لوم حكومة قباردينو – بلقاريا لسماحها بزعزعة استقرار المنطقة
نشر موقع مؤسّسة جيمس تاون الألكتروني على الشّبكة العنكبوتيّة بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2011 مقالا للكاتب فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev) بعنوان “لوم حكومة قباردينو – بلقاريا لسماحها بزعزعة استقرار المنطقة“، وجاء فيه:
في الأوّل من أبريل/نيسان، أعلن رئيس قباردينو – بلقاريا، أرسين كانوكوف (Arsen Kanokov)، في إعلان مشترك مع مبعوث موسكو الى شمال القوقاز، الكساندر خلوبونين (Aleksandr Khloponin)، ان استقالة حكومة الجمهورية كانت وشيكة، ربما مستحقّة في 4 أبريل/نيسان. وحمّل كانوكوف حكومته مسؤولية عدم الاستقرار في قباردينو – بلقاريا على مدى الأشهر القليلة الماضية. “إن الحكومة مسؤولة، على وجه الخصوص، عن التفاعل مع الشباب، لمحاربة التطرف الديني”، ذكر كانوكوف. “أعتزم على وجه التحديد تعزيز هذه الاطراف في الإدارة الجديدة”. وطمأن خلوبونين كانوكوف أنه لا يزال يثق به وانه لا يعتقد أن كانوكوف نفسه كان مسؤولا عن عدم الاستقرار الذي كان يتزايد في قباردينو – بلقاريا منذ مايو/أيّار من عام 2010 (www.gazeta.ru, April 1).
كان الكسندر ميركولوف (Aleksandr Merkulov) قد عين رئيسا لحكومة قباردينو – بلقاريا في أغسطس/آب من عام 2009، في أعقاب رحيل سلفه اندريه يارين (Andrei Yarin) لادارة الرئيس الروسي. وكان لكلا ميركولوف ويارين، وكلاهما من أصل روسي، معرفة ضئيلة بقباردينو – بلقاريا وشعبها. لم يكن يتمتّع أي من الرجلين بصفة خاصة بعلاقة شخصية أو من خلال العمل مع كانوكوف أو أنّهما كانا معروفان بكونهما إداريّيْن فاعليْن. وهكذا يمكن أن نخلص بدرجة كبيرة من اليقين بأن وظيفتهما كانتا بأن يكونا “عيون وآذان” لموسكو في حكومة قباردينو – بلقاريا لإبقاء كانوكوف قيد الاختيار. إن استقالة ميركولوف المخزية ترمز إلى فشل عميق آخر لسياسات موسكو في تنفيذ نسخة بيروقراطية من الضوابط والتوازنات في الجمهورية. وفي الوقت نفسه، فإن ذلك يسلط الضوء على ضعف موقف كانوكوف، الذي كان على ما يبدو غير قادر في اختيار رئيس الحكومة حسب إرادته حتى الآن.
إن أهمية تدهور الوضع الأمني في قباردينو – بلقاريا يتجاوز حدود الجمهورية. وكانت خطط خلوبونين الخرقاء لتهدئة الأوضاع في شمال القوقاز من خلال تطويرالسياحة بسرعة تلقّت ضربة قوية في قباردينو – بلقاريا. بين 18 – 19 فبراير/شباط، قتل المتمردون في قباردينو – بلقاريا ثلاثة سياح من موسكو، في حين دمر إنفجار برج ارتكاز للمركبات الّتي تساق بالكيبل قرب جبل البروز. وعثر أيضا على سيارة مشحونة بالمتفجرات بالقرب من منتجع آخر. وللمرّة الأولى، استخدمت موسكو طائرات حربيّة لقصف مناطق في جبال قباردينو – بلقاريا لاستئصال شأفة المتمردين — لكن دون جدوى. فهجمات المتشددين خنقت فعليا موسم التزلج في الجمهورية، مسبّبة اضطرابا واسع النطاق. ولكن، والأهم من ذلك أنها قوضت بشدة خطط خلوبونين لتطوير السياحة ولتسوية نهائية في شمال القوقاز.
وخلوبونين أيضا وراء إجبار أحد مساعديه على إستقالة أركادي يديليف (Arkady Yedelev)، النائب السابق لوزير الداخلية الروسي، الذي كان يرتبط ارتباطا وثيقا بعمليات موسكو في الشيشان. وورد أن بعض الإدارات في الجمهورية كرهت يديليف. في الشيشان كان عليه أن يكون تحت حراسة خاصة مشددة، مع أن أهمّيّته كانت ثانويّة. عرقل يديليف جهود خلوبونين لبناء نظام جديد للحكم في شمال القوقاز، وفقا لبعض المصادر (www.gazeta.ru, April 1). ماذا يمكن أن تعني المصادر، في الواقع، هو أن يديليف، قام باستخدام صلاته المهنية بجهاز الأمن الفيدرالى (FSB) ووزارة الداخلية، مطلِقا نظاما موازيا للمحاباه مع المناطق، التي لا يمكن لخلوبونين أن يتسامح بها.
