هل “شرفسيز أباظه” سورياً أم قنصلا أبخازياً!؟
طلع علينا مؤخراً المدعو “شرفسيز أباظه” والمحسوب على النظام السوري الفئوي بترّهات خادعة ليست بغريبة عن هذا الشخص الذي يعتبر من أزلام نظام متهالك يترنّح ولا يتوانى عن قمع شعبه ليل نهار من أجل إطالة بقائه بالسلطة مهما كلف الثمن ومهما سال من دماء زكية للأبرياء من المحتجين من ابناء الشعب السوري البطل الّذي يطالب بالحرية والإنعتاق من ظلم نظام حزب البعث الجائر الذي أوغل في تحدي إرادة الشعب الذي يتوق إلى الإنعتاق من جبروت القهر والعبودية.
إن “شرفسيز أباظه” يتصرف وكأنّه يقوم بتمثيل أدوار مسرحية متناقضة شكلا وقالباً. فتارّةً يدّعي بانّه شركسي وتارّة أخرى ادعائه بانه أبخازي وأخرى تملّقه بأنّه بعثي قومي طلائعي وأخرى بأنّه من جلاوزة النظام الحزبي الحاكم في سوريا الذي قمع شعبه ولا يزال في عدة مواقع منها مذبحة حماه المعروفة للقاصي والدّاني وأخرى مستشارا أمنيا لمنظومة الإستبداد الطائفي التي قل مثيلها أو بخليطٍ من هذا وذاك، حيث أن كل هذه الأدوار تبرزه وهو يرتدي قبعات بألوانٍ وأشكالٍ وأدوارٍ متعدّدة.
إن ماضي “شرفسيز أباظة” لغني عن التعريف، فبالإضافة لما ذكر أعلاه فإنّه من الخريجين الأوفياء والنّجباء للنظام الشيوعي السوفياتي وكان له ولاء لا يطاله الشك بمبادئ الدولة السوفياتية وتعاملها مع الشعوب القوقازية المضطّهدة التي عانت الأمرّين من ظلم القياصرة المجرمين ومن بعدهم الشوعيين الماركسيين من أتباع لينين وستالين وكذلك نظام بوتين الحالي، وله باع طويل في الإرتباط الأعمى بالشيوعيين وبذيول الإتحاد السوفياتي وأزلامهم وجعله هو وأقرانه يسبّحون ليل نهار بحمد النظام الروسي الحالي الذي يسيطر عليه من تبقّى من عملاء وجواسيس الكى جي بي ومن بعده الإف إس بي الذي تم تنظيمه وإدارته من قبل بوتين نفسه وأعوانه. كل ذلك جعل “شرفسيز أباظه” في خدمة الأيدولوجيّة التي ترعرع في ظلالها حيث يقوم هو وأعوانه من خريجي المعاهد والجامعات السوفياتية ومن بعدها الروسية بالإستحواذ على مجريات الأمور فيما يتعلق بالشركس وجمعياتهم ومؤسساتهم في سوريا وبأساليب مباشره وغير مباشرة، حيث يعتبر نفسه الوصي (زوراً وبهتاناً) على الشراكسة وهو الذي في نفس الوقت يعتبر نفسه أبخازياً عندما تستدعي الظروف ذلك.
وبسذاجة منقطعة النظير يطلع علينا “شرفسيز أباظه” وبصفته هذه المرة كما أطلق على نفسه “القنصل الفخري لجمهورية أبخازيا في سوريا” ليتحدث باسم الشركس الذين لا يشرفهم التعامل مع هكذا شخص. يعلّق “شرفسيز” في بيانه على “طلب بعض أفراد الشركس من جورجيا ملاذا آمناً مؤقّتاً بسبب الإضطرابات المستمرة في سوريا منذ أشهر” فيدلي بدلوه ويقول بأن “هذا الخبر غير صحيح وملفق ولا أساس له”، وان ذلك “هو إيماء لشراكسة المهجر بأن جورجيا مهتمة بوضع ومصالح الشراكسة, وإقحام الشراكسة في مخططات جورجيا والولايات المتحدة الأمريكية عبر هيئاتها الغير حكومية في الشؤون الداخلية لروسيا الاتحادية”! فهو يعلم علم الغيب بأن ذلك لم يحدث بتاتاً ولو أن الشركس قرروا الطلب من جورجيا مساعدتهم فإنّهم سيفعلوا ذلك منه هو شخصيا ليقوم بذلك الدّور وبصفته (شركسياً) في هكذا حال!!!
يتابع حضرة القنصل الأبخازي ويقول “الجورجيون يسعون لتضليل الرأي العام العالمي عامةً, والرأي العام الشركسي خاصةً بأن شراكسة سوريا يعيشون أسوء أيام حياتهم نتيجة الاحداث في سوريا. وهذا كذب و هراء. إذ أنهم يبثون هذه الأخبار الملفقة بناءً على أوامر أسيادهم الأمريكان الذين يعملون ليل نهار لتدمير سوريا ( كالعراق ) خدمة لربيبتهم إسرائيل”، وكأن الناس يعيشون في القرون الوسطى ولا يتابعون ما يجري للأبرياء في سوريا ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة! ثم يومئ ليوسع دوره ليصبح مرشداً إجتماعياً لا يخلو من إنفصامٍ بالشّخصيّة، ولكن ناطقاً باسم حال النظام السوري ليسرد “إن الشراكسة في سوريا يعيشون مع الشعب العربي السوري الطيب الذي آواهم منذ هجَروا من وطنهم ( أبخازيا – قبرتاي – أديغي – الخ … ) اي منذ 150 عاماً فمصيرهم هو نفس مصير الشعب العربي . هنا يجب ان أشير وباحترام الى موقف القيادة الروسية في مجلس الأمن, هذا الموقف التضامني لن ينساه اي مواطن سوري وعلى رأسهم الشراكسة”!!! وكأنّه محلل سياسي لا تفوته لا شاردة ولا واردة، وهو بنفس الوقت ينطق نيابة عن الشراكسة!
ويزيد “شرفسيز أباظة” في بند ثالث من بيانه لينطق هنا باسم الشّركس مرّة أخرى بعبارات مطعّمةً بنكهة أبخازيّة “إن شراكسة العالم لا يُبدون أي احترام لجورجيا الفاشية الغادرة, حيث بالأمس والكل يتذكر ماذا فعل جحافل الجيش الجورجي بالشعب الأبخازي المسالم والأعزل. لقد قتل قرابة 4000 آلاف أبخازي ومن المتطوعين من اخواننا القبرتاي والأديغي, ودمروا كل شيء له صلة بالهوية الأبخازية من متاحف وجامعات ومعاهد لغة أبخازية ومسارح الخ…”، ولا داعي لذكر حواشي هذا البند التي ذكرت بطريقة “البكاء عل اللبن المراق”، فعن أي شركسٍ يتحدّث هنا؟ انه ليس المجال هنا لمناقشة ومعالجة سرد مثل هذه المعلومات لكن يجب الإشارة إلى الجرائم الأفظع على الإطلاق والتي اقترفتها روسيا المجرمة بحق شعب أبخازيا مِنْ قتلٍ وتدميرٍ وإبادةٍ وتشريدٍ وتهجير، وما أدل على ذلك إلا أعداد الأبخاز المبعثرين في أنحاء العالم والذين يفوقون إخوانهم المقيمين في أبخازيا بمرات عديدة.
لكن “شرفسيز أباظه” ينهي بيانه الديبلوماسي “شبه الثوري” (بصفته قنصلا) ويُذكّر “إن جورجيا تمارس اليوم وبشكل فظ سياسة التحريض لتفتيت شمال القفقاس وتخريب العلاقات بين شراكسة الوطن والمهجر وبين روسيا الاتحادية، وكذلك لإيجاد شرخ بين الشقيقين الشركسي والأبخازي – إنها تمارس أحابيل البيزنطيين القديمة”. جاء هنا دور الحكيم العاقل ليعطي الزبدة والخلاصة لما أراد إقناع القارئ به حيث يدخل في دهليز التباكي على أفعال جورجيا وتخريب العلاقات بين “شراكسة الوطن والمهجر وبين روسيا الاتحادية”، فهل بقي ما يمكن ترميمه من علاقات بين المجرم الروسي والضّحيّة الشّركسيّة؟
وأي شرخ يتحدث عنه هذا الحكيم المزيّف؟ فبصفته أحد الدلبلوماسيّين للجمهوريّة الأبخازيّة كان الأحرى به أن يذكر ان البرلمان الأبخازي طلب من الدولة الروسية الإعتراف بالإبادة الجماعيّة التي اقترفت بحق الأبخاز! ألم تكن الإبادة الجماعية والجرائم التي اقترفتها الدولة الروسية ضد الأمة الشركسية أشد وأعتى؟ فأين الشقيق الشركسي من ذلك؟
فما معنى العبارة التي صُمّمَتْ لتصطف في آخر فقرة “إيجاد شرخ بين الشقيقين الشركسي والأبخازي”؟
وما معنى الإحتفال الذي جرى قبل مدة وجيزة للبرلمانيين الأبخاز وأصدقائهم البرلمانيّين في روسيا الإتحاديّة (الصديقة جداً) بمرور مائة وخمسة وستون عاماً على الصداقة الروسيّة الأبخازيّة؟ كان لا يجب أن يفوتك الإشتراك في هكذا إجتماع ودّيْ يا سعادة قنصل أبخازيا الأفخم…
ووصفك في آخر جملة من بيانك المتناقض لا بل في آخر جملة فيه قولك: “إنها تمارس أحابيل البيزنطيين القديمة”، لكنه فاتك ان الجدل البيزنطي الذي أقحمت نفسك به لن تخرج منه إلا بظهور الحقيقة، لا بل الحقائق سواء في سوريا أو في القوقاز المحتل من قبل أصدقائك الروس!!!