عادل بشقوي:اذا لم يسعى الشركس لأستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟
ج. ت.: مرحبا عادل،
أشكركم على منحي اللقاء. أولا أود أن إعطي قرائنا بعض المعلومات عنك، مهنتك ونشاطاتك للأمور الشركسية. هل يمكنك أن تخبرنا شيئا عن خلفيتك؟
عادل: شكرا جينال (Jinal) لإتاحة الفرصة لي للتحدث عبر “شركيسيا نت” (“CHERKSSIA.NET“) التي من شأنها أن تجعلني سعيداً للظهور على موقعكم والتحدث عما يجول في خاطري من خلال الإجابة على أسئلتك. لقد ولدت في عمان، الأردن في عائلة شركسية لأب من الشابسوغ (Shapsough) وأم من الحتوقاي (Hatuqwai)، وأنا متزوج وأتشرف بأن أكون أباً وجداً. عملت عدة سنوات في القوات المسلحة الأردنية، وبعدها عملت في مهنة الطيران. بدأت منذ نعومة أظفاري في البحث والتفحص من خلال الرجوع الى الكتب والإستفسار من كبار السن عن أماكن تواجد الشركس، ماذا حصل للأمة وما هو سبب هذا التشتت. لقد بدأت بالكتابة والترجمة والبحث والتحقّق والنشر عن أمور شركسية وموضوعات أخرى في شمال القوقاز حيث يوجد تشابه بين مصير الشراكسة والشعوب الأخرى في شمال القوقاز. وكان هناك أيضا رغبة لمتابعة الأنشطة على الصعيد الدولي، مما جعلني أحضر مؤتمرين في جامعتي هارفارد و ويليام باترسون في ابريل/نيسان من عام 2008، عندما أتيحت لي الفرصة لإدارة جزء من الحدث الذي اقيم ليوم واحد، وفي جزء آخر كنت قد ألقيت كلمة باللغة العربية بعنوان “شركيسيا الوطن، إلى أين”، واليوم الشركسي في البرلمان الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأوّل 2008. وشاركت أيضا في مارس/آذار من عام 2010 في المؤتمر الدولي الأول الذي عقد في تبليسي، جورجيا، بعنوان “الأمم المغيّبة، جرائم دائمة: شمال القوقاز بين الماضي والمستقبل”، وألقيت كلمة بعنوان “شركيسيا وطننا الام“. لقد أتيحت لي الفرصة بتاريخ 20 مايو/أيّار 2011، لحضور جلسة البرلمان الجورجي عندما تم الاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل جورجيا. وفيما بين هذا وذاك حضرت بعض النشاطات في الأردن كان من بينها إلقاء كلمة في الجمعية الشركسية في عمان – الفرع الرئيسي حول الفعاليات التي حصلت في جامعة هارفارد في ما يتعلق بالقضية الشركسية، وآخر محاضرة ألقيتها في 20 مايو/أيّار من عام 2009 ، بعنوان “الحراك الشركسي بين شمال القوقاز والشتات“، والتي أعطيت باللغة العربية ولكن ترجمت أيضا إلى اللغة الإنكليزية.
ج. ت.: أنت ناشط في الأردن. ما هي الموضوعات التي تعمل عليها؟
عادل: عندما يسمح لي الوقت، أحضر بعض الأنشطة التي تعقد في الجمعية، ولهذا السبب فإن نشاطي محدود في هذا المستوى؛ ولكن أحاول قدر الإمكان متابعة ما يجري، وبودي أن أنصح الشركس دائماً بإعطاء الأهمية اللازمة تجاه الحفاظ على الذات والذي هو البند الأول من ناموس الطبيعة.
