مدينة دوموديدوفو الروسية تعلن استقلالها

مدينة دوموديدوفو الروسية تعلن استقلالها
مدينة دوموديدوفو ا.ش.ا
مدينة دوموديدوفو
ا.ش.ا
أعلن اتحاد المحامين الروس لحقوق الإنسان استقلال مدينة (دوموديدوفو) الواقعة غربي العاصمة موسكو.
ذكرت وكالة أنباء “نوفوستي” الروسية – في نسختها الإنجليزية اليوم الاثنين – أن الاتحاد أعلن دوموديدوفو -الواقعة بالقرب من أكبر ميناء دولي في البلاد- جمهورية روسية ديمقراطية مستقلة, مطالبا الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بها .
قال المحامون الروس في خطابهم للاتحاد الأوروبي إن السلطات الروسية انتهكت بشكل كامل مبادىء الديمقراطية الاجتماعية بتجاهلها نتائج استفتاء عام 2007 الذي شهد تصويت نسبة مائة بالمائة من سكان (دوموديدوفو) ضد بناء طريق سريع برسوم مرور داخل حدود المدينة.
أضافوا أن الجمهورية الروسية الديمقراطية يجب أن تتكامل مع الاتحاد الأوروبي وأن تعترف بها دولا أخرى بوضع خاص كجزء من الاتحاد الفيدرالي وأن تتمتع بحق تقرير المصير.
تتخذ الجمهورية الجديدة من صورة النسر -وهو ينقض برأسه على فريسته – شعارا لها.

http://www.gomhuriaonline.com/main.asp?v_article_id=35286

Share Button

أزمة التفكك فى الكومنولث الروسى: الصراع القومى والعرقى فى الجمهوريات المستقلة: ابخازيا – جورجيا

أزمة التفكك فى الكومنولث الروسى: الصراع القومى والعرقى فى الجمهوريات المستقلة: ابخازيا – جورجيا

المصدر: السياسة الدولية

بقلم:  مختار شعيب

تمهيد:ـ تتعدد صور الصراع القومى والعرقى فى هذه المنطقة من العالم، التى كانت تعرف سابقا بالاتحاد السوفيتى، ومن أهم صور هذه الصراعات التى بلغت 300 صراع وبين هذه الصراعات ترصد الدراسات:ـ الصراع بين الأحزاب العلمانية وخاصة ذات الأصول الشيوعية وبين الأصولية الإسلامية وأحزابها كما فى طاجيكستان ويصنف أيضا على أنه صراع على السلطة والصراع على السلطة بين الحكومة والمعارضة حيث تدخل البلاد فى حرب أهلية ويدخل الجيش طرفا فى الصراع كما حدث فى جورجيا وأذربيجان والصراع بين الأغلبية القومية والأقلية القومية داخل الجمهورية الواحدة بسبب رفض الأخيرة لسياسات الأولى ويعزز هذا الصراع التناقضات العرقية والدينية أو المذهبية كما فى حالة الصراع بين الأغلبية الأوزبكية السنية والأقلية التركية المسخيتية الشيعية فى أوزبكستان أضف إلى هذا، الصراعات بين القوميات والأعراق المختلفة بسبب مطالبة الأقلية بحق تقرير المصير القومى والاستقلال كما هو فى الصراع الجورجى ـ الأبخازى، والجورجى ـ الأوسيتى، والروسى ـ الشيشانى فى الوقت الذى لا توجد لهذه الأقليات إمتدادات عرقية أو قومية قوية فى الجمهوريات الأخرى وإن وجدت روابط قومية فهى ضعيفة ومن ثم يكون الصراع محدود ويقوم الصراع أيضا بين أقلية قومية لها إمتدادات عرقية وقومية لها حدود الجمهورية التى تنتمى إليها فى الجمهوريات المجاورة وبين الأغلبية القومية فى هذه الجمهورية بسبب محاولة الأقلية الانفصال مما يؤدى إلى حرب أهلية تتحول إلى حرب إقليمية بين جمهوريتين متجاورتين مثل الصراع الأذربيجانى ـ الأرمينى على ناجورنوكاراباخ وفى حالة حدوث صراع بين الأقليات الروسية والأغلبيات القومية فى أى من كازاخستان أو بيلاروسيا، أو أوكرانيا أو مولدوفا أو دول البلطيق وان كان هناك بوادر للصراع فى بعضها أو فى حالة الصراعات القومية والعرقية بين جمهوريات وسط أسيا مثلا بين الأوزبك والطاجيك ثم هناك الصراع بين أقليتين قوميتين مختلفتين مثل الصراع الأوسيتى ـ الأنجوشى والذى تعززه الاختلافات الدينية والعرقية واللغوية فالأوستينيين من الجنس الآرى ويدينون بالمسيحية الأرثوذكسية ويتكلمون اللغة الأوسيتية فى حين أن الأنجوش من الأصول الشركسية ـ ومسلمين ولهم لغتهم الخاصة وتتلخص أهم أسباب هذه الصراعات فى:ـ
ـ التقسيم الإدارى الاعتباطى للحدود بين الجمهوريات خاصة فى عهد ستالين وتحولها إلى حدود سياسية بين القوميات المختلفة وتغيير هذه الحدود أكثر من مرة فى ظل سياسات التجزئة والترحيل والتهجير العرقى التى اتبعها ستالين ومن تلاه وخاصة فى القوقاز وآسيا الوسطى وكذلك سياسات الدمج القومى والانصهار العرقى والدينى وأبعاد شعوب بأكملها عن مواطنها الأصلية التى اتبعها قياصرة روسيا ومن بعدهم البلاشفة رفع غطاء الكبت عن الشاعر القومية فى ـ ظل سنوات الجلاسنوست والبيروسترويكا وما تلاها من سقوط الاتحاد السوفيتى وتفككه إلى جمهوريات متعددة القوميات فى الوقت الذى سادت فيه مبادئ حقوق الإنسان وحق تقرير المصير والديمقراطية فى ظل أزمة اقتصادية طاحنة مثلت الأرضية المناسبة لتفجر مثل هذه الصراعات وتحولها إلى حروب أهلية دموية بين القوميات المختلفة تعززها الصراعات التاريخية بينها فى ظل غياب هوية وطنية جامعة فى كل جمهورية فيجد السكان هويتهم فى الانتماءات العرقية والقبائلية القديمة أو فى الدين على أسس مذهبية وعقائدية ومن ثم يعزز البعد الدينى هذه الصراعات وإن لم يكن السبب الأساسى فيها ويزيد من حدتها كما هو الحال فى الصراع الانجوشى ـ الأوستى أو الأبخازى ـ الجورجى أو الشيشانى ـ الروسى أو الأوزبك السنة والأقلية التركية المسخيتية الشيعية ـ الواقع الاثنى المعقد للمنطقة بل فى كل جمهورية وإقليم، فهناك تعددية أثنية حيث ينتمى السكان إلى 12 مجموعة أثنية رئيسية و400 قومية وشعب، ويتواجد 40 دينا وتوجد 16 ألف جماعة دينية منها 8 آلاف أرثوذكسية و4 آلاف بروتستانتية و1300 كاثوليكية و700 إسلامية و102 يهودية و6 بوذية والباقى ديانات أخرى فضلا عن التنوع اللغوى، فالمسلمون الذين يشكلون 30% من هذه الخريطة يتكلمون 15 لغة تركية و 10 لغات إيرانية و30 لغة قفقاسية إضافة إلى الصينية والمنغولية والكورية والروسية وشكل غريب من العربية والأصول العرقية للسكان مترابطة ومتداخلة رغم الحدود السياسية التى لا تعبر عن تقسيمات طبيعية كما أنها لا تعكس تقسيمات عرقية أو قومية بل هى شطرت فى كثير من الأحيان هذه القوميات ووزعتها على كافة الجمهوريات مثل الروس، والطاجيك والتتر، مما نتج عنه مشكلات حدودية ومطالبات إقليمية ليس بين الجمهوريات المستقلة فقط ولكن فيما بينها وبين جيرانها فى الصين وإيران وأفغانستان وتركيا وبولندا وفنلندا خاصة وأن الأصول الثقافية والحضارية لهذه القوميات مختلفة، فالطاجيك مثلا ينحدرون من شعب حضرى بينما الأوزبك فصولهم بدوية والتتار رعاة جبليين فى حين أن الكرج شعب إغريقى متحضر بينما الروس والسلاف أصولهم بدوية رعوية وهذه الصراعات تعززها التناقضات الثقافية والحضارية والسياسية والمذهبية خاصة وأن اليد الروسية تلعب فى كافة هذه الصراعات كما هو فى طاجيكستان وأذربيجان وجورجيا وفى الصراع الأنجوشى ـ الأوسيتى والجورجى ـ الابخازى، وكما هو الحال فى الصراعات بين القوميات المختلفة والأقليات الروسية فى أوكرانيا ومولدوفا والبلطيق وكازاخستان، وما يساعد على تفجر هذه الصراعات سهولة الحصول على المعدات والأسلحة والذخيرة وتوافر المرتزقة والمتطوعين فى ظل نشاط مكثف لعصابات التهريب والمافيا ونتناول هنا الصراع الجورجى ـ الابخازى بالدراسة
أولا:ـ البعد الاجتماعى/التاريخى للصراع:ـ بداية يعد الصراع الجورجى ـ الابخازى من الصراعات القومية التى تنشأ بين الأغلبية القومية ـ الكرج ـ والأقلية القومية ـ الابخاز ـ بسبب مطالبة الأخيرة بالاستقلال والانفصال عن الأولى فيتحول الصراع إلى حرب أهلية محدودة بسبب ضعف الروابط العرقية فيما بين القوميتين المتصارعتين والقوميات الأخرى فى المنطقة فلا تصل الحرب إلى درجة الحرب الإقليمية بين جمهوريتين مستقلتين مثل الصراع الأذربيجانى ـ الأرمينى مثلا، وإن كان للصراع أبعاده الإقليمية والقومية بسبب الخريطة السكانية المعقدة
أ ـ التركيب الاجتماعى والصراع القومى:ـ جمهورية جورجيا مساحتها 76146 كم2 وعاصمتها تلبيسى وتعدادها حوإلى 54 مليون نسمة وتتوزع الخريطة السكانية هكذا 69% جورج كرج 9% أرمن، 7% روس، 5% أذرب، 3% أبخاز، 1% يهود، 6% قوميات أخرى وتضم جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الحكم الذاتى التى يسيطر عليها الأوستيين وهو يدينون بالمسيحية الأرثوذكسية ومقاطعة أجارستان ذات الحكم الذاتى وسكانها تتار مسلمون فضلا عن جمهورية أبخازيا وهى مستقلة ذاتيا ومساحتها 8700 كم2 وتعدادها 750 ألف نسمة وتقع فى الشمإلى الغربى لجورجيا ولا يتعدى الأبخاز 18% من سكانها ويدين 70% منهم بالإسلام والباقى 30% بالمسيحية الأرثوذكسية بينما يشكل الجورجبون 41% والروس 15% واليونانيون 10% والأرمن 13% والباقى 3% قوميات أخرى والجورج ـ الكرج ـ سلالة أو جنس مستقل بذاته لا علاقة له بأنواع الجناس الأخرى فى أوروبا وآسيا فالشعب الجورجى لا يتمتع بحجم دولى وليس باستطاعته الاعتماد على الأشقاء أو الأخوة لا بداخل الاتحاد السوفيتى السابق ولا خارجه، فالقومية الجورجية قومية تاريخية اعتنق الجورجيون فى القرن الخامس الميلادى المسيحية ولا توجد بين لغاتهم ولهجاتهم أصول تركية أو أوروبية أو سامية وهم يعتبرون أنفسهم أرقى ثقافيا من جيرانهم نظرا لان بلادهم كانت مملكة مستقلة متمدينة وجزءا من العالم الإغريقى ـ الرومانى وجيرانهم فى مرحلة البداوة، ويعتز الجورجى بهويته الوطنية وبديانته المسيحية ـ الكاثوليكية وبلغته وهى إحدى اللغات الأيبيرو قفقاسية الجنوبية ونادرا ما يتزوج من أبناء القوميات الأخرى ويحرصون على الأفتخار بهويتهم المستقلة وبنقاء أصولهم العرقية لذا يعتبرون أنفسهم أخوان ستالين وهو بالنسبة لهم بطل أسطورى مما يمثل استفزازا للروس وبقية القوميات خاصة القوقازية فضلا عن أن الجورجى يشعر بأنه مظلوم تاريخيا فهو لم يحكم نفسه بنفسه فى عمره الذى يمتد أكثر من 3 آلاف سنة سوى مائة عام فقط وأنه بأصالته وحضارته وتاريخه المتميز يستحق ما حرمته منه حركة التاريخ حيث أن 500 عام من الحكم الإسلامى، فضلا عن أكثر من قرن من الحكم القيصرى و70 عاما من الشيوعية لم تفلح فى تغيير الانتماء الدينى والهوية الوطنية للجورجى ويعد الشعب الأبخازى أحد الشعوب القوقازية العديدة ذات الأصل الشركسى التى تسكن منطقة القوقاز التى يسكنها ستون شعبا وتتجاوز فيها أربع جمهوريات سوفيتية سابقة وسبع جمهوريات ذات حكم ذاتى فى هذه المنطقة الصغيرة، ويدين غالبية الأبخاز بالإسلام إلا أن المراقبين لا يعتبرون القضية الدينية هى المحرك الأساسى للصراع إذ يشترك فى الحركة الانفصالية الأبخاز المسيحيون والأقليات اليونانية والأرمينية والروسية وكلها تدين بالمسيحية
ب ـ الصراع والسياسات القومية فى العهد القيصرى:ـ من أهم ملامح هذه السياسات والتى حاولت التعامل مع المشكلة القومية هى سياسة الدمج القومى بنقل القوميات المختلفة من مكان لآخر كنقل الروس إلى وسط آسيا والقوقاز فضلا عن تدفق الفلاحين والفارين من العبودية والقانون وسياسة تصفية النخبة التقليدية فى جميع المناطق دون تمييز حتى صار أهل البلاد الأصليين أقلية فى بلادهم حيث حرصت حكومات القياصرة على تطعيم هذه القوميات بقوميات أخرى لإضعاف قوة التركيبة الاجتماعية للقوميات الأصلية فى القوقاز ووسط أسيا مع أتباع سياسة الترحيل والتهجير للقبائل التترية والشركسية كالأبخاز خاصا بعيدا عن شواطئ البحر الأسود لمنعهم من الاتصال بالعالم الخارجى وتوطين الروس مكانهم وتهجير هذه القوميات إلى سيبيريا ووسط آسيا وأراضى الدولة العثمانية تمت ضغط المجازر الرهيبة من القتل والانتقام من هذه الشعوب مثل مجازر ايفان الرهيب وعمليات الإبادة الجماعية تحت شعار ذبح الكفرة أو المخالفون فى العقيدة قربانا إلى المسيح، فضلا عن سياسة التنصير الإجبارى واضطهاد الأديان الأخرى وفرض منهج ثقافى واحد قائم هل فرض اللغة والثقافة الروسية على الجميع وترجع جذور الحرب الأهلية بين الجورج والابخاز إلى هذه السياسات فضلا عن المواريث التاريخية منذ القرن الثامن وبالتحديد عام 746 م أقام الأبخاز مملكتهم المستقلة وقامت جورجيا بضم أبخازيا إليها عام 978م، ولكن أبخازيا نجحت فى استعادة استقلالها فى عام 1463م لكى تخضع بعد ذلك للإمبراطورية العثمانية فى القرن السادس عشر حيث حل الإسلام محل المسيحية فى الوقت نفسه كانت جورجيا تحت السيطرة الإيرانية ثم تحت سيطرة روسيا القيصرية بعد انتصارها على إيران فى حروبها من أجل الوصول إلى المياه الدفيئة ثم دخلت فى صراع مع العثمانيين لهذا الهدف، وفى عام 1810 تم إبرام معاهدة بين روسيا والعثمانيين تعترف فيها روسيا بوضع أبخازيا كمحمية وخلال الفترة من 1818 وحتى 1864 استطاع الروس أن يقهروا الشعب الأبخازى وضم أبخازيا فترك 70% من الأبخاز ديارهم حيث انحازوا إلى تركيا فى صراعها مع الروس ورحل 200 ألف أبخازى إلى تركيا هربا من الروس، فى الوقت الذى ساند الجورج الروس ضد الأتراك والأبخاز مرحبين بالحماية المسيحية وخسر الأبخاز أكثر من نصف عددهم فى حربهم ضد الاحتلال الروسى وتعرضت المنطقة إلى التهجير الإجبارى فلم يتبقى من الأبخاز سوى 150 ألف فقط واستمرت المقاومة الأبخازية حتى سنة 1877 حيث قمعت بشدة ومن الناحية السياسية أحقت أبخازبا إلى بروسيا عام 1810 بوصفها إمارة مستقلة ولم تكن لها أية علاقة تبعية بجورجيا واستمر هذا الوضع حتى تمكنت روسيا من ضم أبخازيا إليها سنة 1864 لتصبح هى وجورجيا جزءا من الإمبراطور القيصبرية ولكن ثورة أكتوبر عام 1917 منحت الشعوب حق تقرير مصيرها فأصبحت جورجيا دولة مستقلة وصدر دستورها سنة 1920 وأبخازيا دولة مستقلة أيضا سنة 1921 وصارت جمهورية سوفيتية مستقلة وصدر دستورها الوطنى سنة 1925
ج ـ الصراع والسياسات القوية فى العهد السوفيتى تطورت سياسة البلاشفة إزاء مشكلة القوميات فأقرت الثورة إلغاء الأديان من دساتيرها وأعلنت الطابع العلمانى للدولة فى الوقت الذى اعترفت بالحقوق الدينية والقومية فى إعلان 20 نوفمبر سنة 1917 وفى إعلانها الموجه إلى شعوب روسيا حيث اعترفت فيه بحق تقرير المصير لهذه الشعوب وبالسيادة المتساوية وبحقها فى الانفصال وإقامة دولة مستقلة، وألغت الامتيازات والقيود الدينية والقومية، وفى أول قانون صادر عن الثورة الغى كافة قوانين ما قبل الثورة خاصة تلك التى تنظم علاقة الكنيسة بالدولة وفصلت عنها وألغيت الإشارة إلى الانتماء الدينى فى أية وثائق شخصية وحظر تدريس الدين فى المعاهد الحكومية، حيث كان يهدف لينين إلى طمس الشخصية الدينية والانتماء العقائدى ورفض فكرة القومية والثقافة القومية وفكرة حق تقرير المصير، وأكد أنها مفاهيم برجوازية لم تكن سوى وسيلة تكتيكية ضد العدو القيصرى وبرز ستالين الذى حاول أن يملأ فراغا كبيرا فى نظريات لينين فقدم تعريفا للامة ـ ناتسيا ـ للتمييز بينه وبين مفهوم الشعب ـ تارود ـ والمجموعة الدينية، ومنذ عام 1924 بدأت سياسة الدمج القومى للشعوب والديانات المختلفة وإغلاق المؤسسات المختلفة وبلغت الحملة ذروتها خاصة ضد المسلمين فى الفترة من 1928 ـ 1940 ومنذ سنة 1944 بدأت سياسة الإبعاد والتهجير لقوميات القوقاز من الشركس والتتر والأنجوش والأبخاز وقام الجيش الأحمر بإبادة شعوب بأكملها مثل شعب القرم وشعب الكالوك وشعب قراتشاى وطبقت ثلاثة حلول منذ بروز ستالين أولها تشجيع الانصهار العرقى بين القوميات المختلفة وثانيها نقل الجماعات العرقية التركية والتترية والإيرانية والشركسية الأصل القاطنة فى القوقاز والفولجا إلى سيبيريا وآسيا الوسطى وإحلال القوميات الأخرى كالكرج والروس محلهم وتجزئة العديد من الأقاليم مثل الأنجوش والجمهورية الجبلية، فضلا عن تشجيع الزواج المختلط بين القوميات المختلفة، وكان عدد ضحايا هذه السياسات التى واصلها خروتشوف خاصة سنة (1964 ـ 65) مليون فضلا عن سياسات الاعتقال المستمرة والقبض على السكان وإبداعهم السجون أو الأشغال الشاقة لإنشاء الطرق والسكك الحديدية والبحث عن المعادن وإنشاء المدن والمفاعلات الذرية ففى سنة 1951 القى القبض فى تركستان فقط على 13565 وبلغ عدد المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة 268 ألف تركستانى فى نفس السنة فإلى جوار السياسة السكانية التى كانت تتوخى الإحلال والتنوع وتهدف إلى عدم جعل قومية واحدة تسيطر على منطقة ما فقد شجعت السياسة السوفيتية قيام مقاطعات ذات حكم ذاتى أكثر من قيام كيانات دستورية رامية من وراء ذلك جعل الفئات العرقية المختلفة تتقوقع تحت مظلة الحكم فى موسكو ففى الحقبة الشيوعية ألحق بجورجيا ثلاث جمهوريات ذات حكم ذاتى أحدها أبخازيا التى الغى استقلالها ستالين وضمها إلى جورجيا سنة 1921 وترجع جذور الحرب الانفصالية الدموية فى أبخاريا إلى سياسات سكانية تعود إلى العهد السوفيتى، فمنذ قرن مضى كان الابخاز وهم لهم حضارة مختلفة تماما عن الجورجيين يشكلون 68% من سكان الإقليم إلا أن آخر إحصاء أجراه الاتحاد السوفيتى السابق عام 1990 أشار إلى تقلص عدد الأبخاز إلى 18% فقط ووجد أن الجورجيين هم الأغلبية 41% فى وطن الأبخاز ويتحمل الديكتاتور جوزيف ستالين ورئيس شرطته السرية لافرينتى بريا وهما جورجيان مسئولية ذلك فقد القيا القبض على الابخاز وأعدموهم فأرسلوهم إلى معسكرات عمل لم يعد منها سوى قلة وأرسلوا العديد منهم إلى المعتقلات وإلى وسط آسيا وسيبيريا فضلا عن أعداد كبيرة إلى تركيا وعمل ستالين وبريا على ملىء ذلك الفراغ السكانى الناجم عن تلك السياسات بعشرات الآلاف من الجورجيين الذين تمركزوا فى شريط يفصل بين جبال القوقاز الغربية والبحر الأسود فصار الأبخاز أقلية قومية مثل الأرمن والروس واليونانيين، حيث مارس ستالين فى هذه الإقليم أسلوب الهندسة البشرية بخلع سكانه الأصليين وترحيلهم إلى مناطق بعيدة مع استقدام غيرهم من الكرج ففى عام 1886 لم يكن عدد الكرج 3989 نسمة صاروا فى سنة 1959م 158221 وهذا يشير إلى قدر الإجرام فى إعادة الهندسة البشرية للإقليم وتغيير هويته حيث كان يتمتع بالاستقلال والحكم الذاتى داخل جورجيا، أما استقلاله السياسى فكان مزيفا مثل استقلال جورجيا داخل الاتحاد السوفيتى السابق وبعد وفاة ستالين سنة 1953 نظم الأبخاز حملات لتأكيد عائدية الأرض لهم وطالبوا بضمهم إلى روسيا الاتحادية كحل للمشكلة وعندما أصدرت جورجيا دستورها سنة 1977 والذى يقضى باعتماد اللغة الجورجية لغة رسمية اتلف الأبخاز فى ليلة واحدة كل اليافطات والإعلانات المكتوبة بهذه اللغة ويؤكد الأبخازيون أنهم عملوا على وقف الصهر القومى الذى تعرضوا له ومحاولات إزاحتهم من المواقع الإدارية والاقتصادية، وفى عام 1978 طالبوا كما فى عام 1989 بالانفصال عن جورجيا
ثانيا:ـ تطورات الصراع الجورجى ـ الأبخازى:ـ تطور الصراع فى أربع مراحل متتالية أثرت فيها عدة عوامل أهمها الموقف الروسى من الصراع وموقف القوميات الأخرى والصراع الداخلى على السلطة فى جورجيا وهذه المراحل هى:ـ الأولى تعتبر بداية الصراع الحقيقية حديثا فى 9/ 4/ 1989 عندما نحى بوريس أدليبا السكرتير الأول للحزب الشيوعى فى أبخازيا عن منصبه لتوقيعه نداء يطالب بفصل أبخازيا عن جورجيا حيث حدثت مظهرات تأييدا له وطالبت باستقلال أبخازيا عن جورجيا وتجددت فى 17 يوليو 91989 اثر موجة من العنف بين الأبخاز والكرج فى سوخومى بسبب الخلاف حول إنشاء جامعة جورجية فى سوخومى وفجر الصراع القديم استقلال جورجيا سنة 1991 بقيادة جامسا خورويا عقب انهيار الاتحاد السوفيتى الذى فتح باب الصراعات القومية على مصراعيه، ومع استيلاء الحكومة العسكرية برئاسة تشينجيز كورتو فإلى رئيس الحرس الوطنى على السلطة قامت بإلغاء الدستور الذى يحمى حقوق الأقليات ويسمح بجمهوريات ذات حكم ذاتى وإعادة العمل بدستور عام 1920، وأكدت أنها ستطبقه على كافة الأراضى الجورجية، فقام الشعب الأبخازى بإجراء انتخابات حرة تكون على أثرها برلمان وطنى اختار فلاديسلاف أردزينيا رئيسا للجمهورية
الثانية:ـ عندما وصل شيفرنادزة للسلطة فى يناير 1993 أعلن أنه سيحترم حقوق الأقليات القومية والعرقية ولكنه أصدر قرارا بإلغاء الاستقلال الذاتى للأبخاز، وكان من الطبيعى أن ترد السلطات الأبخازية بإعلان الاستقلال والعودة لدستور عام 1925 وبالتإلى سيادتها على الإقليم الذى يعد أحد الطرق الاستراتيجية الهامة للوصول إلى المياه الدفيئة أى أن البرلمان اعتبر قرار ستالين بضم أبخازيا إلى جورجيا لاغيا بحيث تعود الأمور إلى ما كانت عليه عام 1925، فجاء رد شيفرنادزة عنيفا إذ أرسل فى 14 أغسطس 1992 الآلاف من الجيش الجورجى لاحتلال أبخازيا، وفى 21/ 8/ 1992 أعلنت جورجيا سيطرتها على الإقليم وعاصمته سوخومى
الثالثة:ـ بادر الأبخاز بتشكيل قيادة عمليات للجيش الابخازى للمحافظة على الهوية الابخازية وأعلنت التعبئة العامة، وشنت المقاومة هجماتها فى 3 يوليو 1993 وفى سبتمبر حاصرت القوات الجورجية فى سوخومى، وفى 28 سبتمبر من نفس السنة سيطر الأبخاز على العاصمة سوخومى بعد معارك طاحنة استمرت 12 يوما فى الوقت الذى خرج فيه شيفرنادزة من سوخومى بمساعدة الروس على متن طائرة من طراز توبوليف ـ 134 بعد ما حاصره الأبخاز فى أحد مخازن الأسلحة النووية القديمة واتهم شيفرنادزة الروس بمساعدة الأبخاز ودعا حلف الأطلنطى للتدخل فى الصراع
الرابعة:ـ مع عودة جامساخورويا للصراع على السلطة صار هناك ثلاث جبهات للحرب الأهلية فى جورجيا، الأول مع قوات أوسيتيا الجنوبية، والثانى مع الثوار الابخاز، والثالث مع أنصار جامسا خورويا الذين سيطروا على غرب جورجيا، وأخذت قلاع شيفرنادزة تتهاوى أمامهم فأعلن شيفرنادزة انضمام بلاده لرابطة كومنولث الجمهوريات المستقلة فتحول الصراع لصالحه وانتهى الصراع على السلطة بانتحار خورديا فى 31 ديسمبر 1993، وسيطرت قواته على جميع الأقاليم بمساعدة روسيا وجيوش الرابطة له التى بلغ عددها 19 ألف وتحت ضغط الصراع على السلطة دارت محادثات للسلام بين الأبخاز وجورجيا فى جنيف تحت إشراف كل من روسيا والأمم المتحدة فأعلن فى 31 ديسمبر 1993 عن اتفاق يقضى بوقف الأعمال الحربية وعودة 250 ألف لأجىء إلى ديارهم وتشكيل مجموعة عمل لتحديد الوضع السياسى للإقليم وتمركز قوة حفظ سلام دولية لمراقبة تطبيق الاتفاق على الحدود بينهما ولقد تجددت الاشتباكات بين الطرفين فى 26 مارس 1994 اثر فشل مفاوضات جنيف، وأعلن نائب رئيس برلمان أبخازيا أن بلاده تدرس إعلان الاستقلال وإنشاء دولة أبخازيا المستقلة التى قد تطلب حماية خاصة من جارتها القوية روسيا ومازال الوضع معقدا هناك وينبئ عن احتمالات خطيرة لتجدد الصراع خاصة فى ضوء الغزو الروسى للشيشان وانضمام جورجيا لرابطة الجمهوريات المستقلة وعقدها لاتفاقيات تحالف وتعاون استراتيجى مع روسيا فهل تجازف جورجيا بإشعال نار الحرب مرة أخرى فى أبخازيا؟
ثالثا:ـ الموقف الدولى من الصراع:ـ
أ ـ الموقف الروسى:ـ إن اعتبارات عدة تفسر الموقف الروسى من الصراع الأبخازى/ الجورجى فمن ناحية يعد الإقليم منتجعا للقادة الروس خاصة العسكريين، ويتمتع بموقع استراتيجى هام على البحر الأسود ويدخل فى دائرة الحزام الأمنى الروسى فضلا عن موانئة البحرية التى تعوض روسيا عن بعض ما فقدته، ومن ناحية أخرى يضم الإقليم أقلية روسية ويسيطر الروس على الإقليم، فهم المالكون لكل شيء والإقليم مثله مثل أوسيتيا الجنوبية يطمح إلى الانفصال عن جورجيا، والارتباط بروسيا الاتحادية، ومن ثم ضمان المصالح الروسية فى الوصول إلى المياه الدفيئة، ومن ناحية ثالثة فإن شعوب شمال القوقاز الروسية تدعم كلها الأبخاز، ومن ثم فإن وقوف روسيا إلى جانب جورجيا سوف يغضب هذه الشعوب، ومن ناحية رابعة فإن وجود قوات روسية فى الإقليم يساعد روسيا فى تأديب جورجيا التى رفضت الانضمام لرابطة الجمهوريات المستقلة فضلا عن أن مساعدة الأبخاز وإقامة تحالف معهم يسمح بمواصلة الوجود الموسى الاستراتيجى بالإقليم وتدعيمه لجيد أنه يتسم بالأهمية التمييز بيئ الموقفين:ـ المعلن والرسمى لموسكو:ـ
أولا:ـ الموقف المعلن:ـ حيث رفضت بل وتعمدت روسيا بعدم التدخل فى الصراع فى الوقت نفسه دعت إلى مفاوضات تجمع بين الطرفين لتسوية الأزمة، وأكد البرلمان الروسى على رفضه الحل العسكرى، ودعا إلى وقف إطلاق النار وتسوية الخلافات سلميا فى ضوء احترام وحدة أراضى جورجيا وحق الشعوب فى تقرير مصيرها وقد أشرفت روسيا على اتفاقيات سوتش ووقع شيفرنلدزة اتفاقا فى شهر مايو 1993 يقضى بتهدئة الوضع بين جورجيا وأبخازيا، كما أشرفت على مباحثات جنيف واتفاق 31 ديسمبر 1993 وتشرف الآن على تنفيذ هذا الاتفاق فضلا على إشرافها على المباحثات الجارية الآن فى جنيف بالاشتراك مع الأمم المتحدة ومؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى لتحديد الوضع السياسى للإقليم
ثانيا:ـ الموقف الفعلى:ـ والذى حدده ارتكاب جورجيا خطأين استراتيجيين فى هذا الصراع، الأول، عندما ركب القادة فى تلبيسى رؤوسهم ورفضوا الانضمام إلى رابطة كومنولث الجمهوريات المستقلة، اكمر الذى رأى فيه الروس تحديا لهم ولمجالهم الحيوى والثانى عندما حركت جورجيا قواتها إلى هذا الإقليم الذى يتمتع بمركز استراتيجى هام على البحر الأسود ويدخل فى دائرة الحزام اكمنى لروسيا، فكان العقاب الموسى شديدا، حيث ساعدوا الأبخاز على الانفصال، وان لم يعترفوا بذلك رسميا، فمن ناحية ساعدت القوات الروسية الأبخاز وتمركزت قوات من الجيش الرابع عشر فى أبخازيا وأمدت الأبخاز بالعتاد والأسلحة، كما أنها ساعدتهم سياسيا سواء بالمناورة السياسية ليتمكن الأبخاز من السيطرة على الإقليم أو من خلال الضغط على جورجيا ومن خلال المباحثات والمفاوضات فضلا عن السماح للمتطوعين من شعوب شمال القوقاز الروسية بالمحاربة فى صفوف الأبخاز أو بقطع الطريق على حلف الأطلنطى للتدخل فى الصراع فضلا عن عدم مساعدة الحكومة الجورجية فى صراعها مع جامسا خورديا على السلطة إلا عندما صحح شيفرنادزة الخطأ الأول وأعلن انضمام بلاده للرابطة فتحول ميزان الصراع على السلطة لصالحه بفضل المساعدات الروسية والمساعدات التى لقيها من قوات الرابطة والتى بلغ قوامها 19 ألف، فقامت بتأمين إمدادات الغذاء والحواء للبلاد وحماية الطرق والمواصلات والسكك الحديدية فضلا عن تأمين ظهر القوات الجورجية بل والانخراط الفعلى فى القتال، فانتهى الصراع لصالح شيفرنادزة بانتحار خورديا فى 31 ديسمبر 1993 ويعد انضمام جورجيا إلى أسرة الجمهوريات المستقلة حلأ أخيرا لمواجهة انهيار وتفكك جورجيا، ويعنى أن الطريق إلى المياه الدفيئة أصبح مفتوحا أمام روسيا خاصة بعد اتفاق 9/ 10/ 1993 بين البلدين الذى يقضى بإعطاء الحق لروسيا فى إرسال قوات إلى جورجيا واستخدام أية قواعد بها، وعزز ذلك اتفاقية الصداقة والتعاون بين الجانبين فى 2/ 3/ 1994 الذى ينص الجانب العسكرى منه على التعاون العسكرى والفنى وإمكانية إقامة قواعد عسكرية فى جورجيا، الأمر الذى أثار احتجاج الزعماء الأبخاز ومعارضى يلتسين والمسؤولين فى الجمهوريات القوقازية الذين اعتبروها بمثابة تهديد لحدود جمهورياتهم ومن ثم أكد يلتسين أنه لن يتم التصديق على هذه الاتفاقية إلا بعد تسوية مشكلة أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وأعلن أنه لن يتغاضى عن تصرفات جورجيا، وأكد أن الطريق إلى التسوية للوضع فى أبخازيا يبدأ من العودة إلى تنفيذ الأحكام الأساسية لاتفاقيات سوتش وإجراء مفاوضات للتوصل إلى الحل السياسى الكامل ويمكن القول أن أبخازيا إذا أرادت أن تحافظ على استقلالها لابد وإنما تربط نفسها بروسيا خاصة وأنها لا يمكن أن تعتمد على نفسها فى صراعها مع جورجيا لذا يمكن أن تمارس روسيا ضغوطا على الأبخاز لكى يكتفون بالحكم الذاتى المرتبط بجورجيا وهو هدف شيفرنادزة من الارتباط بروسيا خاصة وأن روسيا تخوض صراعا مريرا فى الشيشان وتخشى من أن تنتقل نزعة الانفصال إلى القوميات الأخرى بها، لذا نجدها ساعدت شيفرنادزة ضد خورديا بعد انضمام جورجيا لرابطة أسرة الجمهوريات المستقلة بهدف منع عودة خورديا إلى السلطة فى جورجيا والذى ساند انقلاب أغسطس 1991 ضد جورباتشوف ويلتسين ورفض انضمام جورجيا لرابطة الكومنولث، ورغبة روسيا فى خلق محور مضاد للشيشان باعتبار أن خورديا حليف قوى لهم، حيث أن عودة خورديا إلى السلطة تعنى فقدان المكتسبات الروسية فى جورجيا فى حين أن مساعدة شيفرنادزة الضعيف سوف تحقق لروسيا إمكانية المحافظة على القواعد والمرتكزات العسكرية والاستراتيجية لموسكو فى جورجيا والقوقاز وربط القوقاز كله بموسكو، ومن ثم تواجد القوات الروسية على الحدود مع تركيا وإيران وفى البحر الأسود وجعل القوقاز منطقة عازلة فيما بينها وبين روسيا، فضلا عن ضمان الوصول إلى المياه الدفيئة:ـ موقف الأطراف الأخرى:ـ يتلخص موقف القوميات الأخرى من الصراع فى أن قوميات شمال القوقاز والتى مثلها اتحاد شعوب القوقاز أمدت الأبخاز من 6 ـ 8 آلاف متطوع فضلا عن الذخيرة والمعدات والأسلحة، ومن أهم هذه الشعوب الشيشان والأنجوش والروس الخ فى حين أن موقف القوميات الأوكرانية والمالدوفية، كان مساندا لجورجيا لأنها تعانى من نفسر المشكلة وأمدت جورجيا بالمقاتلين والمرتزقة وبالسلاح واقتصر الموقف الغربى على إدانة الأعمال العسكرية التى يقوم بها الأبخاز والدعوة لتسوية المشكلة بالمفاوضات السياسية ولعبت دورا فى مباحثات جنيف حيث مثلها فيها ممثلين عن مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى أما موقف الأمم المتحدة فلم يتعد إصدار بيانات من مجلس الأمن تعبر عن القلق العميق إزاء تدهور الوضع فى جورجيا كما فى بيان 8/ 10/ 1992 وتحت الأطراف المتصارعة على الوقف الفورى للقتال والالتزام بشروط الاتفاق الموقع فى موسكو فى 3 سبتمبر 1992 فضلا عن الق كيد على وحدة أراضى جورجيا وإدانة هجمات الأبخاز، كما فى بيان 19 سبتمبر 1993 وأرسلت الأمم المتحدة عدة بعثات دولية ونشرت 88 مراقبا دوليا فضلا عن موافقة مجلس الأمن فى 22/ 6/ 1994 على تركز 3000 رجل من قوات حفظ السلام الدولية فى منطقة الصراع والإشراف على مفاوضات جنيف والدعوة المستمرة لعقد مباحثات سلام بين الأطراف المتصارعة لإنهاء النزاع سلميا وبحث مستقبل الوضع السياسى للإقليم وفى 24 ديسمبر 1994 رفض مجلس الأمن إعلان برلمان أبخازيا عن دستور جديد يعلن قيام دولة مستقلة عن جورجيا وأكد أن أى إجراء يتخذه الإقليم من جانبه لإقامة كيان سياسى مستقل يعد انتهاكا لالتزام الأطراف بالتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للنزاع وأكد التزامه بالحفاظ على وحدة أراضى جورجيا وأخيرا يمكن القول بأن منطقة القوقاز شهدت تغييرات متواصلة ش الفترة الأخيرة قد تؤدى إلى رسم خريطة جديدة للمنطقة بعد محاولة الكثير من القوميات الاستقلال والحصول على صلاحيات أوسع للحكم الذاتى بل والانفصال كما انفصلت بعض القوميات عن بعضها البعض مثلما حدث بين الشيشان والأنجوش فى الوقت نفسه ساهمت هذه الصراعات فى رواج سرق المرتزقة والمتطوعين وتجارة السلاح وإقليميا فإن هذه الصراعات العرقية والقومية ليست محلية محضة بل أن لها إمداداتها الإقليمية المهمة وبخاصة فيما يتعلق بالجار الأكبر والأقوى صاحب الهيمنة السابقة ـ روسيا ـ فضلا عن الترابط بين مجموعات الشعوب والقوميات هناك مما يزيد من تعقد هذه الصراعات وحدتها.

 

Share Button