بول غوبل
ستاونتون، 4 نوفمبر/تشرين الثّاني – قال الكسندر خلوبونين، المفوض الرئاسي لمنطقة شمال القوقاز القيدراليّة، في الأسبوع الماضي بأن “المهمة الأولى” يجب أن تكون لدعم والاعتماد على إحياء القوزاق كجزء من جهد موسكو لعودة الإثنيّين الروس إلى ذلك الجزء المضطرب من البلاد.
وبينما يوضّح سيرغي ماركيدونوف في تحليل جديد، أنّ أفضل وصف لحركة القوزاق في يومنا الحاضر أنهاحركة “القوزاق الجدد”، فتاريخ التوترات بين السكان الأصليين لتلك المنطقة، والقوزاق الذين كانوا قوّات الصدمة للتوسع الروسي هناك، يجعل من ذلك إشكالية، وحتّى تكتيك خطير (http://www.politcom.ru/10977.html).
إنّ خطط خلوبونين تجعل تحليل ماركيدونوف في الوقت المناسب لا سيما في ضوء أن القوزاق الجدد الذين وصفهم هم أكثر تمسّكا بالقومية الروسيّة ومن المرجح أن يكونوا أكثر عداءا للجنسيات غير الروسية في شمال القوقاز مما كان عليه القوزاق الذين انتقلوا جنوبا إلى تلك المنطقة في القرنين الثّامن والتّاسع عشر.
وماركيدونوف، وهو حاليا باحث زائر في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية، يوضح بجلاء، أن القوزاق الجدد ليسوا استمرارا للمجموعات الأقدم منهم بل ظاهرة جديدة تماما، واحدة تعتمد على أفكار القوزاق ولكن تفتقر الى حس المشاركة والظروف الاجتماعية التي كانت موجودة في قوزاق ما قبل 1917.
ويضيف ماركيدونوف بأنّ حركة القوزاق الجدد ظهرت في أوائل تسعينيات القرن الماضي، “كرد فعل لنمو النزعة القومية الإثنيّة في جمهوريات شمال القوقاز في ظل ظروف أزمة وتفكك الاتحاد السوفياتي.” ونتيجة لذلك، فإنّ “القوزاق الجدد” في كوبان وتيريك بدؤوا “بلعب ثفل موازن معين للإثنيات الّتي تمّ تشكيلها هناك”.
يفصّل ماركيدونوف صراع إحياء وحدات القوزاق مع الجمهوريات غير الروسية في تلك المنطقة خلال أوائل تسعينيّات القرن الماضي، الصّراعات التي أدت في بعض الأحيان إلى اشتباكات عنيفة ووفيات، وظهرت دعوات لإنشاء أو إعادة إنشاء أقاليم القوزاق من عهد الامبراطورية، ولكن في نهاية المطاف لم تؤدّي إلى أية تغييرات حقيقية.
في البداية، أيّد الإثنيّين الرّوس في شمال القوقاز فكرة إنشاء جمهورية قوزاقيّة، مع “65 في المئة تقريبا” في أحد استطلاعات الرّأي يؤيّدون تلك الفكرة. أعلنت عدة مجتمعات قوزاقيّة قيام جمهوريّات كهذه، ولكن السلطات الروسية لم تكن مستعدّة لتقديم الدعم لهم، مفضّلة بدلا من ذلك على الاعتماد حيثما كان ذلك ممكنا على القادة في الجمهوريات القائمة.
على الرغم من أنّه كان هناك تناميا وجيزا في الاهتمام المحلي في إنشاء إقليم قوزاقي خاص، ما يسمى إقليم تيريك، في بداية جهود موسكو العسكرية في الشيشان في الأعوام 1994 و 1999، لم تشكّل مثل هذه “ترانسدنيستريا ثانية”، إلى حد كبير بسبب التدفق السريع للسكان من ذوي الأصل الروسي من شمال القوقاز.
على مدار العقد الماضي، يتابع ماركيدونوف: “القوزاق الجدد كمشروع سياسي” اختفى تقريبا كقضية. تدبير واحد من ذلك هو أن مركزهم أصبح في مقاطعة ستافروبول والتي ما كانت أبدا من ناحية تاريخيّة مركزا لنشاط القوزاق وإنما “للإستعمار الفلاحي”.
ودلالة على هذا الإنخفاض في آفاقها السياسية، يقول المحلل المسكوبي، كان هناك “تغييرا في اللغة السياسية” الّتي استخدمها قادتهم. “لغة المطالب [التي كانت شائعة في أوائل أعوام التسعينيات من القرن الماضي] حيث استبدلت تماما بلغة الإلتماسات للحصول على إذن”.
ماركيدونوف يشير إلى أن من بين الأسباب الأخرى لضعف مشروع القوزاق في المنطقة كان عدم قدرة القوزاق على إيجاد “حلفاء استراتيجيين أو حتى تكتيكيّين،” على الرغم من توقّر البعض لأن معظم قادتهم “وضع ‘نقاء الدم’ أعلى مرتبة من الواقعيّة”، ما كلّفهم خسارة الدعم من جماعات مثل النّوغاي.
وفي الوقت نفسه، وفي أعوام التسعينيات من القرن الماضي، “انقضى فيها عهدا كان الروس والقوزاق يُعتبرون من قبل غير الرّوس ‘أخوة منذ الأيام الماضية'”. ولم يتعلم القوزاق أبدا استخدام لغة حقوق الإنسان، وبالتالي فقد أُدينوا لظهورهم “كمنتقمين” وكشيء “ليس للمستقبل ولكن للماضي.”
وعلاوة على ذلك، يكمل ماركيدونوف، فإنه سرعان ما أصبح واضحا بأن “عملية السّفْيتهْ للسكان القوزاق الرّوس في شمال القوقاز كانت أعمق بكثير من بين الجماعات العرقية ‘الفخريّة’،” وهو شيء حدّ من قدراتهم على استعادة الماضي أو حتّى البناء عليْهِ إما عن طريق التوحّد مع الإثنيّين الرّوس أو مع الآخرين.
ولكن ربما كان الأهم من ذلك، يقول المحلل الروسي: “القوزاق الجدد في شمال القوقاز لم يتلقّوا ‘الإشارات’ اللازمة من المركز.” لم تكن موسكو مهتمّة في إندماج كامل المنطقة في الأراضي الروسية، وفضّلت بدلا من ذلك العمل عندما يكون ذلك ممكنا مع الأنظمة الإثنيّة غير الرّوسيّة.
وكان لذلك نتيجة أخرى: أصبح واضحا للكثيرين في العاصمة الروسية بأن “العديد من قادة ‘المشروع القوزاقي’ كانوا على استعداد للصّراع لا مع ما يتعارض مع مبادئ الإثنيّة على ذلك النحو ولكن فقط ضد الإثنيّات التي لم تكن ‘لهم’.” وبناء على ذلك، فإنّ دعم القوزاق سيخلق مشكلة جديدة بدلا من حل واحدة قديمة.
فمن الممكن أن تصريحات خلوبونين تمثل تحوّلا، ولكن ماركيدونوف يلمّح بأن الحال ربما ليس كذلك. “في ظل ظروف عندما تم اختزال سياسة شمال القوقاز في شعارات وتبادل أنخاب، فإنّ ليس من المستغرب أنه بدلا من التحليل المنهجي،” فإن المسؤولين الروس يقولون مثله “القوزاق سوف يكتبو تاريخهم في القرن الحادي والعشرين بثقة.”
ولكن على الأقل قد يرى بعض القوزاق تلك الكلمات مجرد الإشارة التي لم يتلقوها في الماضي، والتي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة في المنطقة — حتى لو لم تكن “الإشارة” بأن أي شخص، بما في ذلك خلوبونين نفسه، اعتقد بأنه كان يرسلها بواسطة ملاحظاته غير الحذرة نوعا ما خلال اجتماع للقوزاق في الاسبوع الماضي.
أرسلت من قبل بول غوبل السّاعة 6:19 صباحا
ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز
نقل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز