشويه شرف روسيا, خلال الكمين الاخير الذي تعرضت له, صوب هؤلاء الرجال مسدسا لصدغي , وقالوا لي انهم من قدامى المحاربين في اجهزة الاستخبارات, ومهمتهم حماية رةسيا من امثالي. ةتلقيت مكالمات لا حصر لها تهدد امن وسلامة عائلتي, وتعرض محل بقالتي الضغير, والتي كانت بمثابة مصدر رزق للأسرة, لتحقيقات مستمرة من قبل جميع المؤسسات دون استثناء, ولا يزال لدي نسخة من شكوى مجهولة المصدر , على منتجات سامة تم شرائها من متجري , والعنوان الذي حدد في الرسالة غير موجود في مايكوب. هذه الامر ادى الى اغلاق متجري. ونقطة النهاية كانت عندما احراق بيتي , الذي نجونا منه بأعجوبة, ولم تفعل وكالات تطبيق القانون شيئا من اجل حمايتي وعائلتي, لذا اضطررت للمغادرة. من كان وراء ذالك؟ لا يمكنني التحديد , كل ما يمكنني قوله , هو ان اولئك الاشخاص الذي قدموا انفسهم قالوا لي انهم من قدامى المحاربين لجهاز الامن الروسي .
(ف.ت) : كيف ادى عملك ارتفاع وتيرة الاضطهاد من قبل اجهزة المخابرات الروسية ؟
(م.ب): السبب الرئيسي هو طبعا النشاط السياسي, وخاصة مطالبنا في الاعتراف بالابادة الجماعية للشعب الشركسي , ومنذ المرة الاولى التي عالج فيها مجلس الدوما الروسي هذا الامر , ونحن لا نتلقى ردا من السلطات الروسية , لان جميع اعمالنا مبررة. وتسعى الحكومة لتكميم الافواه في ظل غياب الحجج السياسية, ولهذا معان عنيفة جدا.
(ف.ت): كيف كنت تخطط مستقبلك في الحركة الشركسية , ما هي الخطوة التالية التي يجب على الشركسي اتباعها؟
(م.ب): وعي العالم الشركسي لحاجته في تأسيس مؤسسة واحدة, يكون قادرا على تقديم القضايا والضغط من اجل المصالح الشركسية في العالم وعلى مستوى دولي, وتعمل بصورة قانونية , وفقا للقانون الدولي . وينبغي توجيه الجهود بحسب الاولويات:
1) العودة الى الوطن.
2) استعادة سلامة اراضي هذا الوطن.
3) الاعتراف بالابادة الجماعية.
(ف.ت): تجري في المنتديات نقاشات حادة حول ان الاعتراف بالابادة الشركسية من قبل بلد ثالث , سيؤدي الى ازدياد حالات القمع ضد الشراكسة فلي روسيا, وستغلق ابواب العودة امام الراغبين, والجانب الآخر يعتقد ان الاعتراف بالابادة الجماعية سيكون بمثابة هدية كبيرة للشركس. ما هي ارادة الشعب الشركسي من الاعتراف الرسمي بالابادة الجماعية برأيك؟
(م.ب): لماذا يرفع الناس الذين نجوا من المأساة هذا السؤال؟ بعد ما حدث بعد المحادثات نفهم الاسباب, والاهم من ذالك هو عدم تكرار هذا النوع. التكرار- هو السبب الرئيسي للأعتراف بالابادة الجماعية , اذا كان موضوع ابادة الشراكسة المذكورة لم تكن الا في نطاق ضيق حتى وقت قريب , فاليوم اصبحت موضوع المؤتمرات الدولية والندوات العلمية. الاعتراف بالبادة الشركسية سيمنح للشراكسة فرصة لحل المشاكل العملية والتحديات: استعادة وحدة الشعب والاقليم. في روسيا للأسف , يتم تفسير حاجاتنا على انها محاولة لأذلال الدولة الروسية, وهذا ليس هدفنا, بل نريد استعادة حقوقنا المشروعة والعدالة لشعبنا.
(ف.ت): هل من الممكن فصل تشيركسيا عن روسيا, وما هي السياسات التي يجب ان تطبق فيما يتعلق بالشركس, لمنح تطور جذري في هذه الحالة؟
(م.ب): ينبغي لروسيا ان تتخلى عن ازدواجية المواضييع في السياسة الوطنية. فحتى الناس البعيدين عن السياسة , بدأو يشكون في مدى كون هذه السياسة ملائمة, بعد ان اعترفت روسيا لجزء صغير من الاوسيت بالستقلال, تركت الجزء الكبير من الشعب نفسه كجزء من روسيا دون منحهم الحق في اختيار مستقبلهم. تماما كحرماننا نحن الشركس , حتى من الحق في العيش في كتلة واحدة ضمن روسيا, ناهيك عن الاستقلال, وعدم المساواة في المعاملات في السياسة الوطنية واضحة وضوح الشمس, وهذا يؤدي الى تفاقم الشعور بالظلم بين تلك الشعوب التي تنتهك حقوقهم, لا سيما الجزء الاكثر نشاطا في السياسة , الا وهم الشباب. موسكو لم تتمكن من وضع آلية لأزالة التوترات الاجتماعية, لا توجد هناك منظمات بأمكانها ان تكون بمثابة جسر بين المجتمع والحكومة, ولم تكن لدى السلطة أي رغبة في الحوار مع الناس. فالسلطات اختارت ان تتجاهل وان تعتم المسألة الشركسية ونشوة جوهرها , وقادتها الى الاعماق, هذا التكتيك يقضي على امكانية التحديات القانونية, ومن ثم هناك منبر للتصعيد لا رجعة فيه. ثم يبدأ الشباب في الذهاب الى الغابة , وأذا كانت موسكو لا تتخذ خطوات سياسية تجاه الشركس, وتكرار الفوضى في الشيشان وداغستان , هو سيناريو واقعي للأسف في شركسيا.
16 يوليو,2010
فاطمة تليسوفا, خاص لقوقازيان كنوت
نيو جيرسي , الولايات المتحدة الامريكية
ترجم من الروسية: راديو اديغا.
|