وفي غضون ذلك، استمرت أعمال العنف في قباردينو – بلقاريا ضمن وتيرته المعتادة. في 2 أبريل/نيسان، قتل في نالتشيك متشدّد مزعوم هو أليكسي فرانتسوجان (Aleksei Frantsuzhan)، وهو من الأثنيّة الروسيّة (www.kavkaz-uzel.ru, April 3). في 28 مارس/آذار، قتل في نالتشيك أيضا عسكر خاجيروف (Asker Khazhirokov) وهو زعيم مزعوم للمتمرّدين (www.kavkaz-uzel.ru, March 28). وقد قتل عدد من الشبان الآخرين في قباردينو – بلقاريا على مدى الأيام القليلة الماضية في ظل ظروف مماثلة ولافتة للنظر، والشرطة تدّعي أنّها اوقفتهم لفحص أوراقهم، لكنّهم قاوموا ذلك وقتلوا. لكن، رفض موقع المتمردين في قباردينو – بلقاريا الإدّعاءات الرسمية. مصادر المتمردين نشرت صورا للقتلى مبدية علامات تعذيب، مثل آثار الأصفاد وحروق السجائر على أجسادهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المتمردين لم يعلنوا عن ما لا يقل عن ثلاثة من الذين قتلوا باسم “شهداء”، كما يفعلون عادة مع متشددين قتلوا في الإشتباكات مع القوات الحكومية (www.islamdin.com, April 2; March 16 and 24).
توجد أسباب جدية للشك في أن اقليم قباردينو – بلقاريا في مساق ذو مسار “معتاد” لجمهوريات شمال القوقاز الأخرى ومثلما تعود الأجهزة الأمنية الروسية إلى الإرهاب السافر في محاولة لتخويف المتمردين وقاعدة دعمهم. في هذه العملية، فأن الأجهزة الأمنية تقتل الناس الأبريا دائما ، والتي تثير احتجاجات أوسع نطاقا، وتأخذ العنف الى مستوى أعلى.
وجاء البرلمان الحالي في قباردينو – بلقاريا بمبادرة لإلغاء حق الأقارب المقرّبين للادلاء بشهادتهم ضد مرتكبي الجرائم. هذه الخطوة التي تهدف الى اتاحة الفرصة أمام المسؤولين للضغط على أقارب المتمردين للإبلاغ عنهم للشرطة، يتعارض ليس فقط مع القانون الجنائي الروسي الحالي، ولكن أيضا مع دستور البلاد (www.kavkaz-uzel.ru, March 31). ويبدو ان المتمردين قد تجاهلوا نداءاً في وقت سابق من قبل أقاربهم يدعونهم فيه للإستسلام: في يوم 15 مارس/آذار، مجموعة من 11 من أمّهات المتمردين المشتبه بهم، وبتشجيع من الوعود الرسمية لمنحهم محاكمات عادلة، قاموا بمناشدة أبنائهم أن يستسلموا إلى السلطات (www.kavkaz-uzel.ru, March 31).
عملية أخرى هامة تهم الشراكسة (معروفين أيضا بالقبردين)، الذين يشكلون أغلبيّة السكان في قباردينو – بلقاريا. في 24 مارس/آذار، عقد مؤتمر حول المسائل الشركسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، الّذي يعمل تحت رعاية وزارة الخارجية الروسية. وعقب المؤتمر، شكل المشاركون فريق عمل للتّحقّق من مزاعم “الإبادة الجماعية” التي واجهها الشراكسة على أيدي الجيش الروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في شمال غرب القوقاز (www.kavkaz-uzel.ru, March 28). الشراكسة، الذين استُنْزف عددهم بعد ان خسروا الحرب مع روسيا، يجادلون بأنهم تعرضوا للإبادة الجسدية القاسية والترحيل القسري لاحقا إلى الإمبراطورية العثمانية. ويطعن النشطاء الشراكسة في جدوى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، المقرر عقدها في منتجع سوتشي على البحر الاسود في عام 2014، نظرا لأنها تقع على “أرض الإبادة الجماعية”.
ولسنوات، تجاهلت موسكو المظالم الشركسية، ولكن بعد أن أصبح أولمبياد سوتشي 2014 محط تركيز وسائل الإعلام الدولية، بدأ الشركس للمضي ببطء قدما في السرد المنسي لماضيهم المأساوي. مؤسسة جيمس تاون جنبا إلى جنب مع شركائها الجورجيّين عقدوا مؤتمرين حول هذه القضية في تبليسي، جورجيا في عام 2010، والتي أثارت رد فعل قوي من قبل الشركس والدولة الروسية على حد سواء. وافق البرلمان الجورجي للنظر رسميا للاعتراف بموضوع “الابادة الجماعية الشركسية”. وتبدو الحكومة في موسكو الآن أنّها أدركت أن المسألة لا يمكن تجاهلها أكثر من ذلك، وتحاول المبادرة بمناقشة ذلك. غير أن هناك مؤشرات إيجابية قليلة بأن موسكو لديها القدرة على وضع قباردينو – بلقاريا على المسار الصحيح لتحقيق الاستقرار والازدهار.
قل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز