نافذة على أوراسيا : تزايد شكوك الرّسميّين في موسكو من أن تتمكن روسيا الإبقاء على شمال القوقاز ولكنها تهاب من عواقب التخلي عنه، يقول كوربانوف
بول غوبل
ستاونتون في 6 ديسمبر/كانون الأول – التصريحات العلنية لابل على العكس من ذلك، الآراء الشخصية للمسؤولين والخبراء الروس حول شمال القوقاز تتغير بسرعة، في حين أن أكثرهم خلصوا أكثر من أي وقت مضى إلى أن منطقة شمال القوقاز قد لا تبقى جزءا من الفيدرالية الروسية (الإتحاد الروسي)، وفقا لمختص قديم في أكاديمية معهد العلوم للدراسات الشرقية.
عدد متزايد من هؤلاء الناس، يقول رسلان كوربانوف في العدد الحالي من صحيفة “نوفويي ديلو”” خلصوا في الرأي إلى أن المنطقة قد تسير وفق منهج خاص بها، وبالتالي إبطال قول الشاعر الداغستاني الراحل رسول حمزتوف فيما نقل عن تعليقه بأن المنطقة لم تصبح جزءا من روسيا طوعا ولكنها بالتالي لن تتركها طوعا
(www.ndelo.ru/one_stat.php?id=3856).
وهذا التحول في رأي موسكو بدورها، له تأثير في شمال القوقاز نفسها، مما يقوض “تيقن السكان المحليين بأن مصير شمال القوقاز وروسيا لا يفترقان”، سواء بسبب رغباتهم الخاصة أو استعداد موسكو لأن تفعل ما في وسعها لضمان أن يبقى ذلك صحيحا.
لكن، يضيف كوربانوف، بأن الاعتراف من قبل البعض على الأقل في موسكو وأكثر من ذلك في شمال القوقاز بأن النتيجة المحتملة لاستقلال شمال القوقاز ستكون تشكيل دولة اسلامية على غرار طالبان ما سيستدعي التدخل الخارجي في نهاية المطاف حيث سيبقي على كبح جماح أولئك الذين يعتقدون بأن روسيا قد لا تكون قادرة على السيطرة على تلك المنطقة إلى الأبد.
“عمليا كل المحللين الروس،” يقول كوربانوف، يصفون “الأحداث الأخيرة في شمال القوقاز” كدليل على أن السلام هناك “ما زال بعيدا جدا.” إنهم قلقون بشكل خاص، يضيف كوربانوف، من خلال كثرة الإستخدام المتزايد للمفخّخات الإنتحاريّة والعدد المتزايد من الهجمات الإرهابية على أهداف روسيّة بعيدة عن شمال القوقاز نفسها.
العديد من نفس هؤلاء المحللين، يضيف، يقولون الآن صراحة ان “الدولة تتعامل في المنطقة مع هياكل سرية منظمة تنظيما جيدا ومسلحة وفق أفكار (أيدولوجيّات) معيّنة، وتتمتع بتعاطف ودعم بجزء ليس باليسير من السكان المحليين.” وهم يسألون “ما هي الحكمة من الإبقاء على جمهوريات معيّنة من شمال القوقاز ضمن روسيا”.
حتّى المدافعين عن دور روسي أكبر في تلك المنطقة مثل ألكسندر خلوبونين، المفوض الرئاسي لمنطقة شمال القوقاز الاتحادية، أثار هذه المسألة “كما لو انه أراد ان يقنع نفسه ومرافقيه” للحاجة إلى بذل كل ما يلزم للاحتفاظ لمنطقة بأسرها داخل الاتحاد الروسي.
رجل الكرملين في المنطقة حدد أربعة أسباب لعمل ذلك، يقول كوربانوف. أوّلا، أصر خلوبونين على أنّ “تطوير إمكانات روسيا الفكرية سيمر عبر القوقاز.” ثانيا، قال أن “القوقاز منطقة عازلة قوية ما يمكّنُها من صد أي تغلغل في روسيا… من قبل الإرهاب والتطرف والإسلام الزائف.”
ثالثا، قال المفوض الرئاسي بأن القوقاز هي “جسر فريد من نوعه إلى الشرق الأوسط وهي أيضا أراضٍ إستراتيجية بالنسبة لروسيا.” ورابعا، أطرد خلوبونين أنه “في الوقت الحاضر، [منطقة القوقاز] تمثل امكاناتنا الديموغرافية [بسبب] وتعتبر الإقليم الوحيد الذي يساهم في نمو السّكان في الإتحاد الرّوسي “.
لكن “تصريحات خلوبونين والبقيّة،” يتابع كوربانوف، “ليست سوى الصورة الرسمية. في الحقيقة، في دوائر موسكو القريبة من القوى إيّاها، مفهوم المنطقة ودورها في السياسة الروسية قد تحوّل بشكل ملحوظ.” ونتيجة لذلك، رغم أن الكثيرين في المنطقة يتطلّعون إلى موسكو لتحقيق الاستقرار فإن موسكو تبحث عن مخرج ما.
فكوربانوف يتموضع في العديد من كل ذلك. في باب “روسكي جورنال” لصاحبه غليب، هنالك العديد من الكتاب قد ناقشوا ما الّذي يمكن أن يحل محل إمارة القوقاز، من خلال مناقشات تدارست فيما سيحدث اذا انفصلت هذه المنطقة عن روسيا، وكيف يمكن لموسكو ضمان أنظمة حكم ودودة لها هناك.
سيرغي كورغنيان الذي تربطه علاقات مع إيغور، الذي كان يشغل أحيانا منصب مستشارٍ للكرملين، تحدّث عن “الإنفصال القسري لشمال القوقاز عن روسيا” كجزء من جهد أكبر والّذي من شأنه أن يقلّص حجم روسيا نفسها ثمنا “لتكامل واسع النطاق” فيما يمكن أن يكون بقي في “المجتمع العالمي”.
حتّى أنّه كان قد أعلن في محاورة على صفحات “زفارتا” ان “المواقف المناهضة للقوقاز ضمن النخبة والتّقدّم في فضاء الحس العام لفكرة عدم إحتمال وجود آفاق لمحاولات دمج القوقاز في الفضاء الروسي العام هوالأيديولوجية الخفية لطرف معين من الخدمات الخاصة الروسية (إف إس بي) “.
في أحاديث غير رسمية، يقول محللون في موسكو أنه في ظل فلاديمير بوتين حتى حوالي العام 2005، “اعتقدت روسيا نفسها أنّها إمبراطورية مصغرة معيّنة” بحيث كان لا بد من الدفاع عنها. لكن منذ ذلك الحين، “سواء في المجتمع أو وعي النخبة السياسية، فإنّ وجهة نظر القوقاز بدأت تتغيّر. فمشاكلها لم تجد طريقا للحل، وتهديداتها تتضاعف.”
لقد تساءل السياسيون الرّوس قي العلن أكثر من أي وقت مضى أسئلة فيما يتعلق بإمكانية “دمج القوقازيين في النسيج الاجتماعي والسياسي للفضاء الرّوسي،” نموذجيا فيما يتعلق بالعمال المهاجرين من تلك المنطقة كمواطنين من الروس من ناحية تاريخيّة، لكن في بعض الاحيان وبمعنى أوسع من ذلك لاستكشاف هذا التساؤل كذلك.
وقد اقترح فلاديمير جيرينوفسكي، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي (LDPR)، الّذي يشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الدوما، أن منطقة القوقاز تعتبر تهديدا لروسيا، وهي فكرة قد يقوم بمجرد التعبير عنها بقوة أكبر وأسبق من الآخرين ولكنهم يتقبلونها، على الرغم من أنهم لم يصلوا بعد الى استخدام لغة ذلك السياسي الصريح.
وكما تم تداول هذه الأسئلة، يضيف كوربانوف، فإنها تنطوي على نحو متزايد ليس فقط لمشاكل الإرهاب وعدم الاستقرار ولكن الإعانات الهائلة التي تدفعها موسكو الى الموالين في المنطقة، وتكاليف العمليات العسكرية المستمرة هناك والتي لا نهاية لها على ما يبدو.
في الواقع فإن بعض المحللين مقتنعون من أنّ استعادة الكرملين لتسمية منطقة شمال القوقاز الاتحادية كان المقصود منه لتوضيح حدود الأراضي التي من شأنها أن تكون موسكو على استعداد لرؤيتها تمضي بطريقها الخاص بها، ولمّحوا إلى أن البعض في القيادة يأملون في تعزيز العلاقات مع هذه الدولة مثل تلك التي لديها مع أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
ولكن حتى لو لم يكن ذلك في نية الكرملين، فإن عدم وجود برنامج لدمج المنطقة مع بقية روسيا تعني، مؤشرا من بين أمور أخرى عدم وجود آفاق لمثل هذا البرنامج وبالنظر إلى أنه “أصبح هناك في البلاد الآن نهج قوي للشّعور الوطني الروسي”.
وكما قويت القومية العرقية الروسية، يجادل كوربانوف، فإن الإستعداد للنضال من أجل “التّكامل مع القوقاز قد خمد في أوساط النخبة الروسية. وكذلك [زوال الإستعداد للنضال هناك] قد مات جنبا إلى جنب مع وفاة الفكر المفرط في الوطنيّة والمشاريع الوطنية المغالى بها.”
الروس اليوم بمن فيهم قادتهم، يقول الباحث، بعد أن شهدوا جميع “تجارب وكوارث القرن العشرين،” لم يعودوا يريدون القيام بعمل عادي ما أو ما إلى ذلك. بدلا من ذلك، فإنهم يريدوا ان يكونوا “مجرد أُناس” والتركيز على الاحتياجات والرغبات الخاصة بهم بدلا من تنفيذ تلك الّتي تخص الآخرين.
وهذا التحول ازداد صلابة بعيد انهيار التهديدات الخارجيّة السّابقة التي أبقت الرّوس على قناعة بأنه لم يكن لديهم أي خيار سوى الابقاء على كل شيء. ذلك التغيير بدوره يجعل من الممكن بالنسبة للروس في الوقت الحاضر النظر في خيارات تخص التعامل مع المحيط الإستعماري الّذي لم يكن في الوارد في نطاق التفكير حتى سنوات قليلة مضت.
وفقا لكوربانوف ، هناك ثلاثة “نماذج بديلة لمستقبل منطقة القوقاز” قيد النظر من قبل خبراء في موسكو: الأوّل، توحيد المنطقة في مقاطعة واحدة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى انفجار الصراعات العرقية، والثاني، توحيد القوقاز في ظل نظام علماني، ويقول بأن شيئا لا يمكن أن يحدث ربما.
والثالث، يقول، لكن من المرجّح وهو الأقل إستساغة، “هو انفصال القوقاز وإنشاء دولة إسلامية [هناك].” اذا اكتسبت المنطقة استقلالها من خلال سلخها عن روسيا، يجادل كوربانوف، “فإنّ تقوية جماعات المقاتلين سوف يؤدي إلى الاستيلاء على السلطة في غالبية مناطق القوقاز واقامة “نظام على غرار طالبان”.
في كثير من النواحي، حيث يتابع، موسكو لن تجد لتلوم الا نفسها وذلك لأنّها عملت على “تدمير كل مظاهر المعارضة الإسلامية المعتدلة” بواسطة “أجهزة تنفيذ القانون،” تاركة السّاحة خالية للمتطرفين. وذلك بدوره يشير حتّى إلى نتائج أكثر إثارة للخوف على المدى الطويل.
إذا ظهرت إمارة قوقاز كهذه، “يمكن للمرء أن يتقين” انه مع نشوء دولة على غرار طالبان، “سيتبعه تدخلا أجنبيّا على غرار ذلك التّدخّل في أفغانستان،” وذلك من شأنه أن “ينتج عنه حماما من الدم على الحدود الجنوبية لروسيا في المستقبل لعدة عقود قادمة.”
وباختصار، يشير المحلّل، لا يوجد لدى موسكو خيارات جيدة، على الأقل في المدى القصير، والتحول في الرأي يصف في مقاله، يبدو من المرجح أن يؤدي إلى الشعور بالمرارة بدلا من اتخاذ قرار يؤدّي إلى السماح لمنطقة شمال القوقاز المضي بالطريقه الخاصة بها. نتائج ذلك بالنسبة لروسيا، يقول، سيكون ببساطة مخيف جدّا.
http://windowoneurasia.blogspot.com/2010/12/window-on-eurasia-moscow-officials.html
ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز