الأعضاء الشركس في المجلس التشريعي لجمهورية الأديغيه

فيما يلي نص لترجمة  الرسالة المفتوحة الموجّهة إلى  الجمعية الوطنية لجمهورية أديغيه:

الأعضاء الشركس في المجلس التشريعي لجمهورية الأديغيه

لقد شعرنا بالمهانة وخيبة الأمل، حين عَلِمنا بأن مجلسكم التشريعي التمس اللجنةَ الاولمبيةَ الروسيةَ؛ إشراك مكوِّنٍ شركسيٍ في أنشطةِ أولمبياد سوتشي الترفيهية و ممثلين عن الشركس في اللجنة الأولمبية الروسية.

قد يَحسُنُ بنا هنا أن نٌذَكِرَ ببعض الأمور الإجرائية التي تجرد التماسكم من شرعيته، قبل أن نتطرق إلى مآخذنا الأخلاقية و الإستراتيجية عليه:

  1. لا تتبع مدينة سوتشي التي اختارتها الحكومة الروسية مكاناً للألعاب الأولمبية، جمهورية الأديغيه إدارياً، وحري بكم كنواب منتخبين أن تدركوا مع زملائكم من الإثنية الروسية، أن رواتبكم تدفع لكم لقاء معالجة شؤونٍ ناخبيكم وفي حدود جمهوريتهم، و لا تتعداها إلى الجوار.
  2. لا يملك برلمان الجمهورية صلاحية تقديم التماس كهذا للأسباب التالية:

أ‌.        يشكل الشركس الممثلون في مجلس الجمهورية التشريعي 2% فقط من إجمالي شركس العالم.

ب‌.   لا يملك النواب غير الشركس و كذلك ناخبوهم الذين يشكلون 75% من مواطني الجمهورية، حق التقرير نيابة عن الشركس في شأن قومي محض، لذلك  يعود قرار المشاركة في الأولمبياد إلى كل شراكسة العالم، لأن هذا الحدثَ عالميٌ و ليس محلياً أو فيديرا لياً.

  1. لم تُسمى جمهورية “الأديغيه” اعتباطاً، بل اشتق اسمها من الاديغة الذين تبقوا بعد الإبادة الجماعية،

ويتبدى هنا بجلاء الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان و لقواعد اللياقة العامة، عندما يقررُ أحفادُ المستعمرين موقفَ الشركسِ من الأولمبياد “يشكلون أغلبية سكان الجمهورية، ويؤيدون إنكارَ الدولةِ  الروسيةِ حدوثَ الإبادةِ الجماعيةِ”.

وبعد فقد لا تدهشُ أحداً جسامةُ الضررِ، الذي ألحقهُ قرارُ هؤلاءِ الناسِ بالقضية الشركسية.

 

التماس الأعضاء الشركس في مجلس جمهورية الأديغيه التشريعي

يقترحُ الالتماسُ الذي شاركتم في تقديمه، إشراكَ فريقٍ شركسيٍ أسوةً بالعديد من الفرق الإثنية في احتفالية الاولمبياد، و هذا يفرض تساؤلاً: ما الذي دفعكم للاعتقادِ عندما تقدمتم بالتماسكمُ هذا، بان لكم الحقُ في تمثيلِ خمسة ملايين شركسي حول العالم؟ و مَنْ مِنَهم حبذَ دعمكم لهذا الأولمبياد، أو استحسنَ أن يرقص ويغني أبناء قومنا على أرضٍ شهدت ذبحَ و تهجيرَ أجدادهم؟ و ما هي الحقوق السياسية، الاقتصادية و الثقافية أو الامتيازات التي سيحرزها الشركس مقابل دعمهم العلني لهذا الأولمبياد؟

إذا كنتم غافلينَ عن ما ألحقتم بشعبكم من الأذى، اسمحوا لنا  بتبيينِ عواقب فعلتكم.

يتوقع معظم الشركس المطلعين و كثير من الباحثين المحليين، انقراضاً وشيكاً للشعب الشركسي خلال بضع أجيال، و يحاول الشركس معالجة هذه المعضلة بتنظيم أنفسهم و تشكيل جماعات ضغط بهدف الحصول على حقوقهم القومية، بما فيها حق العودة، و على اعتراف بالإبادة الجماعية التي لحقت بهم.

لقد قابلت السلطات الروسية دوماً بالإنكار القاطع أو التجاهل أية مطالبة بحقوقنا ، مثل ذلك  الطلبٍ الرسميِ الذي قدمه من سَلَفكُم من نواب منتصف التسعينات، والذي ما زال ينتظر الرد، و دفع فشل المساعي المباشرة مع السلطات الروسية، الناشطين في الشتات إلى مناشدة حكومات العالم ومؤسساته، يرجونها الضغط على روسيا دبلوماسياً واقتصادياً، لعله يقنعها بإجراء حوار مخلص مع الشركس، قد يفضي إلى حلٍ ينقذ هذا الشعب وثقافته من الضياع.

لقد ساهم انتقاء سوتشي المتبلد المشاعر كحاضرة للأولمبياد، في تصعيد اهتمام العالم بقضيتنا؛ وبالإبادة الجماعية التي كنا ضحيتها، وبما طال سوتشي و جوارها من تطهير عرقي شامل ، وبما انتهك هناك من حقوق الإنسان، وبحقوق الأصالة التي أنكرت على الشركس في وطنهم، و قد تكون وقائع تاريخنا المأساوي، هي كل ما نستند إليه في احتكامنا هذا إلى المجتمع الدولي، آملين منه العون على استعادة حقوقنا  وإنقاذ شعبنا من الزوال.