ج. ت.: ماذا يمكنك أن تخبرنا عن حالة الشتات الشركسي في الأردن؟ كيف تعيشون هناك؟ ما هي الأهداف الرئيسية ونتائجها للشراكسة هناك؟
عادل: يحظى الشراكسة باحترام كبير في الأردن كجالية متميزة بسبب دورها الإيجابي والمتفاني في الحياة الاجتماعية واليومية للبلاد ، حيث أنهم شاركوا في تأسيس الأردن الحديث منذ وصول العاهل الأردني إلى الأردن من الحجاز، الذي تم الترحيب به وتأييده من قبل الشركس والأردنيين الآخرين كذلك. والشركس منفتحون على الآخرين، وهم ليسوا إنطوائيون، فهم نشيطون في جميع مناحي الحياة وهم يحافظون على خصوصيتهم وتميزهم كأقلية معترف بها. والشركس معروفون جيدا بين الأردنيين بمزايا الصدق والإخلاص والولاء والمصداقية، وهناك أيضا إحترام متبادل وثقة مع جميع فصائل المجتمع الأردني. وكونهم يقيمون في الأردن منذ أكثر من 140 عاما، فإن الشركس متفاعلين مع البيئة التي وجدوا أنفسهم بها بعد ان اضطروا الى مغادرة وطنهم، حيث أن الأغلبية منهم منهمكون في الحصول على حياة كريمة وفي تعليم أبنائهم، في حين يؤكدون حقيقة أنهم شراكسة فخورون، وفي نفس الوقت يتوقون للحصول على ارتباط بالوطن الأم ولكن مع اختلاف بالعمق والأساليب والأولويات.
ج. ت.: هل هناك أي دعم من طرف الحكومة تجاه الشركس؟
عادل: وفقا للدستور الاردني فإن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، وبالتالي يحصل الشركس على حقوقهم بالأسلوب الذي ينبغي اتباعة من قبل الآخرين وهم يحصلون على الفوائد التي يتمتع بها المواطنين الأردنيين والذي يتجلى من خلال السماح للشركس بالعمل في الحكومة والجيش، وكان الشركس قد وصلوا إلى أعلى المناصب الرسمية مثل مناصب رئيس الوزراء والوزراء والأعيان وأعضاء البرلمان والقضاة وكبار الضباط في القوات المسلحة والأمن العام ودائرة المخابرات.
ج. ت.: في العشرين من مايو/أيار من هذا العام، أكّد البرلمان الجورجي أن روسيا القيصرية اقترفت جرائم ضد الإنسانية بحق الأمة الشركسية — الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الفائق. ما هو رأيك في هذا الاستنتاج؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل أمتنا؟
عادل: الشركس لم يتخلوا عن الأمل، لأن الأمل ينبع على نحوٍ سرمدي. وكان لي شرف حضور ومشاهدة هذا الحدث الهام في البرلمان الجورجي. لقد لاحظت ممثلي الشعب الجورجي يعلّقون على مشروع القرار وبعد ذلك أعضاء البرلمان يصوتون بالأغلبية المطلقة من الأعضاء الحاضرين على الاعتراف بِ “الابادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقي” اللذان ارتكبا ضد الأمة الشركسية من قبل الإمبراطورية القيصرية الروسية في القرن التاسع عشر. والنّتيجة لم يسبق لها مثيل، وهي الاعتراف الأبرز و / أو المكسب إلإيجابي الذي حظيت بها الأمة الشركسية في أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الروسية-الشركسية (القوقازية) التي انتهت في 21 مايو/أيار من عام 1864، والتي ستفتح أبواب مغلقة من أجل استرداد حقوق الشركس. فالحقيقة سوف تسود.
ج. ت.: أنت كنت هناك في تبليسي. ماذا حدث هناك؟ ما هو أسلوب التعامل الذي تنتهجه جورجيا نحو الشركس ونحو إبادتنا الجماعية؟ هل تعتقد انهم يريدون فقط تمرير سياساتهم معنا واستخدامنا لمصلحتهم؟
عادل: هذا صحيح، لحسن الحظ اني كنت هناك لمراقبة حدث هام من شأنه أن يؤثر على حل القضية الشركسية في وقت لاحق. وقد أظهرت الأمة الجورجية باعتبارها إحدى دول القوقاز وعضو في الأمم المتحدة موقف معقول ودرجة من المسؤولية الأخلاقية بالكشف عن دليل موثّق دامغ والمقدم من لجان متخصصة وعلماء ومؤرخين ومؤسسات أكاديمية وأساتذة جامعات وخبراء من العديد من البلدان حتى من روسيا، وكانت هذه الأطراف قد قدمت شهاداتها في مراحل سابقة إلى لجان البرلمان المختصة حول النتائج العلمية، الأمر الذي جعل اللجان تتوصل إلى مشروع قرار من أجل تقديمه إلى البرلمان للتصويت عليه، والذي حصل وأحيط العالم علما بأن الشركس قد تعرضوا للإضطّهاد وتعرضوا لأعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بكل تبعاته، بناءاً على أدلة لا يمكن دحضها. كل ذلك أظهر استعداد جورجي للاعتراف بالظلم الّذي عانى منه الشركس، “القدوة الحسنة خير من العظة”. الشراكسة ليسوا من السذاجة بأن ينظروا إلى الحقائق من زاوية مختلفة عما هي عليه في الواقع. هناك مصالح متبادلة بين الشعوب والأمم، كلٌ يعمل على ضمان حقوقه الأساسية في الحرية والكرامة الإنسانية. عندما يعرف الشراكسة ماذا يريدون، بالتالي يستطيعون التمييز بين الخير والشر، فإنّهم سيكونوا قادرين على رؤية وتحديد المسار واختيار الطريق الذي يجعلهم يتخذون ما هو مناسب لهم، وترك ما هو خاطئٍ ومؤذٍ. ينبغي أن يكون مبدأ المعاملة بالمثل هو الغالب. وأود أن أعلق على الشكوك في هذا الصدد بالقول: ليس هناك أحد أشد عمى ولا أشد صمماً من أولئك الذين لا يريدون أن يروا أو أن يسمعوا.
لا توجد هناك وسيلة بأن يتمكن الجناة من خلالها أن يفلتوا من العقوبة على الجرائم المرتكبة ضد الأمة الشركسية والإنسانية. هذا هو القانون وهذا هو واجب أخلاقي تجاه الحضارة، وأنّه لن تمر أية جريمة دون عقاب و / أو من دون مساءلة.
ج. ت.: هناك العديد من المنظمات الشركسية، مثل اتّحاد الجمعيّات القفقاسيّة (KAF-FED) ومنتدى القفقاس (Kafkasya Forumu) والمنظمة الشركسية الأكبر في أوروبا – (FDTKV) وغيرها، الذين هم ضد هذه النتيجة، أو على الأقل تحاول أن تتجاهلها. ما رأيك في هذا؟
عادل: إن الوجود في المنفى بعيدا عن الوطن ليس بخطيئة، ولكن تناسي الوطن هو شر مستطير. فيما يتعلّق بكافّة الجمعيات والمنظمات التي تدعى إما شركسيّة أو قوقازيّة، فإن القاعدة أو المسألة الأهم ينبغي أن تكون في مدى جدية وفعالية هذه الأطراف خاصة في خدمة الإهتمامات الجوهرية الحقيقية “للشّركس الأديغه” واعتماد وتنفيذ إلتزامات مصيرية؛ لكن يبرز التساؤل حول ما هي المبادئ التي نشأت تلك المنظمات والجمعيات من أجلها! هل هي أهداف رياضية أو ثقافية أو إجتماعية أو تجارية أو مهنية أو متعدّدة الأعراق أو وطنية؟ ويميل الناس للحديث في موضوعات إهتمامهم أو تخصّصهم. الجواب سيحدد التخصص، وبالتالي فمن الممكن الحكم على ذلك، ويجب عليهم أن يمارسوا ما يبشّرون به.
إن “الشّركس الأديغه” الحقيقيين هم الذين من المفترض أن يعطوا رأيهم، لأنهم هم الضحايا الحقيقيّين للأعمال العدائية التي أفضت إلى الإبعاد والنّفي بعيدا عن الوطن الأم. أعتقد أن الجواب عمّن مع أو عمّن ضد النّتيجة المتمثّلة بالإعتراف بالإبادة الجماعية لا يمكن الإجابة عليها من دون نهج علمي حقيقي في البحث، لكنها غائبة عن أذهان البعض لأن “المياه الهادئة عميقة الغور”! وينبغي على “الشركس الأديغة” الذين هم ليسوا تحت تأثير “الأنا الذّاتيّة” أو أطراف أخرى غير شركسية أن يعقدوا مؤتمراً منظّماً أو أنشطة موازية لتغطية جميع الموضوعات التي تتعلق بالشّراكسة، وبالتالي فإنّهم سوف يخرجوا بالقرار الشركسي الحقيقي. وفي نهاية المطاف فإنّ ما هو مفيد للشركس سوف يبقى وما هو سيء سينتهي. كبادرة طيّبة تجاه الأمة الشركسية أعلنت جورجيا اعتماد مشروع لتخليد ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية للشركس، التي نفذت من قبل الإمبراطورية الروسية، وعلى أساسها فإن الحكومة الجورجية ستصيغ خطة لإحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعيّة الشركسيّة وستتألّف الخطّة من إنشاء نصب تذكاري للضّحايا.
أي طرف مرحب به للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية حتى روسيا نفسها.
ج. ت.: هنا في ألمانيا سمعنا كثيرا عبارات مثل:
“إذا أردت ممارسة السياسة، يجدر بك الذهاب إلى الوطن وممارستها هناك، ولكن ليس هنا، حيث تجلس في مكانك الدافئ والآمن”!
“إذا بدأنا العمل بالسياسة هنا، فإن أخواتنا وإخواننا في الوطن سوف يعانوا نتيجة لذلك، لذا يجب أن تهدئوا!”
“يجب ألا نفعل شيئا يغضب روسيا؛ وإلا فأنها سوف توقف قدرتنا على الاتصال بالوطن”!
“لا يمكن لجمعيّاتنا ممارسة السياسة، لأنّنا أسّسْناها لمجرد الحفاظ على ثقافتنا، وأنه ضد قوانين ألمانيا القيام بعمل سياسي مع هكذا منظمات”! (وهو غير صحيح)!
او انهم يتلاعبون بالتصويت في الجمعيات، من أجل عرقلة مناقشات سياسية مفتوحة. (وهو ضد القانون الديمقراطي في ألمانيا)!
من وجهة نظري، المعنى الأعمق لهذه الاقوال والافعال هو فقط، لإبقائنا صامتين وغير فاعلين وللإبقاء على أجيالنا الناشئة بلهاء فيما يتعلق بالسياسة. ما هو رأيك في ذلك؟ هل لديكم تجارب مماثلة في جمعيّاتكم هناك؟
عادل: كونهم بعيدين عن الوطن الأم لأكثر من 147 عاما لم يجعل الشركس ينسون وطنهم الغالي. إذا نظرنا إلى حضارات وأمم بائدة، وقارنّاها بأمتنا، فإننا نجد أن جذور تاريخ أمتنا ضاربة في التاريخ البشري لأكثر من 6000 عام، وبتعرض الأمة الشركسية لظروف كارثية وخطيرة من الاضطهاد، والإبادة الجماعية، والطرد والترحيل، والقمع والتّنكّر بالإضافة إلى تدمير تراثها الثقافي لم يبيد الأمة الشركسية، ولكن على العكس من ذلك، لا يزال الشراكسة اكثر تصميما على الحفاظ على هويتهم المتميّزة والتمسك بثقافتهم الفريد من نوعها، وكذلك القيم، والعادات، والتقاليد والأخلاق، والتي تميزهم عن الآخرين، ويعطي الأمل لأن الله سبحانه وتعالى يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم.
في بعض الاحيان “الكلام من فضّة، لكن السكوت من ذهب”. وقد ذكرني سؤالك لي بتعبير للسيد بول غوبل (Paul Goble) حيث قال خلال حدث عن الشركس جرى في جامعة هارفارد في شهر ابريل/نيسان من عام 2008، إنه استنادا إلى وقائع تذكر من الحقبة السوفياتية والتي ترتبط في البولنديين ومواطني جمهوريات البلطيق في ذلك الحين، فإن قوة الشركس تكمن في عدد الشركس الذين يعيشون في المنفى (90 ٪ يعيشون خارج الوطن) والذي يتيح لهم حرية الحركة من حيث حجم الضغط الممارس على أولئك الذين يعيشون في الوطن.
ينبغي على أولئك الذين يصدرون الشائعات والذين يحاولون تهبيط المعنويات أن يعلموا بأن المكاسب غير المشروعة لا تثمر أبداً وأن سياسة الإستقواء التي يعتمدونها لن تنجح. المواطن الصالح يخدم بلده أينما يحيا وأينما يعيش، طالما أن الوطن الأم لم ينسى، والمحافظة على الهوية الوطنية هي البوصلة الحقيقية لاستكشاف وارتياد الطريق الذي يؤدي إلى الأهداف.
بغض النظر عما يحدث في الشتات، فكيف يمكن أن يجعل ذلك إخواننا وأخواتنا يعانون في الوطن، في حين أن الاحتلال قد ارتكب بالفعل الإبادة الجماعية وأبعد 90 ٪ من الشراكسة في ظروف صعبة ومأساوية وقام بتوطين مستوطنين من أصول مختلفة بدلا من الشركس الذين تم اقتلاعهم من وطنهم الأم، وتم حذف شركيسيا تماما من الخارطة، والعشرة بالمئة المتبقّين في شمال القوقاز تمت بعثرتهم في جمهوريات مختلفة ذات حكم ذاتي وفي بعض الجيوب الأخرى.
إن روسيا تنظر إلى مصالحها الخاصة، وإذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المصادرة، فمن سيقوم بذلك إذن؟ روسيا تريد أن تبقي الشركس أينما كانوا من خلال وعود وتأكيدات غامضة وفارغة من المحتوى. كيف يمكننا أن نجلد أنفسنا ونتجاهل حقوقنا من أجل سراب من “حسن النية المفترض” لأحفاد أولئك الذين ارتكبوا الأعمال العدائية ضد الأمة الشركسية من خلال إيذاء الأمة بعقوبات مشددة أثّرت على وجودها وحاضرها ومستقبلها.
ليس عليك أن تشارك في السياسية للمطالبة بحقك في مجرّد وجودك! لا يطلب من الجمعيّات بإعلان دولة أو وجود سياسي أو إعلان حرب ضد أي كان. يجب أن يُبدو بعض الاحترام لأجدادهم الذين لقوا حتفهم بأسلحة الغدر. فكوننا شراكسة لا يعني أننا أعضاء في نادي للرقص الدولي، أو الرياضة أو نادي إجتماعي. إنّه لأعمق من ذلك بكثير. الثقافة هي جزء من العناصر المتكاملة التي من شأنها أن تشكل أمة أو شعب.
والتلاعب في التصويت سينتهي يوماً عندما تستعيد المؤسسات المختطفة وضعها ويوقف الإنتهازيّون ألعابهم القبيحة في التزوير، ومثال جيد على ذلك هو ما يسمى الآن بِ “الربيع العربي” عندما نرى أنه تم تجاهل الشعوب والأمم لعقود وكان تزوير الانتخابات هو العامل المشترك، وكان المعمول به إساءة استعمال السلطة ولم تحترم حقوق الشعوب؛ ولكن عندما استيقظت الشعوب، وفي وقت قياسي قصير تغيّرت الأحوال تماما.
الناس لا تسمع من شخص صامت، وفي الوقت نفسه “المتسولون لا يملكون حق الإختيار”. عندما يطالب الشراكسة باستعادة حقوقهم المشروعة، يجب أن يفعلوا ذلك بشكل مناسب، وأن يُوجّه ذلك إلى الجانب الملائم الذي يمكن القيام به بطريقة غير عنيفة وسلمية والذي بحد ذاته يعكس المستوى الحضاري الذي وصل إليه الشركس حتى خلال الحروب الدفاعية الّتي كان عليهم أن يخوضوها للدفاع عن وجودهم حيث كانوا روادا في إثراء ثقافات الآخرين. يجب أن يتحد الناس لأن “في الإتحاد قوة”.
ج. ت.: ما هو موقفك تجاه الجمعيّة الشركسية العالميّة (ICA)؟ هناك بعض المنظمات التي لا ترتجي أملاً من الجمعيّة الشركسية العالميّة وليست طرفاً فيها؟ فماذا يجب عليهم فعله، من أجل تعزيز سياساتهم؟
عادل: لسوء الحظ فإن للشركس تجربة سيئة مع الجمعيّة الشركسية العالميّة في الشكل الذي تم فيه نقل الجمعية والإبقاء عليها في نالتشيك بعدما كانت قد اعتُبِرَتْ ملاذا وعقد عليها الناس آمالاً كباراً والّذي كان يعني أملاً لكافّة الشراكسة في جميع أنحاء العالم. أمّا المنظمات التي لا تأمل خيراً من الجمعيّة الشركسية العالميّة والّتي هي ليست طرفاً فيها كما ذكرت في سؤالك، فهي في معظمها في تعارض واضح مع سياساتها الحالية وأهدافها. حيث يتوجب عليها الإلتقاء بصورة فردية وجماعية ومراجعة العواقب الوخيمة التي حلّت بالشركس التي أعقبت عملية الإبادة الجماعية والهجرة الجماعية لغالبية الأمة، والإتصال بالجمهور الشركسي لنشر وتعميم المعلومات وشرح المهمة والوسيلة الضرورية لاعتمادها، حتى تكون قادرة على بناء برنامج وخطة وطنية شركسية من أجل مخاطبة العالم، بدءا من جمهوريات القوقاز، إلى الاتحاد الأوروبّي وحتّى الفيدراليّة الرّوسيّة بطريقة حضارية لطلب الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية ولإنهاء كافّة الأعمال العدائية ضد الأمة الشركسية. وبالإضافة إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، فإن روسيا ملزمة بتقديم الإعتذار والتعويض وحق العودة، وضمان الحقوق المشروعة في تقرير المصير على أرض الوطن.
ج. ت.: كيف ترون الشتات في الاردن في الحركة السياسية الشركسية في مختلف أنحاء العالم؟ ماذا يمكن أن يساهم ذلك في المجموع؟
عادل: من وجهة نظري، هناك اتصال بين الشتات في الأردن والحركة السياسية الشركسية في العالم على أسس فردية، وبصرف النظر عن الارتباط العضوي بين الجمعية الشركسية الرئيسية في الأردن والجمعيّة الشركسية العالميّة، والتي هي على اتصال مباشر وفقا للقواعد التي تتعلق بالإتصال المستمر ويرجع ذلك لحقيقة العضويّة المعروفة جيدا. ومن الجدير بالذكر أن الشركس في الأردن تظاهروا للمرة الأولى على الإطلاق أمام السفارة الروسية في عمان، الأردن، في 21 مايو/أيّار 2011، ورفعوا لافتات بحيث كانت مشابهة للافتات رفعت في تركيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، مثل “لا لسوتشي 2014، سوتشي أرض الابادة الجماعية الشركسية”.
ج. ت.: وماذا عن أولئك الذين يعيشون في أوروبا؟
عادل: من الواضح أن الشركس الذين يعيشون في أوروبا يختبرون سقفاً عالياً من الحرية وحرية التحرك؛ ولكن ليس هناك نتيجة ملموسة وايجابية لفعالياتهم فيما يتعلق بالأمور الشركسية، وعلى الأرجح نظرا لكثرة عدد الجمعيات و المنظمات، إلى جانب اتصالاتهم وولائهم لتلك القائمة في بلدان أخرى نشأت بها لا سيّما في تركيا. فالتماسك بين الجمعيات يساهم قي تقوية المجتمعات الشركسية ومن شأنه أن يعزز الوعي للاتّصال بكافّة فروع الإتحاد الاوروبي وخصوصا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والبرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية العليا، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية. من شأن ذلك أن يؤدي إلى ارتياد آفاق جديدة من أجل شرح القضية الشركسية وجميع المسائل المتعلقة بها إلى أغلبية لم تسمع بها من قبل. وينبغي للشركس واصدقائهم في أوروبا أن يحشدوا جهودهم لمعارضة دورة الألعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي لعام 2014 والتي تهدف إلى محو الذاكرة عما كانت تعنيه سوتشي عندما كانت آخر عاصمة لشركيسيا.
وأحلك الساعات تلك التي تسبق الفجر.
ج. ت.: شكرا جزيلا لك، لتبادل وجهات نظرك معنا.
عادل: عفواً وعلى الرحب والسّعة.
ملاحظه: أرسل لنا عادل بشقوي كامل ترجمة المقابلة باللغة العربية والتي أجراها معه جينال تامزوقو لنشرها على موقع راديو أديغا.
نقل عن: راديو أديغا