مائة وخمسون عاماً مضت، ويبقى الوطن الشّركسي في القلب…

مائة وخمسون عاماً مضت، ويبقى الوطن الشّركسي في القلب…
Final-150يصادف هذا الشهر وتحديداً اليوم الحادي والعشرين من شهر مايو/أيار ذكرى أليمة على الأمة الشّركسيّة، لتسجل مرور مائة وخمسين عاما على النكبة التي حلّت بأجدادهم الشجعان الّذين دافعوا عن وطنهم ووجودهم دفاعا بطولياً ندر مثيله. تأتي هذه الذكرى والأمة الشّركسية لا تزال تعاني من الصعوبات والنتائج التي خلفتها تداعيات الحرب الظالمة التي شنتها قوى البغي والعدوان ضد وطنها ووجودها.

الأمة الشّركسيّة لا تزال تعيش مأساة حقيقية إذا ما أخذ بعين الإعتبار الإغتراب عن الوطن لنحو تسعين بالمئة يعيشون في الشّتات في عشرات الدّول من خلال النفي الإجباري والبعد الجغرافي، بالإضافة إلى التقسيم الإداري في الوطن الأم الّذي جعل العشرة بالمئة الباقين يعيشون في ست جيوب غير متجانسة أو متلاصقة جغرافيا وهو ما فرضته الحكومات والسلطات الروسية المتعاقبة من أجل فرض الأمر الواقع المتمثل بتفريغ الأرض الشّركسية من سكانها و/أو جلب مستوطنين من أصول وقوميات مختلفة من أجل إبقاء الشّركس غرباء وأقليات في أماكن إقامتهم التي فرضت عليهم بهذا الأسلوب.

لقد استثمرت الدّولة الروسية فوزها بالحرب على مدى السنين ولا تزال، حيث كانت آخر خطوة استعمارية في هذا الاتجاه ما حدث في سوتشي الشّركسيّة حيث قامت الدّولة الروسية باستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة في شهر فبراير/شباط من العام الحالي من أجل تدنيس ومحو قبور ومقابر الشّركس الّذين قضوا وهم يدافعون عن وطنهم، بالإضافة إلى تغيير معالم وحتى طبيعة الأراضي والمحميات الطبيعية التي كانت فعلا مسجلة في سجلات اليونسكو.

إن وضوح الصبغة الإستعماريّة للدّولة الرّوسيّة للملأ وعلى هذا النحو، وظهور أساليب الهيمنة والسيطرة على الشّعوب بالطّرق الملتوية والّتي تتبعها القوات والأجهزة الإستخباريّة التابعة لها، وكذلك ما جرى بشأن شبه جزيرة القرم ولا يزال يجري في أوكرانيا، يثبت بما لا يدع مجالا للشك طبيعة الدولة الإستعمارية الرّوسيّة، والأطماع الّتي لم تستطع اخفاء أمرها عن العالم في هذا الوقت من القرن الحادي والعشرين!

إن زمن الإستعمار قد ولّى وانتهى، ولن تبقى الشعوب والأمم المستعمرة والمصادرة حقوقها كالأمة الشّركسيّة والشعوب القفقاسيّة الأخرى وغيرها من دون حراك، ترقب ما يحدث من دون أن تطالب بحريتها وحقها في تقرير مصيرها واستعادة استقلالها. إن المطالبة بالحقوق المسلوبة بموجب القوانين الدّوليّة واعتراف الجاني بجرائم الإبادة الجماعيّة لا يمكن التهاون فيه أو المرور عليه مرور الكرام، لأن جريمة الإبادة الجماعيّة لا تسقط بالتقادم، وتتحمّل السلطات التي اقترفتها أو من يخلفها في الحكم المسؤوليّة القانونيّة وما يترتّب عليها.

وقعت خلال السنة الأخيرة أحداث كثيرة تتعلق بالقضية الشركسية، ومن المفيد ذكر بعض العيّنات الإخباريّة الّتي تتعلق بشكل مباشر بالتأثير الروسي التّسلّطي على العلاقات الهشة بين الدولة الإستعمارية الروسية والقوميات المستعمرة ومنها الأمّة الشّركسيّة والتي هي بالنتيجة تُذكّر ببعض التعديات الإمبريالية على غرار التمييز العنصري والعرقي والجرائم ضد الإنسانية التي ابتدأت منذ الإحتلال العسكري والضم والتوسع الإقليمي ولا تزال قائمة إلى يومنا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر يجب ذكر مقتل الشاب الشّركسي تيمور أشينوف من أديغيسك في جمهورية أديغيه البالغ من العمر 25 عاما نتيجة لجراح أصيب بها بالرأس إثر هجوم قام به المتطرّفون الروس في مدينة كراسنودار، وحسب الشهود وضحايا الهجوم كان المعتدون يسألون الّذين تواجدوا في المكان قبل الإعتداء السّافر، ما إذا كانوا من الروس أم لا. لم يلمسوا بسؤ من قالوا بأنهم من الروس (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/05/window-on-eurasia-circassians-block.html?spref=tw).

بالإضافة إلى الشكوى المقدمة من أحد الشّركس في نالتشيك وهو أصلان بشتو (Aslan Beshto) إلى المحقق الفيدرالي الروسي اليكسي باسترايكين (Alexander Bastrykin)، بشأن تصريحات عنصرية متطرّفة أدلى بها فلاديمير جيرينوفسكي عضو مجلس الدوما الروسي ونائب رئيس المجلس ورئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، والّتي طالب من خلالها جيرينوفسكي بتقييد الحقوق الدستورية للمواطنين الروس على أساس القوميّة، وبمعنى أدق ممارسة التمييز العنصري ضد الأقليات القومية، ومن غير المستغرب في الامر أن المحقّق الفيدرالي رد بجملة: “لا يمكن أن يكون صحيحا!” مكتفيا بذلك الرّد ومبدياً عدم الإكتراث بإنهاء عادل للقضيّة، ويعتبر تغاضياً من قبل السّلطات الروسية يدل على الإهمال والسّخرية وتكريس التمييز العنصري الروسي (http://aheku.net/news/incidents/5718).

ومن الجدير ذكره أيضاً أن مجلّة التايم الأميركيّة نشرت مؤخّراً مقالاً بعنوان “شاهد ‘ذئاب’ القوزاق يمارسون أعمال روسيا القذرة في أوكرانيا”، والّتي تذكّر بممارسات وأعمال القوزاق في خدمة الإمبراطوريّة القيصريّة الرّوسيّة إبان الحرب الرّوسيّة – الشّركسيّة، وهم الّذين ساعدوا على الإخضاع التدريجي لشركيسيا من خلال عمليات القتل والإبادة الجماعيّة والتّطهير العرقي وتشييد الحصون ومستوطنات القوزاق والسلب والنهب والإستيلاء على الممتلكات الشّركسيّة وسرقة المحاصيل الزراعيّة والمواشي وتدمير أي شيء يمكن تدميره. ويتكرر ذلك المشهد الآن، حيث ذكرت المجلّة أساليب العنف التي يستخدمها “ذئاب القوزاق” في المثل الأوكراني ناهيك عن التهور وممارسة السلوكيات الفظّة والمهينة والأخلاقيات الهابطة وعدم احترام القيم الدّينيّة أو الحضارية (http://time.com/95898/wolves-hundred-ukraine-russia-cossack/).

قال فريدريك دوغلاس:”المعرفة تجعل الرجل لا يصلح لأن يكون عبداً”.

إيجل

مجموعة العدالة لشمال القوقاز

http://justicefornorthcaucasus.com/

Share Button

اترك تعليقاً