لكن والحق يقال، فاق الالتماس الذي شاركتم في تقديمه كل أبواق دعاية روسيا فعالية، في دعم مساعيها إلى إنكار الحقيقة و إعادة تدوين التاريخ، أتظنون بَعدُ أن العالم قد يؤمن بصدق ما ندعي، بينما يرقص أبناء جلدتنا محتفين بهذا الأولمبياد.

أيعقل أن يرقص الشراكسة الفخورون النبلاء و يُنشدوا الأهازيج تسلية لقاهريهم، في موقع شهد مذبحة أجدادهم و نفي من نجا منهم؟ هذه مذلة يصعب قبولها حتى على أشد الناس خنوعاً، أضف إلى هذا أن المراقب غير المطلع قد يستنتج ، أن الناشطين يظلمون الروس بادعاءات ملفقة، و إلا فكيف له أن يفسّر ما يحدث أمام ناظريه.

لقد حمل شراكسة الشتات دوماً شعوراً عميقاً بالامتنان تجاه إخوتهم على أرض الوطن، لأنهم حفظوا ما أمكنهم من ثقافة أمتنا، في ظل ظروف مريعة ومعاناة لا تُصدق.

و لقد تمكن الشتات الشركسي أخيراً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، من المساهمة في الشأن القومي بدورٍ مُنسًقٍ يُعوًلُ عليه، إسوة بإخوته في الداخل، و الكل مدرك لدوره و أهمية الوحدة و التنسيق.

و لقد اندفع الناشطون في الشتات إلى تصعيد جهودهم القومية، بسبب إدراكهم التضييق والتقييد المفروضين على إخوتهم في الوطن ، فلا يستطيع هؤلاء توجيه النقد إلى الحكومة دون المخاطرة بسلامتهم، و يتفهم الشتات الصمت المفروض على شراكسة الوطن  في بعض الشؤون السياسية الهامة، لكن المشكلة تكمن في شراكسة يعملون ضد مصالح أمتهم و هم في حلٍ من ذلك.

و لابد أن النواب الشركس الذين شاركوا في تقديم الالتماس إلى اللجنة الأولمبية الروسية، كانوا مدركين تماماً مدى الضرر الذي قد يلحقه ذلك بمساعي الشركس عالمياً، و هنا يلح سؤال؛ هل كان القصد من ذلك إفشال مساعي الناشطين في الشتات، أم أن الدافع  قناعة مخلصة لدى نواب البرلمان الشركس بأن ذلك سيساعد في إيصال الشراكسة إلى أهدافهم؟ إذا كان المراد هو الأخير، ما هي بالتحديد الفائدة من تحقير و تدنيس تاريخنا؟ و هل كان يَجدُرُ بجهود الشتات أن تُحبَطَ؟ أم أن هذا كان الهدف أساساً.

هل تظنون أن النظام الذي يدمر بمنهجية ثقافتنا، و يسعى جاداً إلى إلغاء جمهوريتكم، سيطلع العالم  على ما اقتُرِفَ و ما يُرتَكَبُ ضدنا، إن خطته في حال نجاحها ستحولنا إلى واحدة من إثنيات روسيا المنقرضة.

إن دعم الأديغيه الرسمي للأولمبياد، سيساعد الدولة الروسية في إقناع العالم بصدق ما تدعيه، و سيستغل بدرايةٍ من قِبَلها في إسكات الاحتجاجات عالمياً.

لم تقتصر أضرار فعلتكم على ما يبذل من جهود لاسترجاع حقوقنا ، بل هناك ضررٌ معنويٌ أعمق لحق بالفخر والعزة القوميين، و هما أبرز ما يميز الشركس من خصالٍ و هما مصدر إخلاصهم و  شجاعتهم و تضحيتهم بالذات،و لا تقتصر تقاليدنا على صون كرامة الفرد، بل تتعداها فتشمل الأمة بأحيائها و أمواتها، مثل ذلك امتناع الكثير منا عن أكل أسماك البحر الأسود احتراماً و تكريماً لمن غَيَبَهُ هذا اليَمُ من أسلافنا، هذا ما كان عليه اعتزازنا بشعبنا و احترامنا له ، قبل أن نرجو السماح لنا بالرقص على قبور هؤلاء الأسلاف.

قد تكون معضلة أجيالنا القادمة، التغني بشرف و عزة شعبنا، أمام أطفال يرون بأعينهم كيف بيع هذان رخيصين.

إن أملنا الوحيد في النجاة هو الوطن الموحد، و حقنا بالعودة دون قيد أو شرط إلى أرضنا و حقنا في تقرير مصيرنا في وطننا، إنه الطريق الوحيد الملائم، لدينا الكثير مما قد يعيننا على الوصول إلى هدفنا، كالحقيقة و التاريخ و العدالة و الفضيلة و القانون الدولي و اعتزازنا بشعبنا.

أليست كل هذه القيم، أثمنَ من عشر دقائق من الغناء و الرقص على المسرح، تفضلوا و خذوا هذا بعين الاعتبار، عندما تنوون ثانية الحديث نيابة عن شعبكم.

Share Button